المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[الرق من عوارض الأهلية] - التقرير والتحبير على كتاب التحرير - جـ ٢

[ابن أمير حاج]

فهرس الكتاب

- ‌[الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِي الْمُفْرَدِ بِاعْتِبَارِ اسْتِعْمَالِهِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْأَسْمَاءَ الْمُسْتَعْمَلَةَ لِأَهْلِ الشَّرْعِ مِنْ نَحْوِ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْمَوْضُوعَ قَبْلَ الِاسْتِعْمَالِ لَيْسَ حَقِيقَةً وَلَا مَجَازًا]

- ‌[مَسْأَلَةٌ وُقُوع الْمَجَازُ فِي اللُّغَةِ وَالْقُرْآنِ وَالْحَدِيثِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ كَوْنِ الْمَجَازِ نَقْلِيًّا]

- ‌[مَسْأَلَة كَوْنُ اللَّفْظِ مُشْتَرَكًا بَيْنَ مَعْنَيَيْنِ]

- ‌[مَسْأَلَة يَعُمُّ الْمَجَازُ فِيمَا تَجُوزُ بِهِ فِيهِ]

- ‌[مَسْأَلَة اسْتِعْمَالُ اللَّفْظَ فِي الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ]

- ‌[مَسْأَلَة الْمَجَازِ خُلْفٌ عَنْ الْحَقِيقَةِ]

- ‌[مَسْأَلَة خَلْفِيَّةِ الْمَجَازِ عَنْ الْحَقِيقَةِ]

- ‌[مَسْأَلَة يَلْزَمُ الْمَجَازُ لِتَعَذُّرِ الْحَقِيقِيِّ]

- ‌[مَسْأَلَة الْحَقِيقَةُ الْمُسْتَعْمَلَةُ أَوْلَى مِنْ الْمَجَازِ الْمُتَعَارَفِ]

- ‌[مَسَائِلُ الْحُرُوفِ جَرَى فِيهَا الِاسْتِعَارَةُ تَبَعًا كَالْمُشْتَقِّ فِعْلًا وَوَصْفً]

- ‌[مَسْأَلَة الْوَاوُ إذَا عَطَفْتَ جُمْلَةً تَامَّةً]

- ‌[مَسْأَلَة الْفَاءُ لِلتَّرْتِيبِ بِلَا مُهْلَةٍ]

- ‌[مَسْأَلَة اسْتِعَارَة ثُمَّ لِمَعْنَى الْفَاءِ]

- ‌[مَسْأَلَة تُسْتَعَارُ ثُمَّ لِمَعْنَى الْوَاوِ]

- ‌[مَسْأَلَة بَلْ قَبْلَ مُفْرَدٍ لِلْإِضْرَابِ]

- ‌[مَسْأَلَة لَكِنْ لِلِاسْتِدْرَاكِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ أَوْ قَبْلَ مُفْرَدٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ تُسْتَعَارُ أَوْ لِلْغَايَةِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ مَسْأَلَةٌ حَتَّى جَارَّةٌ وَعَاطِفَةٌ]

- ‌[حُرُوفُ الْجَرِّ]

- ‌[مَسْأَلَةُ الْبَاءِ]

- ‌[مَسْأَلَةُ عَلَى لِلِاسْتِعْلَاءِ]

- ‌[مَسْأَلَةُ حُرُوف الْجَرّ مِنْ]

- ‌[مَسْأَلَةُ إلَى لِلْغَايَةِ حُرُوف الْجَرّ]

- ‌[مَسْأَلَةُ فِي لِلظَّرْفِيَّةِ]

- ‌[مَسْأَلَةُ إذَا لِزَمَانِ مَا أُضِيفَتْ إلَيْهِ]

- ‌[مَسْأَلَةُ لَوْ لِلتَّعْلِيقِ]

- ‌[مَسْأَلَةُ كَيْفَ أَصْلُهَا سُؤَالٌ]

- ‌[مَسْأَلَةُ قَبْلُ وَبَعْدُ]

- ‌[مَسْأَلَةُ عِنْدَ لِلْحَضْرَةِ]

- ‌[مَسْأَلَةُ غَيْرُ اسْمٌ مُتَوَغِّلٌ فِي الْإِبْهَامِ]

- ‌[الْمَقَالَةُ الثَّانِيَةُ فِي أَحْوَالِ الْمَوْضُوعِ]

- ‌[الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي الْأَحْكَامِ]

- ‌[الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي الْحُكْمِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ أَكْثَرُ الْمُتَكَلِّمِينَ لَا تَكْلِيفَ أَمْرًا كَانَ أَوْ نَهْيًا إلَّا بِفِعْلٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْقُدْرَةُ شَرْطُ التَّكْلِيفِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ بَقَاءُ التَّكْلِيفِ بِالْفِعْلِ أَيْ تَعَلُّقُهُ بِهِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ حُصُولُ الشَّرْطِ الشَّرْعِيِّ لِشَيْءٍ لَيْسَ شَرْطًا لِلتَّكْلِيفِ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّانِي فِي الْحَاكِمِ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي الْمَحْكُومِ فِيهِ]

- ‌[مَسْأَلَة الواجب بِالسَّبَبِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ تَثْبُتُ السَّبَبِيَّةُ لِوُجُوبِ الْأَدَاءِ فِي الْوَاجِبِ الْبَدَنِيِّ بِأَوَّلِ الْوَقْتِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْأَدَاءُ فِعْلُ الْوَاجِبِ فِي وَقْتِهِ الْمُقَيَّدِ بِهِ شَرْعًا]

- ‌[تَذْنِيبٌ لِهَذَا الْبَحْثِ الْمُتَعَلِّقِ بِالْأَدَاءِ وَالْقَضَاءِ]

- ‌[الْقِسْمُ الثَّانِي مَا يَكُونُ الْوَقْتِ فِيهِ سَبَبًا لِلْوُجُوبِ مُسَاوِيًا لِلْوَاجِبِ]

- ‌[الْقِسْمُ الثَّالِثُ مِنْ أَقْسَامِ الْوَقْتِ الْمُقَيَّدِ بِهِ الْوَاجِبُ وَقْتٌ هُوَ مِعْيَارٌ لَا سَبَبٌ]

- ‌[الْقِسْمُ الرَّابِعُ وَقْتٌ ذُو شَبَهَيْنِ بِالْمِعْيَارِ وَالظَّرْفِ]

- ‌[مَسْأَلَةُ الْأَمْرِ بِوَاحِدٍ مُبْهَمٍ مِنْ أُمُورٍ مَعْلُومَةٍ]

- ‌[مَسْأَلَةُ الْوَاجِبِ عَلَى الْكِفَايَةِ]

- ‌[مَسْأَلَةُ لَا يَجِبُ شَرْطُ التَّكْلِيفِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ تَحْرِيمُ أَحَدِ أَشْيَاءَ مُعَيَّنَةٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ اجْتِمَاعِ الْوُجُوبِ وَالْحُرْمَةِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَفْظِ الْمَأْمُورِ بِهِ فِي الْمَنْدُوبِ]

- ‌[مَسْأَلَةُ نَفْيِ الْكَعْبِيِّ الْمُبَاحَ خِلَافًا لِلْجُمْهُورِ]

- ‌[تَقْسِيمٌ لِلْحَنَفِيَّةِ الْحُكْمُ إمَّا رُخْصَةٌ أَوْ عَزِيمَةٌ]

- ‌[تَتِمَّةٌ الصِّحَّةُ تَرَتُّبُ الْمَقْصُودِ مِنْ الْفِعْلِ عَلَيْهِ]

- ‌[الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ الْمُكَلَّفُ]

- ‌[مَسْأَلَةُ تَكْلِيفِ الْمَعْدُومِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ مَانِعُو تَكْلِيفِ الْمُحَالِ مُجْمِعُونَ عَلَى أَنَّ شَرْطَ التَّكْلِيفِ فَهْمُهُ]

- ‌[فَصْلٌ اخْتَصَّ الْحَنَفِيَّةُ بِعَقْدِهِ فِي الْأَهْلِيَّةِ أَهْلِيَّةُ الْإِنْسَانِ]

- ‌[الْأَهْلِيَّةُ ضَرْبَانِ وُجُوبٌ وَأَدَاءٌ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ أَحْكَامِ عَوَارِضِ الْأَهْلِيَّةِ]

- ‌[النَّوْع الْأَوَّل الْعَوَارِض السَّمَاوِيَّة]

- ‌[الصِّغَرُ مِنْ عَوَارِضِ الْأَهْلِيَّةِ]

- ‌[الْجُنُونُ مِنْ عَوَارِضِ الْأَهْلِيَّةِ]

- ‌[الْعَتَهُ مِنْ عَوَارِضِ الْأَهْلِيَّةِ]

- ‌[النِّسْيَانُ مِنْ عَوَارِضِ الْأَهْلِيَّةِ]

- ‌[النَّوْمُ مِنْ عَوَارِضِ الْأَهْلِيَّةِ]

- ‌[الْإِغْمَاءُ مِنْ عَوَارِضِ الْأَهْلِيَّةِ]

- ‌[الرِّقُّ مِنْ عَوَارِضِ الْأَهْلِيَّةِ]

- ‌[الْمَرَضُ مِنْ عَوَارِضِ الْأَهْلِيَّةِ]

- ‌[الْحَيْضُ مِنْ عَوَارِضِ الْأَهْلِيَّةِ]

- ‌[الْمَوْتُ مِنْ عَوَارِضِ الْأَهْلِيَّةِ]

- ‌[النَّوْع الثَّانِي عَوَارِضِ الْأَهْلِيَّةِ الْمُكْتَسَبَةُ]

- ‌[السُّكْرُ مِنْ عَوَارِضِ الْأَهْلِيَّةِ الْمُكْتَسَبَةِ]

- ‌[الْهَزْلُ مِنْ عَوَارِضُ الْأَهْلِيَّةِ الْمُكْتَسَبَةِ]

- ‌[السَّفَهُ مِنْ عَوَارِضِ الْأَهْلِيَّةِ الْمُكْتَسِبَة]

- ‌[السَّفَرُ مِنْ عَوَارِضِ الْأَهْلِيَّةِ الْمُكْتَسَبَةِ]

- ‌[الْخَطَأُ عَوَارِضُ الْأَهْلِيَّةِ الْمُكْتَسَبَةُ]

- ‌[الْإِكْرَاهُ مِنْ عَوَارِضُ الْأَهْلِيَّةِ الْمُكْتَسَبَةُ]

- ‌[الْبَابُ الثَّانِي مِنْ الْمَقَالَةِ الثَّانِيَةِ فِي أَدِلَّةِ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْقِرَاءَةُ الشَّاذَّةُ هَلْ هِيَ حُجَّةٌ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَا يَشْتَمِلُ الْقُرْآنُ عَلَى مَا لَا مَعْنَى لَهُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ قِرَاءَةُ السَّبْعَةِ هَلْ يَجِبُ تَوَاتُرُهَا]

- ‌[مَسْأَلَةٌ تَخْصِيصُ الْكِتَابِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ]

- ‌[الْبَابُ الثَّالِثُ السُّنَّةُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي حُجِّيَّةُ السُّنَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي شَرَائِطِ الرَّاوِي]

- ‌[مَسْأَلَةٌ مَجْهُولُ الْحَالِ هَلْ تُقْبَلُ رِوَايَتُهُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الشُّهْرَةَ لِلرَّاوِي بِالْعَدَالَةِ وَالضَّبْطِ]

- ‌[تَنْبِيهٌ حَدِيثُ الضَّعِيفِ لِلْفِسْقِ لَا يَرْتَقِي بِتَعَدُّدِ الطُّرُقِ إلَى الْحُجِّيَّةِ]

- ‌[رِوَايَةِ الْعَدْلِ عَنْ الْمَجْهُولِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْجَرْحُ وَالتَّعْدِيلُ يَثْبُتَانِ بِوَاحِدٍ فِي الرِّوَايَةِ وَبِاثْنَيْنِ فِي الشَّهَادَةِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ تَعَارَضَ الْجَرْحُ وَالتَّعْدِيلُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَا يَقْبَلُ الْجَرْحَ إلَّا مُبَيَّنًا سَبَبُهُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ عَدَالَةِ الصَّحَابَةِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ قَالَ الْمُعَاصِرُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الْعَدْلُ أَنَا صَحَابِيٌّ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ قَالَ الصَّحَابِيُّ قَالَ عليه السلام حُمِلَ عَلَى السَّمَاعِ مِنْهُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ أَخْبَرَ مُخْبِرٌ خَبَرًا بِحَضْرَتِهِ عليه السلام فَلَمْ يُنْكِرْ صلى الله عليه وسلم ذَلِكَ عَلَيْهِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ حَمْلُ الصَّحَابِيِّ مَرْوِيَّهُ الْمُشْتَرَكَ لَفْظًا أَوْ مَعْنًى]

- ‌[مَسْأَلَةٌ حَذْفُ بَعْضِ الْخَبَرِ الَّذِي لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِالْمَذْكُورِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ خَبَرَ الْوَاحِدِ قَدْ يُفِيدُ الْعِلْمَ بِقَرَائِنِ غَيْرِ اللَّازِمَةِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ أُجْمِعَ عَلَى حُكْمٍ يُوَافِقُ خَبَرًا]

- ‌[مَسْأَلَةٌ أَخْبَرَ مُخْبِرٌ خَبَرًا عَنْ مَحْسُوسٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ التَّعَبُّدُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ الْعَدْلِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْعَمَلُ بِخَبَرِ الْعَدْلِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْوَاحِدُ فِي الْحَدِّ مَقْبُولٌ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْمُرْسَلُ تَعْرِيفُهُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ أَكْذَبَ الْأَصْلَ أَيْ الشَّيْخُ الْفَرْعُ أَيْ الرَّاوِي عَنْهُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ انْفَرَدَ الثِّقَةُ مِنْ بَيْنِ ثِقَاتٍ رَوَوْا حَدِيثًا بِزِيَادَةٍ عَلَى ذَلِكَ الْحَدِيثِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ خَبَرُ الْوَاحِدِ مِمَّا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى]

- ‌[مَسْأَلَةٌ انْفَرَدَ مُخْبِرٌ بِمَا شَارَكَهُ بِالْإِحْسَاسِ بِهِ خَلْق كَثِيرٌ مِمَّا تَتَوَفَّرُ الدَّوَاعِي عَلَى نَقْلِهِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ تَعَارَضَ خَبَرُ الْوَاحِدِ وَالْقِيَاسُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الِاتِّفَاقُ فِي أَفْعَالِهِ الْجِبِلِّيَّةِ الصَّادِرَةِ بِمُقْتَضَى طَبِيعَتِهِ صلى الله عليه وسلم فِي أَصْلِ خِلْقَتِهِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ إذَا عَلِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه علية وَسَلَّمَ بِفِعْلٍ وَإِنْ لَمْ يَرَهُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ أَنَّهُ صَلَّى اللَّه علية وَسَلَّمَ قَبْلَ بَعْثِهِ مُتَعَبِّدٌ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ تَخْصِيصُ السُّنَّةِ بِالسُّنَّةِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ قَوْلَ الصَّحَابِيِّ الْمُجْتَهِدِ فِيمَا يُمْكِنُ فِيهِ الرَّأْيُ]

الفصل: ‌[الرق من عوارض الأهلية]

مَعْلُومٌ بَلْ يُفِيقُ بَغْتَةً فَيَتَكَلَّمُ بِكَلَامِ الْأَصِحَّاءِ ثُمَّ يُغْمَى عَلَيْهِ بَغْتَةً فَهَذِهِ إفَاقَةٌ مُعْتَبَرَةٌ ذَكَرَهُ فِي الذَّخِيرَةِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

[الرِّقُّ مِنْ عَوَارِضِ الْأَهْلِيَّةِ]

(وَأَمَّا الرِّقُّ) فَهُوَ لُغَةً الضَّعْفُ وَمِنْهُ صَوْتٌ رَقِيقٌ وَأَمَّا فِي الشَّرْعِ (فَعَجْزٌ حُكْمِيٌّ عَنْ الْوِلَايَةِ وَالشَّهَادَةِ وَالْقَضَاءِ وَمَالِكِيَّةِ الْمَالِ) وَالتَّزَوُّجِ وَغَيْرِهَا (كَائِنٌ عَنْ جَعْلِهِ) أَيْ الْمَرْقُوقِ (شَرْعًا عُرْضَةً) أَيْ مَحَلًّا مَنْصُوبًا مُتَهَيِّئًا (لِلتَّمَلُّكِ وَالِابْتِذَالِ) أَيْ الِامْتِهَانِ وَقَيَّدَ بِالْحُكْمِيِّ؛ لِأَنَّ بَعْضَ الْأَرِقَّاءِ قَدْ يَكُونُ أَقْوَى مِنْ الْحِرَفِيِّ الْقَوِيِّ الْحِسِّيَّةِ؛ لِأَنَّ الرِّقَّ لَا يُوجِبُ خَلَلًا فِي الْبَدَنِ ظَاهِرًا وَلَا بَاطِنًا ثُمَّ هُوَ حَقُّ اللَّهِ ابْتِدَاءً بِمَعْنَى أَنَّهُ يَثْبُتُ جَزَاءً لِلْكُفْرِ فَإِنَّ الْكُفَّارَ لَمَّا اسْتَنْكَفُوا عَنْ عِبَادَةِ اللَّهِ وَأَلْحَقُوا أَنْفُسَهُمْ بِالْبَهَائِمِ فِي عَدَمِ النَّظَرِ وَالتَّأَمُّلِ فِي آيَاتِ التَّوْحِيدِ جَازَاهُمْ اللَّهُ تَعَالَى بِجَعْلِهِمْ عَبِيدَ عَبِيدِهِ مُتَمَلَّكِينَ مُبْتَذَلِينَ بِمَنْزِلَةِ الْبَهَائِمِ وَلِهَذَا لَا يَثْبُتُ عَلَى الْمُسْلِمِ ابْتِدَاءً ثُمَّ صَارَ حَقًّا لِلْعَبْدِ بَقَاءً بِمَعْنَى أَنَّ الشَّارِعَ جَعَلَ الرَّقِيقَ مِلْكًا مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إلَى مَعْنَى الْجَزَاءِ وَجِهَةِ الْعُقُوبَةِ حَتَّى إنَّهُ يَبْقَى رَقِيقًا وَإِنْ أَسْلَمَ وَاتَّقَى (فَلَا يَتَجَزَّأُ الرِّقُّ) قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ بِاتِّفَاقِ أَصْحَابِنَا وَلَعَلَّ الْمُرَادَ الْمُتَقَدِّمُونَ وَإِلَّا فَمُشْكِلٌ بِقَوْلِ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَمَةَ يَحْتَمِلُ التَّجَزُّؤَ ثُبُوتًا حَتَّى لَوْ فَتَحَ الْإِمَامُ بَلْدَةً وَرَأَى الصَّوَابَ فِي اسْتِرْقَاقِ أَنْصَافِهِمْ بَعْدَ ذَلِكَ نَفَذَ ذَلِكَ مِنْهُ وَالْأَصَحُّ الْأَوَّلُ (لِاسْتِحَالَةِ قُوَّةِ الْبَعْضِ الشَّائِعِ) مِنْ الْمَحَلِّ (بِاتِّصَافِهِ بِالْوِلَايَةِ وَالْمَالِكِيَّةِ) دُونَ الْبَعْضِ الْآخَرِ (فَكَذَا ضِدُّهُ) أَيْ الرِّقِّ (وَهُوَ الْعِتْقُ) لَا يَتَجَزَّأُ أَيْضًا اتِّفَاقًا عَلَى مَا ذَكَرَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ أَيْضًا (وَإِلَّا) لَوْ تَجَزَّأَ الْعِتْقُ (تَجَزَّأَ) الرِّقُّ؛ لِأَنَّهُ إذَا ثَبَتَ الْعِتْقُ فِي بَعْضِ الْمَحَلِّ شَائِعًا فَالْبَعْضُ الْآخَرُ إنْ عَتَقَ فَلَا تُجْزِئُ مَعَ فَرْضِ أَنَّهُ مُتَجَزِّئٌ هَذَا خَلَفٌ وَإِنْ لَمْ يَعْتِقْ لَزِمَ الْمُحَالُ الْمَذْكُورُ (وَكَذَا الْإِعْتَاقُ عِنْدَهُمَا) لَا يَتَجَزَّأُ فَإِذَا أَعْتَقَ نِصْفَ عَبْدِهِ عَتَقَ كُلُّهُ.

(وَإِلَّا) لَوْ تَجَزَّأَ (ثَبَتَ الْمُطَاوَعُ) بِفَتْحِ الْوَاوِ وَهُوَ الْإِعْتَاقُ (بِلَا مُطَاوِعٍ) بِكَسْرِ الْوَاوِ وَهُوَ الْعِتْقُ (إنْ لَمْ يَنْزِلْ) أَيْ لَمْ يَعْتِقْ مِنْهُ (شَيْءٌ) ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ مُطَاوِعُ الْإِعْتَاقِ وَلَازِمُهُ يُقَالُ أَعْتَقْته فَعَتَقَ كَكَسَرْتُهُ فَانْكَسَرَ وَالْمُطَاوَعَةُ حُصُولُ الْأَثَرِ عَنْ تَعَلُّقِ الْفِعْلِ الْمُتَعَدِّي بِمَفْعُولِهِ وَأَثَرُ الشَّيْءِ لَازِمٌ لَهُ (وَقَلْبُهُ) أَيْ وَثَبَتَ الْمُطَاوِعُ بِكَسْرِ الْوَاوِ بِلَا مُطَاوَعٍ بِفَتْحِهَا (إنْ نَزَلَ) أَيْ عَتَقَ (كُلُّهُ) ، وَكِلَاهُمَا مُنْتَفٍ وَلَا يَنْزِلُ بَعْضُهُ بِإِعْتَاقِ بَعْضِهِ لِلِاتِّفَاقِ عَلَى عَدَمِ تَجَزُّؤِ الْعِتْقِ (وَتَجَزَّأَ) الْإِعْتَاقُ (عِنْدَهُ) أَيْ أَبِي حَنِيفَةَ (لِأَنَّهُ) أَيْ الْإِعْتَاقَ (إزَالَةُ الْمِلْكِ الْمُتَجَزِّئِ) اتِّفَاقًا (حَتَّى صَحَّ شِرَاءُ بَعْضِهِ وَبَيْعُهُ) أَيْ بَيْعُ بَعْضِهِ (وَإِنْ تَعَلَّقَ بِتَمَامِهِ) أَيْ الْإِعْتَاقُ (مَا لَا يَتَجَزَّأُ) وَهُوَ الْعِتْقُ فَإِنْ وَصْلِيَّةٌ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ (كَالْوُضُوءِ تَعَلَّقَ بِتَمَامِهِ إبَاحَةُ الصَّلَاةِ وَهُوَ) أَيْ الْوُضُوءُ (مُنْجَزٌ دُونَهَا) أَيْ إبَاحَةِ الصَّلَاةِ (وَالْمُطَاوَعَةُ فِي أَعْتَقَهُ فَعَتَقَ) إنَّمَا هِيَ (عِنْدَ إضَافَتِهِ) أَيْ الْإِعْتَاقِ (إلَى كُلِّهِ كَمَا هُوَ اللَّفْظُ) أَيْ أَعْتَقَهُ (فَلَا يَثْبُتُ بِإِعْتَاقِ الْبَعْضِ شَيْءٌ مِنْ الْعِتْقِ) إذْ لَوْ ثَبَتَ الْعِتْقُ ثَبَتَ فِي الْكُلِّ لِعَدَمِ تَجَزُّؤِ الْعِتْقِ وَثُبُوتِهِ فِي الْكُلِّ حِينَئِذٍ بِلَا سَبَبٍ مَعَ تَضَرُّرِ الْمَوْلَى بِذَلِكَ (وَلَا) يَثْبُتُ أَيْضًا بِإِعْتَاقِ الْبَعْضِ (زَوَالُ شَيْءٍ مِنْ الرِّقِّ عِنْدَهُ) لَكِنْ مِنْ الْمِلْكِ (بَلْ هُوَ) أَيْ مُعْتَقُ الْبَعْضِ (كَالْمُكَاتَبِ) فِي أَنَّهُ لَا يَصِحُّ مِنْهُ سَائِرُ أَحْكَامِ الْحُرِّيَّةِ (إلَّا أَنَّهُ) أَيْ مُعْتَقَ الْبَعْضِ (لَا يُرَدُّ) إلَى الرِّقِّ؛ لِأَنَّ سَبَبَهُ إزَالَةُ الْمِلْكِ لَا إلَى أَحَدٍ، وَهِيَ لَا تَحْتَمِلُ الْفَسْخَ بِخِلَافِ الْمُكَاتَبِ فَإِنَّهُ يُرَدُّ إلَيْهِ إذَا عَجَزَ عَنْ الْمَالِ؛ لِأَنَّ السَّبَبَ فِيهِ عَقْدٌ يَحْتَمِلُ الْفَسْخَ (فَأَثَرُهُ) أَيْ إعْتَاقِ الْبَعْضِ (حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ كَانَ إزَالَةُ بَعْضِ الْمِلْكِ (فِي فَسَادِ الْمِلْكِ) فِي الْبَاقِي حَتَّى لَا يَمْلِكَ الْمَوْلَى بَيْعَ مُعْتَقِ الْبَعْضِ وَلَا إبْقَاءَهُ فِي مِلْكِهِ وَيَصِيرُ هُوَ أَحَقَّ بِمَكَاسِبِهِ وَيَخْرُجُ إلَى الْحُرِّيَّةِ بِالسِّعَايَةِ.

(وَهَذَا) إنَّمَا كَانَ (لِوُجُوبِ قَصْرِ مُلَاقَاةِ التَّصَرُّفِ حَقَّ الْمُتَصَرِّفِ) لَا حَقَّ غَيْرِهِ (إلَّا ضِمْنًا كَمَا فِي إعْتَاقِ الْكُلِّ) فَإِنَّ فِيهِ إزَالَةَ حَقِّ الْعَبْدِ قَصْدًا وَأَصْلًا وَلَزِمَ مِنْهُ زَوَالُ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى ضِمْنًا وَتَبَعًا وَكَمْ مِنْ شَيْءٍ يَثْبُتُ ضِمْنًا وَلَا يَثْبُتُ قَصْدًا وَمِنْ هَذَا يُعْرَفُ أَنَّ مَا فِي الْبَدَائِعِ مِنْ التَّعَقُّبِ لِمَنْ قَالَ مِنْ مَشَايِخِنَا لَا خِلَافَ بَيْنَ أَصْحَابِنَا فِي أَنَّ الْعِتْقَ لَا يَتَجَزَّأُ وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي الْإِعْتَاقِ بِأَنَّهُ غَيْرُ سَدِيدٍ بِمَا ذَكَرَهُ ثَمَّةَ لَيْسَ بِتَعَقُّبٍ سَدِيدٍ وَيَزْدَادُ لَدَى النَّاظِرِ وُضُوحًا بِمُرَاجَعَةِ أَوَائِلِ بَابِ الْعَبْدِ يَعْتِقُ بَعْضُهُ مِنْ شَرْحِ الْهِدَايَةِ لِلْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (وَالرِّقُّ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى) ابْتِدَاءً (وَالْمِلْكُ

ص: 180

حَقُّهُ) أَيْ الْعَبْدِ بَقَاءً كَمَا تَقَدَّمَ (وَأَنَّهُ) أَيْ الرِّقَّ (يُنَافِي مِلْكَ الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ) أَيْ الرَّقِيقَ (مَمْلُوكٌ مَالًا فَاسْتَلْزَمَ) كَوْنُهُ مَمْلُوكًا مَالًا (الْعَجْزَ وَالِابْتِذَالَ) ؛ لِأَنَّ الْمَمْلُوكِيَّةَ الْمَالِيَّةَ تُنَبِّئُ عَنْهُمَا (وَالْمَالِكِيَّةُ تَسْتَلْزِمُ ضِدَّهُمَا) أَيْ الْعَجْزِ وَالِابْتِذَالَ وَضِدَّاهُمَا الْقُدْرَةُ وَالْكَرَامَةُ لِإِنْبَائِهَا عَنْهُمَا (وَتَنَافِي اللَّوَازِمَ يُوجِبُ تَنَافِيَ الْمَلْزُومَاتِ فَلَا يَجْتَمِعُ إلَى مَمْلُوكِيَّتِهِ مَالًا مَالِكِيَّتُهُ لِلْمَالِ فَلَا يَتَسَرَّى) الرَّقِيقُ الْأَمَةَ (وَلَوْ مَلَكَهَا) حَالَ كَوْنِهِ (مُكَاتَبًا بِخِلَافِ غَيْرِهِ) أَيْ الْمَالِ (مِنْ النِّكَاحِ) فَإِنَّهُ فِيهِ بِمَنْزِلَةِ الْمُبْقَى عَلَى أَصْلِ الْحُرِّيَّةِ (لِأَنَّهُ مِنْ خَوَاصِّ الْآدَمِيَّةِ حَتَّى انْعَقَدَ) إنْكَاحُهُ نَفْسَهُ مَوْقُوفًا عَلَى إجَازَةِ الْمَوْلَى إذَا كَانَ (بِلَا إذْنٍ) مِنْ الْمَوْلَى.

(وَشَرَطَ الشَّهَادَةَ عِنْدَهُ) أَيْ الْعَقْدِ (لَا عِنْدَ الْإِجَازَةِ وَإِنَّمَا وَقَفَ إلَى إذْنِهِ؛ لِأَنَّهُ) أَيْ عَقْدَ النِّكَاحِ (لَمْ يُشْرَعْ إلَّا بِالْمَالِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ} [النساء: 24] إلَى غَيْرِ ذَلِكَ (فَيَضُرُّ) الْعَقْدُ (بِهِ) أَيْ بِالْمَوْلَى لِمَا فِيهِ مِنْ نُقْصَانِ مَالِيَّةِ الْعَبْدِ الَّتِي هِيَ حَقُّ الْمَوْلَى؛ لِأَنَّ الْمَهْرَ يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ إذَا لَمْ يُوجَدْ لَهُ مَالٌ آخَرُ يَتَعَلَّقُ بِهِ (فَيَتَوَقَّفُ) نَفَاذُ الْعَقْدِ (عَلَى الْتِزَامِهِ) أَيْ الْمَوْلَى بِالْإِذْنِ السَّابِقِ أَوْ الْإِمْضَاءِ اللَّاحِقِ (وَ) مِنْ (الدَّمِ لِمِلْكِهِ الْحَيَاةَ) ؛ لِأَنَّهُ مُحْتَاجٌ إلَى الْبَقَاءِ وَلَا بَقَاءَ لَهُ إلَّا بِبَقَائِهَا (فَلَا يَمْلِكُ الْمَوْلَى إتْلَافَهُ) أَيْ دَمَهُ إذْ لَا مِلْكَ لَهُ فِيهِ (وَقَتْلَ الْحُرِّ بِهِ) أَيْ بِالْعَبْدِ قِصَاصًا فِي الْعَمْدِ (وَوُدِيَ) أَيْ وَفُدِيَ بِالدِّيَةِ عَلَى تَفْصِيلٍ فِيهَا فِي الْخَطَأِ (وَصَحَّ إقْرَارُهُ) أَيْ الْعَبْدِ عَلَى نَفْسِهِ مَأْذُونًا كَانَ أَوْ مَحْجُورًا (بِالْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ) أَيْ بِالْأَسْبَابِ الْمُوجِبَةِ لَهُمَا لِمُلَاقَاةِ حَقِّ نَفْسِهِ قَصْدًا فَيَصِحُّ مِنْهُ كَمَا يَصِحُّ مِنْ الْحُرِّ وَلَا يَمْنَعُ صِحَّتَهُ لُزُومُ إتْلَافِ مَالِيَّتِهِ الَّتِي هِيَ حَقُّ الْمَوْلَى لِكَوْنِهِ ضِمْنِيًّا فَانْتَفَى نَفْيُ زُفَرَ صِحَّةَ إقْرَارِهِ بِالْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ بِكَوْنِهِ وَارِدًا عَلَى نَفْسِهِ وَطَرَفِهِ وَكِلَاهُمَا مَالُ الْمَوْلَى وَالْإِقْرَارُ عَلَى الْغَيْرِ غَيْرُ مَقْبُولٍ بِخِلَافِ إقْرَارِهِ بِضَمَانِ الْمَالِ فَإِنَّهُ مُؤَاخَذٌ بِهِ فِي الْحَالِ إنْ كَانَ مَأْذُونًا وَبَعْدَ الْعِتْقِ إنْ كَانَ مَحْجُورًا (وَالسَّرِقَةِ الْمُسْتَهْلَكَةِ) أَيْ وَبِسَرِقَةِ مَالٍ غَيْرِ قَائِمٍ بِيَدِهِ (وَالْقَائِمَةِ) أَيْ وَبِسَرِقَةِ مَالٍ قَائِمٍ بِيَدِهِ (فِي الْمَأْذُونِ اتِّفَاقًا وَفِي الْمَحْجُورِ وَالْمَالُ قَائِمٌ) بِيَدِهِ (كَذَلِكَ) أَيْ صَحَّ إقْرَارُهُ بِهَا (وَإِنْ صَدَّقَهُ الْمَوْلَى) فِي ذَلِكَ (فَيُقْطَعْ) فِي هَذِهِ الْأَحْوَالِ عِنْدَ عُلَمَائِنَا الثَّلَاثَةِ؛ لِأَنَّ وُجُوبَ الْحَدِّ عَلَيْهِ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ آدَمِيٌّ مُكَلَّفٌ لَا بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ مَالٌ مَمْلُوكٌ وَهُوَ فِي هَذَا الْمَعْنَى كَالْحُرِّ مَأْذُونًا كَانَ أَوْ مَحْجُورًا.

(وَيَرُدَّ) الْمَالَ إذَا كَانَ قَائِمًا أَمَّا إذَا كَانَ مَأْذُونًا فَلِأَنَّهُ لَاقَى حَقَّ نَفْسِهِ وَهُوَ الْكَسْبُ؛ لِأَنَّهُ مُنْفَكُّ الْحَجْرِ فِيهِ فَيَصِحُّ وَأَمَّا إذَا كَانَ مَحْجُورًا فَلِسُقُوطِ حَقِّ الْمَوْلَى فِيهِ بِتَصْدِيقِهِ (وَلَا ضَمَانَ فِي الْهَالِكَةِ) صَدَّقَهُ الْمَوْلَى أَوْ كَذَّبَهُ لِمَا عُرِفَ مِنْ أَنَّ الْقَطْعَ وَالضَّمَانَ لَا يَجْتَمِعَانِ عِنْدَ أَصْحَابِنَا

(وَإِنْ قَالَ) الْمَوْلَى (الْمَالُ لِي) فِيمَا إذَا كَانَ الْعَبْدُ مَحْجُورًا وَالْمَالُ قَائِمٌ (فَلِأَبِي يُوسُفَ يُقْطَعُ) ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ حُجَّةٌ فِي الْقَطْعِ؛ لِأَنَّهُ مَالِكُ دَمِ نَفْسِهِ (وَالْمَالُ لِلْمَوْلَى؛ لِأَنَّهُ) أَيْ كَوْنُ الْمَالِ لِلْمَوْلَى هُوَ (الظَّاهِرُ) تَبَعًا لِرَقَبَتِهِ (وَقَدْ) يَنْفَصِلُ أَحَدُ الْحُكْمَيْنِ عَنْ الْآخَرِ إذْ قَدْ (يُقْطَعُ بِلَا وُجُوبِ مَالٍ كَمَا لَوْ اسْتَهْلَكَهُ) أَيْ الْمَالَ الْمَسْرُوقَ (وَعَكْسُهُ) أَيْ وَيَجِبُ الْمَالُ وَلَا يُقْطَعُ كَمَا (إذَا شَهِدَ بِالسَّرِقَةِ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ) لِمَا عُرِفَ مِنْ أَنَّ شَهَادَةِ النِّسَاءِ مَعَ الرَّجُلِ تُقْبَلُ فِي الْمَالِ لَا فِي الْحُدُودِ (وَلِمُحَمَّدٍ لَا) يُقْطَعُ (وَلَا يَرُدُّ) الْمَالَ (لِمَا ذَكَرَ أَبُو يُوسُفَ) مِنْ أَنَّ إقْرَارَهُ بِالْمَالِ بَاطِلٌ لِكَوْنِهِ عَلَى الْمَوْلَى فَيَبْقَى الْمَالُ لِلْمَوْلَى (وَلَا قَطْعَ) عَلَى الْعَبْدِ (بِمَالِ السَّيِّدِ) أَيْ بِسَرِقَتِهِ (وَلِأَبِي حَنِيفَةَ يُقْطَعُ وَيَرُدُّ) الْمَالَ إلَى الْمَسْرُوقِ مِنْهُ (الْقَطْعُ لِصِحَّةِ إقْرَارِهِ بِالْحُدُودِ) لِمَا ذَكَرْنَا (وَيَسْتَحِيلُ) الْقَطْعُ (بِمَمْلُوكٍ لِلسَّيِّدِ فَقَدْ كَذَّبَهُ) أَيْ الْمَوْلَى (الشَّرْعُ وَالْمَقْطُوعُ) مِنْ الشَّرْعِ (انْحِطَاطُهُ) أَيْ الرَّقِيقِ (بِالْحَجْرِ) مِنْ الشَّرْعِ (فِي أُمُورٍ إجْمَاعِيَّةٍ مِمَّا ذَكَرْنَا) مِنْ الْوِلَايَةِ وَالْقَضَاءِ (فَمَا اسْتَلْزَمَ مِنْهَا) أَيْ مِنْ الْأُمُورِ الْإِجْمَاعِيَّةِ (غَيْرَهُ) أَيْ غَيْرَ نَفْسِهِ (كَعَدَمِ مَالِكِيَّةِ الْمَالِ أَوْ قَامَ بِهِ سَمْعٌ حُكِمَ بِهِ فَمِنْ الْمَعْلُومِ انْحِطَاطُ ذِمَّتِهِ) عَنْ تَحَمُّلِ الدَّيْنِ لِضَعْفِهَا.

؛ لِأَنَّهُ مِنْ حَيْثُ هُوَ مَالٌ بِالرِّقِّ كَأَنَّهُ لَا ذِمَّةَ لَهُ وَمِنْ حَيْثُ إنَّهُ إنْسَانٌ مُكَلَّفٌ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ لَهُ ذِمَّةٌ إذْ التَّكْلِيفُ لَا يَكُونُ بِدُونِهَا فَثَبَتَتْ لَهُ مَعَ الضَّعْفِ فَحِينَئِذٍ لَا بُدَّ مِنْ تَقْوِيَتِهَا لِتَحَمُّلِ الدَّيْنِ بِانْضِمَامِ مَالِيَّةِ

ص: 181

الرَّقَبَةِ أَوْ الْكَسْبِ إلَيْهَا فَلَا يُطَالَبُ بِدُونِ انْضِمَامِ أَحَدِهِمَا إلَيْهَا إذْ لَا مَعْنَى لِاحْتِمَالِهَا الدَّيْنَ إلَّا صِحَّةُ الْمُطَالَبَةِ فَظَهَرَ أَنَّهَا لَمْ تَقْوَ عَلَى ذَلِكَ (حَتَّى ضُمَّ إلَيْهَا) أَيْ ذِمَّتِهِ (مَالِيَّةُ رَقَبَتِهِ أَوْ كَسْبِهِ فَيَبِيعُ فِيمَا يَلْزَمُ فِي حَقِّ الْمَوْلَى إنْ لَمْ يَفْدِهِ وَلَا كَسْبَ أَوْ لَمْ يَفِ) كَسْبُهُ بِذَلِكَ إنْ كَانَ لَهُ كَسْبٌ إلَّا أَنْ لَا يُمْكِنَ بَيْعُهُ كَالْمُدَبَّرِ وَالْمُكَاتَبِ وَمُعْتَقِ الْبَعْضِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فَحِينَئِذٍ يُسْتَسْعَى وَالدَّيْنُ الَّذِي يَظْهَرُ فِي حَقِّ الْمَوْلَى (كَمَهْرٍ وَدَيْنِ تِجَارَةٍ عَنْ إذْنٍ) لِرِضَا الْمَوْلَى بِذَلِكَ (أَوْ تَبَيَّنَ اسْتِهْلَاكٌ) لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ (لَا إقْرَارُهُ) أَيْ لَا بِإِقْرَارِهِ بِالِاسْتِهْلَاكِ حَالَ كَوْنِهِ (مَحْجُورًا) لِوُجُودِ التُّهْمَةِ وَعَدَمِ رِضَا الْمَوْلَى بِذَلِكَ فَلَا يَظْهَرُ فِي حَقِّهِ فَلَا يُبَاعُ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْ كَسْبِهِ لَكِنْ يُؤَخَّرُ إلَى عِتْقِهِ (وَحِلُّهُ) أَيْ وَانْحِطَاطُ الْحِلِّ الثَّابِتِ لَهُ بِالنِّكَاحِ عَنْ الْحِلِّ الثَّابِتِ لِلْحُرِّيَّةِ (فَاقْتَصَرَ) حِلُّهُ (عَلَى ثِنْتَيْنِ نِسَاءً) لَهُ حُرَّتَيْنِ كَانَتَا أَوْ أَمَتَيْنِ كَمَا هُوَ قَوْلُ أَصْحَابِنَا وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ.

وَقَالَ مَالِكٌ يَتَزَوَّجُ أَرْبَعًا؛ لِأَنَّ الرِّقَّ لَا يُؤَثِّرُ فِي مَالِكِيَّةِ النِّكَاحِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ خَصَائِصِ الْآدَمِيَّةِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ لَهُ أَثَرًا فِي تَنْصِيفِ الْمُتَعَدِّدِ كَأَقْرَاءِ الْعِدَّةِ وَعَدَدِ الطَّلَاقِ وَجَلَدَاتِ الْحُدُودِ؛ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَ النِّعَمِ بِآثَارِ الْإِنْسَانِيَّةِ وَقَدْ أَثَّرَ الرِّقُّ فِي نُقْصَانِهَا حَتَّى أُلْحِقَ بِالْبَهَائِمِ يُبَاعُ بِالْأَسْوَاقِ؛ لِأَنَّهُ أَثَرُ الْكُفْرِ الَّذِي هُوَ مَوْتٌ حُكْمِيٌّ فَكَذَا أَثَّرَ فِي نُقْصَانِ الْحِلِّ إلَى النِّصْفِ؛ لِأَنَّهُ نِعْمَةٌ كَمَا أَثَّرَ فِي الْعُقُوبَةِ بِدَلِيلِ قَوْله تَعَالَى {فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} [النساء: 25] وَفِي مُغْنِي ابْنِ قُدَامَةَ وَقَدْ رَوَى لَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ عَنْ الْحَكَمِ قَالَ أَجْمَعُ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى أَنَّ الْعَبْدَ لَا يَنْكِحُ أَكْثَرَ مِنْ اثْنَتَيْنِ وَيُقَوِّيهِ مَا رَوَى أَحْمَدُ عَنْ ابْنِ سِيرِينَ أَنَّ عُمَرَ سَأَلَ النَّاسَ كَمْ يَتَزَوَّجُ الْعَبْدُ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ ثِنْتَيْنِ وَطَلَاقُهُ ثِنْتَانِ وَأَخْرَجَهُ الشَّافِعِيُّ عَنْ عُمَرَ (وَاقْتَصَرَ) الْحِلُّ (فِيهَا) أَيْ الْأَمَةِ (عَلَى تَقَدُّمِهَا عَلَى الْحُرَّةِ لَا مُقَارِنَةً) لَهَا فِي الْعَقْدِ (وَمُتَأَخِّرَةً) عَنْهَا أَمَّا نَفْيُ حِلِّ تَأَخُّرِهَا عَنْهَا فَلِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «وَتَتَزَوَّجُ الْحُرَّةُ عَلَى الْأَمَةِ وَلَا تَتَزَوَّجُ الْأَمَةُ عَلَى الْحُرَّةِ» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَفِيهِ مُظَاهِرُ بْنُ أَسْلَمَ ضَعِيفٌ لَكِنْ أَخْرَجَهُ الطَّبَرِيُّ وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ الْحَسَنِ مُرْسَلًا وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ جَابِرٍ مَوْقُوفًا عَلَيْهِ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ فَإِنْ لَمْ تَقُمْ الْحُجَّةُ بِالْبَعْضِ قَامَتْ بِالْجَمِيعِ وَأَمَّا نَفْيُ حِلِّ مُقَارَنَتِهَا لَهَا فَلِأَنَّ هَذِهِ الْحَالَةَ لَا تَحْتَمِلُ التَّجَزُّؤَ فَتُغَلَّبُ الْحُرْمَةُ عَلَى الْحِلِّ (وَطَلْقَتَيْنِ) أَيْ وَاقْتَصَرَ مَا بِهِ يَفُوتُ حِلُّهَا وَهُوَ بَيْنُونَتُهَا الْبَيْنُونَةَ الْغَلِيظَةَ عَلَى تَطْلِيقِهَا ثِنْتَيْنِ حُرًّا كَانَ زَوْجُهَا أَوْ عَبْدًا خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ فِيمَا إذَا كَانَ حُرًّا (وَحَيْضَتَيْنِ عِدَّةً) أَيْ وَاقْتَصَرَ مَا هُوَ مُرَتَّبٌ عَلَى وُجُودِ سَبَبِ انْقِطَاعِ حِلِّهَا بِمِلْكِ النِّكَاحِ نَاجِزًا أَوْ مُؤَجَّلًا بِغَيْرِ الْمَوْتِ مِنْ التَّرَبُّصِ الْمَشْرُوعِ لِتَعْظِيمِ مِلْكِ النِّكَاحِ وَالْعِلْمِ بِبَرَاءَةِ الرَّحِمِ وَهُوَ الْعِدَّةُ عَلَى وُجُودِ حَيْضَتَيْنِ مِنْ وَقْتِ وُجُوبِ السَّبَبِ وَالْحُجَّةُ فِيهِمَا قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم «طَلَاقُ الْأَمَةِ ثِنْتَانِ وَعِدَّتُهَا حَيْضَتَانِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ.

وَإِنَّمَا كَانَ طَلَاقُهَا ثِنْتَيْنِ وَعِدَّتُهَا حَيْضَتَيْنِ (تَنْصِيفًا) لِلثَّابِتِ مِنْهُمَا لِلْحُرَّةِ وَهُوَ ثَلَاثُ تَطْلِيقَاتٍ وَثَلَاثُ حِيَضٍ إذْ كُلُّ مِنْ الطَّلْقَةِ وَالْحَيْضَةِ لَا تَتَنَصَّفُ فَتَكَامَلَ لِرُجْحَانِ جَانِبِ الْوُجُودِ عَلَى الْعَدَمِ وَمِنْ ثَمَّةَ قَالَ عُمَرُ رضي الله عنه لَوْ اسْتَطَعْت أَنْ أَجْعَلَ عِدَّةَ الْأَمَةِ حَيْضَةً وَنِصْفًا فَعَلْت رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَغَيْرُهُ (وَكَذَا فِي الْقَسْمِ) نَقَصَ حِلُّهَا حَتَّى اقْتَصَرَ عَلَى النِّصْفِ مِمَّا لِلْحُرَّةِ كَمَا هُوَ قَوْلُ أَصْحَابِنَا وَالشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ فِي رِوَايَةٍ وَذَهَبَ فِي أُخْرَى وَأَحْمَدُ إلَى التَّسْوِيَةِ بَيْنَهُمَا، وَالْحُجَّةُ لِلْأَوَّلِ مَا عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ إذَا نُكِحَتْ الْحُرَّةُ عَلَى الْأَمَةِ فَلِهَذِهِ الثُّلُثَانِ وَلِهَذِهِ الثُّلُثُ وَعَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ قَالَ مِنْ السُّنَّةِ «أَنَّ الْحُرَّةَ إذَا أَقَامَتْ عَلَى ضَرَائِرَ فَلِلْحُرَّةِ لَيْلَتَانِ وَلِلْأَمَةِ لَيْلَةٌ» أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ. (وَعَنْ تَنَصُّفِ النِّعْمَةِ) الَّتِي لِلْحُرِّ فِي حَقِّ الرَّقِيقِ (تَنَصَّفَ حَدُّهُ) كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ النَّصُّ الْقُرْآنِيُّ السَّابِقُ وَهَذَا فِيمَا يُمْكِنُ تَنْصِيفُهُ، وَأَمَّا مَا لَا يُمْكِنُ تَنْصِيفُهُ فَيَتَكَامَلُ كَالْقَطْعِ فِي السَّرِقَةِ فَإِنَّ الْحُرَّ وَالْعَبْدَ فِيهِ سَوَاءٌ (وَإِنَّمَا نَقَصَتْ دِيَتُهُ إذَا سَاوَتْ قِيمَتُهُ دِيَةَ الْحُرِّ) كَمَا هُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ (لِأَنَّهُ) أَيْ الْمُؤَدَّى (ضَمَانُ النَّفْسِ وَهُوَ) أَيْ ضَمَانُ النَّفْسِ وَاجِبٌ (بِخَطَرِهَا) أَيْ بِسَبَبِ شَرَفِهَا (وَهُوَ) أَيْ خَطَرُهَا (بِالْمَالِكِيَّةِ لِلْمَالِ وَلِمِلْكِ النِّكَاحِ وَهَذَا) أَيْ مِلْكُ النِّكَاحِ (مُنْتَفٍ فِي الْمَرْأَةِ)

ص: 182

الْحُرَّةِ إذْ هِيَ مَمْلُوكَةٌ فِيهِ لَا مَالِكَةٌ (فَتَنَصَّفَتْ دِيَتُهَا) عَنْ دِيَةِ الْحُرِّ الذَّكَرِ (وَثَابِتٌ لِلْعَبْدِ مَعَ نَقْصٍ فِي) مَالِكِيَّةِ (الْمَالِ لِتَحَقُّقِهِ) أَيْ مِلْكِهِ الْمَالَ (يَدًا) أَيْ تَصَرُّفًا (فَقَطْ) أَيْ لَا رَقَبَةً فَلَزِمَ بِوَاسِطَةِ نُقْصَانِ مِلْكِ الْيَدِ نُقْصَانُ شَيْءٍ مِنْ قِيمَتِهِ.

(وَلِكَوْنِ مَالِكِيَّةِ الْيَدِ فَوْقَ مَالِكِيَّةِ الرَّقَبَةِ؛ لِأَنَّهُ) أَيْ مِلْكَ الرَّقَبَةِ هُوَ (الْمَقْصُودُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ مِلْكِ الرَّقَبَةِ وَمِلْكُ الرَّقَبَةِ شُرِعَ وَسِيلَةً إلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْمِلْكِ مُكْنَةُ الصَّرْفِ إلَى قَضَاءِ الْحَوَائِجِ وَالْيَدُ هُوَ الْمُمَكِّنُ وَالْمُوَصِّلُ إلَيْهِ فَإِنَّ مِلْكَ الرَّقَبَةِ وَإِنْ كَانَ تَامًّا فَرُبَّمَا لَا يُمْكِنُهُ الصَّرْفُ مَعَهُ إلَى قَضَاءِ حَوَائِجِهِ لِبُعْدِهِ أَوْ لِمَانِعٍ آخَرَ (لَمْ يَتَقَدَّرْ نَقْصُ دِيَتِهِ بِالرُّبُعِ) لِانْتِفَاءِ التَّوْزِيعِ الْمُوجِبِ لَهُ (بَلْ لَزِمَ أَنْ يَنْقُصَ بِمَالِهِ خَطَرٌ فِي الشَّرْعِ وَهُوَ الْعَشَرَةُ) إذْ بِهَا يَمْلِكُ الْبُضْعَ الْمُحْتَرَمَ وَتُقْطَعُ الْيَدُ الْمُحْتَرَمَةُ (وَاعْتُرِضَ) وَالْمُعْتَرِضُ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ (لَوْ صَحَّ) كَوْنُ الْعِلَّةِ لِنُقْصَانِ دِيَةِ الْعَبْدِ عَنْ دِيَةِ الْحُرِّ هَذَا (لَمْ تَتَنَصَّفُ أَحْكَامُهُ) أَيْ الْعَبْدِ (إذْ لَمْ يَتَمَكَّنْ فِي كَمَالِهِ إلَّا نُقْصَانُ أَقَلَّ مِنْ الرُّبُعِ) فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ نُقْصَانُهُ فِي النِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ وَغَيْرِهِمَا بِأَقَلَّ مِنْ النِّصْفِ وَاللَّازِمُ بَاطِلٌ إجْمَاعًا (وَأَيْضًا لَوْ كَانَتْ مَالِكِيَّةُ النِّكَاحِ) ثَابِتَةً (لَهُ كَمَلًا) أَيْ كَامِلَةً (لَمْ تَنْتَقِصْ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالِازْدِوَاجِ كَعَدَدِ الزَّوْجَاتِ وَالْعِدَّةِ وَالْقَسْمِ وَالطَّلَاقِ؛ لِأَنَّهَا) أَيْ هَذِهِ الْأُمُورَ (مَبْنِيَّةٌ عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى مَالِكِيَّةِ النِّكَاحِ (وَهِيَ) أَيْ مَالِكِيَّةُ النِّكَاحِ (كَامِلَةٌ) وَاللَّازِمُ بَاطِلٌ (بَلْ) إنَّمَا نَقَصَتْ دِيَتُهُ عَنْ دِيَةِ الْحُرِّ (لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِيهِ) أَيْ الْعَبْدِ (الْمَالِيَّةُ) فَلَا يَتَنَصَّفُ كَسَائِرِ الْأَمْوَالِ (غَيْرَ أَنَّ فِي الْإِكْمَالِ) لِقِيمَةِ الْعَبْدِ إذَا بَلَغَتْ دِيَةُ الْحُرِّ (شُبْهَةَ الْمُسَاوَاةِ بِالْحُرِّ) وَشُبْهَةُ الشَّيْءِ مُعْتَبَرَةٌ بِحَقِيقَتِهِ وَكَمَا أَنَّ حَقِيقَةَ الْمُسَاوَاةِ مُنْتَفِيَةٌ فَكَذَا شَبَهُهَا (فَنَقَصَ بِمَالِهِ خَطَرٌ وَأُجِيبَ) كَمَا فِي التَّلْوِيحِ (بِأَنَّ نُقْصَانَ الزَّوْجَاتِ لَيْسَ لِنُقْصَانِ خَطَرِ النَّفْسِ الَّذِي هُوَ الْمَالِكِيَّةُ لِيَلْزَمَ) النُّقْصَانُ (بِأَقَلَّ مِنْ النِّصْفِ) كَمَا فِي الدِّيَةِ.

(بَلْ لِنُقْصَانِ الْحِلِّ الْمَبْنِيِّ عَلَى الْكَرَامَةِ وَتَقْدِيرُ النَّقْصِ بِهِ) أَيْ فِي الْحِلِّ الْمَبْنِيِّ عَلَيْهَا مُفَوَّضٌ (إلَى الشَّرْعِ فَقَدَّرَهُ بِالنِّصْفِ إجْمَاعًا) وَهُوَ مُشْكِلٌ بِخِلَافِ مَالِكٍ إذَا لَمْ يَثْبُتْ إجْمَاعُ الصَّحَابَةِ كَمَا تَقَدَّمَ (بِخِلَافِ الدِّيَةِ فَإِنَّهَا بِاعْتِبَارِ خَطَرِ النَّفْسِ الَّذِي هُوَ) ثَابِتٌ (بِالْمَالِكِيَّةِ وَنُقْصَانُ الرَّقِيقِ فِيهِ أَقَلُّ مِنْ الرُّبُعِ) وَالْحَاصِلُ أَنَّ النُّقْصَانَ فِي الشَّيْءِ يُوجِبُ النُّقْصَانَ فِي الْحُكْمِ الْمُتَرَتِّبِ عَلَيْهِ لَا فِي حُكْمٍ لَا يُلَائِمُهُ فَالنُّقْصَانُ فِي الْمَالِكِيَّةِ يُوجِبُ النُّقْصَانَ فِي الدِّيَةِ لَا فِي عَدَدِ الْمَنْكُوحَاتِ وَالنُّقْصَانُ فِي الْحِلِّ بِالْعَكْسِ فَانْتَفَى الْوَجْهُ الْأَوَّلُ مِنْ الِاعْتِرَاضِ (وَكَمَالُ مَالِكِيَّةِ النِّكَاحِ إنْ لَمْ يُوجِبْ نُقْصَانَ عَدَدِهِنَّ) أَيْ الزَّوْجَاتِ (لَا يَنْفِي أَنْ يُوجِبَهُ) أَمْرٌ (آخَرُ هُوَ نُقْصَانُ الْحِلِّ وَلَا تَسْتَقِيمُ الْمُلَازَمَةُ بَيْنَ كَمَالِ مِلْكِ النِّكَاحِ) فِي الرَّقِيقِ (وَعَدَمِ تَنْصِيفِ مَا يَتَعَلَّقُ بِالِازْدِوَاجِ فَإِنَّ أَكْثَرَهُ) أَيْ مَا يَتَعَلَّقُ بِالِازْدِوَاجِ (كَالطَّلَاقِ وَالْعِدَّةِ وَالْقِسْمِ إنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِالزَّوْجَةِ وَلَا تَمْلِكُ) الْأَمَةُ (النِّكَاحَ أَصْلًا) فَضْلًا عَنْ كَمَالِ الْمَالِكِيَّةِ فَانْتَفَى الْوَجْهُ الثَّانِي مِنْ الِاعْتِرَاضِ أَيْضًا (وَإِنَّمَا قَالَ شُبْهَةُ الْمُسَاوَاةِ؛ لِأَنَّ قِيمَةَ الْعَبْدِ لَوْ وَجَبَتْ وَكَانَتْ ضِعْفَ دِيَةِ الْحُرِّ لَا مُسَاوِيَةً؛ لِأَنَّهَا) أَيْ الْقِيمَةَ (تَجِبُ فِي الْعَبْدِ بِاعْتِبَارِ الْمَمْلُوكِيَّةِ) وَالِابْتِذَالِ (وَفِي الْحُرِّ بِاعْتِبَارِ الْمَالِكِيَّةِ وَالْكَرَامَةِ) وَالْأَوَّلُ دُونَ الثَّانِي حَقِيقَةً وَإِنْ زَادَ عَلَيْهِ صُورَةً فَلَا مُسَاوَاةَ حَقِيقَةً (وَكَوْنُ مُسْتَحَقِّهِ) أَيْ ضَمَانِ نَفْسِ الْعَبْدِ (السَّيِّدَ لَا يَسْتَلْزِمُ أَنَّهُ) أَيْ ضَمَانَ نَفْسِهِ (بِاعْتِبَارِ الْمَالِيَّةِ) كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ أَبُو يُوسُفَ وَالشَّافِعِيُّ.

(أَلَا تَرَى أَنَّهُ) أَيْ السَّيِّدَ (الْمُسْتَحِقَّ لِلْقِصَاصِ بِقَتْلِ عَبْدٍ إيَّاهُ) أَيْ عَبْدِهِ (وَهُوَ) أَيْ الْقِصَاصُ (بَدَلُ الدَّمِ إجْمَاعًا فَالْحَقُّ أَنَّ مُسْتَحِقَّهُ) أَيْ الضَّمَانِ (الْعَبْدُ وَلِهَذَا يَقْضِي مِنْهُ) أَيْ مِنْ الضَّمَانِ (دَيْنَهُ) أَيْ دَيْنَ الْعَبْدِ (غَيْرَ أَنَّهُ) أَيْ الْعَبْدَ (لَمَّا لَمْ يَصْلُحْ شَرْعًا لِمِلْكِ الْمَالِ خَلَفَهُ الْمَوْلَى) فِيهِ (لِأَنَّهُ أَحَقُّ النَّاسِ بِهِ كَالْوَارِثِ وَاخْتُلِفَ فِي أَهْلِيَّتِهِ) أَيْ الْعَبْدِ (لِلتَّصَرُّفِ وَمِلْكِ الْيَدِ فَقُلْنَا نَعَمْ) أَهْلٌ لَهُمَا (خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّهُمَا) أَيْ أَهْلِيَّتَيْ التَّصَرُّفِ وَمِلْكَ الْيَدِ (بِأَهْلِيَّةِ التَّكَلُّمِ وَالذِّمَّةِ مُخَلِّصَةٌ عَنْ الْمَمْلُوكِيَّةِ وَالْأُولَى) أَيْ أَهْلِيَّةُ التَّكَلُّمِ (بِالْعَقْلِ) وَهُوَ لَا يَخْتَلُّ بِالرِّقِّ (وَلِذَا) أَيْ عَدَمِ اخْتِلَالِهَا بِالرِّقِّ

ص: 183

(كَانَتْ رِوَايَاتُهُ مُلْزِمَةً الْعَمَلَ لِلْخَلْقِ وَقُبِلَتْ فِي الْهَدَايَا وَغَيْرِهَا) مِنْ الدَّنَايَاتِ (وَالثَّانِيَةُ) أَيْ أَهْلِيَّتُهُ لِلذِّمَّةِ (بِأَهْلِيَّةِ الْإِيجَابِ) عَلَيْهِ (وَالِاسْتِيجَابُ) لَهُ (وَلِذَا) أَيْ لِتَأَهُّلِهِ لِلْإِيجَابِ وَالِاسْتِيجَابِ (خُوطِبَ بِحُقُوقِهِ تَعَالَى) وَيَصِحُّ إقْرَارُهُ بِالْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ (وَلَمْ يَصِحَّ شِرَاءُ الْمَوْلَى عَلَى أَنَّ الثَّمَنَ فِي ذِمَّتِهِ) أَيْ الْعَبْدِ كَمَا لَوْ شَرَطَهُ عَلَى أَجْنَبِيٍّ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مَمْلُوكَةٍ لَهُ وَلَوْ كَانَتْ مَمْلُوكَةً لَهُ لَجَازَ كَمَا لَوْ الْتَزَمَ الْمَوْلَى ذَلِكَ فِي ذِمَّةِ نَفْسِهِ (وَلَا يَمْلِكُ) الْمَوْلَى (أَنْ يَسْتَرِدَّ مَا أَوْدَعَ عِنْدَ الْعَبْدِ) وَالْمُنَاسِبُ كَمَا فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ أَنْ يَسْتَرِدَّ مَا أَوْدَعَهُ الْعَبْدُ غَيْرَهُ (وَصِحَّةُ إقْرَارِهِ) أَيْ الْمَوْلَى (عَلَيْهِ) أَيْ الْعَبْدِ بِدَيْنٍ (لِمِلْكِ مَالِيَّتِهِ) أَيْ الْعَبْدِ (كَإِقْرَارِ الْوَارِثِ) عَلَى مُوَرِّثِهِ بِالدَّيْنِ (فَهُوَ) أَيْ فَإِقْرَارُ الْمَوْلَى عَلَى عَبْدِهِ (إقْرَارٌ عَلَى نَفْسِهِ بِالْحَقِيقَةِ وَإِنَّمَا حُجِرَ) الْعَبْدُ (عَنْهُ) أَيْ عَنْ التَّصَرُّفِ مَعَ قِيَامِ الْأَهْلِيَّةِ (لِحَقِّ الْمَوْلَى) ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ إذَا وَجَبَ فِي الذِّمَّةِ يَتَعَلَّقُ بِمَالِيَّةِ الرَّقَبَةِ وَالْكَسْبِ اسْتِيفَاءً وَهُمَا مِلْكُ الْمَوْلَى فَلَا يَتَحَقَّقُ بِدُونِ رِضَاهُ فَإِذَا أَذِنَ فَقَدْ رَضِيَ بِسُقُوطِ حَقِّهِ.

(فَإِذْنُهُ فَكَّ الْحَجْرَ) الثَّابِتَ بِالرِّقِّ (وَرَفْعُ الْمَانِعِ) مِنْ التَّصَرُّفِ حُكْمًا وَإِثْبَاتُ الْيَدِ لَهُ فِي كَسْبِهِ لَا إثْبَاتُ أَهْلِيَّةِ التَّصَرُّفِ لَهُ (كَالنِّكَاحِ) أَيْ كَمِلْكِهِ نِكَاحَ نَفْسِهِ وَإِنَّمَا امْتَنَعَ نَفَاذُهُ لِحَقِّ الْمَوْلَى فَإِذَا أَذِنَ لَهُ فِيهِ ارْتَفَعَ الْمَانِعُ (فَيَتَصَرَّفُ) بَعْدَ الْإِذْنِ (بِأَهْلِيَّتِهِ) كَالْكِتَابَةِ (لَا إنَابَةً) عَنْ الْمَوْلَى حَتَّى تَكُونَ يَدُهُ فِي إكْسَابِهِ يَدَ نِيَابَةٍ عَنْهُ كَالْمُودِعِ (كَالشَّافِعِيِّ) أَيْ كَمَا قَالَ الشَّافِعِيُّ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ أَهْلًا لِلتَّصَرُّفِ لَكَانَ أَهْلًا لِلْمِلْكِ؛ لِأَنَّ التَّصَرُّفَ وَسِيلَةٌ إلَيْهِ وَسَبَبٌ لَهُ وَالسَّبَبُ لَمْ يُشْرَعْ إلَّا لِحِكْمَةٍ وَاللَّازِمُ بَاطِلٌ إجْمَاعًا فَكَذَا الْمَلْزُومُ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ أَهْلًا لِلتَّصَرُّفِ لَمْ يَكُنْ أَهْلًا لِاسْتِحْقَاقِ الْيَدِ؛ لِأَنَّ الْيَدَ إنَّمَا تُسْتَفَادُ بِمِلْكِ الرَّقَبَةِ أَوْ التَّصَرُّفِ وَتَظْهَرُ ثَمَرَةُ الِاخْتِلَافِ فِيمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (فَلَوْ أَذِنَ) الْمَوْلَى لَهُ (فِي نَوْعٍ) مِنْ التِّجَارَةِ (كَانَ لَهُ التَّصَرُّفُ مُطْلَقًا) أَيْ فِي كُلِّ أَنْوَاعِهَا (وَتَثْبُتُ يَدُهُ) أَيْ الْعَبْدِ (عَلَى كَسْبِهِ كَالْمُكَاتَبِ وَإِنَّمَا مَلَكَ) الْمَوْلَى (حَجْرَهُ) أَيْ الْمَأْذُونِ لَا الْمُكَاتَبِ (لِأَنَّهُ) أَيْ فَكَّ الْحَجْرَ فِي الْمَأْذُونِ (بِلَا عِوَضٍ) فَلَا يَكُونُ لَازِمًا كَالْهِبَةِ (بِخِلَافِ الْكِتَابَةِ) فَإِنَّهَا بِعِوَضٍ فَتَكُونُ لَازِمَةً كَالْبَيْعِ ثُمَّ هَذَا عِنْدَ عُلَمَائِنَا الثَّلَاثَةِ لِوُجُودِ فَكِّ الْحَجْرِ الْمَانِعِ مِنْ التَّصَرُّفِ بِأَهْلِيَّتِهِ فَلَغَا التَّقْيِيدُ وَقَالَ زُفَرُ وَالشَّافِعِيُّ يَخْتَصُّ بِمَا أَذِنَ فِيهِ؛ لِأَنَّ تَصَرُّفَهُ لَمَّا كَانَ بِطَرِيقِ النِّيَابَةِ عَنْهُ كَالْوَكِيلِ صَارَ مُقْتَصِرًا عَلَى مَا أَذِنَ فِيهِ؛ لِأَنَّ النِّيَابَةَ لَا تَتَحَقَّقُ بِدُونِ إذْنِ الْأَصِيلِ ثُمَّ لِلْمَشَايِخِ فِي ثُبُوتِ مِلْكِ الرَّقَبَةِ فِي إكْسَابِهِ لِلْمَوْلَى طَرِيقَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّ تَصَرُّفَهُ يُفِيدُ ثُبُوتَ مِلْكِ الْيَدِ لَهُ وَثُبُوتَ مِلْكِ الرَّقَبَةِ لِمَوْلَاهُ ابْتِدَاءً ثَانِيهِمَا أَنَّ تَصَرُّفَهُ يُفِيدُ ثُبُوتَ كِلَيْهِمَا لَهُ ثُمَّ يَسْتَحِقُّ الْمَوْلَى مِلْكَ الرَّقَبَةِ خِلَافَةً عَنْ الْعَبْدِ لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ لَهَا وَكَوْنُ الْمَوْلَى أَقْرَبَ النَّاسِ إلَيْهِ لِقِيَامِ مِلْكِهِ فِيهِ.

وَعَلَى هَذَا مَشَى الْمُصَنِّفُ فَقَالَ (وَثُبُوتُ الْمِلْكِ لِلْمَوْلَى فِيمَا يَشْتَرِيهِ) الْعَبْدُ (وَيَصْطَادُهُ وَيَتَّهِبُهُ لِخِلَافَتِهِ) أَيْ الْمَوْلَى (عَنْهُ) أَيْ الْعَبْدِ (لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ) لِمِلْكِ رَقَبَةِ مَا اشْتَرَاهُ أَوْ اصْطَادَهُ أَوْ اتَّهَبَهُ (كَالْوَارِثِ) مَعَ الْمَوْرُوثِ (وَكَوْنُ مِلْكِ التَّصَرُّفِ لَا يُسْتَفَادُ إلَّا مِنْ مِلْكِ الرَّقَبَةِ مَمْنُوعٌ نَعَمْ هُوَ) أَيْ مِلْكُ الرَّقَبَةِ (وَسِيلَةٌ إلَيْهِ) أَيْ إلَى مِلْكِ التَّصَرُّفِ كَمَا تَقَدَّمَ (وَلَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ مِلْكِهَا) أَيْ الرَّقَبَةِ (عَدَمُ الْمَقْصُودِ لِجَوَازِ تَعَدُّدِ الْأَسْبَابِ) لِمِلْكِ التَّصَرُّفِ (وَإِذْ كَانَتْ لَهُ) أَيْ لِلْعَبْدِ (ذِمَّةٌ وَعِبَارَةٌ صَحَّ الْتِزَامُهُ) أَيْ الْعَبْدِ (فِيهَا) أَيْ فِي الذِّمَّةِ (وَوَجَبَ لَهُ) أَيْ لِلْعَبْدِ (طَرِيقُ قَضَاءٍ) لِمَا الْتَزَمَهُ (دَفْعًا لِلْحَرَجِ اللَّازِمِ مِنْ أَهْلِيَّةِ الْإِيجَابِ فِي الذِّمَّةِ بِلَا أَهْلِيَّةِ الْقَضَاءِ وَأَدْنَاهُ) أَيْ طَرِيقِ الْقَضَاءِ (مِلْكُ الْيَدِ) فَيَلْزَمُ ثُبُوتُهُ لِلْعَبْدِ وَهُوَ الْمَطْلُوبُ (وَلِذَا) أَيْ ثُبُوتِ مِلْكِ الْيَدِ لِلْعَبْدِ وَكَوْنِ مِلْكِ الرَّقَبَةِ مُتَلَقًّى مِنْهُ (قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ دَيْنُهُ) أَيْ الْعَبْدِ الْمُسْتَغْرِقِ لِمَالِهِ (بِمَنْعِ مِلْكِ الْمَوْلَى كَسْبَهُ) لِشُغْلِهِ بِحَاجَتِهِ الْمُتَقَدِّمَةِ عَلَيْهِ (وَاخْتُلِفَ فِي قَتْلِ الْحُرِّ بِهِ) أَيْ الْعَبْدِ (فَعِنْدَهُ) أَيْ الشَّافِعِيِّ (لَا) يُقْتَلُ بِهِ قِصَاصًا (لِابْتِنَائِهِ) أَيْ الْقَتْلِ قِصَاصًا (عَلَى الْمُسَاوَاةِ فِي الْكَرَامَاتِ) ، وَهِيَ مُنْتَفِيَةٌ بَيْنَهُمَا إذْ الْحُرُّ نَفْسٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَالْعَبْدُ نَفْسٌ وَمَالٌ (قُلْنَا) لَا نُسَلِّمُ ابْتِنَاءَ الْقِصَاصِ عَلَيْهَا (بَلْ) الْمَنَاطُ فِيهِ الْمُسَاوَاةُ (فِي عِصْمَةِ الدَّمِ فَقَطْ لِلِاتِّفَاقِ

ص: 184

عَلَى إهْدَارِهِ) أَيْ التَّسَاوِي فِي الْقِصَاصِ (فِي الْعِلْمِ وَالْجَمَالِ وَمَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ) وَالشَّرَفِ (وَهُمَا) أَيْ الْحُرُّ وَالْعَبْدُ (مُسْتَوِيَانِ فِيهَا) أَيْ عِصْمَةِ الدَّمِ (وَيُنَافِي) الرِّقُّ (مَالِكِيَّةَ مَنَافِعِ الْبَدَنِ) إجْمَاعًا.

(إلَّا مَا اُسْتُثْنِيَ مِنْ الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ إلَّا نَحْوُ الْجُمُعَةِ بِخِلَافِ الْحَجِّ) فَإِنَّهُ لَمْ يَسْتَثْنِهِ نَظَرًا لِلْمَوْلَى فَبَقِيَتْ مَنَافِعُهُ عَلَى مِلْكِهِ (بِالنَّصِّ لِلْمَالِ) فَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «وَأَيُّمَا عَبْدٍ حَجَّ ثُمَّ أُعْتِقَ فَعَلَيْهِ حَجَّةٌ أُخْرَى» .

قَالَ الْحَاكِمُ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ «وَقَالَ تَعَالَى {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا} [آل عمران: 97] قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا السَّبِيلُ قَالَ الزَّادُ وَالرَّاحِلَةُ» .

قَالَ الْحَاكِمُ أَيْضًا صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ وَالْعَبْدُ لَا مَالَ لَهُ ثُمَّ عَلَى اشْتِرَاطِ الْحُرِّيَّةِ لِلْوُجُوبِ الْإِجْمَاعُ (وَالْجِهَادِ) أَيْ وَبِخِلَافِ الْجِهَادِ أَيْضًا (فَلَيْسَ لَهُ الْقِتَالُ إلَّا بِإِذْنِ مَوْلَاهُ أَوْ) إذْنِ (الشَّرْعِ فِي عُمُومِ النَّفِيرِ وَلَا يَسْتَحِقُّ) الْعَبْدُ إذَا قَاتَلَ (سَهْمًا؛ لِأَنَّهُ) أَيْ اسْتِحْقَاقَ سَهْمٍ مِنْ الْغَنِيمَةِ (لِلْكَرَامَةِ) وَهُوَ نَاقِصٌ فِيهَا (بَلْ) يَسْتَحِقُّ (رَضْخًا لَا يَبْلُغُهُ) أَيْ السَّهْمُ «فَعَنْ عُمَيْرٍ مَوْلَى آبِي اللَّحْمِ شَهِدْت خَيْبَرَ مَعَ سَادَتِي فَأَمَرَ لِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِشَيْءٍ مِنْ خُرْثِيِّ الْمَتَاعِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ (بِخِلَافِ) اسْتِحْقَاقِ (السَّلَبِ بِالْقَتْلِ بِقَوْلِ الْإِمَامِ) مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ فَإِنَّهُ لَا تَفَاوُتَ فِيهِ بَيْنَ الْحُرِّ وَالْعَبْدِ؛ لِأَنَّهُ بِالْقَتْلِ أَوْ بِإِيجَابِ الْإِمَامِ (فَسَاوَى) الْعَبْدُ (فِيهِ الْحُرَّ وَالْوِلَايَاتِ) أَيْ وَيُنَافِي الرِّقُّ الْوِلَايَاتِ الْمُتَعَدِّيَةِ كَوِلَايَةِ الْقَضَاءِ وَالشَّهَادَةِ وَالتَّزْوِيجِ وَغَيْرِهَا؛ لِأَنَّهَا تُنْبِئُ عَنْ الْقُدْرَةِ الْحُكْمِيَّةِ إذْ الْوِلَايَةُ تَنْفِيذُ الْقَوْلِ عَلَى الْغَيْرِ شَاءَ أَوْ أَبَى وَالرِّقُّ عَجْزٌ حُكْمِيٌّ ثُمَّ الْأَصْلُ فِي الْوِلَايَاتِ وِلَايَةُ الْمَرْءِ عَلَى نَفْسِهِ ثُمَّ التَّعَدِّي مِنْهُ إلَى غَيْرِهِ عِنْدَ وُجُودِ شَرْطِ التَّعَدِّي وَلَا وِلَايَةَ لِلْعَبْدِ عَلَى نَفْسِهِ فَكَيْفَ يَتَعَدَّى إلَى غَيْرِهِ (وَصِحَّةُ أَمَانِ) الْعَبْدِ (الْمَأْذُونِ فِي الْقِتَالِ) الْكَافِرَ الْحَرْبِيَّ (لِاسْتِحْقَاقِ الرَّضْخِ) فِي الْغَنِيمَةِ بِإِذْنِ مَوْلَاهُ إلَّا أَنَّ مَوْلَاهُ يَخْلُفُهُ فِي مِلْكِهِ كَمَا فِي سَائِرِ أَكْسَابِهِ (فَأَمَانُهُ إبْطَالُ حَقِّهِ أَوَّلًا) فِي الرَّضْخِ.

(ثُمَّ يَتَعَدَّى إلَى الْكُلِّ) أَيْ كُلِّ الْغَازِينَ فَيَلْزَمُ سُقُوطُ حَقِّهِمْ؛ لِأَنَّ الْغَنِيمَةَ لَا تَتَجَزَّأُ فِي حَقِّ الثُّبُوتِ وَالسُّقُوطِ (كَشَهَادَتِهِ بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ) تُوجِبُ عَلَى النَّاسِ الصَّوْمَ بِقَوْلِهِ لِإِيجَابِهِ ذَلِكَ عَلَى نَفْسِهِ أَوَّلًا ثُمَّ لَا يَتَعَدَّى إلَى سَائِرِهِمْ، وَكَذَا رِوَايَتُهُ لِأَحَادِيثِ الشَّارِعِ فَصَارَ هَذَانِ أَصْلَ أَمَانِهِ (لَا) أَنَّ أَمَانَهُ (وِلَايَةٌ عَلَيْهِمْ) لِمَا عُرِفَ مِنْ أَنَّ حُكْمَ الشَّيْءِ مَا وُضِعَ الشَّيْءُ لَهُ، وَحُكْمُ أَمَانِهِ أَوَّلًا وَبِالذَّاتِ إنَّمَا هُوَ مَا ذَكَرْنَا (بِخِلَافِ) الْعَبْدِ (الْمَحْجُورِ) عَنْ الْقِتَالِ لَا أَمَانَ لَهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ وَمَالِكٍ فِي رِوَايَةِ سَحْنُونَ؛ لِأَنَّهُ (لَا اسْتِحْقَاقَ لَهُ) وَقْتَ الْأَمَانِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الشَّرِكَةِ فِي الْغَنِيمَةِ (فَلَوْ صَحَّ) أَمَانُهُ (كَانَ إسْقَاطًا لِحَقِّهِمْ) أَيْ الْغَازِينَ فِي أَمْوَالِ الْكُفَّارِ وَأَنْفُسِهِمْ اغْتِنَامًا وَاسْتِرْقَاقًا (ابْتِدَاءً) قَالَ قِيلَ يَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ أَمَانُهُ كَمَا هُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ فِي رِوَايَةٍ وَمُحَمَّدٍ وَالْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ لِاسْتِحْقَاقِهِ الرَّضْخَ إذَا قَاتَلَ أُجِيبَ بِالْمَنْعِ (وَاسْتِحْقَاقُهُ) الرَّضْخَ (إذَا افْتَاتَ بِالْقِتَالِ) أَيْ قَاتَلَ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ (وَسَلِمَ لِتَمَحُّضِهِ) أَيْ الْقِتَالِ (مُصْلِحَةً لِلْمَوْلَى بَعْدَهُ) أَيْ الْقِتَالِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَحْجُورٍ عَمَّا يَتَمَحَّضُ مَنْفَعَةً فَيَكُونُ كَالْمَأْذُونِ فِيهِ مِنْ الْمَوْلَى دَلَالَةً؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا حُجِرَ عَنْهُ لِدَفْعِ الضَّرَرِ عَنْ الْمَوْلَى لِانْتِفَاءِ اشْتِغَالِهِ بِخِدْمَتِهِ وَقْتَ الْقِتَالِ وَرُبَّمَا يُقْتَلُ فَإِذَا فَرَغَ سَالِمًا وَأُصِيبَتْ الْغَنِيمَةُ زَالَ الضَّرَرُ فَيَثْبُتُ الْإِذْنُ مِنْهُ دَلَالَةً (فَلَا شَرِكَةَ لَهُ) فِي الْغَنِيمَةِ (حَالَ الْأَمَانِ) فَلَا يَكُونُ فِيهِ كَالْمَأْذُونِ فِي الْقِتَالِ نَعَمْ مَا فِي مُصَنَّفِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه الْعَبْدُ الْمُسْلِمُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَأَمَانُهُ أَمَانُهُمْ يُفِيدُ إطْلَاقُهُ صِحَّةَ أَمَانِ الْعَبْدِ مُطْلَقًا كَمَا هُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ (فَلَا يَضْمَنُ) الرَّقِيقُ (بَدَلَ مَا لَيْسَ بِمَالٍ؛ لِأَنَّهُ) أَيْ بَدَلَهُ (صِلَةٌ) وَهُوَ لَا يَمْلِكُ الصِّلَاتِ (فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ دِيَةٌ فِي جِنَايَتِهِ) عَلَى غَيْرِهِ بِالْقَتْلِ (خَطَأً) ؛ لِأَنَّ الدَّمَ لَيْسَ بِمَالٍ وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْوَاجِبَ فِي الْجِنَايَةِ الْخَطَأِ ضَمَانٌ هُوَ صِلَةٌ فِي حَقِّ الْجَانِي حَتَّى كَأَنَّهُ يَهَبُهُ ابْتِدَاءً أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ إلَّا بِالْقَبْضِ وَلَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ إلَّا بِحَوْلٍ بَعْدَهُ وَلَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ بِهِ بِخِلَافِ بَدَلِ الْمَالِ الثَّابِتِ فِي هَذِهِ الْأُمُورِ وَلَا عَاقِلَةَ لَهُ بِالْإِجْمَاعِ لِيَجِبَ عَلَيْهِمْ.

(لَكِنْ لَمَّا لَمْ يُهْدَرْ الدَّمُ صَارَتْ رَقَبَتُهُ جَزَاءً) أَيْ قَائِمَةً مُقَامَ الْأَرْشِ حَتَّى لَا يَكُونَ الِاسْتِحْقَاقُ

ص: 185