الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَإِنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِدَلَالَةِ اللَّفْظِ وَإِرَادَةِ الْمُتَكَلِّمِ فَعِنْدَ الضَّرُورَةِ إلَى حَمْلِ اللَّفْظِ عَلَى مَعْنَاهُ الْمَجَازِيِّ يَجِبُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى مَا قَصَدَهُ الْمُتَكَلِّمُ وَاحْتَمَلَهُ اللَّفْظُ بِحَسَبِ الْقَرِينَةِ إنْ عَامًّا فَعَامٌّ وَإِنْ خَاصًّا فَخَاصٌّ
(وَلَا) تَتَحَقَّقُ الضَّرُورَةُ أَيْضًا (بِالنِّسْبَةِ إلَى الْوَاضِعِ بِأَنْ اشْتَرَطَ فِي اسْتِعْمَالِهِ) أَيْ الْمَجَازِ (تَعَذُّرَهَا) أَيْ الْحَقِيقَةِ (لِمَا ذَكَرْنَا) مِنْ أَنَّهُ لَا يَنْفِي الْعُمُومَ (وَلِأَنَّ الْعُمُومَ لِلْحَقِيقَةِ بِاعْتِبَارِ شُمُولِ الْمُرَادِ) بِاللَّفْظِ (بِمُوجِبِهِ) أَيْ الشُّمُولِ مِنْ أَسْبَابٍ زَائِدَةٍ عَلَى ذَاتِهَا كَأَدَاةِ التَّعْرِيفِ وَوُقُوعِهَا فِي سِيَاقِ النَّفْيِ (لَا) بِاعْتِبَارِ (ذَاتِهَا) أَيْ لَيْسَ الْعُمُومُ ذَاتِيًّا لِلْحَقِيقَةِ بِمَعْنَى أَنَّهُ نَاشِئٌ عَنْهَا إذْ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمَا انْفَكَّ عَنْهَا لِأَنَّ مُوجِبَ الذَّاتِ لَا يَنْفَكُّ عَنْهَا فَكَانَتْ لَا تُوجَدُ إلَّا عَامَّةً وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِذَا وُجِدْت فِي الْمَجَازِ الْأَسْبَابُ الْمُوجِبَةُ لِلْعُمُومِ فِي الْحَقِيقَةِ كَانَ عَامًّا أَيْضًا لِوُجُودِ الْمُقْتَضِي وَعَدَمِ الْمَانِعِ (قِيلَ) أَيْ قَالَ التَّفْتَازَانِيُّ: (وَلَا يَتَأَتَّى نِزَاعٌ لِأَحَدٍ فِي صِحَّةِ قَوْلِنَا جَاءَنِي الْأُسُودُ الرُّمَاةُ إلَّا زَيْدًا لَكِنَّ الْوَاجِدَ) لِلْخِلَافِ (مُقَدَّمٌ) عَلَى نَافِيهِ لِعَدَمِ اسْتِيعَابِ النَّافِي عَامَّةَ الْمَحَالِّ (وَانْدَرَجَ الْوَجْهُ) لِعُمُومِ الْمَجَازِ فِيمَا تَقَدَّمَ كَمَا أَوْضَحْنَاهُ فَلَا حَاجَةَ إلَى إعَادَتِهِ (وَلَزِمَتْ الْمُعَارَضَةُ) بَيْنَ عِلِّيَّةِ وَصْفِ الطَّعْمِ وَكَوْنِهِ يُكَالُ وَيَتَرَجَّحُ الْأَعَمُّ وَهُوَ كَوْنُهُ يُكَالُ فَإِنَّهُ أَعَمُّ مِنْ الطَّعْمِ لِتَعَدِّيهِ إلَى مَا لَيْسَ بِمَطْعُومٍ وَذَلِكَ مِنْ أَسْبَابِ تَرْجِيحِ عِلِّيَّةِ الْوَصْفِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.
[مَسْأَلَة اسْتِعْمَالُ اللَّفْظَ فِي الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ]
(مَسْأَلَةُ الْحَنَفِيَّةِ وَفُنُونِ الْعَرَبِيَّةِ) أَيْ عَامَّةُ أَهْلِ الْأَدَبِ وَالْمُحَقِّقُونَ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ عَلَى مَا فِي الْكَشْفِ وَغَيْرِهِ (وَجَمْعٌ مِنْ الْمُعْتَزِلَةِ) مِنْهُمْ أَبُو هَاشِمٍ (لَا يَسْتَعْمِلُ) اللَّفْظَ (فِيهِمَا) أَيْ فِي الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ (مَقْصُودَيْنِ بِالْحُكْمِ) فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ (وَفِي الْكِنَايَةِ الْبَيَانِيَّةِ) إنَّمَا يُسْتَعْمَلُ فِي مَعْنَيَيْهِ (لِيَنْتَقِلَ مِنْ الْحَقِيقِيِّ الْوَاقِعِ بَيْنَهُ إلَى الْمَجَازِيِّ) كَقَوْلِهِمْ كِنَايَةً عَنْ طَوِيلِ الْقَامَةِ طَوِيلِ النِّجَادِ فَمَنَاطُ الْحُكْمِ فِيهَا إنَّمَا هُوَ الْمَعْنَى الثَّانِي فَلَمْ يُسْتَعْمَلْ اللَّفْظُ فِيهَا مُرَادًا بِهِ كِلَاهُمَا مَقْصُودَيْنِ بِالْحُكْمِ (وَأَجَازَهُ) أَيْ اسْتِعْمَالُهُ فِيهِمَا فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ (الشَّافِعِيَّةُ وَالْقَاضِي وَبَعْضُ الْمُعْتَزِلَةِ) كَعَبْدِ الْجَبَّارِ وَأَبِي عَلِيٍّ الْجُبَّائِيِّ (مُطْلَقًا إلَّا أَنْ لَا يُمْكِنَ الْجَمْعُ) بَيْنَهُمَا (كَافْعَلْ أَمْرًا وَتَهْدِيدًا) لِأَنَّ الْإِيجَابَ يَقْتَضِي الْفِعْلَ وَالتَّهْدِيدَ يَقْتَضِي التَّرْكَ فَلَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ فِيهِمَا فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ (وَالْغَزَالِيُّ وَأَبُو الْحُسَيْنِ يَصِحُّ) اسْتِعْمَالُهُ فِيهِمَا (عَقْلًا لَا لُغَةً) قَالَ الْمُصَنِّفُ (وَهُوَ الصَّحِيحُ إلَّا فِي غَيْرِ الْمُفْرَدِ) أَيْ مَا لَيْسَ بِمَثْنًى وَلَا مَجْمُوعٍ (فَيَصِحُّ لُغَةً) أَيْضًا (لِتَضَمُّنِهِ) أَيْ غَيْرُ الْمُفْرَدِ (الْمُتَعَدِّدَ فَكُلُّ لَفْظٍ لِمَعْنًى وَقَدْ ثَبَتَ الْقَلَمُ أَحَدُ اللِّسَانَيْنِ وَالْخَالُ أَحَدُ الْأَبَوَيْنِ) فَأُرِيدَ بِأَحَدِ اللِّسَانَيْنِ الْقَلَمُ وَهُوَ مَعْنًى مَجَازِيٌّ لِلِّسَانِ وَبِاللِّسَانِ الْآخَرِ الْجَارِحَةُ وَهُوَ مَعْنًى حَقِيقِيٌّ لَهُ وَبِأَحَدِ الْأَبَوَيْنِ الْخَالُ وَهُوَ مَعْنَى مَجَازِيٌّ لِلْأَبِ وَبِالْآخِرِ مِنْ وَلَدِهِ وَهُوَ مَعْنَى حَقِيقِيٌّ لَهُ (وَالتَّعْمِيمُ فِي الْمَجَازِيَّةِ) أَيْ وَاسْتِعْمَالُ اللَّفْظِ فِي مَعَانِيه الْمَجَازِيَّةِ الْمُخْتَلِفَةِ فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ (قِيلَ) أَيْ قَالَ الْقَرَافِيُّ هُوَ (عَلَى الْخِلَافِ كَلَا أَشْتَرِي بِشِرَاءِ الْوَكِيلِ وَالسَّوْمِ) فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مَعْنًى مَجَازِيٌّ لِقَوْلِهِ لَا أَشْتَرِي (وَالْمُحَقِّقُونَ لَا خِلَافَ فِي مَنْعِهِ) فَعَلَى هَذَا يُحْكَمُ بِخَطَأِ مَنْ قَالَ: لَا أَشْتَرِي وَأَرَادَ شِرَاءَ الْوَكِيلِ وَالسَّوْمِ (وَلَا) خِلَافَ أَيْضًا (فِيهِ) أَيْ فِي مَنْعِ تَعْمِيمِهِ فِي الْحَقِيقِيِّ وَالْمَجَازِيِّ (عَلَى أَنَّهُ حَقِيقَةٌ وَمَجَازٌ) بِحَيْثُ يَكُونُ اللَّفْظُ بِحَسَبِ هَذَا الِاسْتِعْمَالِ حَقِيقَةً وَمَجَازًا (وَلَا) خِلَافَ أَيْضًا (فِي جَوَازِهِ) أَيْ اسْتِعْمَالِ اللَّفْظِ (فِي مَجَازِيٍّ يَنْدَرِجُ فِيهِ الْحَقِيقِيُّ) وَيَكُونُ مِنْ أَفْرَادِهِ (لَنَا فِي الْأَوَّلِ) أَيْ فِي صِحَّتِهِ عَقْلًا (صِحَّةُ إرَادَةِ مُتَعَدِّدٍ بِهِ قَطْعًا) لِلْإِمْكَانِ وَانْتِفَاءِ الْمَانِعِ (وَكَوْنُهُ) أَيْ اللَّفْظِ مَوْضُوعًا (لِبَعْضِهَا) أَيْ الْمَعَانِي وَهُوَ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيُّ دُونَ الْبَعْضِ (لَا يُمْنَعُ عَقْلًا إرَادَةُ غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ ذَلِكَ الْبَعْضِ الَّذِي هُوَ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيُّ (مَعَهُ) أَيْ مَعَ الْبَعْضِ الَّذِي هُوَ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيُّ (بَعْدَ صِحَّةِ طَرِيقِهِ) أَيْ غَيْرِ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيِّ (إذْ حَاصِلُهُ نَصْبُ مَا يُوجِبُ الِانْتِقَالَ مِنْ لَفْظٍ بِوَضْعٍ وَقَرِينَةٍ)
وَمَا قِيلَ لَا بُدَّ مِنْ تَوْجِيهِ الذِّهْنِ إلَى أَحَدِهِمَا حَقِيقَةً وَالْآخَرِ مَجَازًا وَكُلُّ مِنْهُمَا قَضِيَّةٌ وَالذِّهْنُ لَا يَتَوَجَّهُ فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ إلَى حُكْمَيْنِ بِاتِّفَاقِ الْعُقَلَاءِ وَإِنَّمَا الْمُخْتَلَفُ فِيهِ تَوْجِيهُ الذِّهْنِ فِي حَالَةٍ وَاحِدَةِ إلَى تَصَوُّرَيْنِ مَمْنُوعٌ (فَقَوْلُ بَعْضِ الْحَنَفِيَّةِ) بَلْ الْجَمُّ الْغَفِيرُ مِنْهُمْ (يَسْتَحِيلُ) الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا (كَالثَّوْبِ) الْوَاحِدِ يَسْتَحِيلُ أَنْ يَكُونَ عَلَى اللَّابِسِ الْوَاحِدِ (مِلْكًا
وَعَارِيَّةً فِي وَقْتٍ) وَاحِدٍ (تَهَافَتَ) أَيْ تَسَاقَطَ (إذْ ذَاكَ) أَيْ كَوْنُ اجْتِمَاعِ الشَّيْئَيْنِ الْمُتَنَافِيَيْنِ مُحَالًا إنَّمَا هُوَ فِيهِمَا حَالَ كَوْنِهِمَا جِسْمَيْنِ (فِي الظَّرْفِ الْحَقِيقِيِّ) فَمِنْ أَيْنَ يَلْزَمُ مِنْهُ اسْتِحَالَةُ إطْلَاقِ اللَّفْظِ وَإِرَادَةِ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيِّ وَالْمَجَازِيِّ مَعًا وَإِنْ كَانَ تَوْضِيحًا وَتَمْثِيلًا لِلْمَعْقُولِ بِالْمَحْسُوسِ فَلَا بُدَّ مِنْ الدَّلِيلِ عَلَى اسْتِحَالَةِ إرَادَةِ الْمَعْنَيَيْنِ فَإِنَّهَا مَمْنُوعَةٌ غَيْرُ مَسْمُوعَةٍ (لَا يُقَالُ الْمَجَازِيُّ يَسْتَلْزِمُ مُعَانِدَ الْحَقِيقِيِّ) أَيْ وُجُودَ مُعَانِدِهِ أَعْنِي (قَرِينَةَ عَدَمِ إرَادَتِهِ) أَيْ الْحَقِيقِيِّ فَلَا يُعْقَلُ اجْتِمَاعُهُمَا لِأَنَّا نَقُولُ لَيْسَ كَذَلِكَ (لِأَنَّهُ) أَيْ اسْتِلْزَامُهُ ذَلِكَ (بِلَا مُوجِبٍ) لَهُ فَلَا يُسْمَعُ (بَلْ ذَاكَ) أَيْ اسْتِلْزَامُهُ إيَّاهُ (عِنْدَ عَدَمِ قَصْدِ التَّعْمِيمِ أَمَّا مَعَهُ) أَيْ قَصْدِ تَعْمِيمِهِ بِهِ (فَلَا يُمْكِنُ) عِنْدَ الْمُعَمَّمِ (نَعَمْ يَلْزَمُ عَقْلًا كَوْنُهُ حَقِيقَةً وَمَجَازًا فِي اسْتِعْمَالٍ وَاحِدٍ وَهُمْ يَنْفُونَهُ) أَيْ كَوْنَهُ حَقِيقَةً وَمَجَازًا فِي اسْتِعْمَالٍ وَاحِدٍ لُغَةً (لَا يُقَالُ) عَلَى هَذَا (بَلْ) هُوَ (مَجَازٌ لِلْمَجْمُوعِ) كَمَا مَشَى عَلَيْهِ فِي التَّلْوِيحِ حَيْثُ قَالَ عَلَى أَنَّا لَا نَجْعَلُ اللَّفْظَ عِنْدَ إرَادَةِ الْمَعْنَيَيْنِ حَقِيقَةً وَمَجَازًا لِيَكُونَ اسْتِعْمَالُهُ فِيهِمَا بِمَنْزِلَةِ اسْتِعْمَالِ الثَّوْبِ بِطَرِيقِ الْمِلْكِ وَالْعَارِيَّةِ بَلْ نَجْعَلُهُ مَجَازًا قَطْعًا لِكَوْنِهِ مُسْتَعْمَلًا فِي الْمَجْمُوعِ الَّذِي هُوَ غَيْرُ الْمَوْضُوعِ لَهُ لِأَنَّا نَقُولُ لَيْسَ كَذَلِكَ (لِأَنَّهُ) أَيْ اللَّفْظَ (لِكُلٍّ) مِنْ الْحَقِيقِيِّ وَالْمَجَازِيِّ (إذْ كُلٌّ) مِنْهُمَا (مُتَعَلِّقُ الْحُكْمِ لَا الْمَجْمُوعُ لَكِنَّ نَفْيَهُمْ غَيْرُ عَقْلِيٍّ) وَإِنَّمَا هُوَ لُغَوِيٌّ (بَلْ يَصِحُّ عَقْلًا حَقِيقَةً لِإِرَادَةِ الْحَقِيقِيِّ وَمَجَازًا لِنَحْوِهِ) أَيْ لِإِرَادَةِ نَحْوِ الْحَقِيقِيِّ وَهُوَ الْمَجَازِيُّ
(وَلَنَا فِي الثَّانِي) أَيْ نَفْيِ صِحَّتِهِ لُغَةً (تَبَادُرُ الْوَضْعِيِّ فَقَطْ) مِنْ إطْلَاقِهِ (يَنْفِي غَيْرَ الْحَقِيقِيِّ) أَنْ يَكُونَ اللَّفْظُ فِيهِ (حَقِيقَةً) لِأَنَّ التَّبَادُرَ أَمَارَةُ الْحَقِيقَةِ وَلَا سِيَّمَا مَعَ الْعِلْمِ بِوَضْعِ اللَّفْظِ لَهُ وَعَدَمُهُ أَمَارَةُ عَدَمِهَا وَلَا سِيَّمَا مَعَ الْعِلْمِ بِوَضْعِ اللَّفْظِ لِغَيْرِهِ وَتَأَكُّدِهِ بِالْمُبَادَرَةِ وَكَوْنِ الْأَصْلِ عَدَمَ الِاشْتِرَاكِ وَكَانَ يَكْفِيهِ أَنْ يَقُولَ غَيْرَهُ أَيْ غَيْرَ الْوَضْعِيِّ إلَّا أَنَّهُ وَضَعَ الظَّاهِرَ مَوْضِعَ الْمُضْمَرِ لِزِيَادَةِ التَّمَكُّنِ فِي ذِهْنِ السَّامِعِ وَالْحَقِيقِيَّ مَكَانَ الْوَضْعِيِّ لِبَيَانِ أَنَّهُ الْمُرَادُ بِهِ (وَعَدَمُ الْعَلَاقَةِ يَنْفِيهِ) أَيْ غَيْرُ الْحَقِيقِيِّ أَنْ يَكُونَ اللَّفْظُ فِيهِ (مَجَازًا بِمَا قَدَّمْنَاهُ فِي الْمُشْتَرَكِ) مِنْ انْتِفَاءِ الْعَلَاقَةِ وَانْتِفَاءِ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ عَنْ اسْتِعْمَالِ اللَّفْظِ فِي الْمَعْنَى بِمَنْعِ صِحَّتِهِ لُغَةً (وَعَلَى النَّفْيِ) أَيْ نَفْيِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ بِاللَّفْظِ الْوَاحِدِ (اخْتَصَّ الْمَوَالِي بِالْوَصِيَّةِ لَهُمْ دُونَ مَوَالِيهِمْ) أَيْ مَوَالِي الْمَوَالِي فِيمَا إذَا أَوْصَى مَنْ لَا وَلَاءَ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ لِمَوَالِيهِ وَلَهُ عُتَقَاءُ وَعُتَقَاءُ عُتَقَاء لِأَنَّ الْعُتَقَاءَ مَوَالِيهِ حَقِيقَةً لِمُبَاشَرَتِهِ عِتْقَهُمْ وَعُتَقَاءُ الْعُتَقَاءِ مَوَالِيه مَجَازًا لِتَسَبُّبِهِ فِي عِتْقِهِمْ بِإِعْتَاقِ مُعْتِقِيهِمْ لِأَنَّهُمْ بِعِتْقِهِ صَارُوا أَهْلًا لِإِعْتَاقِ غَيْرِهِمْ وَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا مُتَعَذِّرٌ فَتَعَيَّنَتْ الْحَقِيقَةُ لِتَرَجُّحِهَا وَإِمْكَانِ الْعَمَلِ بِهَا (إلَّا أَنْ يَكُونَ) أَيْ يُوجَدَ (وَاحِدٌ) مِنْ الْمَوَالِي لَا غَيْرُ (فَلَهُ النِّصْفُ وَالْبَاقِي لِلْوَرَثَةِ) لِأَنَّهُ لَمَّا تَعَيَّنَتْ الْحَقِيقَةُ وَاسْتَحَقَّ الِاثْنَانِ مِنْهُمْ ذَلِكَ لِأَنَّ لَهُمَا حُكْمَ الْجَمْعِ فِي الْوَصِيَّةِ كَمَا فِي الْمِيرَاثِ كَانَ بِالضَّرُورَةِ النِّصْفُ لِلْوَاحِدِ وَالنِّصْفُ لِلْوَرَثَةِ لَا لِعُتَقَاءِ الْعَتِيقِ لِئَلَّا يَلْزَمَ الْجَمْعُ بَيْنَ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ وَأَوْرَدَ هَبْ أَنَّ الْمَوَالِيَ لِمَنْ بَاشَرَ إعْتَاقَهُمْ لَكِنَّ الْمَفْرُوضَ أَنَّ لَهُ مُعْتَقًا وَاحِدًا فَلِمَ لَا يَكُونُ ذَكَرَ الْجَمْعَ وَأَرَادَ الْمُفْرَدَ مَجَازًا وَأُجِيبَ بِالْفَرْقِ بَيْنَ إرَادَةِ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيِّ وَوُجُودِهِ فِي الْخَارِجِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ انْتِفَاءِ الثَّانِي انْتِفَاءُ الْأَوَّلِ وَلَعَلَّهُ إنَّمَا أَرَادَ مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيَّ لِأَنَّ بَعْضَ أَفْرَادِهِ مَوْجُودٌ وَبَعْضَهَا مُنْتَظِرُ الْوُجُودِ إذْ الْإِعْتَاقُ مَنْدُوبٌ إلَيْهِ وَفِي الْوَقْتِ سَعَةٌ (وَكَذَا لِأَبْنَاءِ فُلَانٍ مَعَ حَفَدَتِهِ عِنْدَهُ) أَيْ وَمِثْلُ حُكْمِ الْمَوَالِي مَعَ مَوَالِي الْمَوَالِي فِي الْوَصِيَّةِ لَهُمْ حُكْمُ الْأَبْنَاءِ مَعَ أَبْنَاءِ الْأَبْنَاءِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فِيمَا لَوْ أَوْصَى لِأَبْنَاءِ فُلَانِ وَلِفُلَانٍ أَبْنَاءٌ وَأَبْنَاءُ أَبْنَاءٍ فَقَالَ: تَكُونُ الْوَصِيَّةُ لِلصُّلْبِيِّينَ خَاصَّةً لِأَنَّ الْأَبْنَاءَ حَقِيقَةٌ فِيهِمْ مَجَازٌ فِي بَنِيهِمْ وَالْجَمْعُ مُتَعَذِّرٌ فَتَعَيَّنَتْ الْحَقِيقَةُ إلَّا أَنْ يُوجَدَ ابْنٌ صُلْبِيٌّ لَا غَيْرُ فَيَكُونُ لَهُ النِّصْفُ وَالنِّصْفُ لِلْوَرَثَةِ دُونَ أَبْنَاءِ الْأَبْنَاءِ
(وَقَالَا) أَيْ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ (يَدْخُلُونَ) أَيْ مَوَالِي الْمَوَالِي وَالْحَفَدَةِ (مَعَ الْوَاحِدِ) مِنْ الْمَوَالِي وَالْأَبْنَاءِ (فِيهِمَا) أَيْ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ (بِعُمُومِ الْمَجَازِ) لِأَنَّ الْمَوَالِيَ تُطْلَقُ عُرْفًا عَلَى الْفَرِيقَيْنِ وَالْأَبْنَاءُ تُطْلَقُ عُرْفًا عَلَى الْفَرِيقَيْنِ أَيْضًا وَلَا تَدْخُلُ مَوَالِي الْمَوَالِي وَلَا أَبْنَاءُ الْأَبْنَاءِ مَعَ الِاثْنَيْنِ مِنْ الْفَرِيقَيْنِ بِالِاتِّفَاقِ (وَالِاتِّفَاقُ دُخُولُهُمْ) أَيْ مَوَالِي الْمَوَالِي وَأَبْنَاءِ الْأَبْنَاءِ (فِيهِمَا) أَيْ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ (إنْ لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ) مِنْ
الْمَوَالِي وَالْأَبْنَاءِ (لِتَعْيِينِ الْمَجَازِ حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ لَمْ يَكُنْ مِنْهُمْ أَحَدٌ لِلْإِرَادَةِ بِهِمْ احْتِرَازًا مِنْ الْإِلْغَاءِ (وَأَمَّا النَّقْضُ) لِمَنْعِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ فِي لَفْظٍ وَاحِدٍ (بِدُخُولِ حَفَدَةِ الْمُسْتَأْمِنِ عَلَى بَنِيهِ) مَعَ بَنِيهِ فِي الْأَمَانِ مَعَ أَنَّ الْأَبْنَاءَ حَقِيقَةٌ فِي الصُّلْبِيِّينَ مَجَازٌ فِي الْحَفَدَةِ (وَبِالْحِنْثِ بِالدُّخُولِ رَاكِبًا) أَوْ مُتَنَعِّلًا (فِي حَلِفِهِ لَا يَضَعُ قَدَمَهُ فِي دَارِ فُلَانٍ) وَلَا نِيَّةَ لَهُ كَمَا لَوْ دَخَلَهَا حَافِيًا مَعَ أَنَّهُ حَقِيقَةٌ فِيهِ حَتَّى لَوْ نَوَاهُ صُدِّقَ قَضَاءً وَدِيَانَةً مَجَازٌ فِي دُخُولِهِ رَاكِبًا وَمُتَنَعِّلًا (وَبِهِ) أَيْ بِالْحِنْثِ (بِدُخُولِ دَارِ سُكْنَاهُ) أَيْ فُلَانٍ (إجَارَةٌ) أَوْ إعَارَةٌ (فِي حَلِفِهِ لَا يَدْخُلُ دَارِهِ) أَيْ فُلَانٍ وَلَا نِيَّةَ لَهُ كَمَا لَوْ دَخَلَ دَارَ سُكْنَاهُ الْمَمْلُوكَةَ لَهُ مَعَ أَنَّهَا حَقِيقَةٌ فِي الْمَمْلُوكَةِ بِدَلِيلِ عَدَمِ صِحَّةِ نَفْيِهَا عَنْهُ مَجَازٌ فِي الْمُسْتَأْجَرَةِ وَالْمُسْتَعَارَةِ بِدَلِيلِ صِحَّةِ نَفْيِهِمَا عَنْهُ (وَبِالْعِتْقِ) أَيْ عِتْقُ عَبْدِهِ مَثَلًا (فِي إضَافَتِهِ إلَى يَوْمٍ يَقْدُمُ) فُلَانٌ (فَقَدِمَ لَيْلًا) وَلَا نِيَّةَ لَهُ كَمَا لَوْ قَدِمَ نَهَارًا مَعَ أَنَّهُ حَقِيقَةٌ فِيهِ حَتَّى لَوْ نَوَاهُ صُدِّقَ قَضَاءً وَدِيَانَةً مَجَازٌ فِي اللَّيْلِ بِدَلِيلِ صِحَّةِ نَفْيِهِ عَنْهُ (وَيَجْعَلُ لِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ كَذَا بِنِيَّةِ النَّذْرِ وَالْيَمِينُ يَمِينًا وَنَذْرًا حَتَّى وَجَبَ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ بِمُخَالَفَتِهِ) أَيْ بِعَدَمِ صِيَامِ مَا سَمَّاهُ الْقَضَاءَ بِتَفْوِيتِ مُوجِبِ النَّذْرِ وَهُوَ الْوَفَاءُ بِمَا الْتَزَمَهُ وَالْكَفَّارَةُ بِتَفْوِيتِ مُوجِبِ الْيَمِينِ وَهُوَ الْمُحَافَظَةُ عَلَى الْبِرِّ كَمَا هُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى مَعَ أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ حَقِيقَةٌ لِلنَّذْرِ حَتَّى لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى النِّيَّةِ مَجَازٌ لِلْيَمِينِ حَتَّى يَتَوَقَّفَ عَلَى نِيَّتِهَا لَا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ فَإِنَّهُ قَالَ يَكُونُ نَذْرًا فَقَطْ
(فَأُجِيبَ عَنْ الْأَوَّلِ) أَيْ النَّقْضِ بِدُخُولِ حَفَدَتِهِ فِي الِاسْتِئْمَانِ عَلَى بَنِيهِ (بِأَنَّ الِاحْتِيَاطَ فِي الْحَقْنِ) أَيْ حِفْظِ الدَّمِ وَصِيَانَتِهِ عَنْ السَّفْكِ (أَوْجَبَهُ) أَيْ دُخُولُ الْحَفَدَةِ (تَبَعًا لِحُكْمِ الْحَقِيقِيِّ) أَيْ حَقْنُ دِمَاءِ الْأَبْنَاءِ (عِنْدَ تَحَقُّقِ شُبْهَتِهِ) أَيْ الْحَقِيقِيِّ فِيهِمْ (لِلِاسْتِعْمَالِ) أَيْ لِاسْتِعْمَالِ لَفْظِ الْبَنِينَ فِيهِمْ كَمَا فِي (نَحْوِ بَنِي هَاشِمٍ وَكَثِيرٍ) لِوُجُودِ شُبْهَةِ صُورَةِ الِاسْمِ لِأَنَّ الْأَمَانَ مِمَّا يُحْتَاطُ فِي إثْبَاتِهِ وَلَوْ بِالشُّبْهَةِ حَتَّى ثَبَتَ بِمُجَرَّدِ صُورَةِ الْمُسَالَمَةِ بِأَنْ أَشَارَ مُسْلِمٌ إلَى كَافِرٍ بِالنُّزُولِ مِنْ حِصْنٍ أَوْ قَالَ: انْزِلْ إنْ كُنْت رَجُلًا أَوْ تُرِيدُ الْقِتَالَ أَوْ تَرَى مَا أَفْعَلُ بِك وَظَنَّ الْكَافِرُ مِنْهُ الْأَمَانَ يَثْبُتُ الْأَمَانُ بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ فَإِنَّهَا لَا تُسْتَحَقُّ بِصُورَةِ الِاسْمِ وَالشُّبْهَةِ (فَفَرَّعُوا عَدَمَهُ) أَيْ عَدَمَ الدُّخُولِ (فِي الْأَجْدَادِ وَالْجَدَّاتِ بِالِاسْتِئْمَانِ عَلَى الْآبَاءِ وَالْأُمَّهَاتِ بِنَاءً عَلَى كَوْنِ الْأَصَالَةِ فِي الْخَلْقِ) فِي الْأَجْدَادِ وَالْجَدَّاتِ (يَمْنَعُ التَّبَعِيَّةَ فِي الدُّخُولِ) أَيْ دُخُولِهِمْ (فِي اللَّفْظِ) أَيْ لَفْظِ الْآبَاءِ وَالْأُمَّهَاتِ قَالُوا: لِأَنَّ التَّبَعِيَّةَ فِي الدُّخُولِ بِاعْتِبَارِ تَنَاوُلِ صُورَةِ الِاسْمِ دَلِيلٌ ضَعِيفٌ فِي نَفْسِهِ فَإِذَا عَارَضَهُ كَوْنُهُمْ أُصُولًا لَهُمْ فِي الْخِلْقَةِ سَقَطَ الْعَمَلُ بِهِ (وَإِعْطَاءُ الْجَدِّ السُّدُسَ لِعَدَمِ الْأَبِ لَيْسَ بِإِعْطَائِهِ الْأَبَوَيْنِ) أَيْ بِطَرِيقِ التَّبَعِيَّةِ لِلْأَبِ مَعَ كَوْنِهِ أَصْلًا لَهُ خِلْقَةً لِيَقْدَحَ فِي كَوْنِ الْأَصَالَةِ خِلْقَةً غَيْرَ قَادِحَةٍ فِي التَّبَعِيَّةِ (بَلْ بِغَيْرِهِ) أَيْ بَلْ بِدَلِيلٍ آخَرَ وَهُوَ إقَامَةُ الشَّرْعِ إيَّاهُ مَقَامَ الْأَبِ عِنْدَ عَدَمِهِ كَمَا فِي بِنْتِ الِابْنِ عِنْدَ عَدَمِ الْبِنْتِ (إلَّا أَنَّهُ) أَيْ هَذَا الْجَوَابَ (يُخَالِفُ قَوْلَهُمْ الْأُمُّ الْأَصْلُ لُغَةً وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ الْبَنَاتُ الْفُرُوعُ لُغَةً) فَإِنَّ هَذَا يُفِيدُ اسْتِوَاءَهُمْ فِي الدُّخُولِ (وَأَيْضًا إذَا صُرِفَ الِاحْتِيَاطُ عَنْ الِاقْتِصَارِ فِي الْأَبْنَاءِ) عَلَى الْأَبْنَاءِ (عِنْدَ شُبْهَةِ الْحَقِيقَةِ بِالِاسْتِعْمَالِ فَعَنْهُ) أَيْ فَيُصْرَفُ الِاحْتِيَاطُ عَنْ الِاقْتِصَارِ (فِي الْآبَاءِ) عَلَى الْآبَاءِ (لِذَلِكَ) أَيْ لِشُبْهَةِ الْحَقِيقَةِ بِالِاسْتِعْمَالِ (كَذَلِكَ) أَيْ كَمَا فِي الْأَبْنَاءِ (بِعُمُومِ الْمَجَازِ فِي الْأُصُولِ) أَيْ بِجَعْلِ الْآبَاءِ مَجَازًا عَنْ الْأُصُولِ (كَمَا هُوَ) أَيْ لَفْظُ الْأَبْنَاءِ مَجَازٌ (فِي الْفُرُوعِ إنْ لَمْ يَكُنْ) اللَّفْظُ (حَقِيقَةً) فِي ذَلِكَ (فَيَدْخُلُونَ) أَيْ الْأَجْدَادُ وَالْجَدَّاتُ فِي الْآبَاءِ وَالْأُمَّهَاتِ (وَمَانِعِيَّةُ الْأَصَالَةِ خِلْقَةً) مِنْ الدُّخُولِ أَمْرٌ (مَمْنُوعٌ) لِعَدَمِ اقْتِضَاءِ عَقْلٍ أَوْ نَقْلِ ذَلِكَ (هَذَا وَالْحَقُّ أَنَّ هَذَا مِنْ مَوَاضِعِ جَوَازِ الْجَمْعِ عِنْدَنَا) أَيْ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ (لِأَنَّ الْأَبْنَاءَ وَالْآبَاءَ جَمْعٌ) وَنَحْنُ قَدْ جَوَّزْنَا الْجَمْعَ بَيْنَ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ لُغَةً وَعَقْلًا فِي غَيْرِ الْمُفْرَدِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ
(وَعَنْ الثَّانِي) أَيْ النَّقَضِ بِالْحِنْثِ بِالدُّخُولِ رَاكِبًا فِي حَلِفِهِ لَا يَضَعُ قَدَمَهُ فِي دَارِ فُلَانٍ (بِهَجْرِ) الْمَعْنَى (الْحَقِيقِيُّ) لِوَضْعِ الْقَدَمِ لِأَنَّهُ لَوْ اضْطَجَعَ خَارِجَهَا وَوَضَعَ قَدَمَيْهِ فِيهَا لَا يُقَالُ عُرْفًا وَضَعَ الْقَدَمَ فِي الدَّارِ حَتَّى لَا يَحْنَثُ بِذَلِكَ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَمَا ذَاكَ إلَّا (لِفَهْمٍ صَرَفَ الْحَامِلَ) عَلَى هَجْرِهِ إلَى الدُّخُولِ بِوَاسِطَةِ الْيَمِينِ
لِظُهُورِ أَنَّ مَقْصُودَهُ مَنْعُ نَفْسِهِ مِنْ الدُّخُولِ لَا مِنْ مُجَرَّدِ وَضْعِ الْقَدَمِ فَصَارَ بِاعْتِبَارِ مَقْصُودِهِ كَأَنَّهُ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ فَأَطْلَقَ السَّبَبَ وَأَرَادَ الْمُسَبَّب وَالدُّخُولُ مُطْلَقٌ عَنْ الرُّكُوبِ وَالتَّنَعُّلِ وَالْحَفَا فَيَحْنَثُ بِكُلٍّ مِنْهَا لِحُصُولِ الدُّخُولِ الْمَقْصُودِ بِالْمَنْعِ (وَالْجَوَابُ عَنْ الثَّالِثِ) أَيْ النَّقْضِ بِالْحِنْثِ بِدُخُولِ دَارِ سُكْنَى فُلَانٍ إعَارَةً فِي حَلِفِهِ لَا يَدْخُلُ دَارِهِ (بِأَنَّ حَقِيقَةَ إضَافَةِ الدَّارِ بِالِاخْتِصَاصِ) الْكَامِلِ الْمُصَحَّحِ لَأَنْ يُخْبِرَ عَنْ الْمُضَافِ بِأَنَّهُ لِلْمُضَافِ إلَيْهِ (بِخِلَافِ نَحْوِ كَوْكَبِ الْخَرْقَاءِ) فِي قَوْلِهِ
إذَا كَوْكَبُ الْخَرْقَاءِ لَاحَ بِسَحَرَةٍ
…
سُهَيْلٌ أَذَاعَتْ غَزْلَهَا فِي الْقَرَائِبِ
فَإِنَّ إضَافَةَ كَوْكَبٍ الَّذِي هُوَ سُهَيْلٌ وَهُوَ كَوْكَبٌ بِقُرْبِ الْقُطْبِ الْجَنُوبِيِّ يَطْلُعُ عِنْدَ ابْتِدَاءِ الْبَرْدِ إلَى الْخَرْقَاءِ وَهِيَ الَّتِي فِي عَقْلِهَا هَوَجٌ وَبِهَا حَمَاقَةٌ إضَافَةٌ مَجَازِيَّةٌ لِاخْتِصَاصٍ مَجَازِيٍّ وَهُوَ كَوْنُ زَمَانِ طُلُوعِهِ وَقْتَ ظُهُورِ جَدِّهَا فِي تَهْيِئَةِ مَلَابِسِ الشِّتَاءِ بِتَفْرِيقِهَا قُطْنَهَا فِي قَرَائِبِهَا لِيَغْزِلَ لَهَا فَجَعَلَتْ هَذِهِ الْمُلَابَسَةَ بِمَنْزِلَةِ الِاخْتِصَاصِ الْكَامِلِ (وَهُوَ) أَيْ اخْتِصَاصُهُ الْكَامِلُ بِالدَّارِ يَكُونُ (بِالسُّكْنَى وَالْمِلْكِ فَيَحْنَثُ) بِكُلٍّ حَتَّى يَحْنَثَ (بِالْمَمْلُوكَةِ غَيْرَ مَسْكُونَةٍ كَقَاضِي خَانَ) لِوُجُودِ الِاخْتِصَاصِ الْكَامِلِ وَهَذَا أَوْلَى مِنْ التَّعْلِيلِ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِكَوْنِ الدَّارِ مُضَافَةً إلَى فُلَانٍ نِسْبَةُ السُّكْنَى إلَيْهِ حَقِيقَةً كَانَتْ وَهُوَ ظَاهِرٌ أَوْ دَلَالَةً بِأَنْ تَكُونَ مِلْكَهُ فَيَتَمَكَّنُ مِنْ السُّكْنَى فِيهَا (خِلَافًا لِلسَّرَخْسِيِّ) وَوَافَقَهُ صَاحِبُ الْكَافِي بِنَاءً عَلَى انْقِطَاعِ نِسْبَةِ السُّكْنَى إلَيْهِ بِفِعْلِ غَيْرِهِ قُلْت وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ الْبَاعِثَ عَلَى الْيَمِينِ قَدْ يَكُونُ الْغَيْظُ اللَّاحِقُ لَهُ مِنْ فُلَانٍ وَذَلِكَ مِمَّا يَقْتَضِي امْتِنَاعَهُ مِنْ دُخُولِ الْمَنْسُوبَةِ إلَيْهِ بِالِاخْتِصَاصِ مَمْلُوكَةً كَانَتْ وَلَوْ غَيْرَ مَسْكُونَةٍ لَهُ أَوْ مَسْكُونَةً لَهُ وَلَوْ غَيْرَ مَمْلُوكَةٍ لَهُ
(وَعَنْ الرَّابِعِ) أَيْ وَعَنْ النَّقْضِ بِعِتْقِ مَنْ أَضَافَ عِتْقَهُ إلَى يَوْمِ يَقْدُمُ فُلَانٌ فَقَدِمَ لَيْلًا (بِأَنَّهُ) أَيْ الْيَوْمَ (مَجَازٌ فِي الْوَقْتِ) الْمُطْلَقِ (عَامٌّ لِثُبُوتِ الِاسْتِعْمَالِ) لَهُ كَذَلِكَ (عِنْدَ ظَرْفِيَّتِهِ لِمَا لَا يَمْتَدُّ) مِنْ الْأَفْعَالِ وَهُوَ مَا لَا يَقْبَلُ التَّأْقِيتَ نَحْوُ قَوْله تَعَالَى {وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ} [الأنفال: 16] فَإِنَّ التَّوَلِّيَ عَنْ الزَّحْفِ حَرَامٌ لَيْلًا كَانَ أَوْ نَهَارًا وَهُوَ مِمَّا لَا يَمْتَدُّ لِأَنَّهُ لَا يَقْبَلُ التَّأْقِيتَ (فَيُعْتَبَرُ) الْمَجَازِيُّ الْعَامُّ (إلَّا لِمُوجِبٍ) يَقْتَضِي كَوْنَ الْمُرَادِ بِهِ بَيَاضُ النَّهَارِ خَاصَّةً (كَطَالِقٍ يَوْمَ أَصُومُ) فَإِنَّ الطَّلَاقَ مِمَّا لَا يَمْتَدُّ لِأَنَّهُ لَا يَقْبَلُ التَّأْقِيتَ وَالْمُوجِبُ لِإِرَادَةِ بَيَاضِ النَّهَارِ بِهِ أَنَّ الصَّوْمَ الشَّرْعِيَّ إنَّمَا يَكُونُ فِيهِ وَفِي التَّلْوِيحِ عَلَى أَنَّهُ لَا امْتِنَاعَ فِي حَمْلِ الْيَوْمِ عَلَى مُطْلَقِ الْوَقْتِ وَيَحْصُلُ التَّقْيِيدُ بِالْيَوْمِ مِنْ الْإِضَافَةِ كَمَا إذَا قَالَ أَنْتِ: طَالِقٌ حِينَ يَصُومُ أَوْ حِينَ تَنْكَسِفُ الشَّمْسُ (بِخِلَافِ) مَا كَانَ ظَرْفُ (مَا يَمْتَدُّ) مِنْ الْأَفْعَالِ وَهُوَ مَا يَقْبَلُ التَّأْقِيتَ (كَالسَّيْرِ وَالتَّفْوِيضِ) فَإِنَّهُ يَكُونُ الْمُرَادُ بِهِ بَيَاضَ النَّهَارِ (إلَّا لِمُوجِبٍ) يَقْتَضِي كَوْنَ الْمُرَادِ بِهِ مُطْلَقَ الْوَقْتِ (كَأَحْسِن الظَّنَّ يَوْمَ تَمُوتُ) فَإِنَّ إحْسَانَ الظَّنِّ مِمَّا يَمْتَدُّ وَالْمُوجِبُ لِإِرَادَةِ مُطْلَقِ الْوَقْتِ بِهِ إضَافَتُهُ إلَى الْمَوْتِ وَفِي التَّلْوِيحِ عَلَى أَنَّهُ لَا امْتِنَاعَ فِي حَمْلِ الْيَوْمِ فِيهِ عَلَى بَيَاضِ النَّهَارِ وَيُعْلَمُ الْحُكْمُ فِي غَيْرِهِ بِدَلِيلِ الْعَقْلِ (وَلَوْ لَمْ يَخْطُرْ هَذَا) الْفَرْقُ لِلْقَائِلِ (فَقَرِينَةُ) إرَادَةِ (الْمَجَازِ) بِهِ فِي النَّقْضِ الْمَذْكُورِ وَهُوَ مُطْلَقُ الْوَقْتِ (عُلِمَ أَنَّهُ) أَيْ الْعِتْقَ إنَّمَا هُوَ (لِلسُّرُورِ وَلَا يَخْتَصُّ بِالنَّهَارِ) فَلَمْ يُسْتَعْمَلْ حِينَئِذٍ إلَّا فِي مَجَازٍ عَامٍّ يَنْدَرِجُ فِيهِ الْحَقِيقَةُ (وَعَنْ الْخَامِسِ) أَيْ عَنْ النَّقْضِ بِكَوْنِ لِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ كَذَا نَذْرًا وَيَمِينًا بِنِيَّتِهِمَا (تَحْرِيمُ الْمُبَاحِ) الَّذِي هُوَ فِطْرُ الْأَيَّامِ الْمَنْذُورِ صِيَامَهَا
(وَهُوَ) أَيْ وَتَحْرِيمُهُ (مَعْنَى الْيَمِينِ) هُنَا لِمَا عُرِفَ مِنْ أَنَّ تَحْرِيمَ الْمُبَاح يَمِينٌ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ (يَثْبُتُ مَدْلُولًا الْتِزَامِيًّا لِلصِّيغَةِ) أَيْ لِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ كَذَا لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا إيجَابُ الْمَنْذُورِ لِمَا عُرِفَ مِنْ أَنَّ الْمَنْذُورَ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ قَبْلَ النَّذْرِ مُبَاحُ الْفِعْلِ وَالتَّرْكِ لِيَصِحَّ الْتِزَامُهُ بِالنَّذْرِ وَحَيْثُ صَارَ كَذَا صَارَ تَرْكُهُ الَّذِي كَانَ مُبَاحًا حَرَامًا بِهِ لَازِمًا لَهُ (ثُمَّ يُرَادُ بِهِ) أَيْ بِالْمَدْلُولِ الِالْتِزَامِيِّ (الْيَمِينُ) أَيْ مَعْنَاهَا (فَأُرِيدَ) الْيَمِينُ أَيْ مَعْنَاهَا (يُلَازِمُ مُوجَبَ اللَّفْظِ) الَّذِي هُوَ النَّذْرُ بِفَتْحِ الْجِيمِ أَيْ حُكْمُهُ (لَا بِهِ) أَيْ بِاللَّفْظِ الَّذِي هُوَ النَّذْرُ (وَلَا جَمَعَ) بَيْنَ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ بِاللَّفْظِ الْوَاحِدِ (دُونَ الِاسْتِعْمَالِ فِيهِمَا) أَيْ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيِّ وَالْمَجَازِيِّ وَلَا اسْتِعْمَالَ لِلَّفْظِ الْوَاحِدِ هُنَا فِيهِمَا فَلَا جَمْعَ بَيْنَهُمَا
(وَمَا قِيلَ لَا عِبْرَةَ لِإِرَادَةِ النَّذْرِ) لِأَنَّهُ ثَابِتٌ بِنَفْسِ الصِّيغَةِ مِنْ غَيْرِ تَأْثِيرٍ لِلْإِرَادَةِ (فَالْمُرَادُ الْيَمِينُ فَقَطْ) أَيْ فَكَأَنَّهُ لَمْ يُرِدْ إلَّا الْمَعْنَى الْمَجَازِيَّ (غَلَطٌ إذْ تَحَقُّقُهُ) أَيْ النَّذْرِ (مَعَ الْإِرَادَةِ وَعَدَمِهَا) أَيْ إرَادَتِهِ (لَا يَسْتَلْزِمُ عَدَمَ تَحَقُّقِهَا) أَيْ إرَادَتِهِ (وَإِلَّا) لَوْ اسْتَلْزَمَ تَحَقُّقُ النَّذْرِ عَدَمَ تَحَقُّقِ إرَادَتِهِ (لَمْ يَمْتَنِعْ الْجَمْعُ) بَيْنَ الْحَقِيقِيِّ وَالْمَجَازِيِّ (فِي صُورَةٍ) لِأَنَّ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيَّ يَثْبُتُ بِاللَّفْظِ فَلَا عِبْرَةَ بِإِرَادَتِهِ وَلَا تَأْثِيرَ لَهَا (وَقَدْ فَرَضَ إرَادَتَهُمَا) أَيْ الْحَقِيقِيِّ وَالْمَجَازِيِّ (وَفِيهِ) أَيْ فِي الْجَوَابِ عَنْ هَذَا النَّقْضِ (نَظَرٌ إذْ ثُبُوتُ الِالْتِزَامِيِّ) حَالَ كَوْنِهِ (غَيْرَ مُرَادٍ) هُوَ (خُطُورُهُ عِنْدَ فَهْمِ مَلْزُومِهِ) الَّذِي هُوَ مَدْلُولُ اللَّفْظِ (مَحْكُومًا بِنَفْيِ إرَادَتِهِ) أَيْ الْمَدْلُولِ الِالْتِزَامِيِّ لِلْمُتَكَلِّمِ (وَهُوَ) أَيْ وَالْحُكْمُ بِذَلِكَ (يُنَافِي إرَادَةَ الْيَمِينِ) بِهِ أَعْنِي (الَّتِي هِيَ إرَادَةُ التَّحْرِيمِ عَلَى وَجْهٍ أَخَصَّ مِنْهُ) حَالَ كَوْنِهِ (مَدْلُولًا الْتِزَامِيًّا لِأَنَّهُ) أَيْ إرَادَةَ التَّحْرِيمِ بِمَعْنَى قَصْدِهِ الَّذِي هُوَ مَعْنَى الْيَمِينِ (تَحْرِيمٌ يَلْزَمُ بِخُلْفِهِ الْكَفَّارَةُ) وَلَا كَذَلِكَ تَحْرِيمُ الْمُبَاحِ الثَّابِتِ مَدْلُولًا الْتِزَامِيًّا لَهُ بَلْ هُوَ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ (وَعَدَمُ إرَادَةِ الْأَعَمِّ) الَّذِي هُوَ تَحْرِيمُ الْمُبَاحِ الثَّابِتِ مَدْلُولًا الْتِزَامِيًّا (يُنَافِيهِ إرَادَةُ الْأَخَصِّ) أَيْ تَحْرِيمُهُ عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ
(وَظَاهِرُ بَعْضِهِمْ) كَصَاحِبِ الْبَدِيعِ (إرَادَتُهُ) أَيْ مَعْنَى الْيَمِينِ (بِالْمُوجَبِ) أَيْ مُوجَبِ النَّذْرِ بِفَتْحِ الْجِيمِ (نَفْسِهِ إلْحَاقًا لِإِيجَابِ الْمُبَاحِ) الَّذِي هُوَ مَعْنَى النَّذْرِ (بِتَحْرِيمِهِ) أَيْ الْمُبَاحِ الَّذِي هُوَ مَعْنَى الْيَمِينِ (فِي الْحُكْمِ وَهُوَ) أَيْ الْحُكْمُ (لُزُومُ الْكَفَّارَةِ وَيَتَعَدَّى اسْمُ الْيَمِينِ) إلَى الْمُوجِبِ (ضِمْنَهُ) أَيْ ضِمْنَ هَذَا الْقَصْدِ وَتَبَعًا لَهُ (لَا لِتَعْدِيَةِ الِاسْمَ ابْتِدَاءً) ثُمَّ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ الْحُكْمُ قَالَ الْمُصَنِّفُ رحمه الله: وَفِيهِ أَيْضًا نَظَرٌ لِأَنَّ إرَادَةَ الْإِيجَابِ عَلَى أَنَّهُ يَمِينٌ إرَادَتُهُ عَلَى وَجْهٍ هُوَ أَنْ يَسْتَعْقِبَ الْكَفَّارَةَ بِالْخُلْفِ وَإِرَادَتُهُ مِنْ اللَّفْظِ نَذْرًا إرَادَتُهُ بِعَيْنِهِ عَلَى أَنْ لَا يَسْتَعْقِبَهَا بَلْ الْقَضَاءُ وَذَلِكَ تَنَافٍ فَيَلْزَمُ إذَا أُرِيدَ يَمِينًا وَثَبَتَ حُكْمُهَا شَرْعًا وَهُوَ لُزُومُ الْكَفَّارَةِ بِالْخُلْفِ أَنَّهُ لَمْ يَصِحَّ نَذْرًا إذْ لَا أَثَرَ لِذَلِكَ فِيهِ (وَشَمْسُ الْأَئِمَّةِ) السَّرَخْسِيُّ ذَهَبَ إلَى أَنَّهُ (أُرِيدَ الْيَمِينُ بِاَللَّهِ) لِأَنَّهُ قَسَمٌ بِمَنْزِلَةِ بِاَللَّهِ (وَالنَّذْرُ بِعَلَيَّ أَنْ أَصُومَ رَجَبَ) يَعْنِي مُعَيِّنًا وَهُوَ مَا يَتَعَقَّبُ الْيَمِينَ لِيَصِحَّ مَنْعُهُ مِنْ الصَّرْفِ لِلْعَلَمِيَّةِ وَالْعَدْلِ عَنْ الرَّجَبِ كَمَا فِي سَحَرٍ لِسَحَرٍ بِعَيْنِهِ إلَّا أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ غَلَبَ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ عَلَى مَعْنَى النَّذْرِ عَادَةً فَإِذَا نَوَاهُمَا فَقَدْ نَوَى لِكُلِّ لَفْظٍ مَا هُوَ مِنْ مُحْتَمَلَاتِهِ فَتَعْمَلُ نِيَّتُهُ (وَجَوَابُ الْقَسَمِ مَحْذُوفٌ مَدْلُولٌ عَلَيْهِ بِذِكْرِ الْمَنْذُورِ كَأَنَّهُ قَالَ: لِلَّهِ لَأَصُومَنَّ وَعَلَيَّ أَنْ أَصُومَ وَعَلَى هَذَا لَا يَرِدَانِ) أَيْ النَّذْرُ وَالْيَمِينُ (بِنَحْوِ عَلَيَّ أَنْ أَصُومَ) لِيَكُونَ جَمْعًا بَيْنَ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ فِي لَفْظٍ وَاحِدٍ بَلْ أُرِيدَا بِلَفْظَيْنِ إنْ كَانَ الْقَسَمُ مَعْنًى مَجَازِيًّا لِلَّامِ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ (وَعَلَى مَا قَبْلَهُ يُرَادَانِ) بِنَحْوِ عَلَيَّ أَنْ أَصُومَ عَلَى مَا فِيهِ مِنْ مُسَامَحَةٍ إذَا كَانَتْ الْيَمِينُ مُرَادَةً بِالْمُوجِبِ (وَهَذَا) أَيْ الَّذِي ذَهَبَ إلَيْهِ السَّرَخْسِيُّ (يُخَالِفُ الْأَوَّلَ) وَمَا هُوَ ظَاهِرُ بَعْضِهِمْ أَيْضًا (بِاتِّحَادِ الْمَنْذُورِ وَالْمَحْلُوفِ) فِيهِ فَإِنَّهُ يَكُونُ فِيهِ نَادِرًا لِلصِّيَامِ مُقْسِمًا عَلَيْهِ (وَالْأَوَّلُ) وَمَا هُوَ ظَاهِرُ بَعْضِهِمْ لَيْسَا كَذَلِكَ بَلْ فِيهِمَا (الْمَحْلُوفُ تَحْرِيمُ التَّرْكِ وَالْمَنْذُورُ الصَّوْمُ) نَعَمْ فِيمَا ذَكَرَهُ السَّرَخْسِيُّ نَظَرٌ لِأَنَّ اللَّامَ إنَّمَا تَكُونُ لِلْقَسَمِ إذَا كَانَتْ لِلتَّعَجُّبِ أَيْضًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ النَّحْوِيُّونَ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِيمَا اُسْتُشْهِدَ بِهِ مِمَّا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ دَخَلَ آدَم الْجَنَّةَ فَلِلَّهِ مَا غَرَبَتْ الشَّمْسُ حَتَّى خَرَجَ وَفِي قَوْلِ الشَّاعِرِ
لِلَّهِ يَبْقَى عَلَى الْأَيَّامِ ذُو حَيْدٍ
…
بِمُشْمَخِرٍّ بِهِ الظِّبْيَانُ وَالْآسُ
وَمَا أُجِيبَ بِهِ مِنْ أَنَّ نَذْرَ الْإِنْسَانِ وَإِيجَابِهِ عَلَى نَفْسِهِ أَمْرٌ عَجِيبٌ صَالِحٌ لَأَنْ يُتَعَجَّبَ مِنْهُ فَمَا يُتَعَجَّبُ مِنْهُ بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّ فَهْمَ النَّذْرِ إنَّمَا هُوَ مِنْ مَجْمُوعٍ لِلَّهِ عَلَيَّ كَذَا وَأَنَّ اللَّامَ فِيهِ لِبَيَانِ مَنْ أُثْبِتَ لَهُ الْوُجُوبُ
وَأَمَّا مَا قِيلَ يَلْزَمُهُ أَنْ يَكُونَ نَذْرًا لَا يَمِينًا نَحْوُ نَذَرْت أَنْ أَصُومَ رَجَبًا وَإِنْ نَوَى النَّذْرَ وَالْيَمِينَ لِعَدَمِ اللَّفْظِ الَّذِي يَصِحُّ بِهِ الْيَمِينُ فَظَاهِرٌ وَلَكِنْ إنَّمَا يَشْكُلُ عَلَيْهِ أَنْ لَوْ كَانَ قَائِلًا بِلُزُومِهِمَا وَلَمْ يُؤْثَرْ عَنْهُ {تَتْمِيمٌ} وَكَمَا أَوْرَدَ النَّقْضَ بِهَذَا نَاوِيًا بِهِ النَّذْرَ وَالْيَمِينَ عَلَى قَوْلِهِمَا خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ حَيْثُ قَالَ: هُوَ نَذْرٌ فَقَطْ أَوْ وَرَدَ بِهِ أَيْضًا نَاوِيًا بِهِ الْيَمِينَ وَلَمْ يَخْطِرْ لَهُ النَّذْرُ فَإِنَّهُ يَكُونُ نَذْرًا وَيَمِينًا عَلَى قَوْلِهِمَا خِلَافًا لَهُ حَيْثُ قَالَ: هُوَ يَمِينٌ لَا غَيْرُ وَبَقِيَ لِلْمَسْأَلَةِ أَرْبَعَةُ
أَوْجُهٍ: هِيَ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا نَوَى النَّذْرَ وَلَمْ يَخْطُرْ لَهُ الْيَمِينُ نَوَى النَّذْرَ أَنْ لَا يَكُونَ يَمِينًا فَهُوَ نَذْرٌ بِالِاتِّفَاقِ نَوَى الْيَمِينَ وَأَنْ لَا يَكُونَ نَذْرًا فَهُوَ يَمِينٌ بِالِاتِّفَاقِ.
(تَنْبِيهٌ لَمَّا لَمْ يَشْرِطْ نَقْلَ الْآحَادِ) لِأَنْوَاعِ الْعَلَاقَاتِ فِي أَفْرَادِ الْمَجَازَاتِ فِي الْأَلْفَاظِ اللُّغَوِيَّةِ بَلْ جَازَ الْمَجَازُ فِيهَا إذَا وُجِدَتْ الْعَلَاقَاتُ الْمَذْكُورَةُ بَيْنَ مَعَانِيهَا اللُّغَوِيَّةِ الْوَضْعِيَّةِ وَغَيْرِهَا بِالْقَرِينَةِ الدَّالَّةِ عَلَيْهِ كَذَلِكَ (جَازَ) الْمَجَازُ (فِي) الْأَلْفَاظِ (الشَّرْعِيَّةِ) إذَا وُجِدَتْ الْعَلَاقَاتُ الْمَذْكُورَةُ بَيْنَ مَعَانِيهَا الشَّرْعِيَّةِ سَوَاءٌ كَانَتْ الْعَلَاقَةُ مَعْنَوِيَّةً أَوْ صُورِيَّةً (فَالْمَعْنَوِيَّةُ فِيهَا) أَيْ فِي الشَّرْعِيَّةِ (أَنْ يَشْتَرِكَ التَّصَرُّفَانِ فِي الْمَقْصُودِ مِنْ شَرْعِيَّتِهِمَا عِلَّتِهِمَا الْغَائِيَّةِ كَالْحَوَالَةِ وَالْكَفَالَةِ الْمَقْصُودِ مِنْهَا التَّوَثُّقُ فَيُطْلَقُ كُلٌّ عَلَى الْآخَرِ كَلَفْظِ الْكَفَالَةِ بِشَرْطِ بَرَاءَةِ الْأَصِيلِ) تُطْلَقُ عَلَى الْحَوَالَةِ مَجَازًا بِعَلَاقَةِ اشْتِرَاكِهِمَا فِي هَذَا الْأَمْرِ الْمَعْنَوِيِّ (وَهُوَ) أَيْ شَرْطُ بَرَاءَةِ الْأَصِيلِ (الْقَرِينَةُ فِي جَعْلِهِ) أَيْ لَفْظِ الْكَفَالَةِ (مَجَازًا فِي الْحَوَالَةِ وَهِيَ) أَيْ الْحَوَالَةُ (بِشَرْطِ مُطَالَبَتِهِ) أَيْ الْأَصِيلِ (كَفَالَةً) وَالْقَرِينَةُ فِي جَعْلِ لَفْظِ الْحَوَالَةِ مَجَازًا فِي الْكَفَالَةِ شَرْطُ مُطَالَبَةِ الْأَصِيلِ وَكَلَفْظِ الْحَوَالَةِ لِلْوَكَالَةِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (وَقَوْلُ مُحَمَّدٍ) أَيْ وَكَقَوْلِهِ فِيمَا إذَا افْتَرَقَ الْمُضَارِبُ وَرَبُّ الْمَالِ وَلَيْسَ فِي الْمَالِ رِبْحٌ وَبَعْضُ رَأْسِ الْمَالِ دَيْنٌ لَا يُجْبَرُ الْمُضَارِبُ عَلَى نَقْدِهِ
(وَيُقَالُ لَهُ) أَيْ لِلْمُضَارِبِ (أَحَلَّ رَبُّ الْمَالِ) عَلَى الْمَدِينِينَ (أَيْ وَكَّلَهُ) بِقَبْضِ الدُّيُونِ (لِاشْتِرَاكِهَا) أَيْ الْحَوَالَةِ وَالْكَفَالَةِ وَالْوَكَالَةِ (فِي إفَادَةِ وِلَايَةِ الْمُطَالَبَةِ) لِلْمَدِينِ (لَا) لِاشْتِرَاكِهَا (فِي النَّقْلِ الْمُشْتَرَكِ الدَّاخِلِ) فِي مَفْهُومِهَا أَعْنِي النَّقْلَ الْمُشْتَرَكَ (بَيْنَ الْحَوَالَةِ الَّتِي هِيَ نَقْلُ الدِّينِ) مِنْ ذِمَّةِ الْمُحِيلِ إلَى ذِمَّةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ عَلَى مَا هُوَ الصَّحِيحُ (وَالْكَفَالَةُ عَلَى أَنَّهَا نَقْلُ الْمُطَالَبَةِ) بِالدَّيْنِ مِنْ ذِمَّةِ الْمَكْفُولِ عَنْهُ إلَى ذِمَّةِ الْكَفِيلِ (وَالْوَكَالَةُ عَلَى أَنَّهَا نَقْلُ الْوِلَايَةِ) مِنْ الْمُوَكِّلِ إلَى الْوَكِيلِ كَمَا ذَكَرَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْمَشَايِخِ (إذْ الْمُشْتَرَكُ) بَيْنَ الْحَقِيقِيِّ وَالْمَجَازِيِّ (الدَّاخِلِ) فِي مَفْهُومِهِمَا (غَيْرُ مُعْتَبَرٍ) عَلَاقَةٌ لِلتَّجَوُّزِ (لَا يُقَالُ لِإِنْسَانٍ فَرَسٌ وَقَلْبُهُ لَهُ) أَيْ وَلَا يُقَالُ لِفَرَسٍ إنْسَانٌ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الْحَيَوَانِيَّةِ الدَّاخِلَةِ فِي مَفْهُومِهِمَا بَلْ الِاتِّصَالُ الْمَعْنَوِيُّ الْمُعْتَبَرُ عِلَاقَةٌ فِي التَّصَرُّفَاتِ الشَّرْعِيَّةِ هُوَ الْمَعْنَى الْخَارِجُ عَنْ مَفْهُومِهَا الصَّادِقِ عَلَيْهَا الَّذِي يَلْزَمُ مِنْ تَصَوُّرِهَا تَصَوُّرُهُ (فَكَيْفَ وَلَا نَقْلَ فِي الْأَخِيرِينَ) أَيْ الْكَفَالَةِ فَإِنَّهَا ضَمُّ ذِمَّةٍ إلَى ذِمَّةٍ فِي الْمُطَالَبَةِ عَلَى الْأَصَحِّ وَقِيلَ فِي الدَّيْنِ وَالْوَكَالَةِ إقَامَةُ الْإِنْسَانِ غَيْرَهُ مَقَامَهُ فِي تَصَرُّفٍ مَعْلُومٍ (وَالصُّورِيَّةُ الْعِلِّيَّةُ وَالسَّبَبِيَّةُ) لِأَنَّ الْمُجَاوَرَةَ الَّتِي بَيْنَ الْحُكْمِ وَالْعِلَّةِ وَبَيْنَ الْمُسَبَّبِ وَالسَّبَبِ شَبِيهٌ بِالِاتِّصَالِ الصُّورِيِّ فِي الْمَحْسُوسَاتِ
(فَالْعِلِّيَّةُ كَوْنُ الْمَعْنَى وُضِعَ شَرْعًا لِحُصُولِ الْآخَرِ فَهُوَ) أَيْ الْآخَرُ (عِلَّتُهُ) أَيْ الْمَعْنَى الْمَوْضُوعُ شَرْعًا لِحُصُولِهِ (الْغَائِيَّةُ كَالشِّرَاءِ) وُضِعَ شَرْعًا (لِلْمِلْكِ فَصَحَّ كُلٌّ) مِنْ الشِّرَاءِ وَالْمِلْكِ مَجَازًا (فِي الْآخَرِ لِتَعَاكُسِ الِافْتِقَارِ) أَيْ لِافْتِقَارِ الْعِلَّةِ إلَى حُكْمِهَا مِنْ حَيْثُ الْغَرَضُ وَالشَّرْعِيَّةُ وَلِهَذَا لَمْ تُشْرَعْ فِي مَحَلٍّ لَا يَقْبَلُهُ كَشِرَاءِ الْحُرِّ وَافْتِقَارِ الْحُكْمِ إلَى عِلَّتِهِ مِنْ حَيْثُ الثُّبُوتُ فَإِنَّهُ لَا يَثْبُتُ بِدُونِهَا وَمِنْ ثَمَّةَ قَالُوا: الْأَحْكَامُ الْعِلَلُ الْمَآلِيَّةُ وَالْأَسْبَابُ الْعِلَّةُ الْآلِيَّةُ (وَإِنْ كَانَ) الِافْتِقَارُ (فِي الْمَعْلُولِ) إلَى عِلَّتِهِ (عَلَى الْبَدَلِ مِنْهُ) أَيْ مِنْ عِلَّتِهِ بِمَعْنَى الْمُوجِدِ أَوْ السَّبَبِ الَّذِي هُوَ الشِّرَاءُ (وَمِنْ نَحْوِ الْهِبَةِ) كَالصَّدَقَةِ لِوَضْعِهَا شَرْعًا لِلْمِلْكِ أَيْضًا وَإِنَّمَا امْتَازَ كُلٌّ بِمَا هُوَ مَعْلُومٌ فِي مَوْضِعِهِ (فَلَوْ عَنَى بِالشِّرَاءِ الْمِلْكَ فِي قَوْلِهِ إنْ اشْتَرَيْتُ) عَبْدًا بِأَنْ أَرَادَ إنْ مَلَكْتُهُ (فَهُوَ حُرٌّ فَاشْتَرَى نِصْفَهُ وَبَاعَهُ وَاشْتَرَى) النِّصْفَ (الْآخَرَ لَا يَعْتِقُ هَذَا النِّصْفُ إلَّا قَضَاءً) أَيْ لَا يَعْتِقُ دِيَانَةً لِأَنَّهُ تَجُوزُ بِالْعِلَّةِ عَنْ حُكْمِهَا وَيَعْتِقُ قَضَاءً لَا لِعَدَمِ صِحَّةِ هَذَا التَّجَوُّزِ بَلْ لِلتُّهْمَةِ لِأَنَّ فِيهِ تَخْفِيفًا عَلَيْهِ كَمَا سَيَذْكُرُ (وَفِي قَلْبِهِ) أَيْ فِيمَا لَوْ عَنَى بِالْمِلْكِ الشِّرَاءَ بِأَنْ قَالَ: إنْ مَلَكْت عَبْدًا وَأَرَادَ بِهِ إنْ اشْتَرَيْت فَهُوَ حُرٌّ فَاشْتَرَى نِصْفَ عَبْدٍ وَبَاعَهُ ثُمَّ اشْتَرَى النِّصْفَ الْآخَرَ يَعْتِقُ (مُطْلَقًا) أَيْ قَضَاءً وَدِيَانَةً (لِتَغْلِيظِهِ) عَلَى نَفْسِهِ (فَإِنَّهُ) أَيْ الْعَبْدَ (لَا يَعْتِقُ فِيهِ) أَيْ فِي الْمِلْكِ (مَا لَمْ يَجْتَمِعْ) جَمِيعُ الْعَبْدِ (فِي الْمِلْكِ قَضِيَّةٌ لِعُرْفِ الِاسْتِعْمَالِ فِيهِمَا) أَيْ فِي الْمِلْكِ وَالشِّرَاءِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ مِثْلِ هَذَا الْكَلَامِ عُرْفًا الِاسْتِغْنَاءُ بِمِلْكِ الْعَبْدِ وَهُوَ إنَّمَا يَحْصُلُ إذَا كَانَ الْمِلْكُ بِصِفَةِ الِاجْتِمَاعِ بِخِلَافِ الشِّرَاءِ فَإِنَّ الْمِلْكَ فِيهِ لَيْسَ بِلَازِمٍ حَتَّى لَوْ قَالَ: إنْ اشْتَرَيْت عَبْدًا فَامْرَأَتُهُ