الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
السَّمَاعِ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى وَقَالَ الْحَافِظُ عَبْدُ الْكَرِيمِ الْحَلَبِيُّ قَالَ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ الْمُعَنْعَنَاتُ الَّتِي فِي الصَّحِيحَيْنِ مُنَزَّلَةٌ بِمَنْزِلَةِ السَّمَاعِ (وَيَجِبُ) سُقُوطُ الرَّاوِي بِتَدْلِيسِهِ (فِي الْمُتَّفِقِ) أَيْ بِمُتَّفِقٍ عَلَى ضَعْفِهِ لِأَنَّهُ غَرَرٌ شَدِيدٌ فِي الدِّينِ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى إثْبَاتِ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ بِمَا لَا يَجُوزُ إثْبَاتُهَا بِهِ وَلَوْ لَمْ يَقْصِدْ سِوَى تَكْبِيرِ شَيْخِهِ أَنْ يَرْوِيَ عَنْ الضُّعَفَاءِ كَمَا كَانَ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ يَفْعَلُهُ حَتَّى قَالَ لَهُ الْهَيْثَمُ بْنُ خَارِجَةَ: أَفْسَدْتَ حَدِيثَ الْأَوْزَاعِيِّ تَرْوِي عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ نَافِعٍ وَعَنْ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ الزُّهْرِيِّ وَعَنْ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ. وَغَيْرُك يُدْخِلُ بَيْنَ الْأَوْزَاعِيِّ وَبَيْنَ نَافِعٍ. عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَامِرٍ الْأَسْلَمِيِّ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الزُّهْرِيِّ، إبْرَاهِيمَ بْنُ مُرَّةَ وَقُرَّةَ. فَقَالَ لَهُ أَنْبَلَ الْأَوْزَاعِيُّ أَنْ يَرْوِيَ عَنْ مِثْلِ هَؤُلَاءِ فَقَالَ الْهَيْثَمُ قُلْت لَهُ فَإِذَا رَوَى عَنْ هَؤُلَاءِ وَهُمْ ضُعَفَاءُ أَحَادِيثَ مَنَاكِيرَ، فَأَسْقَطْتَهُمْ أَنْتَ وَصَيَّرْتَهَا مِنْ رِوَايَةِ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ الثِّقَاتِ ضَعُفَ الْأَوْزَاعِيُّ فَلَمْ يَلْتَفِتُ إلَى قَوْلِي فَهَذَا مُسْتَلْزِمٌ لِلضَّرَرِ الدِّينِيِّ وَهَذَا هُوَ الْقِسْمُ الثَّانِي مِنْ قِسْمَيْ تَدْلِيسِ التَّسْوِيَةِ.
وَالْمُرَادُ بِمَا عَنْ شُعْبَةَ التَّدْلِيسُ أَخُو الْكَذِبِ وَالتَّدْلِيسُ فِي الْحَدِيثِ أَشَدُّ مِنْ الزِّنَى وَلَأَنْ أَسْقُطَ مِنْ السَّمَاءِ إلَى الْأَرْضِ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ أَنْ أُدَلِّسَ وَلَأَنْ أَزْنِيَ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ أَنْ أُدَلِّسَ وَهَذَا مِنْ شُعْبَةَ كَمَا قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ إفْرَاطٌ مَحْمُولٌ عَلَى الْمُبَالَغَةِ فِي الزَّجْرِ عَنْهُ وَالتَّنْفِيرِ مِنْهُ (وَتَحَقُّقُهُ) أَيْ هَذَا التَّدْلِيسِ الْكَائِنِ بِالْإِسْقَاطِ يَكُونُ (بِالْعِلْمِ بِمُعَاصَرَةِ الْمَوْصُولِينَ وَإِلَّا) إذَا انْتَفَى الْعِلْمُ بِمُعَاصَرَتِهِمَا (لَا تَدْلِيسَ) عَلَى الصَّحِيحِ الْمَشْهُورِ (وَيَقْضِي) تَدْلِيسُ الشُّيُوخِ (إلَى تَضْيِيعِ) الشَّيْخِ (الْمَوْصُولِ) أَيْ الْمَرْوِيِّ عَنْهُ (وَحَدِيثِهِ) أَيْ الْمَرْوِيِّ أَيْضًا بِأَنْ لَا يُتَنَبَّهَ لَهُ فَيَصِيرُ بَعْضُ رُوَاتِهِ مَجْهُولًا ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ كَوْنَ تَدْلِيسِ الْإِسْنَادِ مَا تَقَدَّمَ هُوَ الْمَذْكُورُ لِابْنِ الصَّلَاحِ وَغَيْرِهِ وَقَالَ شَيْخُنَا الْحَافِظُ التَّدْلِيسُ يَخْتَصُّ بِمَنْ رَوَى عَمَّنْ عُرِفَ لِقَاؤُهُ إيَّاهُ فَأَمَّا إنْ عَاصَرَهُ وَلَمْ يُعْرَفْ أَنَّهُ لَقِيَهُ فَهُوَ الْمُرْسَلُ الْخَفِيُّ وَمَنْ أَدْخَلَ فِي تَعْرِيفِ التَّدْلِيسِ الْمُعَاصَرَةَ وَلَوْ بِغَيْرِ لُقًى لَزِمَهُ دُخُولُ الْمُرْسَلِ الْخَفِيِّ فِي تَعْرِيفِهِ وَالصَّوَابُ التَّفْرِقَةُ بَيْنَهُمَا وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ اعْتِبَارَ اللِّقَاءِ فِي التَّدْلِيسِ دُونَ الْمُعَاصَرَةِ وَحْدَهَا لَا بُدَّ مِنْهُ إطْبَاقُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ رِوَايَةَ الْمُخَضْرَمِينَ كَأَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ وَقَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ قَبِيلِ الْإِرْسَالِ لَا مِنْ قَبِيلِ التَّدْلِيسِ وَلَوْ كَانَ مُجَرَّدُ الْمُعَاصَرَةِ يَكْتَفِي بِهِ فِي التَّدْلِيسِ لَكَانَ هَؤُلَاءِ مُدَلِّسِينَ لِأَنَّهُمْ عَاصَرُوا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَطْعًا وَلَكِنْ لَمْ يُعْرَفْ هَلْ لَقُوهُ أَمْ لَا وَمِمَّنْ قَالَ بِاشْتِرَاطِ اللِّقَاءِ فِي التَّدْلِيسِ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ الْبَزَّارُ وَكَلَامُ الْخَطِيبِ فِي الْكِفَايَةِ يَقْتَضِيهِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَيُعْرَفُ عَدَمُ الْمُلَاقَاةِ بِإِخْبَارِهِ عَنْ نَفْسِهِ بِذَلِكَ أَوْ بِجَزْمِ إمَامٍ مُطَّلِعٍ وَلَا يَكْفِي أَنْ يَقَعَ فِي بَعْضِ الطُّرُقِ زِيَادَةُ رَاوٍ بَيْنَهُمَا لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ مِنْ الْمَزِيدِ وَلَا يُحْكَمُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ بِحُكْمٍ كُلِّيٍّ لِتَعَارُضِ احْتِمَالِ الِاتِّصَالِ وَالِانْقِطَاعِ وَقَدْ صَنَّفَ فِيهِ الْخَطِيبُ كِتَابَ التَّفْصِيلِ لِمُبْهَمِ الْمَرَاسِيلِ وَكِتَابَ الْمَزِيدِ فِي مُتَّصِلِ الْأَسَانِيدِ.
[مَسْأَلَةٌ الْجَرْحُ وَالتَّعْدِيلُ يَثْبُتَانِ بِوَاحِدٍ فِي الرِّوَايَةِ وَبِاثْنَيْنِ فِي الشَّهَادَةِ]
(مَسْأَلَةٌ) قَالَ (الْأَكْثَرُ) وَوَافَقَهُمْ الرَّازِيّ وَالْآمِدِيُّ (الْجَرْحُ وَالتَّعْدِيلُ) يَثْبُتَانِ (بِوَاحِدٍ فِي الرِّوَايَةِ وَبِاثْنَيْنِ فِي الشَّهَادَةِ وَقِيلَ) يَثْبُتَانِ (بِاثْنَيْنِ فِيهِمَا) أَيْ الرِّوَايَةِ وَالشَّهَادَةِ وَهُوَ مُخْتَارُ جَمَاعَةٍ مِنْ الْمُحَدِّثِينَ وَحَكَاهُ الْبَاقِلَّانِيُّ عَنْ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ مِنْ. أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَغَيْرِهِمْ (وَقِيلَ) يَثْبُتَانِ (بِوَاحِدٍ فِيهِمَا) أَيْ الرِّوَايَةِ وَالشَّهَادَةِ وَهُوَ مُخْتَارُ الْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ (لِلْأَكْثَرِ لَا يَزِيدُ شَرْطٌ عَلَى مَشْرُوطِهِ بِالِاسْتِقْرَاءِ وَلَا يَنْقُصُ) شَرْطٌ عَنْ مَشْرُوطِهِ وَالْعَدَالَةُ شَرْطٌ لِقَبُولِ الرِّوَايَةِ وَالشَّهَادَةِ وَالْجَرْحُ شَرْطٌ لِعَدَمِ قَبُولِهِمَا، وَالرِّوَايَةُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا الْعَدَدُ وَالشَّهَادَةُ يُشْتَرَطُ فِيهَا الْعَدَدُ وَأَقَلُّهُ اثْنَانِ فَكَذَا التَّعْدِيلُ وَالْجَرْحُ فِيهِمَا (الْمُعَدِّدُ) أَيْ شَارِطُهُ فِيهِمَا قَالَ كُلٌّ مِنْهُمَا (شَهَادَةٌ) وَلِذَا يُرَدُّ بِمَا تُرَدُّ بِهِ الشَّهَادَةُ (فَيَتَعَدَّدُ) أَيْ فَيُشْتَرَطُ فِيهِمَا الْعَدَدُ كَمَا فِي سَائِرِ الشَّهَادَاتِ (عُورِضَ) لَا نُسَلِّمُ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا شَهَادَةٌ بَلْ هُوَ (خَبَرٌ) عَنْ حَالِ الرَّاوِي (فَلَا) يُشْتَرَطُ فِيهِ الْعَدَدُ بَلْ يُكْتَفَى فِيهِ بِالْوَاحِدِ إذَا غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ صِدْقُهُ (قَالُوا) أَيْ الْمُعِدُّونَ فِيهِمَا اشْتِرَاطَ الْعَدَدِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا (أَحْوَطُ) لِمَا فِيهِ مِنْ زِيَادَةِ الثِّقَةِ وَالْبُعْدِ عَنْ احْتِمَالِ الْعَمَلِ بِمَا لَيْسَ بِحَدِيثٍ فَكَانَ الْقَوْلُ بِهِ أَوْلَى (أُجِيبَ بِالْمُعَارَضَةِ) وَهِيَ عَدَمُ اشْتِرَاطِ الْعَدَدِ أَحْوَطُ حَذَرًا مِنْ
تَضْيِيعِ الشَّرَائِعِ مِنْ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ فَإِنَّ الِاكْتِفَاءَ بِوَاحِدٍ يُفِيدُ ذَلِكَ لِأَنَّ بِهِ يَصِيرُ قَوْلُ الرَّاوِي مَقْبُولًا فَتَثْبُتُ بِهِ الشَّرَائِعُ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى ثَانٍ تَفُوتُ بِفَوَاتِهِ وَلِأَنَّهُ يَبْعُدُ احْتِمَالُ عَدَمِ الْعَمَلِ بِمَا هُوَ حَدِيثٌ (الْمُفْرَدُ فِيهِمَا) أَيْ التَّعْدِيلِ وَالْجَرْحِ قَالَ كُلٌّ مِنْهُمَا (خَبَرٌ) فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْعَدَدُ (فَيُقَالُ) لَهُ بَلْ كُلٌّ مِنْهُمَا (شَهَادَةٌ) فَيُشْتَرَطُ فِيهِ الْعَدَدُ (فَإِذَا قَالَ) الْمُفْرَدُ الْإِفْرَادُ (أَحْوَطُ) كَمَا ذَكَرْنَا (عُورِضَ) بِأَنَّ التَّعَدُّدَ أَحْوَطُ كَمَا ذَكَرْنَا (وَالْأَجْوِبَةُ) مِنْ الطَّرَفَيْنِ (كُلُّهَا جَدَلِيَّةٌ) لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِمُرَجِّحَةٍ لِمَذْهَبٍ بَلْ مُوقِفَةٌ عَنْهُ
(وَالْمُعَارَضَةُ الْأُولَى) وَهِيَ الْإِفْرَادُ أَحْوَطُ (تَنْدَفِعُ بِانْتِفَاءِ شَرْعِ مَا لَمْ يُشْرَعْ شَرٌّ مِنْ تَرْكِ مَا شُرِعَ) وَهُوَ عَدَمُ الْعَمَلِ بِالْحَدِيثِ الَّذِي لَمْ تُزَكَّ رُوَاتُهُ اثْنَانِ وَهُمَا لَيْسَا شَرْطًا فِيهِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ الصَّوَابَ يَنْدَفِعُ بِأَنْ شَرَعَ مَا لَمْ يُشْرَعْ إلَخْ كَمَا كَانَتْ النُّسْخَةُ عَلَيْهِ حَالَ قِرَاءَتِي لِهَذَا الْمَوْضِعِ عَلَى الْمُصَنِّفِ رحمه الله ثُمَّ إنَّمَا كَانَ شَرْعُ مَا لَمْ يُشْرَعْ شَرًّا مِنْ تَرْكِ مَا شُرِعَ لِأَنَّهُ يَضْرِبُ بِعِرْقٍ إلَى الْمُشَارَكَةِ فِي الرُّبُوبِيَّةِ تَعَالَى اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ بِخِلَافِ تَرْكِ مَا شُرِعَ (وَالثَّانِيَةُ) أَيْ وَالْمُعَارَضَةُ الثَّانِيَةُ وَهِيَ التَّعَدُّدُ أَحْوَطُ (تَقْتَضِي التَّعَدُّدَ فِيهِمَا) أَيْ الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ (وَقَوْلُ الْأَكْثَرِ لَا يَزِيدُ) شَرْطٌ عَلَى مَشْرُوطِهِ بِالِاسْتِقْرَاءِ (مُنْتَفٍ بِشَاهِدِ الْهِلَالِ) أَيْ هِلَالِ رَمَضَانَ إذَا كَانَ بِالسَّمَاءِ عِلَّةٌ فَإِنَّهُ يُكْتَفَى فِيهِ بِوَاحِدٍ وَيَفْتَقِرُ تَعْدِيلُهُ إلَى اثْنَيْنِ (وَلَا يَنْقُصُ) شَرْطٌ عَنْ مَشْرُوطِهِ مُنْتَفٍ (بِشَهَادَةِ الزِّنَى) فَإِنَّهُ يَلْزَمُ كَوْنَهُمْ أَرْبَعَةً وَيَكْفِي فِي تَعْدِيلِهِمْ اثْنَانِ (وَمَا قِيلَ لَا نَقْصَ) بِهَذَيْنِ (بَلْ) زِيَادَةُ الْأَصْلِ فِي شَهَادَةِ الزِّنَى وَنُقْصَانُهُ فِي شَهَادَةِ رَمَضَانَ إنَّمَا ثَبَتَ (بِالنَّصِّ لِلِاحْتِيَاطِ فِي الدَّرْءِ) لِلْعُقُوبَاتِ (وَالْإِيجَابُ) لِلْعِبَادَةِ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي حَاشِيَةِ التَّفْتَازَانِيِّ فَلِلِاحْتِيَاطِ فِي الدَّرْءِ يَرْجِعُ إلَى شَهَادَةِ الزِّنَى وَالْإِيجَابُ يَرْجِعُ إلَى شَهَادَةِ الْهِلَالِ (لَا يُخْرِجُهُ) أَيْ هَذَا الْجَوَابُ (عَنْهُمَا) أَيْ ثُبُوتِ الزِّيَادَةِ وَثُبُوتِ النَّقْصِ لِلشَّرْطِ مَعَ الْمَشْرُوطِ الَّذِي هُوَ عَيْنُ مَا بِهِ النَّقْضُ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ لِبَاعِثِ مَصْلَحَةٍ خَاصَّةٍ فَإِنَّ كُلَّ الْمَشْرُوعَاتِ كَذَلِكَ (وَأَوْجَهُهَا) أَيْ هَذِهِ الْأَقْوَالِ (الْمُفْرَدُ) أَيْ الْقَائِلُ بِأَنَّ الْمُفْرَدَ يَكْفِي فِيهِمَا
(فَإِذَا قِيلَ كَوْنُهُ شَهَادَةً أَحْوَطُ مَنَعَ مَحَلِّيَّتَهُ) أَيْ التَّعْدِيلِ (لَهُ) أَيْ لِلِاحْتِيَاطِ (إذْ الِاحْتِيَاطُ عِنْدَ تَجَاذُبِ مُتَعَارِضَيْنِ) لَا يُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا (فَيُعْمَلُ بِأَشَدِّهِمَا وَلَا تَزِيدُ التَّزْكِيَةُ عَلَى أَنَّهَا ثَنَاءٌ) خَاصٌّ (عَلَيْهِ) أَيْ الشَّاهِدِ وَالرَّاوِي (وَهُوَ) أَيْ ثُبُوتُهُ لَهُ يَكُونُ (بِمُجَرَّدِ الْخَبَرِ) الْخَاصِّ مِنْ الْمُزَكِّي (فَإِثْبَاتُ زِيَادَةٍ عَلَى الْخَبَرِ) بِخَبَرٍ آخَرَ يَكُونُ (بِلَا دَلِيلٍ فَيَمْتَنِعُ) التَّعَارُضُ (وَلَا يُتَصَوَّرُ الِاحْتِيَاطُ وَاخْتُلِفَ فِي اشْتِرَاطِ ذُكُورَةِ الْمُعَدِّلِ) لِلشَّاهِدِ فِي الْحُدُودِ عِنْدَ أَصْحَابِنَا فَفِي كِتَابِ الْحُدُودِ مِنْ بَابِ أَبِي حَنِيفَةَ مِنْ الْمُخْتَلِفِ وَالْحَصْرِ يُشْتَرَطُ الذُّكُورَةُ فِي الْمُزَكِّي عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لَهُمَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ التَّزْكِيَةَ فِي مَعْنَى عِلَّةِ الْعِلَّةِ عِنْدَهُ فَيُشْتَرَطُ فِيهَا مَا يُشْتَرَطُ فِي الْعِلَّةِ الَّتِي هِيَ الشَّهَادَةُ وَشَرْطٌ مَحْضٌ لَهَا عِنْدَهُمَا فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهَا مَا يُشْتَرَطُ فِيهَا وَظَاهِرُ الِاخْتِيَارِ أَنَّهَا شَرْطٌ عِنْدَ مُحَمَّدٍ خَاصَّةً وَاَلَّذِي فِي الْهِدَايَةِ وَيُشْتَرَطُ الذُّكُورَةُ فِي الْمُزَكِّي فِي الْحُدُودِ قَالَ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ يَعْنِي بِالْإِجْمَاعِ وَكَذَا فِي الْقِصَاصِ ذَكَرَهُ فِي الْمُخْتَلِفِ فِي كِتَابِ الشَّهَادَاتِ فِي بَابِ مُحَمَّدٍ اهـ وَهَذَا هُوَ الْأَشْبَهُ فَلَا جَرَمَ أَنْ قَالَ الزَّيْلَعِيُّ قَالُوا يُشْتَرَطُ الذُّكُورَةُ عِنْدَ الشَّهَادَةِ فِي تَزْكِيَةِ شُهُودِ الْحَدِّ بِالْإِجْمَاعِ (وَمُقْتَضَى النَّظَرِ قَبُولُ تَزْكِيَةِ كُلِّ عَدْلٍ ذَكَرًا أَوْ امْرَأَةً فِيمَا يَشْهَدُ بِهِ حُرٌّ أَوْ عَبْدٌ) لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ حَقِيقَتَهَا ثَنَاءٌ وَإِخْبَارٌ خَاصٌّ عَنْ حَالِ الشَّاهِدِ أَوْ الرَّاوِي لَا الشَّهَادَةِ (وَلَوْ شُرِطَتْ الْمُلَابَسَةُ فِي الْمَرْأَةِ) لِمَنْ تُزَكِّيهِ (لِسُؤَالِ بَرِيرَةَ) أَيْ سُؤَالِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بَرِيرَةَ مَوْلَاةَ عَائِشَةَ رضي الله عنها فِي قِصَّةِ الْإِفْكِ بِإِشَارَةِ عَلِيٍّ كَمَا ثَبَتَ ذَلِكَ فِي الصَّحِيحِ (وَالْعَبْدُ) أَيْضًا (لَمْ يَبْعُدْ فَيَنْتَفِي ظُهُورُ مَبْنَى النَّفْيِ) قَالَ الْمُصَنِّفُ يَعْنِي أَنَّ نَفْيَ تَعْدِيلِ الْمَرْأَةِ وَالْعَبْدِ لِظُهُورِ عَدَمِ مُخَالَطَتِهِمَا الرِّجَالَ وَالْأَحْرَارَ خِلْطَةً تُوجِبُ مَعْرِفَةَ بَاطِنِ الْحَالِ فَلَوْ قِيلَ بِجَوَازِ تَعْدِيلِهِمَا بِشَرْطِ الْعِلْمِ بِمُخَالَطَتِهِمَا كَأَنْ تُعَدَّلَ مَنْ كَانَتْ زَوْجَتَهُ وَالْعَبْدُ مَنْ كَانَ مَوْلًى لَهُ ثُمَّ بَاعَهُ أَوْ مَنْ عَرَفَ اتِّفَاقَ أَمْرٍ كَانَ جَامِعًا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمَا لَمْ يَبْعُدْ، وَلَمْ يَبْعُدْ كِنَايَةٌ عَنْ قَوْلِنَا حَسَنٌ فَيَكُونُ مَذْهَبًا مُفَصِّلًا فَإِنَّ الْخِلَافَ فِي الْمَرْأَةِ