الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
طَالِقٌ ثُمَّ اشْتَرَى عَبْدًا لِغَيْرِهِ يَحْنَثُ فَضْلًا عَنْ اشْتِرَاطِ الْغِنَى فَإِذَا الشَّرْطُ شِرَاءُ عَبْدٍ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ شَرْطِ الِاجْتِمَاعِ وَقَدْ حَصَلَ يُوَضِّحُهُ مَا حُكِيَ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي بَكْرٍ الْإِسْكَافِ وَكَانَ إمَامًا بِبَلْخٍ وَلَهُ بَوَّابٌ يُقَالُ لَهُ إِسْحَاقُ فَكَانَ إذَا أَرَادَ تَفْهِيمَ أَصْحَابِهِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ دَعَاهُ وَقَالَ: هَلْ اشْتَرَيْت بِمِائَتَيْ دِرْهَمٍ؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ بِأُلُوفٍ ثُمَّ يَقُولُ هَلْ مَلَكْت مِائَتَيْ دِرْهَمٍ؟ فَيَقُولُ: وَاَللَّهِ مَا مَلَكْتُهَا قَطُّ ثُمَّ يَقُولُ لِأَصْحَابِهِ: كَمْ تَرَوْنَ أَنَّهُ مَلَكَ مِنْ الدَّرَاهِمِ مُتَفَرِّقَةً وَأَنْفَقَ عَلَى نَفْسِهِ ثُمَّ هَذَا إذَا كَانَ الْعَبْدُ مُنْكَرًا كَمَا ذَكَرْنَا فَإِنْ كَانَ مُعَيَّنًا بِأَنْ قَالَ لِعَبْدٍ: إنْ اشْتَرَيْتُك أَوْ مَلَكْتُك فَأَنْتَ حُرٌّ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا يَعْتِقُ النِّصْفَ الْبَاقِيَ فِي الْوَجْهَيْنِ لِأَنَّ الْعُرْفَ الْمَذْكُورَ إنَّمَا ثَبَتَ فِي الْمُنْكَرِ دُونَ الْمُعِينِ إذْ فِي الْمُعَيَّنِ قَصْدُهُ نَفْيُ مِلْكِهِ عَنْ الْمَحَلِّ وَقَدْ ثَبَتَ مِلْكُهُ فِيهِ وَإِنْ كَانَ فِي أَزْمِنَةٍ مُتَفَرِّقَةٍ فَبَقِيَ عَلَى أَصْلِ الْقِيَاسِ عَلَى أَنَّ الِاجْتِمَاعَ وَالتَّفَرُّقَ مِنْ الْأَوْصَافِ وَالصِّفَةُ فِي الْحَاضِرِ لَغْوٌ ثُمَّ هَذَا إنْ كَانَ الشِّرَاءُ صَحِيحًا فَإِنْ كَانَ فَاسِدًا لَمْ يَعْتِقْ وَإِنْ اشْتَرَاهُ جُمْلَةً لِأَنَّ شَرْطَ حِنْثِهِ وُجِدَ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ وَلَا مِلْكَ لَهُ قَبْلَ الْقَبْضِ فَلَا يَحْنَثُ وَتَنْحَلُّ الْيَمِينُ حَتَّى لَا يَعْتِقَ أَيْضًا بَعْدَ الْقَبْضِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَضْمُونًا بِنَفْسِهِ فِي يَدِهِ حِينَ اشْتَرَاهُ حَتَّى يَنُوبَ قَبْضُهُ عَنْ قَبْضِ الشِّرَاءِ فَيَعْتِقُ لِوُجُودِ الشِّرَاءِ وَتَمَلَّكَهُ بِنَفْسِ الشِّرَاءِ ثُمَّ غَيْرُ خَافٍ أَنَّ الْقَوْلَ بِعِتْقِ النِّصْفِ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ مَاشٍ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ أَمَّا عِنْدَهُمَا فَيَنْبَغِي أَنْ يَعْتِقَ كُلُّهُ ثُمَّ تَجِبُ السِّعَايَةُ أَوْ الضَّمَانُ لِلِاخْتِلَافِ الْمَعْرُوفِ فِي تُجْزِئُ الْإِعْتَاقُ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ
(وَالسَّبَبُ) الْمَحْضُ (لَا يَقْصِدُ) حُصُولَ الْمُسَبَّبِ (بِوَضْعِهِ) يَعْنِي لَمْ يُوضَعْ لِحُصُولِهِ (وَإِنَّمَا يَثْبُتُ) الْمُسَبَّبُ (عَنْ الْمَقْصُودِ) بِالسَّبَبِ اتِّفَاقًا (كَزَوَالِ مِلْكِ الْمُتْعَةِ بِالْعِتْقِ لَمْ يُوضَعْ) الْعِتْقُ (لَهُ) أَيْ لِزَوَالِ مِلْكِ الْمُتْعَةِ (بَلْ يَسْتَتْبِعُهُ) أَيْ بَلْ يَتْبَعُ زَوَالُ مِلْكِ الْمُتْعَةِ (مَا هُوَ) أَيْ السَّبَبُ الَّذِي الْعِتْقُ مَوْضُوعٌ (لَهُ) وَهُوَ زَوَالُ مِلْكِ الرَّقَبَةِ (فَيُسْتَعَارُ) السَّبَبُ (لِلْمُسَبَّبِ لِافْتِقَارِهِ) أَيْ الْمُسَبَّبِ (إلَيْهِ) أَيْ إلَى السَّبَبِ (عَلَى الْبَدَلِ مِنْهُ) أَيْ مِنْ السَّبَبِ الَّذِي هُوَ الْعِتْقُ (وَمِنْ الْهِبَةِ وَالْبَيْعِ) وَالصَّدَقَةِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهَا سَبَبٌ لِزَوَالِ مِلْكِ الرَّقَبَةِ افْتِقَارِ الْحُكْمِ إلَى الْعِلَّةِ لِقِيَامِهِ بِهِ (فَصَحَّ الْعِتْقُ) مَجَازًا (لِلطَّلَاقِ) حَتَّى لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَعْتَقْتُك أَوْ أَنْتِ حُرَّةٌ وَنَوَى الطَّلَاقَ بِهِ وَقَعَ وَإِنَّمَا احْتَاجَ إلَى النِّيَّةِ لِتَعْيِينِ الْمَجَازِ لِأَنَّ الْمَحَلَّ غَيْرُ مُتَعَيِّنٍ لَهُ بَلْ لِحَقِيقَةِ الْوَصْفِ بِالْحُرِّيَّةِ (وَالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ) مَجَازًا (لِلنِّكَاحِ) لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا سَبَبٌ مُفْضٍ لِمِلْكِ الْمُتْعَةِ (وَمَنَعَ الشَّافِعِيُّ هَذَا) التَّجَوُّزَ بِهِمَا عَنْهُ (لِانْتِفَاءِ) الْعَلَاقَةِ (الْمَعْنَوِيَّةِ) بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمَا (لَا يَنْفِي غَيْرَهَا) وَهُوَ السَّبَبِيَّةُ الْمَحْضَةُ الَّتِي هِيَ أَحَدُ نَوْعَيْ الْعَلَاقَةِ الصُّورِيَّةِ وَبِهَا كِفَايَةٌ (وَلَا عَكْسَ) أَيْ وَلَا يَتَجَوَّزُ بِالْمُسَبَّبِ عَنْ السَّبَبِ (خِلَافًا لَهُ) أَيْ لِلشَّافِعِيِّ فَإِنَّهُ جَوَّزَهُ (فَصَحَّ عِنْدَهُ الطَّلَاقُ) مَجَازًا (لِلْعِتْقِ لِشُمُولِ الْإِسْقَاطِ) فِيهِمَا لِأَنَّ فِي الْإِعْتَاقِ إسْقَاطَ مِلْكِ الرَّقَبَةِ وَإِزَالَتَهُ وَفِي الطَّلَاقِ إسْقَاطَ مِلْكِ الْمُتْعَةِ وَإِزَالَتَهُ وَالِاتِّصَالُ الْمَعْنَوِيُّ عَلَاقَةٌ مُجَوِّزَةٌ لِلْمَجَازِ كَمَا تَقَدَّمَ (وَالْحَنَفِيَّةُ تَمْنَعُهُ) أَيْ التَّجَوُّزُ بِالطَّلَاقِ عَنْ الْعِتْقِ (وَالْمُجَوِّزُ) لِلتَّجَوُّزِ الْمَعْنَى الْمُشْتَرَكُ بَيْنَ الْمُتَجَوِّزِ وَالْمُتَجَوَّزِ عَنْهُ عَلَى وَجْهٍ يَكُونُ فِي الْمُتَجَوَّزِ عَنْهُ أَقْوَى مِنْهُ فِي الْمُتَجَوِّزِ (الْمَشْهُورُ الْمُعْتَبَرُ) أَيْ الثَّابِتُ اعْتِبَارُهُ عَنْ الْوَاضِعِ نَوْعًا بِاسْتِعْمَالِهِ اللَّفْظَ بِاعْتِبَارِ جُزْئِيٍّ مِنْ جُزْئِيَّاتِ الْمُشْتَرَكِ الْمَذْكُورِ أَوْ نَقْلِ اعْتِبَارِهِ عَنْهُ (وَلَمْ يَثْبُتْ) هَذَا بِالتَّجَوُّزِ (بِالْفَرْعِ) أَيْ الْمُسَبَّبِ عَنْ الْأَصْلِ أَيْ السَّبَبِ (بَلْ) ثَبَتَ هَذَا فِي التَّجَوُّزِ (بِالْأَصْلِ) عَنْ الْفَرْعِ (إذْ لَمْ يُجِيزُوا الْمَطَرَ لِلسَّمَاءِ بِخِلَافِ قَلْبِهِ) أَيْ وَأَجَازُوا السَّمَاءَ لِلْمَطَرِ فَنُقِلَ عَنْهُمْ مَا زِلْنَا نَطَأُ السَّمَاءَ حَتَّى أَتَيْنَاكُمْ أَيْ الْمَطَرَ (مَعَ اشْتِرَاكِهِمَا) أَيْ السَّبَبِ وَالْمُسَبَّبِ (فِي) الِاتِّصَالِ (الصُّورِيِّ) فَوَجَبَ مُرَاعَاةُ طَرِيقِهِمْ (فَلَا يَصِحُّ طَالِقٌ أَوْ بَائِنٌ أَوْ حَرَامٌ لِلْعِتْقِ) عِنْدَ أَصْحَابِنَا وَمَزِيدُ الْكَلَامِ فِي هَذِهِ لَهُ مَوْضِعٌ غَيْرُ هَذَا (إلَّا أَنْ يَخْتَصَّ) الْمُسَبَّبُ (بِالسَّبَبِ) بِحَيْثُ لَا يُوجَدُ الْمُسَبَّبُ بِدُونِهِ (فَكَالْمَعْلُولِ) أَيْ فَيَجُوزُ التَّجَوُّزُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا عَنْ الْآخَرِ كَمَا فِي الْعِلَّةِ وَالْمَعْلُولِ لِأَنَّهُمَا يَصِيرَانِ فِي مَعْنَاهُمَا كَالنَّبْتِ لِلْغَيْثِ وَبِالْعَكْسِ كَمَا تَقَدَّمَ عَلَى مَا فِيهِ مِنْ بَحْثٍ.
[مَسْأَلَة الْمَجَازِ خُلْفٌ عَنْ الْحَقِيقَةِ]
(مَسْأَلَةُ الْمَجَازِ خُلْفٌ) عَنْ الْحَقِيقَةِ (اتِّفَاقًا) أَيْ فَرْعٌ لَهَا بِمَعْنَى أَنَّ الْحَقِيقَةَ هِيَ الْأَصْلُ الرَّاجِحُ الْمُقَدَّمُ فِي الِاعْتِبَارِ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي جِهَةِ الْخَلْفِيَّةِ (فَأَبُو حَنِيفَةَ) خُلْفٌ عَنْهَا (فِي التَّكَلُّمِ)
حَتَّى يَكْفِيَ صِحَّةُ اللَّفْظِ مِنْ حَيْثُ الْعَرَبِيَّةُ صَحَّ مَعْنَاهُ أَوْ لَا (فَالْمُتَكَلِّمُ بِهَذَا ابْنِي فِي التَّحْرِيرِ) الَّذِي هُوَ مَعْنًى مَجَازِيٌّ لَهُ خُلْفٌ (عَنْ التَّكَلُّمِ بِهِ) أَيْ بِهَذَا ابْنِي (فِي النَّسَبِ) أَيْ فِي ثُبُوتِ الْبُنُوَّةِ الَّذِي هُوَ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيُّ لَهُ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ فِي ثُبُوتِ الْخَلْفِيَّةِ إلَى الْحُكْمِ ثُمَّ يَثْبُتُ الْحُكْمُ بِهِ وَهُوَ الْعِتْقُ بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ التَّكَلُّمِ لَا خُلْفًا عَنْ شَيْءٍ كَمَا يَثْبُتُ حُكْمُ الْحَقِيقَةِ بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ التَّكَلُّمِ (وَهُمَا) خُلْفٌ عَنْهَا (فِي حُكْمِهَا فَأَنْتَ ابْنِي لِعَبْدِهِ الْأَكْبَرِ مِنْهُ) مَجَازٌ (عَنْ عِتْقٍ عَلَى مَنْ وَقَّتَ مُلْكَتَهُ عِنْدَهُ) أَيْ أَبِي حَنِيفَةَ اسْتِعْمَالًا لِاسْمِ الْمَلْزُومِ فِي لَازِمِهِ (وَقَالَا: لَا) يَعْتِقُ (لِعَدَمِ إمْكَانِ الْحَقِيقِيِّ) وَإِذَا لَمْ يُمْكِنُ لَمْ يُمْكِنْ حُكْمُهُ وَهُوَ الْعِتْقُ لِأَنَّ شَرْطَ صِحَّةِ الْخُلْفِ إمْكَانُ الْأَصْلِ (فَلَغَا) وَإِنَّمَا اعْتَبَرَا الْخَلْفِيَّةَ فِي الْحُكْمِ (لِأَنَّ الْحُكْمَ) هُوَ (الْمَقْصُودُ فَالْخَلْفِيَّةُ بِاعْتِبَارِهِ) أَيْ الْحُكْمِ (أَوْلَى وَقَدْ يَلْحَقُ) عَدَمُ الْعِتْقِ فِي هَذِهِ (بِعَدَمِ انْعِقَادِ الْحَلِفِ لَيَشْرَبَنَّ مَاءَ الْكُوزِ وَلَا مَاءً لِعَدَمِ تَصَوُّرِهِ) أَيْ حُكْمِ الْأَصْلِ فِي كِلَيْهِمَا وَالْخُلْفُ إنَّمَا يَصِيرُ خُلْفًا عَنْ الْأَصْلِ إذَا أَمْكَنَ الْأَصْلُ وَلَا إمْكَانَ لَهُ فِيهِمَا (وَعَنْ هَذَا) أَيْ اشْتِرَاطِ تَصَوُّرِ حُكْمِ الْأَصْلِ لِلْخُلْفِ (لَغَا قُطِعَتْ يَدُك) خَطَأً (إذَا أَخْرَجَهُمَا) أَيْ الْيَدَيْنِ (صَحِيحَتَيْنِ وَلَمْ يَجْعَلْ مَجَازًا عَنْ الْإِقْرَارِ بِالْمَالِ) أَيْ دِيَةَ الْيَدِ لِعَدَمِ إمْكَانِ مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيِّ وَتَعَقَّبَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ (لَكِنْ لَا يَلْزَمُ مِنْ لُزُومِ إمْكَانِ مَحَلِّ حُكْمٍ شَرْعِيٍّ) وَهُوَ مَاءُ الْكُوزِ فِي الْمُلْحَقِ بِهِ فَإِنَّهُ مَحَلُّ وُجُوبِ الْبِرِّ (لِتَعَلُّقِ الْحُكْمِ بِخُلْفِهِ) أَيْ الْخِطَابِ بِخُلْفِ ذَلِكَ الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ وَهُوَ الْكَفَّارَةُ لِعَجْزِهِ عَنْ الْبِرِّ (لُزُومُ صِدْقِ مَعْنَى لَفْظٍ) حَقِيقِيٍّ (لِاسْتِعْمَالِهِ) أَيْ لِأَجْلِ اسْتِعْمَالِ ذَلِكَ اللَّفْظِ (مَجَازًا) فِي مَعْنَى مِنْ الْمَعَانِي بَعْدَ صِحَّةِ التَّرْكِيبِ لُغَةً إذْ لَا يَظْهَرُ بَيْنَهُمَا مُلَازَمَةٌ فَلَا يَصِحُّ الْإِلْحَاقُ بِهِ (وَالثَّانِي) أَيْ وَلَغْوُ الْإِقْرَارِ بِقَطْعِ الْيَدِ إذَا أَخْرَجَهُمَا صَحِيحَتَيْنِ لَيْسَ لِتَعَذُّرِ الْحَقِيقِيِّ فَقَطْ بَلْ لِتَعَذُّرِهِ وَ (لِتَعَذُّرِ الْمَجَازِيِّ أَيْضًا فَإِنَّ الْقَطْعَ سَبَبُ مَالٍ مَخْصُوصٍ) وَهُوَ دِيَةُ الْيَدِ عَلَى الْعَاقِلَةِ (فِي سَنَتَيْنِ) لِمَا عُرِفَ أَنَّ مِثْلَهُ تَتَحَمَّلُهُ الْعَاقِلَةُ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ فَظَهَرَ أَنَّهُ كَمَا قَالَ (وَلَيْسَ) هَذَا الْمَالُ الْمَخْصُوصُ هُوَ (الْمُتَجَوَّزُ عَنْهُ) بِالْقَطْعِ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ إثْبَاتُهُ إلَّا بِحَقِيقَةِ الْقَطْعِ فَلَا يُمْكِنُ جَعْلُ اللَّفْظِ تَجَوُّزًا بِالسَّبَبِ عَنْ الْمُسَبَّبِ
(وَالْمُطْلَقُ) أَيْ وَالْمَالُ الْمُطْلَقُ الَّذِي يُمْكِنُ إثْبَاتُهُ (لَيْسَ مُسَبَّبًا عَنْهُ) أَيْ عَنْ الْقَطْعِ فَامْتَنَعَ إيجَابُ الْمَالِ بِهِ مُطْلَقًا فَلَغَا ضَرُورَةً بِخِلَافِ مَا نَحْنُ فِيهِ فَإِنَّ الْحُرِّيَّةَ لَا يَخْتَلِفُ ذَاتُهَا حَاصِلَةً عَنْ لَفْظِ حُرٍّ أَوْ لَفْظِ ابْنِي فَأَمْكَنَ الْمَجَازِيُّ حِينَ تَعَذَّرَ الْحَقِيقِيُّ فَوَجَبَ صَوْنُهُ عَنْ اللَّغْوِ (وَلَهُ) أَيْ لِأَبِي حَنِيفَةَ (أَنَّهُ) أَيْ التَّجَوُّزَ (حُكْمٌ لُغَوِيٌّ يَرْجِعُ لِلَّفْظِ هُوَ) أَيْ الْحُكْمُ (صِحَّةُ اسْتِعْمَالِهِ) أَيْ اللَّفْظِ (لُغَةً فِي مَعْنًى) مَجَازِيٍّ (بِاعْتِبَارِ صِحَّةِ اسْتِعْمَالِهِ) أَيْ اللَّفْظِ (فِي) مَعْنَى (آخَرَ وَضْعِيٍّ) أَيْ حَقِيقِيٍّ (لِمُشَاكَلَتِهِ وَمُطَابَقَتِهِ) أَيْ الْوَضْعِيِّ لِلْوَاقِعِ (لَيْسَتْ جُزْءَ الشَّرْطِ) لِتَجَوُّزٍ عَنْهُ بِغَيْرِهِ (فَكُلٌّ) مِنْ اللَّفْظِ الْحَقِيقِيِّ وَالْمَجَازِيِّ (أَصْلٌ فِي إفَادَةِ حُكْمِهِ فَإِذَا تَكَلَّمَ وَتَعَذَّرَ الْحَقِيقِيُّ وَجَبَ مَجَازِيَّتُهُ فِيمَا ذُكِرَ مِنْ الْإِقْرَارِ) أَيْ الْإِخْبَارِ بِبُنُوَّتِهِ لِأَنَّهُ سَبَبٌ لِحُرِّيَّتِهِ مِنْ حِينِ مِلْكِهِ (فَتَصِيرُ أُمُّهُ أُمَّ وَلَدٍ) لِأَنَّهُ كَمَا جَعَلَ إقْرَارًا بِحُرِّيَّتِهِ جَعَلَ إقْرَارًا بِأُمُومِيَّةِ الْوَلَدِ لِأُمِّهِ لِأَنَّ هَذَا الْحَقَّ يَحْتَمِلُ الْإِقْرَارَ وَمَا تَكَلَّمَ بِهِ سَبَبٌ يُوجِبُ هَذَا الْحَقَّ لَهَا فِي مِلْكِهِ كَمَا هُوَ مُوجِبٌ حَقِيقَةً الْحُرِّيَّةَ لِلْوَلَدِ (وَقِيلَ) وَجَبَ مَجَازِيَّتُهُ (فِي إنْشَائِهِ) الْعِتْقَ وَإِحْدَاثِهِ إيَّاهُ لِأَنَّهُ ذَكَرَ كَلَامًا هُوَ سَبَبٌ لِلتَّحْرِيرِ فِي مِلْكِهِ وَهُوَ الْبُنُوَّةُ (فَلَا تَصِيرُ) أُمُّهُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ إذَا كَانَتْ فِي مِلْكِهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلْعَبْدِ ابْتِدَاءُ تَأْثِيرٍ فِي إثْبَاتِ أُمُومِيَّةِ الْوَلَدِ لِأُمِّهِ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ إيجَابَ ذَلِكَ الْحَقِّ لَهَا بِعِبَارَتِهِ ابْتِدَاءً بَلْ بِفِعْلٍ هُوَ اسْتِيلَادٌ (وَالْأَصَحُّ الْأَوَّلُ) أَيْ مَجَازِيَّتُهُ فِي الْإِخْبَارِ عَنْ عِتْقِهِ (لِقَوْلِهِ) أَيْ مُحَمَّدٍ (فِي) كِتَابِ (الْإِكْرَاهِ إذَا أُكْرِهَ عَلَى هَذَا ابْنِي لِعَبْدِهِ لَا تَعْتِقُ وَالْإِكْرَاهُ يَمْنَعُ صِحَّةَ الْإِقْرَارِ بِالْعِتْقِ لَا إنْشَائِهِ) عَلَى أَنَّهُ لَا ضَرُورَةَ فِي جَعْلِهِ تَحْرِيرًا مُبْتَدَأً وَهُوَ فِي نَفْسِهِ إخْبَارٌ
(فَإِنْ تَحَقَّقَ) الْمَعْنَى الْمَجَازِيُّ بِأَنْ كَانَ عِتْقُهُ قَبْلَ ذَلِكَ (عِتْقٌ مُطْلَقًا) أَيْ قَضَاءً وَدِيَانَةً (وَإِلَّا) لَوْ لَمْ يَتَحَقَّقْ (فَقَضَاءُ) مُؤَاخَذَةٍ لَهُ بِإِقْرَارِهِ لَا دِيَانَةً (لَكَذِبِهِ حَقِيقَةً وَمَجَازًا إلَّا أَنَّهُ قَدْ يَمْنَعُ تَعَيُّنَ الْمَجَازِيِّ) الَّذِي هُوَ (الْعِتْقُ لِجَوَازِ مَعْنَى الشَّفَقَةِ وَدَفْعِهِ) أَيْ تَعَيَّنَ هَذَا الْمَعْنَى (بِتَقَدُّمِ الْفَائِدَةِ الشَّرْعِيَّةِ)