الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حُكْمَهُ عَلَيْهِ أَرَادَهُ أَوْ لَمْ يُرِدْهُ إلَّا إنْ أَرَادَ مَا يَحْتَمِلُهُ وَأَمَّا أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْهُ أَوْ لَمْ يَدْرِ مَا هُوَ فَيَثْبُتُ الْحُكْمُ عَلَيْهِ شَرْعًا وَهُوَ غَيْرُ رَاضٍ بِحُكْمِ اللَّفْظِ وَلَا بِاللَّفْظِ فَمِمَّا يَنْبُو عَنْهُ قَوَاعِدُ الشَّرْعِ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى {لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} [البقرة: 225] وَفُسِّرَ بِأَمْرَيْنِ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى أَمْرٍ يَظُنُّهُ كَمَا قَالَ مَعَ أَنَّهُ قَاصِدٌ لِلسَّبَبِ عَالَمٌ بِحُكْمِهِ فَأَلْغَاهُ لِغَلَطِهِ فِي ظَنِّ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ وَالْآخَرُ أَنْ يَجْرِيَ عَلَى لِسَانِهِ بِلَا قَصْدٍ إلَى الْيَمِينِ كَلَا وَاَللَّهِ بَلَى وَاَللَّهِ فَرَفَعَ حُكْمَهُ الدُّنْيَوِيَّ مِنْ الْكَفَّارَةِ لِعَدَمِ قَصْدِهِ إلَيْهِ فَهَذَا تَشْرِيعٌ لِعِبَادِهِ أَنْ لَا يُرَتِّبُوا الْأَحْكَامَ عَلَى الْأَشْيَاءِ الَّتِي لَمْ نَقْصِدْ وَكَيْفَ وَقَدْ فُرِّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّائِمِ عِنْدَ الْعَلِيمِ الْخَبِيرِ مِنْ حَيْثُ لَا قَصْدَ لَهُ إلَى اللَّفْظِ وَلَا حُكْمِهِ وَإِنَّمَا لَا يُصَدِّقُهُ غَيْرُ الْعِلْمِ وَهُوَ الْقَاضِي (وَلَا يَنْفِيهِ) أَيْ هَذَا الْقَوْلَ (الْحَدِيثُ) الَّذِي أَخْرَجَهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ.
وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَسَنٌ غَرِيبٌ وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَغَيْرِهِمْ «ثَلَاثٌ جَدُّهُنَّ إلَى آخِرِهِ أَيْ جَدٌّ وَهَزْلُهُنَّ جَدٌّ النِّكَاحُ وَالطَّلَاقُ وَالرَّجْعَةُ» لِأَنَّ الْهَازِلَ رَاضٍ بِالسَّبَبِ لَا بِالْحُكْمِ وَالْغَالِطُ غَيْر رَاضٍ بِهِمَا فَلَا يَلْزَمُ مِنْ ثُبُوتِ الْحُكْمِ فِي حَقِّ الْأَوَّلِ ثُبُوتُهُ فِي حَقِّ الثَّانِي (وَمَا قِيلَ) أَيْ وَقَوْلُ الْجَمِّ الْغَفِيرِ مِنْ مَشَايِخِنَا (لَفْظُ كِنَايَاتِ الطَّلَاقِ مَجَازٌ لِأَنَّهَا) أَيْ كِنَايَاتِ الطَّلَاقِ (عَوَامِلُ بِحَقَائِقِهَا غَلَطٌ إذْ لَا تُنَافِي الْحَقِيقَةُ الْكِنَايَةَ وَمَا قِيلَ) أَيْ وَقَوْلُهُمْ أَيْضًا فِي وَجْهٍ أَنَّهَا مَجَازٌ (الْكِنَايَةُ الْحَقِيقَةُ) حَالَ كَوْنِهَا (مُسْتَتِرَةَ الْمُرَادِ وَهَذِهِ) أَيْ كِنَايَاتُ الطَّلَاقِ (مَعْلُومَتُهُ) أَيْ الْمُرَادِ (وَالتَّرَدُّدُ فِيمَا يُرَادُ بِهَا) فَيَتَرَدَّدُ مَثَلًا فِي أَنَّ الْمُرَادَ بِهِيَ بَائِنٌ (أَبَائِنٌ مِنْ الْخَيْرِ أَوْ النِّكَاحِ مُنْتَفٍ بِأَنَّ الْكِنَايَةَ بِالتَّرَدُّدِ فِي الْمُرَادِ) مِنْ اللَّفْظِ حَقِيقَةً كَانَ أَوْ مَجَازًا إلَّا فِي الْوَضْعِيِّ (وَإِنَّمَا هِيَ مَعْلُومَةُ الْوَضْعِيِّ كَالْمُشْتَرَكِ وَالْخَاصِّ فِي فَرْدٍ مُعَيَّنٍ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ) بِكَوْنِهَا مَجَازًا (مَجَازِيَّةَ إضَافَتِهَا إلَى الطَّلَاقِ فَإِنَّ الْمَفْهُومَ) مِنْ كِنَايَاتِ الطَّلَاقِ (أَنَّهَا كِنَايَةٌ عَنْهُ) أَيْ عَنْ الطَّلَاقِ (وَلَيْسَ) كَذَلِكَ (وَإِلَّا) لَوْ كَانَتْ كِنَايَةً عَنْهُ (وَقَعَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا) مُطْلَقًا بِهَا لِأَنَّ الْإِيقَاعَ بِلَفْظِ الطَّلَاقِ رَجْعِيٌّ مَا لَمْ يَكُنْ عَلَى مَالٍ أَوْ الثَّالِثُ فِي حَقِّ الْحُرَّةِ أَوْ الثَّانِي فِي حَقِّ الْأَمَةِ وَلَيْسَ هِيَ مُطْلَقًا كَذَلِكَ بَلْ بَعْضُهَا كَمَا عُرِفَ فِي مَوْضِعِهِ.
[مَسَائِلُ الْحُرُوفِ جَرَى فِيهَا الِاسْتِعَارَةُ تَبَعًا كَالْمُشْتَقِّ فِعْلًا وَوَصْفً]
(مَسَائِلُ الْحُرُوفِ قِيلَ) أَيْ قَالَ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ: (جَرَى فِيهَا) أَيْ الْحُرُوفِ (الِاسْتِعَارَةُ تَبَعًا كَالْمُشْتَقِّ فِعْلًا وَوَصْفًا بِتَبَعِيَّةِ اعْتِبَارِ التَّشْبِيهِ فِي الْمَصْدَرِ لِاعْتِبَارِ التَّشْبِيهِ أَوَّلًا فِي مُتَعَلِّقِ مَعْنَاهُ الْجُزْئِيِّ وَهُوَ كُلِّيَّةٌ عَلَى مَا تَحَقَّقَ فَيُسْتَعْمَلُ فِي جُزْئِيِّ الْمُشَبَّهِ) وَهُوَ الْمَعْنَى الْحَرْفِيُّ لِلْحَرْفِ يَعْنِي كَمَا جَرَتْ الِاسْتِعَارَةُ فِي الْمُشْتَقِّ فِعْلًا وَوَصْفًا بِتَبَعِيَّةِ اعْتِبَارِ التَّشْبِيهِ أَوَّلًا فِي الْمَصْدَرِ فَقَوْلُنَا: نَطَقَتْ الْحَالُ فَرْعُ تَشْبِيهِ الْحَالِ بِاللِّسَانِ ثُمَّ نِسْبَةُ النُّطْقِ إلَيْهَا ثُمَّ اُشْتُقَّ مِنْ النُّطْقِ بِمَعْنَاهُ الْمَجَازِيِّ نَطَقَتْ فَصَارَ اسْتِعَارَةُ نَطَقَتْ تَبَعِيَّةُ اسْتِعَارَةِ النُّطْقِ هَكَذَا الْحَرْفُ يُعْتَبَرُ أَوَّلًا التَّشْبِيهُ فِي مُتَعَلِّقِ مَعْنَاهُ الْجُزْئِيِّ وَهُوَ الْمَعْنَى الْكُلِّيُّ الْمُنْدَرِجُ فِيهِ مَعْنَى الْحَرْفِ وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ كُلِّيَّةِ بَيَانِهِ أَنَّ مَا تَذْكُرُهُ بِلَفْظِ اسْمٍ لِمَعْنَى حَرْفٍ لَيْسَ هُوَ عَيْنُ مَعْنَاهُ فَإِنَّ التَّبْعِيضَ الْمُفَادَ بِقَوْلِك مِنْ لِلتَّبْعِيضِ لَيْسَ هُوَ نَفْسُ مَعْنَى مِنْ بَلْ تَبْعِيضُ كُلِّيٍّ وَمَعْنَى مِنْ تَبْعِيضُ جُزْئِيٍّ مَلْحُوظٍ بَيْنَ شَيْئَيْنِ خَاصَّيْنِ مُنْدَرِجٌ تَحْتَ مُطْلَقِ التَّبْعِيضِ فَيُعْتَبَرُ أَوَّلًا التَّشْبِيهُ لِلْمَعْنَى الْكُلِّيِّ الْمُتَعَلِّقِ لِمَعْنَى الْحَرْفِ ثُمَّ يُسْتَعْمَلُ الْحَرْفُ فِي جُزْئِيٍّ مِنْهُ كَمَا شَبَّهَ تَرَتُّبَ الْعَدَاوَةِ وَالْبَغْضَاءِ عَلَى الِالْتِقَاطِ بِتَرَتُّبِ الْعِلَّةِ الْغَائِبَةِ عَلَى الْفِعْلِ فَاسْتَعْمَلَ فِيهَا اللَّامَ الْمَوْضُوعَةَ لِلتَّرَتُّبِ الْعَلِيِّ كَذَا أَفَادَهُ الْمُصَنِّفُ رحمه الله (وَهَذَا) الْكَلَامُ (لَا يُفِيدُ وُقُوعَ) الْمَجَازِ (الْمُرْسَلِ فِيهَا) أَيْ فِي الْحُرُوفِ لِانْتِفَاءِ عِلَاقَةِ الْمُشَابَهَةِ فِي مُتَعَلِّقِ مَعْنَاهَا (ثُمَّ لَا يُوجِبُ) هَذَا الْكَلَامُ أَيْضًا (الْبَحْثَ عَنْ خُصُوصِيَّاتِهَا فِي الْأُصُولِ لَكِنَّ الْعَادَةَ) جَرَتْ بِهِ (تَتْمِيمًا) لِلْفَائِدَةِ لِشِدَّةِ الِاحْتِيَاجِ إلَيْهَا فِي بَعْضِ الْمَسَائِلِ الْفِقْهِيَّةِ وَذُكِرَتْ عَقِبَ مَبَاحِثِ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ لِأَنَّهَا تَنْقَسِمُ إلَيْهِمَا أَيْضًا
(وَهِيَ) أَيْ الْحُرُوفُ (أَقْسَامٌ حُرُوفُ الْعَطْفِ الْوَاوُ لِلْجَمْعِ فَقَطْ) أَيْ بِلَا شَرْطِ تَرْتِيبٍ وَلَا مَعِيَّةٍ (فَفِي الْمُفْرَدِ) أَيْ فَهِيَ فِيهِ اسْمًا كَانَ أَوْ فِعْلًا حَالَ كَوْنِهِ (مَعْمُولًا) لِجَمْعِ الْمَعْطُوفِ (فِي حُكْمِ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ مِنْ الْفَاعِلِيَّةِ وَالْمَفْعُولِيَّة وَالْحَالِيَّةِ وَعَامِلًا) أَيْ وَحَالَ كَوْنِهِ عَامِلًا لِجَمْعِ الْمَعْطُوفِ (فِي مُسْنَدِيَّتِهِ) أَيْ
الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ (كَضَرَبَ وَأَكْرَمَ فِي جُمَلٍ لَهَا مَحَلٌّ) مِنْ الْإِعْرَابِ لِجَمْعِ الْمَعْطُوفَةِ فِي حُكْمِ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهَا (كَالْأَوَّلِ) أَيْ كَكَوْنِهَا فِي الْمُفْرَدِ مَعْمُولًا (وَفِي مُقَابِلِهَا) أَيْ الْجُمَلِ الَّتِي لَا مَحَلَّ لَهَا مِنْ الْإِعْرَابِ (لِجَمْعِ مَضْمُونِهَا فِي التَّحَقُّقِ وَهَلْ يُجْمَعُ فِي مُتَعَلِّقَاتِهَا) أَيْ الْجُمْلَةِ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهَا (يَأْتِي) فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي بَعْدَ هَذَا (وَقِيلَ) الْوَاوُ (لِلتَّرْتِيبِ وَنُسِبَ لِأَبِي حَنِيفَةَ) وَالشَّافِعِيِّ أَيْضًا (كَمَا نُسِبَ إلَيْهِمَا) أَيْ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ وَمَالِكٍ أَيْضًا (الْمَعِيَّةُ لِقَوْلِهِ) أَيْ أَبِي حَنِيفَةَ (فِي إنْ دَخَلْت فَطَالِقٌ وَطَالِقٌ وَطَالِقٌ لِغَيْرِ الْمَدْخُولِ تَبِينُ بِوَاحِدَةٍ وَعِنْدَهُمَا) تَبِينُ (بِثَلَاثٍ) فَإِنَّ قَوْلَهُ هَذَا ظَاهِرٌ فِي جَعْلِهَا لِلتَّرْتِيبِ حَيْثُ أَبَانَهَا بِالْأُولَى فَقَطْ لَا إلَى عِدَّةٍ كَمَا لَوْ كَانَتْ بِالْفَاءِ أَوْ ثُمَّ فَلَمْ يَقَعْ مَا بَقِيَ وَقَوْلُهُمَا ظَاهِرٌ فِي جَعْلِهَا لِلْمُقَارَنَةِ كَمَا فِي أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا وَإِلَّا لَأَوْقَعَا وَاحِدَةً لَا غَيْرَ (وَلَيْسَ) كِلَا الْقَوْلَيْنِ بِنَاءً عَلَى ذَلِكَ (بَلْ لِأَنَّ مُوجِبَهُ) أَيْ الْعَطْفِ (عِنْدَهُ) أَيْ أَبِي حَنِيفَةَ (تَعَلَّقَ الْمُتَأَخِّرُ بِوَاسِطَةِ الْمُتَقَدِّمِ فَيَنْزِلْنَ كَذَلِكَ) أَيْ مُتَرَتِّبَاتٍ (فَيَسْبِقُ) الطَّلَاقُ (الْأَوَّلُ فَيُبْطِلُ مَحَلِّيَّتَهَا) لِمَا بَعْدَهُ لِانْتِفَاءِ الْعِصْمَةِ وَالْعِدَّةِ (وَقَالَا بَعْدَ مَا اشْتَرَكَتْ) الْمَعْطُوفَاتُ (فِي التَّعَلُّقِ وَإِنْ) كَانَ اشْتِرَاكُهَا (بِوَاسِطَةٍ) أَيْ عَطْفِ بَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ (تَنْزِلُ دَفْعَةً لِأَنَّ نُزُولَ كُلٍّ) مِنْهَا (حُكْمُ الشَّرْطِ فَتَقْتَرِنُ أَحْكَامُهُ) عِنْدَ وُجُودِهِ (كَمَا فِي تَعَدُّدِ الشَّرْطِ) لِكُلِّ وَاحِدٍ نَحْوَ إنْ دَخَلْت فَأَنْتِ طَالِقٌ وَإِنْ دَخَلْت فَأَنْتِ طَالِقٌ فَإِنَّهُ قَدْ تَعَلَّقَ طَلَاقٌ بَعْدَ طَلَاقٍ بِكُلٍّ مِنْ الشَّرْطَيْنِ ثُمَّ إذَا وُجِدَ الشَّرْطُ بِأَنْ دَخَلَتْ مَرَّةً يَقَعُ ثِنْتَانِ
(وَدُفِعَ هَذَا) أَيْ تَعَدُّدُ الشَّرْطِ الْمُلْحَقِ بِهِ (بِالْفَرْقِ بِانْتِفَاءِ الْوَاسِطَةِ) أَيْ بِأَنَّ تَعَلُّقَ الثَّانِي فِيهِ لَيْسَ بِوَاسِطَةِ تَعَلُّقِ الْأَوَّلِ وَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ بِخِلَافِ إنْ دَخَلْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَطَالِقٌ (لَا يَضُرُّ) فِي الْمَطْلُوبِ (إذْ يَكْفِي) فِي الدَّفْعِ لَهُمَا (مَا سِوَاهُ) أَيْ سِوَى هَذَا الدَّلِيلِ قَالَ الْمُصَنِّفُ يَعْنِي مِنْ قَوْلِهِمَا التَّعَلُّقُ وَإِنْ كَانَ بِوَاسِطَةٍ فَبَعْدَ ثُبُوتِ الْوَاسِطَةِ وَتَعَلُّقِ الثَّانِي صَارَ الْحَاصِلُ تَعَلُّقَ كُلٍّ مِنْ طَلَاقَيْنِ بِشَرْطٍ فَيَكُونُ نُزُولُ كُلٍّ مِنْهُمَا حُكْمًا لِثُبُوتِهِ فَإِذَا ثَبَتَ نَزَلَ كُلُّ حُكْمٍ لَهُ دَفْعَةً لِوُجُودِ الْعِلَّةِ التَّامَّةِ فِي ثُبُوتِ كُلٍّ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَتَأَخَّرَ شَيْءٌ مِنْهَا فَقَدْ رَجَّحَ الْمُصَنِّفُ قَوْلَهُمَا (وَفِيهِ) أَيْ فِي الْجَوَابِ لَهُمَا عَنْ دَلِيلِهِ (تَرْدِيدٌ آخَرُ ذَكَرْنَاهُ فِي الْفِقْهِ) فَقَالَ: وَقَوْلُهُمَا أَرْجَحُ قَوْلُهُ تَعَلَّقَ بِوَاسِطَةِ تَعَلُّقِ الْأَوَّلِ إنْ أُرِيدَ أَنَّهُ عِلَّةُ تَعَلُّقِهِ فَمَمْنُوعٌ بَلْ عِلِّيَّتُهُ جَمْعُ الْوَاوِ إيَّاهُ إلَى الشَّرْطِ وَإِنْ أُرِيدَ كَوْنُهُ سَابِقَ التَّعَلُّقِ سَلَّمْنَاهُ وَلَا يُفِيدُ كَالْأَيْمَانِ الْمُتَعَاقِبَةِ وَلَوْ سُلِّمَ أَنَّ تَعَلُّقَ الْأَوَّلِ عِلَّةٌ لِتَعَلُّقِ الثَّانِي لَمْ يَلْزَمْ كَوْنُ نُزُولِهِ عِلَّةً لِنُزُولِهِ إذْ لَا تَلَازُمَ فَجَازَ كَوْنُهُ عِلَّةً لِتَعَلُّقِهِ فَيَتَقَدَّمُ فِي التَّعَلُّقِ وَلَيْسَ نُزُولُهُ عِلَّةً لِنُزُولِهِ بَلْ إذَا تَعَلَّقَ الثَّانِي بِأَيِّ سَبَبٍ كَانَ صَارَ مَعَ الْأَوَّلِ مُتَعَلِّقَيْنِ بِشَرْطٍ وَعِنْدَ نُزُولِ الشَّرْطِ يَنْزِلُ الْمَشْرُوطُ (لَنَا النَّقْلُ عَنْ أَئِمَّةِ اللُّغَةِ وَتَكَرَّرَ مِنْ سِيبَوَيْهِ كَثِيرًا) فَذَكَرَهُ فِي سَبْعَةَ عَشَرَ مَوْضِعًا مِنْ كِتَابِهِ (وَنَقَلَ إجْمَاعَ أَهْلِ الْبَلَدَيْنِ) الْبَصْرَةَ وَالْكُوفَةَ (عَلَيْهِ) نَقَلَهُ السِّيرَافِيُّ وَالسُّهَيْلِيُّ وَالْفَارِسِيُّ إلَّا أَنَّهُمْ نُوقِشُوا فِيهِ بِأَنَّ جَمَاعَةً مِنْهُمْ ثَعْلَبٌ وَغُلَامُهُ وَقُطْرُبٌ وَهِشَامٌ عَلَى أَنَّهَا لِلتَّرْتِيبِ (وَأَمَّا الِاسْتِدْلَال) لِلْمُخْتَارِ (بِلُزُومِ التَّنَاقُضِ) عَلَى تَقْدِيرِ التَّرْتِيبِ (فِي تَقَدُّمِ السُّجُودِ عَلَى قَوْلِ حِطَّةٍ) كَمَا فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ (وَقَلْبُهُ) أَيْ تَقْدِيمُ قَوْلِ حِطَّةٍ عَلَى السُّجُودِ كَمَا فِي سُورَةِ الْأَعْرَافِ (مَعَ الِاتِّحَادِ) أَيْ اتِّحَادِ الْقِصَّةِ لِأَنَّ وُجُوبَ دُخُولِ الْبَابِ سُجَّدًا يَكُونُ مُقَدَّمًا عَلَى قَوْلِ حِطَّةٍ مَا دَلَّتْ عَلَيْهِ آيَةُ الْبَقَرَةِ مُؤَخَّرًا عَنْهُ كَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ آيَةُ الْأَعْرَافِ وَالْقِصَّةُ وَاحِدَةٌ فِيهِمَا أَمْرًا وَمَأْمُورًا وَزَمَانًا وَالتَّنَاقُضُ فِي كَلَامِهِ تَعَالَى مُحَالٌ وَمَعْنَى حِطَّةٍ حُطَّ عَنَّا ذُنُوبَنَا (وَامْتِنَاعُ تَقَاتُلِ زَيْدٍ وَعَمْرٍو) أَيْ وَبِلُزُومِ امْتِنَاعِهِ إذْ لَا يُتَصَوَّرُ فِي فِعْلٍ يُعْتَبَرُ فِي مَفْهُومِهِ الْإِضَافَةُ الْمُقْتَضِيَةُ لِلْمَعِيَّةِ تَرْتِيبٌ لَكِنَّهُ صَحِيحٌ بِالِاتِّفَاقِ (وَجَاءَ زَيْدٌ وَعَمْرٌو قَبْلَهُ) أَيْ وَبِلُزُومِ امْتِنَاعِهِ لِلتَّنَاقُضِ فَإِنَّ عَمْرًا يَكُونُ جَائِيًا بَعْدَ زَيْدٍ لِلْوَاوِ وَقَبْلَهُ لِقَبْلِهِ وَاللَّازِمُ مُنْتَفٍ بِالِاتِّفَاقِ
(وَالتَّكْرَارُ بَعْدَهُ) أَيْ وَبِلُزُومِ التَّكْرَارِ فِي جَاءَ زَيْدٌ وَعَمْرٌو بَعْدَهُ لِدَلَالَةِ الْوَاوِ عَلَى الْبَعْدِيَّةِ وَلَيْسَ بِتَكْرَارٍ اتِّفَاقًا (فَمَدْفُوعٌ بِجَوَازِ التَّجَوُّزِ بِهَا) أَيْ بِالْوَاوِ (فِي الْجَمْعِ فَصَحَّتْ) لِلْجَمْعِ (فِي الْخُصُوصِيَّاتِ) أَيْ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ الْمَخْصُوصَةِ فَلَمْ يَلْزَمْ الْمَطْلُوبُ (وَبِلُزُومِ
صِحَّةِ دُخُولِهَا فِي الْجَزَاءِ) أَيْ وَالِاسْتِدْلَالُ لِلْمُخْتَارِ بِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ لِلتَّرْتِيبِ لَزِمَ صِحَّةُ دُخُولِهَا عَلَى جَزَاءِ الشَّرْطِ لِرَبْطِهِ بِهِ عَلَى سَبِيلِ التَّرْتِيبِ عَلَيْهِ (كَالْفَاءِ) وَاللَّازِمُ بَاطِلٌ بِالِاتِّفَاقِ إذْ لَا يَصِحُّ إنْ جَاءَ زَيْدٌ وَأَكْرَمَهُ كَمَا يَصِحُّ فَأَكْرَمَهُ مَدْفُوعٌ (بِمَنْعِ الْمُلَازَمَةِ كَثُمَّ) أَيْ لَا نُسَلِّمُ أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ لِلتَّرْتِيبِ لَصَحَّ دُخُولُهَا عَلَى الْجَزَاءِ فَإِنَّهُ مَنْقُوضٌ بِثُمَّ فَإِنَّهَا لِلتَّرْتِيبِ اتِّفَاقًا وَلَا يَجُوزُ دُخُولُهَا عَلَى الْجَزَاءِ اتِّفَاقًا (وَيَحْسُنُ الِاسْتِفْسَارُ) أَيْ وَالِاسْتِدْلَالُ لِلْمُخْتَارِ بِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ لِلتَّرْتِيبِ لَمَا حَسُنَ مِنْ السَّامِعِ أَنْ يَسْتَفْسِرَ مِنْ الْمُتَكَلِّمِ (عَنْ الْمُتَقَدِّمِ) وَالْمُتَأَخِّرِ فِي نَحْوِ جَاءَ زَيْدٌ وَعَمْرٌو لِكَوْنِهِمَا مَفْهُومَيْنِ مِنْ الْوَاوِ وَاللَّازِمُ بَاطِلٌ مَدْفُوعٌ (بِأَنَّهُ) أَيْ حُسْنُ الِاسْتِفْسَارِ (لِدَفْعِ وَهْمِ التَّجَوُّزِ بِهَا) لِمُطْلَقِ الْجَمْعِ (وَبِأَنَّهُ مَقْصُودٌ) أَيْ وَالِاسْتِدْلَالُ لِلْمُخْتَارِ بِأَنَّ مُطْلَقَ الْجَمْعِ مَعْنًى مَقْصُودٌ لِلْمُتَكَلِّمِ (فَاسْتَدْعَى) لَفْظًا (مُفِيدًا) لَهُ كَيْ لَا تُقْصَرَ الْأَلْفَاظُ عَنْ الْمَعَانِي (وَلَمْ يُسْتَعْمَلُ فِيهِ) أَيْ فِي هَذَا الْمَعْنَى (إلَّا الْوَاوُ) فَتَعَيَّنَ أَنْ تَكُونَ مَوْضُوعَةً لَهُ فَلَا تَكُونُ لِلتَّرْتِيبِ وَالْأَلْزَمُ الِاشْتِرَاكُ وَهُوَ خِلَافُ الْأَصْلِ مَدْفُوعٌ (بِأَنَّ الْمَجَازَ كَافٍ فِي ذَلِكَ) أَيْ فِي إفَادَتِهِ فَيَكْفِي أَنْ يَكُونَ مَجَازًا لِلْجَمْعِ الْمُطْلَقِ عَلَى أَنَّهُ مُعَارَضٌ بِالْمِثْلِ فَإِنَّ التَّرْتِيبَ الْمُطْلَقَ أَيْضًا مَعْنًى مَقْصُودٌ كَالْجَمْعِ الْمُطْلَقِ فَلَا بُدَّ مِنْ لَفْظٍ يُعَبِّرُ بِهِ عَنْهُ وَلَيْسَ ذَلِكَ غَيْرَ الْوَاوِ اتِّفَاقًا فَتَكُونُ مَوْضُوعَةً لَهُ (وَالنَّقْضُ) لِكَوْنِهَا لِمُطْلَقِ الْجَمْعِ (بِالتَّرْتِيبِ) أَيْ بِأَنَّهَا تُفِيدُهُ (لِلْبَيْنُونَةِ بِوَاحِدَةٍ فِي قَوْلِهِ لِغَيْرِ الْمَدْخُولَةِ طَالِقٌ وَطَالِقٌ وَطَالِقٌ كَمَا بِالْفَاءِ وَثُمَّ) وَإِلَّا لَوْ كَانَتْ لِلْجَمْعِ لَجُمِعَتْ الثَّلَاثُ فَطَلُقَتْ ثَلَاثًا (مَدْفُوعٌ بِأَنَّهُ) أَيْ وُقُوعَ الْوَاحِدَةِ لَا غَيْرَ (لِفَوَاتِ الْمَحَلِّيَّةِ قَبْلَ الثَّانِيَةِ إذْ لَا تَوَقُّفَ) لِلْأُولَى عَلَى ذِكْرِ الثَّانِيَةِ لِعَدَمِ مُوجِبِ التَّوَقُّفِ لِأَنَّ أَنْتِ طَالِقٌ مُنْجَزٌ لَيْسَ فِي آخِرِهِ مَا يُغَيِّرُ أَوَّلَهُ مِنْ شَرْطٍ أَوْ غَيْرِهِ فَيَنْزِلُ بِهِ الطَّلَاقُ فِي الْمَحَلِّ قَبْلَ التَّلَفُّظِ بِالثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ وَيَرْتَفِعُ مَحَلِّيَّتُهَا لِلْبَاقِي لِعَدَمِ الْعِدَّةِ فَيَلْغُو لِهَذَا لَا لِكَوْنِ الْوَاوِ لِلتَّرْتِيبِ (بِخِلَافِ مَا لَوْ تَعَلَّقَتْ بِمُتَأَخِّرٍ) أَيْ بِشَرْطٍ مُتَأَخِّرٍ كَأَنْتِ طَالِقٌ وَطَالِقٌ وَطَالِقٌ إنْ دَخَلْت فَإِنَّهُ يَقَعُ الثَّلَاثُ اتِّفَاقًا لِتَوَقُّفِ الْكُلِّ عَلَى آخَرِ الْكَلَامِ لِوُجُودِ الْمُغَيَّرِ فِيهِ فَتَعَلَّقَتْ دَفْعَةٌ وَنَزَلَتْ دَفْعَةٌ ثُمَّ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَقَعُ الْأَوَّلُ قَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْ التَّكَلُّمِ بِالثَّانِي
(وَمَا عَنْ مُحَمَّدٍ إنَّمَا يَقَعُ عِنْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْأَخِيرِ مَحْمُولٌ عَلَى الْعِلْمِ بِهِ) أَيْ بِالْوُقُوعِ أَيْ لَا يَعْلَمُ وُقُوعَ مَا قَبْلَ الْأَخِيرِ إلَّا عِنْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْأَخِيرِ (لِتَجْوِيزِ إلْحَاقِ الْمُغَيَّرِ) بِهِ مِنْ شَرْطٍ وَنَحْوِهِ (وَإِلَّا) لَوْ لَمْ يَكُنْ الْمُرَادُ هَذَا (لَمْ تَفُتْ الْمَحَلِّيَّةُ فَيَقَعَ الْكُلُّ) بِنَصَبِ يَقَعَ عَلَى جَوَابِ النَّفْيِ لِوُجُودِ الْمَحَلِّيَّةِ حَالَةَ التَّكَلُّمِ بِالْبَاقِي كَمَا ذَكَرَهُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ اسْتَبْعَدَ كَوْنَ قَوْلِ مُحَمَّدٍ عَلَى ظَاهِرِهِ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ الصَّدْرُ مُتَوَقِّفًا فَتَأْخِيرُ حُكْمِهِ إلَى غَايَةٍ خَاصَّةٍ مَمْنُوعٌ لِأَنَّهُ كَمَا قَالَ (وَلِأَنَّهُ) أَيْ تَأْخِيرَ حُكْمِ الْأَوَّلِ إلَى الْفَرَاغِ مِنْ الْأَخِيرِ (قَوْلٌ بِلَا دَلِيلٍ) فَالصَّوَابُ مَا قَالَهُ أَبُو يُوسُفَ مِنْ أَنَّهُ يَقَعُ بِمُجَرَّدِ فَرَاغِهِ مِنْ الْأَوَّلِ وَحِينَ أَوَّلَ الْمُصَنِّفُ كَلَامَ مُحَمَّدٍ بِمَا تَقَدَّمَ ارْتَفَعَ الْخِلَافُ إذْ لَا شَكَّ فِي تَأَخُّرِ الْعِلْمِ بِالْوُقُوعِ عَنْ تَمَامِ الْكَلَامِ لَكِنْ عِنْدَ تَمَامِهِ يُحْكَمُ بِأَنَّ الْوُقُوعَ كَانَ بِمُجَرَّدِ فَرَاغِهِ مِنْ الْأَوَّلِ (وَبِبُطْلَانِ نِكَاحِ الثَّانِيَةِ) أَيْ وَالنَّقْضِ لِكَوْنِهَا لِمُطْلَقِ الْجَمْعِ بِأَنَّهَا تُفِيدُ التَّرْتِيبَ بِدَلِيلِ بُطْلَانِ نِكَاحِ الْأَمَةِ الثَّانِيَةِ (فِي قَوْلِهِ) أَيْ الْمَوْلَى لِأَمَتِهِ (هَذِهِ حُرَّةٌ وَهَذِهِ) حُرَّةٌ (عِنْدَ بُلُوغِهِ تَزْوِيجَ فُضُولِيٍّ أَمَتَيْهِ مِنْ وَاحِدٍ) كَمَا لَوْ أَعْتَقَهُمَا بِكَلَامَيْنِ مُنْفَصِلَيْنِ وَإِلَّا لَمَا بَطَلَ نِكَاحُ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مَا لَوْ أَعْتَقَهُمَا مَعًا مَدْفُوعٌ (بِتَعَذُّرِ تَوَقُّفِهِ) أَيْ نِكَاحِ الثَّانِيَةِ لِأَنَّ بِثُبُوتِ الْحُرِّيَّةِ لِلْأُولَى بِهَذِهِ حُرَّةٌ قَبْلَ التَّلَفُّظِ بِقَوْلِهِ وَهَذِهِ بَطَلَتْ مَحَلِّيَّةٌ وَتَوَقَّفَ النِّكَاحُ فِي الثَّانِيَةِ (إذْ لَا يَقْبَلُ الْإِجَازَةَ) لِأَنَّ النِّكَاحَ الْمَوْقُوفَ مُعْتَبَرٌ بِابْتِدَاءِ النِّكَاحِ وَلَيْسَتْ الْأَمَةُ مُنْضَمَّةً إلَى الْحُرَّةِ بِمَحَلٍّ لِابْتِدَائِهِ فَكَذَا لِتَوَقُّفِهِ (لِامْتِنَاعِ) نِكَاحِ (الْأَمَةِ عَلَى الْحُرَّةِ) وَإِذَا بَطَلَ التَّوَقُّفُ لَا يُمْكِنُ تَدَارُكُ مَحَلِّيَّتِهَا لَهُ لِتَعْتِقَ بَعْدَ ذَلِكَ لِأَنَّ التَّوَقُّفَ لَا يَعُودُ بَعْدَ الْبُطْلَانِ فَالتَّرْتِيبُ جَاءَ فِي ثُبُوتِ الْعِتْقِ لِوُجُودِ اللَّفْظَيْنِ مُتَعَاقِبَيْنِ لَا لِكَوْنِهَا لِلتَّرْتِيبِ (وَبِالْمَعِيَّةِ) أَيْ وَالنَّقْضِ لِكَوْنِهَا لِمُطْلَقِ الْجَمْعِ بِأَنَّهَا لِلْمُقَارَنَةِ (لِبُطْلَانِ إنْكَاحِهِ) أَيْ الْفُضُولِيِّ الْآخَرِ (أُخْتَيْنِ فِي عَقْدٍ مِنْ وَاحِدٍ فَقَالَ) الزَّوْجُ (أَجَزْت فُلَانَةَ وَفُلَانَةَ) أَيْ نِكَاحَ فُلَانَةَ
وَنِكَاحَ فُلَانَةَ كَمَا لَوْ قَالَ: أَجَزْت نِكَاحَهُمَا وَإِلَّا لَبَطَلَ نِكَاحُ الْأَخِيرَةِ لَا غَيْرُ كَمَا لَوْ أَجَازَهُمَا مُتَفَرِّقًا بِأَنْ قَالَ: أَجَزْت نِكَاحَ فُلَانَةَ ثُمَّ أَجَازَ نِكَاحَ الْأُخْرَى لِئَلَّا يَلْزَمَ الْجَمْعُ بَيْنَ نِكَاحِ الْأُخْتَيْنِ وَقَيَّدَ بِفِي عَقْدَيْنِ لِأَنَّ تَزْوِيجَهُمَا فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ لَا يَنْفُذُ بِحَالٍ (وَلِعِتْقِ ثُلُثِ كُلٍّ مِنْ الْأَعْبُدِ الثَّلَاثَةِ إذَا قَالَ: مَنْ مَاتَ أَبُوهُ عَنْهُمْ) أَيْ الْأَعْبُدِ الثَّلَاثَةِ (فَقَطْ) وَهُمْ مُتَسَاوُونَ فِي الْقِيمَةِ وَلَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ
وَمَقُولُ قَوْلِهِ (أَعْتَقَ) أَبِي (فِي مَرَضِهِ هَذَا وَهَذَا وَهَذَا مُتَّصِلًا) بَعْضُهُ بِبَعْضٍ بِالْوَاوِ وَكَمَا لَوْ قَالَ: أَعْتَقَهُمْ كُلَّهُمْ أَيْ وَإِلَّا لَوْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُقَارَنَةِ لَعَتَقَ كُلُّ الْأَوَّلِ وَثُلُثُ الثَّالِثِ كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِهِ مُتَفَرِّقًا بِأَنْ قَالَ: أَعْتَقَ أَبِي هَذَا وَسَكَتَ ثُمَّ قَالَ لِآخَرَ: أَعْتَقَ أَبِي هَذَا وَسَكَتَ ثُمَّ قَالَ لِآخَرَ: أَعْتَقَ أَبِي هَذَا لِأَنَّهُ لَمَّا أَقَرَّ بِإِعْتَاقِ الْأَوَّلِ وَهُوَ ثُلُثُ الْمَالِ عَتَقَ مِنْ غَيْرِ سِعَايَةٍ لِعَدَمِ الْمُزَاحِمِ ثُمَّ لَمَّا أَقَرَّ بِإِعْتَاقِ الثَّانِي فَقَدْ زَعَمَ أَنَّهُ بَيْنَ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي نِصْفَيْنِ فَيَصْدُقُ فِي حَقِّ الثَّانِي لَا فِي حَقِّ الْأَوَّلِ لِأَنَّ الْمُغَيَّرَ يُغَيَّرُ بِشَرْطِ الْوَصْلِ وَلَمْ يُوجَدْ ثُمَّ لَمَّا أَقَرَّ لِلثَّالِثِ فَقَدْ زَعَمَ أَنَّهُ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا يَصْدُقُ فِي حَقِّ الثَّالِثِ لَا الْأَوَّلَيْنِ لِمَا ذَكَرْنَا مَدْفُوعٌ (بِأَنَّهُ) أَيْ كُلًّا مِنْ بُطْلَانِ نِكَاحِ الثَّانِيَةِ وَعِتْقِ كُلٍّ مِنْ الْأَعْبُدِ الثَّلَاثَةِ (لِلتَّوَقُّفِ) لِصَدْرِ الْكَلَامِ عَلَى آخِرِهِ (لِمُغَيِّرِهِ مِنْ صِحَّةٍ إلَى فَسَادٍ بِالضَّمِّ فِي الْأَوَّلِ) أَيْ فِي نِكَاحِ الْأُخْتَيْنِ (وَمِنْ كَمَالِ الْعِتْقِ إلَى تَجْزِئَتِهِ) لِلْعِتْقِ (عِنْدَهُ) أَيْ أَبِي حَنِيفَةَ (مِنْ بَرَاءَةٍ) لِذِمَّتِهِ (إلَى شَغْلٍ) لَهَا (عِنْدَ الْكُلِّ) أَيْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ فَإِنَّهُمْ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَسْعَى فِي ثُلُثَيْ قِيمَتِهِ غَيْرَ أَنَّهُ عِنْدَهُ رَقِيقٌ فِي الْأَحْكَامِ كَالْمُكَاتَبِ إلَّا أَنَّهُ لَا يُرَدُّ إلَى الرِّقِّ بِالْعَجْزِ وَعِنْدَهُمَا كَالْحُرِّ الْمَدْيُونِ (بِخِلَافِ النَّقْضَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ) أَيْ النَّقْضِ بِالْبَيْنُونَةِ بِوَاحِدَةٍ فِي تَنْجِيزِ الطَّلَاقِ بِطَالِقٍ وَطَالِقٍ وَطَالِقٍ وَالنَّقْضِ بِبُطْلَانِ نِكَاحِ الْأَمَةِ الثَّانِيَةِ فِي هَذِهِ حُرَّةٌ وَهَذِهِ (لِأَنَّ الضَّمَّ) لِلطَّلَاقِ الْكَائِنِ بَعْدَ الْأَوَّلِ إلَى مَا قَبْلَهُ (لَا يُغَيِّرُ مَا قَبْلَهُ مِنْ الْوُقُوعِ وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: الضَّمُّ الْمُفْسِدُ لَهُمَا) أَيْ لِنِكَاحِ الْأُخْتَيْنِ هُوَ الضَّمُّ (الدَّفْعِيُّ كَتَزَوَّجْتُهُمَا وَأَجَزْتُهُمَا) أَيْ نِكَاحَ الْأُخْتَيْنِ لِأَنَّهُ جَمْعٌ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ (لَا) الضَّمُّ (الْمُرَتَّبُ لَفْظًا لِأَنَّهُ) أَيْ الْفَسَادَ لَهُمَا فِيهِ (فَرْعُ التَّوَقُّفِ) لِلْأَوَّلِ عَلَى الْآخَرِ (وَلَا مُوجِبَ لَهُ) أَيْ لِلتَّوَقُّفِ (فَيَصِحُّ الْأُولَى) أَيْ نِكَاحُهَا (دُونَ الثَّانِيَةِ كَمَا لَوْ كَانَ) الضَّمُّ (بِمَفْصُولٍ) أَيْ بِكَلَامٍ مُتَأَخِّرٍ عَنْ الْأَوَّلِ بِزَمَانٍ اسْتَدَلَّ (الْمُرَتِّبُونَ) بِقَوْلِهِ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا} [الحج: 77] وَثُبُوتُ الْوَاوِ فِي ارْكَعُوا كَمَا فِي النُّسَخِ سَهْوٌ فَفُهِمَ مِنْهُ أَنَّ السُّجُودَ بَعْدَ الرُّكُوعِ وَلَوْلَا الْوَاوُ لِلتَّرْتِيبِ لَمْ يَتَعَيَّنْ فَكَانَتْ حَقِيقَةً فِيهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْمَجَازِ (وَسُؤَالُهُمْ) أَيْ الصَّحَابَةِ (لَمَّا نَزَلَ {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ} [البقرة: 158] بِمَ نَبْدَأُ) كَذَا ذَكَرَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْمَشَايِخِ وَلَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ مُخَرَّجًا وَإِنَّمَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ جَابِرٍ «ثُمَّ خَرَجَ يَعْنِي النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مِنْ الْبَابِ إلَى الصَّفَا فَلَمَّا دَنَا مِنْ الصَّفَا قَرَأَ {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} [البقرة: 158] أَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ فَبَدَأَ بِالصَّفَا» الْحَدِيثُ وَهُوَ بِصِيغَةِ الْفِعْلِ الْمُضَارِعِ لِلْمُتَكَلِّمِ وَيُؤَيِّدُهُ رِوَايَةُ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ نَبْدَأُ وَهُوَ عِنْدَ النَّسَائِيّ وَالدَّارَقُطْنِيّ ابْدَءُوا بِصِيغَةِ الْأَمْرِ وَلَوْلَا أَنَّهَا لِلتَّرْتِيبِ لَمَا سَأَلُوهُ وَلَمَا قَالَ: أَبْدَأُ وَابْدَءُوا بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ وَلَمَا وَجَبَ الِابْتِدَاءُ إذْ لَا مُوجِبَ لَهُ غَيْرُهُ
(وَإِنْكَارُهُمْ) أَيْ الصَّحَابَةِ (عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ تَقْدِيمَ الْعُمْرَةِ) عَلَى الْحَجِّ (مَعَ {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: 196] فَإِنَّ جَعْلَ هَذِهِ الْآيَةَ مُسْتَنِدَ إنْكَارِهِمْ عَلَيْهِ دَلِيلُ فَهْمِهِمْ التَّرْتِيبَ مِنْهَا بِوَاسِطَةِ الْوَاوِ وَهُمْ أَهْلُ اللِّسَانِ وَهَذَا ذَكَرَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْمَشَايِخِ وَلَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ مُخَرَّجًا أَيْضًا (وَبِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «بِئْسَ الْخَطِيبُ أَنْتَ لِقَائِلِ وَمَنْ يَعْصِهِمَا أَيْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ غَوَى» كَمَا بَيَّنَهُ قَوْلُهُ (هَلَّا قُلْت وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ) كَذَا فِي الْبَدِيعِ وَلَمْ أَقِفْ عَلَى هَلَّا مُخَرَّجًا وَاَلَّذِي فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ «قُلْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ» فَلَوْ لَمْ تَكُنْ لِلتَّرْتِيبِ لَمَا فَرَّقَ بَيْنَ الْعِبَارَتَيْنِ بِالْإِنْكَارِ عَلَى مَا بِالْوَاوِ فَإِنَّهُ كَمَا قَالَ (وَلَا فَرْقَ) بَيْنَهُمَا (إلَّا بِالتَّرْتِيبِ وَبِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ التَّرْتِيبَ اللَّفْظِيَّ لِلتَّرَتُّبِ الْوُجُودِيِّ وَالْجَوَابُ عَنْ الْأَوَّلِ) أَيْ ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا (بِأَنَّهُ) أَيْ التَّرْتِيبَ بَيْنَهُمَا (مِنْ) قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَتَقَدَّمَ فِي مَسْأَلَةِ إذَا نُقِلَ فِعْلُهُ صلى الله عليه وسلم بِصِيغَةٍ لَا عُمُومَ لَهَا إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ مُوَافَقَةِ حُكْمٍ لِدَلِيلِ كَوْنِهِ مِنْهُ وَمِنْ عَدَمِ دَلَالَتِهِ عَلَيْهِ عَدَمُ الدَّلَالَةِ مُطْلَقًا (وَعَنْ الثَّانِي) أَيْ عَنْ سُؤَالِهِمْ