الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالْمَمْلُوكُ مَجَّانًا مُبْتَذَلٌ (لَا لِلتَّقَوُّمِ الْمَالِيِّ) لِلْقَتْلِ وَمِلْكِ النِّكَاحِ وَلَمَّا كَانَ الْتِزَامُ الْقَاتِلِ الدِّيَةَ فِي الصُّلْحِ بِمُقَابَلَةِ مَا هُوَ مِنْ أُصُولِ حَوَائِجِهِ وَهُوَ إبْقَاءُ نَفْسِهِ وَحَاجَتِهِ مُقَدَّمَةً عَلَى حَقِّ الْوَارِثِ اُعْتُبِرَ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ عَلَى أَنْ فِي تَهْذِيبِ الْبَغَوِيِّ الْقَاتِلُ لَا يَضْمَنُ الدِّيَةَ كَمَذْهَبِنَا، وَالْمِلْكُ الْوَارِدُ عَلَى الْبُضْعِ لَيْسَ بِذِي خَطَرٍ وَلِذَا صَحَّتْ إزَالَتُهُ بِالطَّلَاقِ بِغَيْرِ شُهُودٍ وَلَا وَلِيٍّ وَلَا عِوَضٍ فَعِنْدَ زَوَالِ اسْتِيلَائِهِ لَا يَحْتَاجُ إلَى التَّقْوِيمِ وَقَيَّدَ بِالطَّلَاقِ بَعْدَ الدُّخُولِ؛ لِأَنَّ قَبْلَهُ إذَا رَجَعُوا يَضْمَنُونَ نِصْفَ الْمَهْرِ بِالِاتِّفَاقِ؛ لِأَنَّ الْمُسَمَّى لَا يُسْتَحَقُّ عَلَيْهِ عِنْدَ سُقُوطِ تَسْلِيمِ الْبُضْعِ إلَيْهِ بِالْفُرْقَةِ قَبْلَ الدُّخُولِ لَا بِصُنْعٍ مِنْهُ وَلَا بِانْتِهَاءِ النِّكَاحِ فَلَمَّا أَوْجَبَ الشُّهُودُ عَلَيْهِ نِصْفَهُ بِإِضَافَةِ الْفُرْقَةِ إلَيْهِ مَعَ فَوَاتِ تَسْلِيمِ الْبُضْعِ، ثُمَّ رَجَعُوا كَانَ قَصْرًا لِيَدِهِ عَنْ ذَلِكَ الْمِقْدَارِ أَيْ ظَهَرَ بِالرُّجُوعِ أَنَّهُمْ أَخَذُوا بَاطِلًا وَدَفَعُوهُ إلَيْهِ فَيَضْمَنُونَهُ لَهُ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ. .
[الْقِسْمُ الثَّانِي مَا يَكُونُ الْوَقْتِ فِيهِ سَبَبًا لِلْوُجُوبِ مُسَاوِيًا لِلْوَاجِبِ]
(الْقِسْمُ الثَّانِي) مِنْ أَقْسَامِ الْوَقْتِ الْمُقَيَّدِ بِهِ الْوَاجِبُ (كَوْنُ الْوَقْتِ) أَيْ مَا يَكُونُ الْوَقْتُ فِيهِ (سَبَبًا لِلْوُجُوبِ مُسَاوِيًا لِلْوَاجِبِ وَكُلُّ مُوَقَّتٍ فَالْوَقْتُ شَرْطُ أَدَائِهِ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ بِدُونِهِ وَهُوَ غَيْرُ جُزْءٍ مِنْهُ وَلَا مُؤَثِّرٌ فِي وُجُودِهِ (وَيُسَمُّونَهُ) أَيْ الْحَنَفِيَّةُ هَذَا الْوَقْتَ (مِعْيَارًا) لِتَقْدِيرِ الْوَاجِبِ بِهِ حَتَّى يَزْدَادَ بِزِيَادَتِهِ وَيَنْقُصَ بِنَقْصِهِ فَهُوَ يُعْلَمُ بِهِ مِقْدَارَهُ كَمَا تُعْرَفُ مَقَادِيرُ الْأَوْزَانِ بِالْمِعْيَارِ (وَهُوَ رَمَضَانُ عُيِّنَ شَرْعًا لِفَرْضِ الصَّوْمِ فَانْتَفَى شَرْعِيَّةُ غَيْرِهِ مِنْ الصِّيَامِ فِيهِ فَلَمْ يَشْرِطُوا) أَيْ الْحَنَفِيَّةُ (نِيَّةَ التَّعْيِينِ) أَيْ تَعْيِينِ أَنَّهُ الصَّوْمُ الْفَرْضُ فِي أَدَائِهِ (فَأُصِيبَ) صَوْمُهُ (بِنِيَّةِ مُبَايِنِهِ) أَيْ مُبَايِنِ صَوْمِهِ (كَالنَّذْرِ وَالْكَفَّارَةِ بِنَاءً عَلَى لَغْوِ الْجِهَةِ) أَيْ الْوَصْفِ فِي نِيَّةِ الْمُبَايِنِ (فَيَبْقَى الْمُطْلَقُ) الَّذِي هُوَ أَصْلُ نِيَّةِ الصَّوْمِ (وَبِهِ) أَيْ الْمُطْلَقِ (يُصَابُ) الصَّوْمُ الْفَرْضُ الرَّمَضَانِيُّ أَدَاءً (كَالْأَخَصِّ) مِثْلُ (زَيْدٍ يُصَابُ بِالْأَعَمِّ) مِثْلُ (إنْسَانٍ وَالْجُمْهُورُ عَلَى نَفْيِهِ) أَيْ وُقُوعِهِ عَنْ رَمَضَانَ بِهَذِهِ النِّيَّةِ (وَهُوَ) أَيْ وَنَفْيُ وُقُوعِهِ عَنْ رَمَضَانَ بِهَذِهِ النِّيَّةِ (الْحَقُّ؛ لِأَنَّ نَفْيَ شَرْعِيَّةِ غَيْرِهِ) أَيْ صَوْمِ رَمَضَانَ.
(إنَّمَا تُوجِبُ نَفْيَ صِحَّتِهِ) أَيْ الْغَيْرِ (إذَا نَوَاهُ) أَيْ الْغَيْرُ (وَنَفْيُ صِحَّةِ مَا نَوَاهُ مِنْ الْغَيْرِ لَا يُوجِبُ وُجُودَ نِيَّةِ مَا يَصِحُّ وَهُوَ) أَيْ النَّاوِي (يُنَادِي لَمْ أُرِدْهُ) أَيْ مَا يَصِحُّ إذْ لَمْ يَتَعَلَّقْ لَهُ قَصْدٌ بِغَيْرِ ذَلِكَ الْمُعَيَّنِ (بَلْ لَوْ ثَبَتَ) وُقُوعُهُ عَنْ فَرْضِ رَمَضَانَ بِهَذِهِ النِّيَّةِ (كَانَ) وُقُوعُهُ عَنْهُ (جَبْرًا) وَهُوَ النَّافِي لِلصِّحَّةِ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ فِي أَدَاءِ الْفَرْضِ مِنْ الِاخْتِيَارِ وَلَيْسَ إصَابَةُ الْأَخَصِّ بِالْأَعَمِّ بِمُجَرَّدِ إرَادَةِ مُطْلَقِ الصَّوْمِ بَلْ كَمَا قَالَ (وَإِصَابَةُ الْأَخَصِّ بِالْأَعَمِّ) إنَّمَا يَكُونُ (بِإِرَادَتِهِ) أَيْ الْأَخَصِّ (بِهِ) أَيْ الْأَعَمِّ (وَنَقُولُ لَوْ أَرَادَ نِيَّةَ صَوْمِ الْفَرْضِ لِلصَّوْمِ صَحَّ؛ لِأَنَّهُ أَرَادَهُ وَارْتَفَعَ الْخِلَافُ. وَأَمَّا كَوْنُ التَّعْيِينِ) أَيْ تَعْيِينِ الْوَقْتِ الَّذِي هُوَ رَمَضَانُ لِصَوْمِهِ (يُوجِبُ الْإِصَابَةَ) لِصَوْمِهِ (بِلَا نِيَّةٍ كَرِوَايَةٍ عَنْ زُفَرَ) .
وَذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ عَنْ مُجَاهِدٍ وَعَطَاءٍ أَيْضًا (فَعَجَبٌ) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يَتِمُّ لَوْ لَمْ يَكُنْ الِاخْتِيَارُ لِلصَّوْمِ مِنْ الْمُكَلَّفِ شَرْطًا لِوُجُودِهِ شَرْعًا لَكِنَّهُ شَرْطٌ لَهُ بِالنَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ تَعَيُّنَ الْمَحَلِّ شَرْعًا لَيْسَ عِلَّةَ لِاخْتِيَارِ الْمُكَلَّفِ فَأَنَّى يَكُونُ لَهُ وُجُودٌ بِدُونِ نِيَّتِهِ.
وَقَدْ تَدَاوَلَ كَثِيرٌ كَالشَّيْخِ أَبِي بَكْرٍ الرَّازِيِّ وَأَبِي زَيْدٍ وَالسَّرَخْسِيِّ وَفَخْرِ الْإِسْلَامِ حِكَايَةَ هَذَا عَنْ زُفَرَ وَلَكِنْ فِي التَّقْرِيبِ وَالْمَبْسُوطِ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الْكَرْخِيُّ مَنْ حَكَى هَذَا فَقَطْ غَلِطَ، وَإِنَّمَا قَالَ زُفَرُ إنَّهُ يَجُوزُ بِنِيَّةٍ وَاحِدَةٍ (وَاسْتَثْنَى أَبُو حَنِيفَةَ) مِنْ وُقُوعِ نِيَّةِ غَيْرِ رَمَضَانَ عَنْ رَمَضَانَ فِي رَمَضَانَ (نِيَّةَ الْمُسَافِرِ غَيْرَهُ) أَيْ غَيْرَ رَمَضَانَ مِنْ وَاجِبٍ آخَرَ مِنْ نَذْرٍ أَوْ كَفَّارَةٍ أَوْ قَضَاءٍ فَقَالَ (تَقَعُ) نِيَّةُ ذَلِكَ الْغَيْرِ (عَنْ الْغَيْرِ) بِاتِّفَاقِ الرِّوَايَاتِ عَنْهُ ذَكَرَهُ فِي الْأَجْنَاسِ (لِإِثْبَاتِ الشَّارِعِ التَّرَخُّصَ لَهُ) أَيْ الْمُسَافِرِ بِتَرْكِ الصَّوْمِ تَخْفِيفًا عَلَيْهِ لِلْمَشَقَّةِ (وَهُوَ) أَيْ التَّرَخُّصُ (فِي الْمَيْلِ إلَى الْأَخَفِّ) عِنْدَهُ مِنْ مَشْرُوعٍ لِوَقْتٍ وَغَيْرِهِ مِنْ الْوَاجِبَاتِ وَمِنْ الْفِطْرِ (وَهُوَ) أَيْ الْأَخَفُّ (صَوْمُ الْوَاجِبِ الْمُغَايِرِ) لِمَشْرُوعِ الْوَقْتِ إذَا اخْتَارَهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ إسْقَاطَهُ مِنْ ذِمَّتِهِ أَهَمُّ عِنْدَهُ مِنْ إسْقَاطِ فَرْضِ الْوَقْتِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يُدْرِكْ عِدَّةً مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ لَمْ يُؤَاخَذْ بِفَرْضِ الْوَقْتِ، وَيُؤَاخَذُ بِذَلِكَ الْوَاجِبِ وَأَنَّ مَصْلَحَةَ الدِّينِ أَهَمُّ مِنْ مَصْلَحَةِ الْبَدَنِ.
(وَعَلَى هَذَا) التَّوْجِيهِ (يَقَعُ) الْمَنْوِيُّ (بِنِيَّةِ
النَّفْلِ عَنْ رَمَضَانَ) إذْ لَا تَرَخُّصَ بِهَذِهِ النِّيَّةِ؛ لِأَنَّ الْفَائِدَةَ لَيْسَتْ إلَّا الثَّوَابَ وَهُوَ فِي الْفَرْضِ أَكْثَرُ فَكَانَ هَذَا مَيْلًا إلَى الْأَثْقَلِ فَيَلْغُو وَصْفُ النَّفْلِيَّةِ وَيَبْقَى مُطْلَقُ الصَّوْمِ فَيَقَعُ عَنْ فَرْضِ الْوَقْتِ (وَهُوَ رِوَايَةٌ) لِابْنِ سِمَاعَةَ (عَنْهُ) أَيْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَفِي الْكَشْفِ وَغَيْرِهِ وَهُوَ الْأَصَحُّ، وَفِي الْأَجْنَاسِ وَلَوْ صَامَهُ بِنِيَّةِ التَّطَوُّعِ حَالَ سَفَرِهِ فِي رَمَضَانَ فِي الْمُجَرَّدِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ يَكُونُ عَنْ صَوْمِ رَمَضَانَ، وَفِي نَوَادِرِ أَبِي يُوسُفَ رِوَايَةٌ عَنْ ابْنِ سِمَاعَةَ يَكُونُ عَنْ التَّطَوُّعِ، وَفِي مُخْتَصَرِ الْكَرْخِيِّ وَرَوَى ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يَكُونُ مِنْ التَّطَوُّعِ (وَلِأَنَّ انْتِفَاءَ غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ فَرْضِ الْوَقْتِ لَيْسَ حُكْمَ الْوُجُوبِ فَإِنَّ الْوُجُوبَ مَوْجُودٌ فِي الْوَاجِبِ الْمُوَسَّعِ بَلْ هُوَ (حُكْمُ التَّعْيِينِ) أَيْ تَعْيِينِ هَذَا الزَّمَانِ لِأَدَاءِ الْفَرْضِ.
(وَلَا تَعْيِينَ عَلَيْهِ) أَيْ الْمُسَافِرِ؛ لِأَنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الْأَدَاءِ وَالتَّأْخِيرِ فَصَارَ هَذَا الْوَقْتُ فِي حَقِّهِ (كَشَعْبَانَ فَيَصِحُّ نَفْلُهُ) وَوَاجِبٌ آخَرُ عَلَيْهِ كَمَا يَصِحَّانِ فِي شَعْبَانَ (وَهُوَ رِوَايَةٌ) لِلْحَسَنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَيْضًا ذَكَرَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ (وَهُوَ) أَيْ هَذَا التَّوْجِيهُ (مَغْلَطَةٌ؛ لِأَنَّ التَّعْيِينَ عَلَيْهِ) أَيْ الْمُكَلَّفِ (لَيْسَ تَعْيِينَ الْوَقْتِ لِيَنْدَرِجَ) التَّعْيِينُ عَلَيْهِ (فِيهِ) أَيْ فِي تَعْيِينِ الْوَقْتِ (وَيَنْتَفِي) التَّعْيِينُ عَلَيْهِ (بِانْتِفَائِهِ) أَيْ الْوَقْتِ (بَلْ مَعْنَاهُ) أَيْ التَّعْيِينِ عَلَيْهِ (إلْزَامُهُ) أَيْ الْمُكَلَّفِ (صَوْمَ الْوَقْتِ وَعَدَمَهُ) أَيْ إلْزَامُهُ صَوْمَ الْوَقْتِ (يَصْدُقُ بِتَجْوِيزِ الْفِطْرِ وَتَعْيِينُ الْوَقْتِ أَنْ لَا يَصِحَّ فِيهِ) أَيْ فِي الْوَقْتِ (صَوْمٌ آخَرُ فَجَازَ اجْتِمَاعُ عَدَمِ التَّعْيِينِ عَلَيْهِ بِتَجْوِيزِ الْفِطْرِ مَعَ تَعْيِينِ الْوَقْتِ بِأَنْ لَا يَصِحَّ فِيهِ) أَيْ فِي الْوَقْتِ (صَوْمٌ غَيْرُهُ) أَيْ غَيْرُ فَرْضِ الْوَقْتِ (لَوْ صَامَهُ) أَيْ لَوْ نَوَى صِيَامَ غَيْرِهِ.
(فَلَمْ يَلْزَمْ مِنْ نَفْيِ التَّعْيِينِ عَلَيْهِ نَفْيُ تَعْيِينِ الْوَقْتِ وَحُقِّقَ فِي الْمَرِيضِ تَفْصِيلٌ بَيْنَ أَنْ يَضُرَّهُ) الصَّوْمُ كَكَوْنِ مَرَضِهِ حُمَّى مُطْبَقَةً أَوْ وَجَعَ الرَّأْسِ أَوْ الْعَيْنِ (فَتَعَلُّقُ الرُّخْصَةِ) بِتَرْكِ صَوْمِ فَرْضِ الْوَقْتِ فِي حَقِّهِ (بِخَوْفِ الزِّيَادَةِ) لِلْمَرَضِ (فَكَالْمُسَافِرِ) أَيْ فَهَذَا الْمَرِيضُ كَالْمُسَافِرِ فِي تَعَلُّقِ الرُّخْصَةِ فِي حَقِّهِ بِعَجْزٍ مُقَدَّرٍ لَا بِحَقِيقَةِ الْعَجْزِ وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ مَا مَشَى عَلَيْهِ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَأَكْثَرُ مَشَايِخِ بُخَارَى مِنْ أَنَّ الْمَرِيضَ إذَا نَوَى وَاجِبًا آخَرَ أَوْ النَّفَلَ يَقَعُ عَمَّا نَوَاهُ كَمَا هُوَ رِوَايَةُ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ (وَ) بَيَّنَ (أَنْ لَا) يَضُرَّهُ الصَّوْمُ (كَفَسَادِ الْهَضْمِ) وَالْأَمْرَاضِ الرُّطُوبِيَّةِ (فَبِحَقِيقَتِهَا) أَيْ فَتَعَلُّقُ الرُّخْصَةِ بِحَقِيقَةِ الْمَشَقَّةِ الَّتِي هِيَ الْعَجْزُ (فَيَقَعُ) مَا نَوَاهُ هَذَا الْمَرِيضُ مِنْ الْغَيْرِ (عَنْ فَرْضِ الْوَقْتِ) إذَا لَمْ يَهْلِكْ بِهِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَظْهَرُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عَاجِزًا فَلَمْ يَثْبُتْ لَهُ التَّرْخِيصُ فَكَانَ كَالصَّحِيحِ وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ فَخْرُ الْإِسْلَامِ وَالسَّرَخْسِيُّ أَنَّهُ يَقَعُ عَنْ فَرْضِ الْوَقْتِ بِدَلِيلِ قَوْلِ السَّرَخْسِيِّ.
وَذَكَرَ الْكَرْخِيُّ أَنَّ الْجَوَابَ فِي الْمَرِيضِ وَالْمُسَافِرِ سَوَاءٌ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَهَذَا سَهْوٌ أَوْ مُؤَوَّلٌ وَمُرَادُهُ مَرِيضٌ يُطِيقُ وَيُخَافُ مِنْهُ ازْدِيَادُ الْمَرَضِ اهـ وَالْقَائِمُ بِهَذَا التَّحْقِيقِ صَاحِبُ الْكَشْفِ قَالَ الْعَبْدُ الضَّعِيفُ غَفَرَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ وَعِنْدَ التَّحْقِيقِ يَظْهَرُ أَنَّ هَذَا تَحْقِيقٌ يَحْصُلُ بِهِ التَّوْفِيقُ بَيْنَ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ كُلُّ فَرِيقٍ فَإِنَّ إجْمَاعَ مَنْ يُعْتَدُّ بِإِجْمَاعِهِ عَلَى أَنَّ الْمَرَضَ الْمُبِيحَ لِلْفِطْرِ الْمَرَضُ الَّذِي يَضُرُّ بِسَبَبِهِ الصَّوْمُ صَاحِبَهُ عَلَى اخْتِلَافٍ فِيهِ وَأَدْنَاهُ الِازْدِيَادُ أَوْ الِامْتِدَادُ وَأَعْلَاهُ الْهَلَاكُ وَأَصْحَابُنَا قَاطِبَةً عَلَى أَنَّ الْأَوَّلَ هُوَ الْمَنَاطُ فَالْمَرَضُ الَّذِي لَا يَضُرُّ بِسَبَبِهِ الصَّوْمُ صَاحِبَهُ غَيْرُ مُبِيحٍ لِصَاحِبِهِ التَّرْخِيصَ بِالْفِطْرِ إجْمَاعًا فَلَا يَتَفَرَّعُ عَلَى صِيَامِ صَاحِبِهِ بِنِيَّةِ وَاجِبٍ آخَرَ أَوْ النَّفْلِ التَّرَدُّدُ بَيْنَ وُقُوعِهِ عَنْ رَمَضَانَ أَوْ عَمَّا نَوَى بَلْ يَتَفَرَّعُ عَلَيْهِ مَا يَتَفَرَّعُ عَلَى صِيَامِ الصَّحِيحِ بِهَذِهِ النِّيَّةِ؛ لِأَنَّ مَنْ بِهِ هَذَا الْمَرَضُ صَحِيحٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى الصَّوْمِ وَالْمَرَضُ الَّذِي يَضُرُّ بِسَبَبِهِ الصَّوْمُ صَاحِبَهُ مُبِيحٌ وَهَذَا مِمَّا يُمْكِنُ أَنْ يَتَفَرَّعَ عَلَى صِيَامِهِ بِنِيَّةِ وَاجِبٍ آخَرَ أَوْ النَّفْلِ التَّرَدُّدُ بَيْنَ وُقُوعِهِ عَنْ فَرْضِ الْوَقْتِ أَوْ عَمَّا نَوَى بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمَنَاطَ عَدَمُ الْقُدْرَةِ أَصْلًا وَلَمْ يَتَحَقَّقْ أَوْ وُجُودُ اشْتِدَادٍ أَوْ امْتِدَادٍ فِيهِ وَقَدْ تَحَقَّقَ وَتَحَمَّلَ صَاحِبُهُ ذَلِكَ لِغَرَضٍ لَهُ فِيهِ وَقَدْ عَرَفْت أَنَّ الثَّانِيَ هُوَ الْمَنَاطُ دُونَ الْأَوَّلِ.
فَمَا رَوَاهُ الْحَسَنُ حَسَنٌ وَمِنْ ثَمَّةَ مَشَى عَلَيْهِ كَثِيرٌ كَخُوَاهَرْ زَادَهْ وَصَاحِبِ الْهِدَايَةِ وَقَاضِي خَانْ والْوَلْوَالِجِيّ وَأَبِي الْفَضْلِ الْكَرْمَانِيِّ وَغَيْرِهِمْ نَعَمْ لَا بَأْسَ بِأَنْ يُؤَوَّلَ قَوْلُ فَخْرِ الْإِسْلَامِ