الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْبَيْعَ خَطَأٌ مِنْهُ إذْ لَا يُمْكِنُ إثْبَاتُهُ إلَّا بِهَذَا الطَّرِيقِ بَيْعًا (فَاسِدًا وَلَا رِوَايَةَ فِيهِ) عَنْ أَصْحَابِنَا وَلَكِنْ يَجِبُ هَذَا (لِلِاخْتِيَارِ فِي أَصْلِهِ) أَيْ؛ لِأَنَّ هَذَا الْكَلَامَ صَدَرَ عَنْهُ بِاخْتِيَارِهِ أَوْ لِإِقَامَةِ الْبُلُوغِ عَنْ عَقْلٍ مَقَامَ الْقَصْدِ (وَعَدَمِ الرِّضَا) فَيَنْعَقِدُ لِلِاخْتِيَارِ فِي أَصْلِهِ فَيَفْسُدُ لِعَدَمِ الرِّضَا حَقِيقَةً كَبَيْعِ الْمُكْرَهِ فَيَمْلِكُ الْبَدَلَ بِالْقَبْضِ وَاعْتَرَضَهُ الْمُصَنِّفُ بِأَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ كَالْمُكْرَهِ بَلْ كَالْهَازِلِ بَلْ فَوْقَهُ فَقَالَ (وَالْوَجْهُ أَنَّهُ) أَيْ الْمُخْطِئَ (فَوْقَ الْهَازِلِ إذْ لَا قَصْدَ) لِلْمُخْطِئِ (فِي خُصُوصِ اللَّفْظِ وَلَا حُكْمِهِ) فَإِنَّهُ غَيْرُ مُخْتَارٍ وَلَا رَاضٍ بِالتَّكَلُّمِ بِخُصُوصِ اللَّفْظِ وَلَا بِحُكْمِهِ بِخِلَافِ الْهَازِلِ فَإِنَّهُ مُخْتَارٌ رَاضٍ بِخُصُوصِ اللَّفْظِ غَيْرُ رَاضٍ بِحُكْمِهِ فَأَقَلُّ الْأَمْرِ أَنْ يُجْعَلَ كَالْهَازِلِ فَلَا يَمْلِكُ الْمَبِيعَ بِالْقَبْضِ كَالْهَازِلِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
[الْإِكْرَاهُ مِنْ عَوَارِضُ الْأَهْلِيَّةِ الْمُكْتَسَبَةُ]
(وَأَمَّا مَا) هُوَ مُكْتَسَبٌ (مِنْ غَيْرِهِ فَالْإِكْرَاهُ حَمْلُ الْغَيْرِ عَلَى مَا لَا يَرْضَاهُ) مِنْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ وَلَا يَخْتَارُ مُبَاشَرَتَهُ لَوْ تُرِكَ وَنَفْسُهُ (وَهُوَ مُلْجِئٌ) بِأَنْ يُضْطَرَّ الْفَاعِلُ إلَى مُبَاشَرَةِ الْمُكْرَهِ عَلَيْهِ (بِمَا يُفَوِّتُ النَّفْسَ أَوْ الْعُضْوَ) وَلَوْ أُنْمُلَةً؛ لِأَنَّ حُرْمَتَهُ كَحُرْمَةِ النَّفْسِ (بِغَلَبَةِ ظَنِّهِ وَإِلَّا) إذَا لَمْ يَغْلِبْ عَلَى ظَنِّهِ تَفْوِيتُ أَحَدِهِمَا بَلْ إنَّ ذَلِكَ تَهْدِيدٌ وَتَخْوِيفٌ لَا تَحْقِيقٌ (لَا) يَكُونُ إكْرَاهًا أَصْلًا (فَيُفْسِدُ الِاخْتِيَارَ) بِأَنْ يَجْعَلَهُ مُسْتَنِدًا إلَى اخْتِيَارٍ آخَرَ لَا أَنَّهُ يَعْدَمُهُ أَصْلًا إذْ حَقِيقَتُهُ الْقَصْدُ إلَى مَقْدُورٍ مُتَرَدِّدٍ بَيْنَ الْوُجُودِ وَالْعَدَمِ بِتَرْجِيحِ أَحَدِ جَانِبَيْهِ عَلَى الْآخَرِ، فَإِنْ اسْتَقَلَّ الْفَاعِلُ فِي قَصْدِهِ فَصَحِيحُ وَإِلَّا فَفَاسِدٌ (وَيَعْدَمُ الرِّضَا وَغَيْرَهُ) أَيْ وَغَيْرَ مُلْجِئٍ لِكَوْنِ الْحَمْلِ عَلَى الْمُكْرَهِ عَلَيْهِ (بِضَرْبٍ لَا يُفْضِي إلَى تَلَفِ عُضْوٍ وَحَبْسٍ فَإِنَّمَا يَعْدَمُ الرِّضَا) خَاصَّةً (لِتَمَكُّنِهِ) أَيْ الْمُكْرَهِ (مِنْ الصَّبْرِ) عَلَى الْمُكْرَهِ بِهِ (فَلَا يُفْسِدُهُ) أَيْ هَذَا الِاخْتِيَارَ الْإِكْرَاهُ
(وَأَمَّا) تَهْدِيدُهُ (بِحَبْسِ نَحْوَ ابْنِهِ) وَأَبِيهِ وَأُمِّهِ وَزَوْجَتِهِ وَكُلِّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ كَأُخْتِهِ وَأَخِيهِ؛ لِأَنَّ الْقَرَابَةَ الْمُتَأَيِّدَةَ بِالْمَحْرَمِيَّةِ بِمَنْزِلَةِ الْوِلَادِ (فَقِيَاسٌ وَاسْتِحْسَانٌ فِي أَنَّهُ إكْرَاهٌ) الْقِيَاسُ أَنَّهُ لَيْسَ بِإِكْرَاهٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْحَقُهُ ضَرَرٌ بِذَلِكَ وَالِاسْتِحْسَانُ أَنَّهُ إكْرَاهٌ؛ لِأَنَّ بِحَبْسِهِمْ يَلْحَقُ بِهِ مِنْ الْحُزْنِ وَالْهَمِّ مَا يَلْحَقُ بِحَبْسِ نَفْسِهِ أَوْ أَكْثَرُ فَكَمَا أَنَّ التَّهْدِيدَ فِي حَقِّهِ بِذَلِكَ يُعْدِمُ تَمَامَ الرِّضَا فَكَذَا التَّهْدِيدُ بِحَبْسِ أَحَدِهِمْ.
قَالَ الْمُصَنِّفُ وَالتَّعْلِيلُ يَقْتَضِي أَنَّ فِي قَطْعِ يَدِ نَحْوِ ابْنِهِ أَوْ قَتْلِهِ فِي كَوْنِهِ إكْرَاهًا قِيَاسٌ وَاسْتِحْسَانٌ (وَهُوَ) أَيْ الْإِكْرَاهُ (مُطْلَقًا) أَيْ مُلْجِئًا كَانَ أَوْ غَيْرَ مُلْجِئٍ (لَا يُنَافِي أَهْلِيَّةَ الْوُجُوبِ) عَلَى الْمُكْرَهِ (لِلذِّمَّةِ) أَيْ لِقِيَامِ الذِّمَّةِ (وَالْعَقْلِ) وَالْبُلُوغِ (وَلِأَنَّ مَا أُكْرِهَ عَلَيْهِ قَدْ يُفْتَرَضُ) فِعْلُهُ (كَالْإِكْرَاهِ بِالْقَتْلِ عَلَى الشُّرْبِ) لِلْمُسْكِرِ وَلَوْ خَمْرًا (فَيَأْثَمُ بِتَرْكِهِ) أَيْ تَرْكِ شُرْبِهِ عَالِمًا بِسُقُوطِ حُرْمَتِهِ كَمَا سَيَأْتِي لِإِبَاحَتِهِ فِي حَقِّهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِلا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ} [الأنعام: 119] وَالْإِقْدَامُ عَلَى الْمُبَاحِ عِنْدَ الْإِكْرَاهِ فَرْضٌ (وَيَحْرُمُ كَعَلَى قَتْلِ مُسْلِمٍ ظُلْمًا فَيُؤْجَرُ عَلَى التَّرْكِ كَعَلَى إجْرَاءِ كَلِمَةِ الْكُفْرِ) عَلَى لِسَانِهِ لِمَا سَتَعْلَمُ (بِخِلَافِ الْمُبَاحِ كَالْإِفْطَارِ لِلْمُسَافِرِ) فِي رَمَضَانَ فَإِنَّهُ لَا يُؤْجَرُ عَلَى التَّرْكِ بَلْ يَأْثَمُ لِصَيْرُورَتِهِ فَرْضًا بِالْإِكْرَاهِ كَمَا تَقَدَّمَ وَلَوْ قَالَ سَالِفًا كَالْإِكْرَاهِ بِالْقَتْلِ عَلَى الشُّرْبِ وَالْإِفْطَارِ لَكَانَ أَوْلَى وَاسْتَغْنَى عَنْ هَذَا وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا أُكْرِهَ عَلَيْهِ فَرْضٌ وَمُبَاحٌ وَرُخْصَةٌ وَحَرَامٌ وَيُؤْجَرُ عَلَى التَّرْكِ فِي الْحَرَامِ وَالرُّخْصَةِ وَيَأْثَمُ فِي الْفَرْضِ وَالْمُبَاحِ وَكُلُّ مِنْ الْأَجْرِ وَالْإِثْمِ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ تَعَلُّقِ الْخِطَابِ وَالْمُرَادُ بِالْإِبَاحَةِ جَوَازُ الْفِعْلِ وَلَوْ تَرَكَهُ وَصَبَرَ حَتَّى قُتِلَ لَمْ يَأْثَمْ، وَلَمْ يُؤْجَرْ وَبِالرُّخْصَةِ جَوَازُ الْفِعْلِ وَلَوْ تَرَكَهُ وَصَبَرَ حَتَّى قُتِلَ يُؤْجَرُ عَمَلًا بِالْعَزِيمَةِ وَبِهَذَا سَقَطَ الِاعْتِرَاضُ بِأَنَّهُ إنْ أُرِيدَ بِالْإِبَاحَةِ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ الْفِعْلُ وَلَوْ تَرَكَهُ وَصَبَرَ حَتَّى قُتِلَ لَا يَأْثَمُ فَهِيَ مَعْنَى الرُّخْصَةِ وَإِنْ أُرِيدَ أَنَّهُ لَوْ تَرَكَهُ يَأْثَمُ فَهُوَ مَعْنَى الْفَرْضِ.
(وَلَا يُنَافِي الِاخْتِيَارَ) ؛ لِأَنَّهُ حَمْلٌ لِلْفَاعِلِ عَلَى أَنْ يَخْتَارَ مَا لَا يَرْضَاهُ كَمَا تَقَدَّمَ (بَلْ الْفِعْلُ عَنْهُ) أَيْ الْإِكْرَاهِ (اخْتِيَارُ أَخَفِّ الْمَكْرُوهَيْنِ) عِنْدَ الْفَاعِلِ مِنْ الْمُكْرَهِ بِهِ وَالْمُكْرَهِ عَلَيْهِ (ثُمَّ أَصْلُ الشَّافِعِيِّ) أَيْ الْأَمْرُ الْكُلِّيِّ الَّذِي بَنَى الشَّافِعِيُّ عَلَيْهِ الْأَحْكَامَ فِي بَابِ الْإِكْرَاهِ (أَنَّهُ) أَيْ الْإِكْرَاهَ مَا كَانَ مِنْهُ (بِغَيْرِ حَقٍّ إنْ كَانَ عُذْرًا شَرْعًا بِأَنْ يَجْعَلَ الشَّارِعُ) وَالْأَحْسَنُ بِأَنْ يُحِلَّ (لِلْفَاعِلِ الْإِقْدَامَ) عَلَى الْفِعْلِ كَمَا قَالَ فِي قَسِيمِهِ الْآتِي بِأَنْ لَا يُحِلَّ (قَطْعَ) الْإِكْرَاهِ (الْحُكْمَ) أَيْ حُكْمَ الْمُكْرَهِ عَلَيْهِ (عَنْ فِعْلِ الْفَاعِلِ)
سَوَاءٌ أُكْرِهَ عَلَى (قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ؛ لِأَنَّ صِحَّةَ الْقَوْلِ) يَكُونُ (بِقَصْدِ الْمَعْنَى وَ) صِحَّةُ (الْعَمَلِ بِاخْتِيَارِهِ) لِيَكُونَ تَرْجَمَةً عَمَّا فِي الضَّمِيرِ وَدَلِيلًا عَلَيْهِ (وَهُوَ) أَيْ الْإِكْرَاهُ (يُفْسِدُهُمَا) أَيْ الْقَصْدَ وَالِاخْتِيَارَ؛ لِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُكْرَهَ إنَّمَا تَكَلَّمَ لِدَفْعِ الضَّرَرِ عَنْ نَفْسِهِ لَا لِنَيْلِ مَا هُوَ الْمَقْصُودُ فِي قَلْبِهِ فَلَا يَكُونُ مُعْتَبَرًا (وَأَيْضًا نِسْبَةُ الْفِعْلِ إلَيْهِ) أَيْ الْفَاعِلِ (بِلَا رِضَاهُ إلْحَاقَ الضَّرَرِ بِهِ) وَهُوَ غَيْرُ جَائِزٍ؛ لِأَنَّهُ مَعْصُومٌ مُحْتَرَمُ الْحُقُوقِ (وَعِصْمَتُهُ) أَيْ الْفَاعِلِ (تَدْفَعُهُ) أَيْ الضَّرَرَ عَنْهُ بِدُونِ رِضَاهُ لِئَلَّا يَفُوتَ حَقُّهُ بِلَا اخْتِيَارِهِ ثُمَّ إذَا قَطَعَ الْحُكْمَ عَنْ الْفَاعِلِ بِقَوْلٍ (إنْ أَمْكَنَ نِسْبَتُهُ) أَيْ الْفِعْلِ (إلَى الْحَامِلِ) وَهُوَ الْمُكْرَهُ بِإِمْكَانِ أَنْ يُبَاشِرَهُ الْحَامِلُ بِنَفْسِهِ وَذَلِكَ فِي الْأَفْعَالِ.
(كَعَلَى إتْلَافِ الْمَالِ نُسِبَ) الْفِعْلُ (إلَيْهِ) أَيْ الْحَامِلِ وَيَكُونُ هُوَ الْمُؤَاخَذُ بِهِ وَيُجْعَلُ الْفَاعِلُ آلَةً لِلْحَامِلِ (وَإِلَّا) لَوْ لَمْ يُمْكِنْ نِسْبَتُهُ إلَى الْحَامِلِ (بَطَلَ) بِالْكُلِّيَّةِ، وَلَمْ يُؤَاخَذْ بِهِ أَحَدٌ (كَعَلَى الْأَقْوَالِ إقْرَارٌ وَبَيْعٌ وَغَيْرُهُمَا) كَمَا سَيَتَّضِحُ قَرِيبًا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى (وَإِنْ لَمْ يَكُنْ) الْإِكْرَاهُ (عُذْرًا بِأَنْ لَا يُحِلُّ) لِلْفَاعِلِ الْإِقْدَامَ عَلَى الْفِعْلِ (كَعَلَى الْقَتْلِ وَالزِّنَا لَا يَقْطَعُهُ) أَيْ الْحُكْمُ (عَنْهُ) أَيْ الْفَاعِلِ (فَيَقْتَصُّ مِنْهُ الْمُكْرَهُ) الَّذِي هُوَ الْقَاتِلُ بِالْقَتْلِ (وَيُحَدُّ) الْمُكْرَهُ الَّذِي هُوَ الزَّانِي بِالزِّنَا، فَإِنْ قِيلَ يُشْكِلُ هَذَا بِالِاقْتِصَاصِ مِنْ الْحَامِلِ أَيْضًا أُجِيبَ لَا (وَإِنَّمَا يُقْتَصُّ مِنْ الْحَامِلِ أَيْضًا عِنْدَهُ بِالتَّسْبِيبِ) فِي قَتْلِهِ بِإِكْرَاهِهِ أَوْ هُوَ كَالْمُبَاشَرَةِ فِي إيجَابِ الْقِصَاصِ إذَا تَعَيَّنَ لِلْقَتْلِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ شَرْعِهِ الْإِحْيَاءُ بِسَدِّ بَابِ الْقَتْلِ عَدُوَّانَا وَالْقَتْلُ بِالْإِكْرَاهِ شَائِعٌ مِنْ أَهْلِ الْجَوْرِ فَلَوْ لَمْ يَجِبْ الْقِصَاصُ عَلَى الْمُلْجِئِ لَانْفَتَحَ بَابُ الْقَتْلِ (وَمَا) كَانَ مِنْ الْإِكْرَاهِ (بِحَقٍّ لَا يَقْطَعُ) نَفْسَ الْفِعْلِ عَنْ الْفَاعِلِ (فَصَحَّ إسْلَامُ الْحَرْبِيِّ وَبَيْعُ الْمَدْيُونِ الْقَادِرِ) عَلَى وَفَاءِ دَيْنِهِ (مَالَهُ لِلْإِيفَاءِ وَطَلَاقُ الْمُولِي) عَلَى صِيغَةِ اسْمِ الْفَاعِلِ مِنْ زَوْجَتِهِ مِنْ الْإِيلَاءِ (بَعْدَ الْمُدَّةِ مُكْرَهِينَ) أَيْ حَالَ كَوْنِ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ هُمْ الْحَرْبِيُّ وَالْمَدْيُونُ وَالْمُولِي مُكْرَهِينَ عَلَى الْإِسْلَامِ وَالْبَيْعِ وَالطَّلَاقِ وَبَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةِ الْإِيلَاءِ؛ لِأَنَّ إكْرَاهَ الْحَرْبِيِّ عَلَى الْإِسْلَامِ جَائِزٌ فَعُدَّ اخْتِيَارُهُ قَائِمًا فِي حَقِّهِ إعْلَاءً لِلْإِسْلَامِ كَمَا عُدَّ قَائِمًا فِي حَقِّ السَّكْرَانِ زَجْرًا لَهُ.
(بِخِلَافِ إسْلَامِ الذِّمِّيِّ) بِالْإِكْرَاهِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ عِنْدَهُ؛ لِأَنَّ إكْرَاهَهُ عَلَيْهِ غَيْرُ جَائِزٍ؛ لِأَنَّا أُمِرْنَا أَنْ نَتْرُكَهُمْ وَمَا يَدِينُونَ فَلَا يُمْكِنُ جَعْلُ اخْتِيَارِهِ قَائِمًا فَلَا يُعْتَدُّ بِهِ وَلِصِحَّةِ إكْرَاهِ كُلٍّ مِنْ الْمَدْيُونِ وَالْمَوْلَى عَلَى الْإِيفَاءِ وَالطَّلَاقُ بَعْدَ الْمُدَّةِ لِكَوْنِهِ ظَالِمًا بِالِامْتِنَاعِ عَنْ الْقِيَامِ بِمَا هُوَ حَقٌّ عَلَيْهِ وَقَيَّدَ بِقَوْلِهِ بَعْدَ الْمُدَّةِ؛ لِأَنَّ إكْرَاهَهُ عَلَى الطَّلَاقِ قَبْلَ مُضِيِّهَا بَاطِلٌ فَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ (وَالْإِكْرَاهُ بِحَبْسٍ مُخَلَّدٍ وَضَرْبٍ مُبَرِّحٍ) أَيْ شَدِيدٍ (وَقَتْلٍ سَوَاءٌ عِنْدَهُ) أَيْ الشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّ فِي الْحَبْسِ ضَرَرًا كَالْقَتْلِ وَالْعِصْمَةُ تَقْتَضِي دَفْعَ الضَّرَرِ (بِخِلَافِ نَحْوِ إتْلَافِ الْمَالِ وَإِذْهَابِ الْجَاهِ) فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ إكْرَاهًا (وَأَصْلُ الْحَنَفِيَّةِ) أَيْ الْأَمْرُ الْكُلِّيُّ الَّذِي يَتَفَرَّعُ عَلَيْهِ الْأَحْكَامُ فِي بَابِ الْإِكْرَاهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ (أَنَّ الْمُكْرَهَ عَلَيْهِ إمَّا قَوْلٌ لَا يَنْفَسِخُ) كَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ (فَيَنْفُذُ كَمَا) يَنْفُذُ (فِي الْهَزْلِ) بَلْ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ مُنَافٍ لِلِاخْتِيَارِ وَالْإِكْرَاهُ مُفْسِدٌ لَهُ لَا مُنَافٍ (مَعَ الِاقْتِصَارِ عَلَى الْمُكْرَهِ) أَيْ الْفَاعِلِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ آلَةً لِلْحَامِلِ فِيهِ (إلَّا مَا أَتْلَفَ) مِنْ الْمَالِ عَلَى نَفْسِهِ بِإِكْرَاهِهِ (كَالْعِتْقِ فَيُجْعَلُ) الْفَاعِلُ (آلَةً) لِلْحَامِلِ فِي إتْلَافِ مَالِيَّةِ الْعَتِيقِ؛ لِأَنَّ الْإِتْلَافَ يَحْتَمِلُ ذَلِكَ (فَيَضْمَنُ) الْحَامِلُ لِلْفَاعِلِ قِيمَةَ الْعَبْدِ مُوسِرًا كَانَ أَوْ مُعْسِرًا؛ لِأَنَّ هَذَا ضَمَانُ إتْلَافٍ فَلَا يَخْتَلِفُ بِالْيَسَارِ وَالْإِعْسَارِ وَيَثْبُتُ الْوَلَاءُ لِلْفَاعِلِ؛ لِأَنَّهُ بِالْإِعْتَاقِ وَهُوَ مُقْتَصَرٌ عَلَى الْفَاعِلِ.
وَلَا يَمْتَنِعُ ثُبُوتُ الْوَلَاءِ لِغَيْرِ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الضَّمَانُ كَمَا فِي الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ عَلَى الْعِتْقِ فَإِنَّهُ يَجِبُ الضَّمَانُ عَلَى الشُّهُودِ وَالْوَلَاءُ لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْوَلَاءَ كَالنَّسَبِ وَلَا سِعَايَةَ عَلَى الْعَبْدِ لِأَحَدٍ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ نَفَذَ فِيهِ مِنْ جِهَةِ مَالِكِهِ وَلَا حَقَّ لِأَحَدٍ فِي مَالِهِ (بِخِلَافِ مَا لَمْ يَتْلَفْ كَعَلَى قَبُولِهَا الْمَالَ فِي الْخُلْعِ) أَيْ كَإِكْرَاهِ الزَّوْجَةِ الْمَدْخُولِ بِهَا عَلَى أَنْ تَقْبَلَ مِنْ زَوْجِهَا الْخُلْعَ عَلَى مَالٍ (إذْ يَقَعُ) الطَّلَاقُ إذَا قَبِلَتْ (وَلَا يَلْزَمُهَا) الْمَالُ؛ لِأَنَّ الْإِكْرَاهَ قَاصِرًا كَانَ أَوْ كَامِلًا يُعْدِمُ الرِّضَا بِالسَّبَبِ وَالْحُكْمِ جَمِيعًا وَالطَّلَاقُ غَيْرُ مُفْتَقِرٍ إلَى الرِّضَا وَالْتِزَامُ الْمَالِ مُفْتَقِرٌ إلَيْهِ وَقَدْ انْعَدَمَ (بِخِلَافِهِ)
أَيْ الْإِكْرَاهِ (فِي الزَّوْجِ) عَلَى أَنْ يَخْلَعَهَا عَلَى مَالٍ فَقَبِلَتْ غَيْرَ مُكْرَهَةٍ فَإِنَّهُ (يَقَعُ الْخُلْعُ) ؛ لِأَنَّهُ مِنْ جَانِبِهِ طَلَاقٌ وَالْإِكْرَاهُ لَا يَمْنَعُ وُقُوعَهُ (وَيَلْزَمُهَا) الْمَالُ؛ لِأَنَّهَا الْتَزَمَتْهُ طَائِعَةً بِإِزَاءِ مَا سَلَّمَ لَهَا مِنْ الْبَيْنُونَةِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَوْلًا لَا يَنْفَسِخُ بَلْ كَانَ قَوْلًا يَنْفَسِخُ (فَسَدَ كَالْبَيْعِ) وَالْإِجَارَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْنَعُ انْعِقَادَهُ لِصُدُورِهِ مِنْ أَهْلِهِ فِي مَحَلِّهِ وَيَمْنَعُ نَفَاذَهُ؛ لِأَنَّ الرِّضَا شَرْطُ النَّفَاذِ وَقَدْ فَاتَ بِهِ فَانْعَقَدَ فَاسِدًا حَتَّى لَوْ أَجَازَهُ بَعْدَ زَوَالِ الْإِكْرَاهِ صَرِيحًا أَوْ دَلَالَةً صَحَّ لِزَوَالِ الْمُفْسِدِ وَهُوَ عَدَمُ الرِّضَا كَمَا فِي الْبَيْعِ بِشَرْطِ أَجَلٍ فَاسِدٍ أَوْ خِيَارٍ فَاسِدٍ فَإِنَّهُ إذَا أَسْقُط مَنْ لَهُ الْخِيَارُ أَوْ الْأَجَلُ مَا شُرِطَ لَهُ قَبْلَ تَقَرُّرِهِ جَازَ لِزَوَالِ الْمُفْسِدِ فَكَذَا هَذَا.
(وَالْأَقَارِيرُ) بِمَا يَحْتَمِلُ الْفَسْخَ وَمَا لَا يَحْتَمِلُهُ مِنْ الْمَالِيَّاتِ وَغَيْرِهَا؛ لِأَنَّ صِحَّتَهَا تَعْتَمِدُ عَلَى قِيَامِ الْمُخْبَرِ بِهِ وَيَتَوَقَّفُ عَلَى ثُبُوتِهِ سَابِقًا عَلَى الْإِقْرَارِ وَالْإِقْرَارُ فِي ذَاتِهِ خَبَرٌ مُحْتَمِلٌ لِلصِّدْقِ وَالْكَذِبِ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ تُهْمَةٌ وَلَا دَلِيلٌ عَلَى كَذِبِهِ تَرَجَّحَ صِدْقُهُ بِوُجُودِ الْمُخْبَرِ بِهِ فَيَحْكُمُ بِهِ وَإِذَا كَانَ بِخِلَافِهِ لَمْ يَتَرَجَّحْ فَلَمْ يُعْتَبَرْ وَفِي الْإِقْرَارِ مُكْرَهًا قَامَتْ قَرِينَةُ عَدَمِ صِدْقِهِ وَعَدَمِ وُجُودِ الْمُخْبَرِ بِهِ؛ لِأَنَّ قِيَامَ السَّيْفِ عَلَى رَأْسِهِ وَخَوْفَهُ عَلَى تَلَفِ نَفْسِهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا تَكَلَّمَ لِدَفْعِ الضَّرَرِ عَنْ نَفْسِهِ لَا لِوُجُودِ الْمُخْبَرِ بِهِ، فَإِنْ قِيلَ الْإِكْرَاهُ يُعَارِضُهُ أَنَّ الصِّدْقَ هُوَ الْأَصْلُ فِي الْمُؤْمِنِ وَوُجُودُ الْمُخْبَرِ بِهِ هُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ الْكَلَامِ فَلَا يَقُومُ دَلِيلًا عَلَى عَدَمِ الْمُخْبَرِ بِهِ أُجِيبَ بِأَنَّ الْمُعَارِضَةَ إنَّمَا تَنْفِي الْمَدْلُولَ لَا الدَّلِيلَ وَغَايَةُ مَا فِي الْبَابِ أَنَّهُ لَا يَبْقَى رُجْحَانٌ لِجَانِبِ الصِّدْقِ أَوْ الْكَذِبِ فَلَا تَثْبُتُ الْحُقُوقُ بِالشَّكِّ (مَعَ اقْتِصَارِهَا) أَيْ الْأَقَارِيرِ (عَلَيْهِ) أَيْ الْمُقِرِّ لِعَدَمِ صَلَاحِيَّتِهِ لِكَوْنِهِ آلَةً لِلْمُكْرَهِ (أَوْ فِعْلٍ لَا يَحْتَمِلُ كَوْنَ الْفَاعِلِ آلَةً) لِلْحَامِلِ عَلَيْهِ (كَالزِّنَا وَأَكْلِ رَمَضَانَ وَشُرْبِ الْخَمْرِ) إذْ لَا يُتَصَوَّرُ كَوْنُ الشَّخْصِ وَاطِئًا بِآلَةِ غَيْرِهِ أَوْ آكِلًا أَوْ شَارِبًا بِفَمِ غَيْرِهِ وَمَا كَانَ كَذَلِكَ (اقْتَصَرَ) حُكْمُهُ (عَلَيْهِ) أَيْ الْفَاعِلِ (وَلَزِمَهُ حُكْمُهُ) حَتَّى لَوْ أَكْرَهَ صَائِمٌ صَائِمًا عَلَى الْأَكْلِ فَسَدَ صَوْمُ الْآكِلِ لَا غَيْرُ (إلَّا الْحَدَّ) فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى الْفَاعِلِ أَيْضًا حَتَّى لَوْ أَكْرَهَهُ عَلَى الزِّنَا لَا يَجِبُ بِهِ الْحَدُّ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثُمَّ هَذَا مِنْ حَيْثُ امْتِنَاعُ نِسْبَةِ نَفْسِ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ إلَى الْحَامِلِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ فِي الرِّوَايَاتِ عَنْ أَصْحَابِنَا (وَأَمَّا مِنْ حَيْثُ هُمَا) أَيْ الْأَكْلُ وَالشُّرْبُ (إتْلَافٌ فَاخْتَلَفَتْ الرِّوَايَاتُ فِي لُزُومِهِ الْفَاعِلَ أَوْ الْحَامِلَ) فَفِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمَا أَكْرَهَ عَلَى مَالِ الْغَيْرِ فَالضَّمَانُ عَلَى الْمَحْمُولِ لَا الْحَامِلِ وَإِنْ صَلَحَ آلَةً لَهُ مِنْ حَيْثُ الْإِتْلَافُ كَمَا فِي الْإِكْرَاهِ عَلَى الْإِعْتَاقِ؛ لِأَنَّ مَنْفَعَةَ الْأَكْلِ حَصَلَتْ لِلْمَحْمُولِ فَكَانَ كَالْإِكْرَاهِ عَلَى الزِّنَا يَجِبُ الْعُقْرُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ مَنْفَعَةَ الْوَطْءِ حَصَلَتْ لَهُ بِخِلَافِ الْإِكْرَاهِ عَلَى الْإِعْتَاقِ حَيْثُ وَجَبَ الضَّمَانُ عَلَى الْحَامِلِ؛ لِأَنَّ الْمَالِيَّةَ تَلِفَتْ بِلَا مَنْفَعَةٍ لِلْمَحْمُولِ.
وَفِي الْمُحِيطِ أَكْرَهَ عَلَى أَكْلِ طَعَامِ غَيْرِهِ يَجِبُ الضَّمَانُ عَلَى الْحَامِلِ وَإِنْ كَانَ الْمَحْمُولُ جَائِعًا وَحَصَلَتْ لَهُ مَنْفَعَتُهُ لِأَنَّ الْمَحْمُولَ أَكَلَ طَعَامَ الْحَامِلِ بِإِذْنِهِ؛ لِأَنَّ الْإِكْرَاهَ عَلَى الْأَكْلِ إكْرَاهٌ عَلَى الْقَبْضِ إذْ لَا يُمْكِنُهُ الْأَكْلُ بِدُونِهِ غَالِبًا فَصَارَ قَبْضُهُ مَنْقُولًا إلَى الْحَامِلِ فَكَأَنَّهُ قَبَضَهُ بِنَفْسِهِ فَصَارَ غَاصِبًا ثُمَّ مَالِكًا لِلطَّعَامِ بِالضَّمَانِ ثُمَّ آذِنًا لَهُ بِالْأَكْلِ (إلَّا مَالَ الْفَاعِلِ) أَيْ إلَّا إذَا أَكْرَهَ الْفَاعِلُ عَلَى أَكْلِ مَالِ نَفْسِهِ فَأَكَلَهُ حَالَ كَوْنِهِ (جَائِعًا فَلَا رُجُوعَ) لَهُ عَلَى الْحَامِلِ؛ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ حَصَلَتْ لَهُ، وَلَمْ يَصِرْ آكِلًا طَعَامَ الْحَامِلِ بِإِذْنِهِ إذْ لَا يُمْكِنُ جَعْلُهُ غَاصِبًا قَبْلَ الْأَكْلِ لِعَدَمِ إزَالَةِ يَدِ الْمَالِكِ مَا دَامَ الطَّعَامُ فِي يَدِهِ أَوْ فِي فِيهِ فَصَارَ آكِلًا طَعَامَ نَفْسِهِ (أَوْ شَبْعَانَ فَعَلَى الْحَامِلِ قِيمَتُهُ لِعَدَمِ انْتِفَاعِهِ) أَيْ الْفَاعِلِ (بِهِ) ذَكَرَهُ فِي الْمُحِيطِ أَيْضًا (وَالْعُقْرُ عَلَى الْفَاعِلِ بِلَا رُجُوعٍ) عَلَى الْحَامِلِ كَمَا ذَكَرْنَا (أَمَّا لَوْ أَتْلَفَهَا) أَيْ الْمَوْطُوءَةَ بِالْوَطْءِ (يَنْبَغِي الضَّمَانُ عَلَى الْحَامِلِ، وَكَذَا) اقْتَصَرَ حُكْمُ الْفِعْلِ الْمُكْرَهِ عَلَيْهِ عَلَى الْفَاعِلِ (إنْ اُحْتُمِلَ) كَوْنَ الْفَاعِلِ آلَةً لِلْحَامِلِ فِيهِ (وَلَزِمَ آلِيَّتُهُ) أَيْ الْفَاعِلِ لِلْحَامِلِ لَازِمٌ هُوَ (تَبَدُّلُ مَحَلِّ الْجِنَايَةِ الْمُسْتَلْزِمَةِ لِمُخَالَفَةِ الْمُكْرَهِ الْمُسْتَلْزِمَةِ بُطْلَانَ الْإِكْرَاهِ) ؛ لِأَنَّهُ عِبَارَةٌ عَنْ حَمْلِ الْغَيْرِ عَلَى مَا يُرِيدُهُ الْحَامِلُ وَيَرْضَاهُ عَلَى خِلَافِ رِضَا الْفَاعِلِ وَهُوَ فِعْلٌ مُعَيَّنٌ فَإِذَا فَعَلَ غَيْرَهُ كَانَ طَائِعًا بِالضَّرُورَةِ لَا مُكْرَهًا (كَإِكْرَاهِ الْمُحْرِمِ) مُحْرِمًا آخَرَ (عَلَى قَتْلِ الصَّيْدِ؛ لِأَنَّهُ) أَيْ الْحَامِلَ إنَّمَا أَكْرَهَهُ (عَلَى الْجِنَايَةِ عَلَى إحْرَامِ نَفْسِهِ فَلَوْ جَعَلَ)
الْفَاعِلَ (آلَةً) لِلْحَامِلِ (صَارَ) قَتْلُ الصَّيْدِ جِنَايَةً (عَلَى إحْرَامِ الْحَامِلِ) فَلَمْ يَكُنْ آتِيًا بِمَا أَكْرَهَهُ عَلَيْهِ فَلَا يَتَحَقَّقُ الْإِكْرَاهُ، فَإِنْ قِيلَ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْفَاعِلِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِي حَقِّ الْإِثْمِ فَقَطْ إذْ الْجَزَاءُ يَجِبُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْفَاعِلِ وَالْحَامِلِ أُجِيبَ بِأَنَّ الْفِعْلَ هُنَا قَتْلُ الصَّيْدِ بِالْيَدِ وَالْجَزَاءُ الْمُتَرَتِّبُ عَلَى ذَلِكَ مُقْتَصَرٌ عَلَى الْفَاعِلِ (وَلُزُومِ الْجَزَاءِ عَلَيْهِ) أَيْ الْحَامِلِ (مَعَهُ) أَيْ الْفَاعِلِ.
(لِأَنَّهُ) أَيْ إكْرَاهَ الْحَامِلِ لِلْفَاعِلِ عَلَى قَتْلِ الصَّيْدِ (يَفُوقُ الدَّلَالَةَ) أَيْ دَلَالَتَهُ عَلَى مَنْ يَقْتُلُ الصَّيْدَ وَفِيهَا يَجِبُ الْجَزَاءُ فَفِيهِ أَوْلَى فَالْجَزَاءُ وَجَبَ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّهُ جَانٍ عَلَى إحْرَامِ نَفْسِهِ وَالْقَتْلُ بِالْيَدِ لَمْ يَتَجَاوَزْ الْفَاعِلُ فِي حَقِّ مَا وَجَبَ بِهِ الْجَزَاءُ (وَ) كَالْإِكْرَاهِ لِلْغَيْرِ (عَلَى الْبَيْعِ وَالتَّسْلِيمِ) لِمِلْكِهِ (اقْتَصَرَ التَّسْلِيمُ عَلَى الْفَاعِلِ وَإِلَّا) لَوْ لَمْ يَقْتَصِرْ عَلَيْهِ وَنُسِبَ إلَى الْحَامِلِ وَجُعِلَ الْفَاعِلُ آلَةً (تَبَدَّلَ مَحَلُّ التَّسْلِيمِ عَنْ الْبَيْعِيَّةِ إلَى الْمَغْصُوبِيَّةِ) ؛ لِأَنَّ التَّسْلِيمَ مِنْ جِهَةِ الْحَامِلِ يَكُونُ تَصَرُّفًا فِي مِلْكِ الْغَيْرِ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِيلَاءِ فَيَصِيرُ الْبَيْعُ وَالتَّسْلِيمُ غَصْبًا (بِخِلَافِ نِسْبَتِهِ) أَيْ التَّسْلِيمِ (إلَى الْبَائِعِ فَإِنَّهُ مُتَمَّمٌ لِلْعَقْدِ فَيَمْلِكُهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ (مِلْكًا فَاسِدًا) لِانْعِقَادِ الْبَيْعِ وَعَدَمِ نَفَاذِهِ فَلَا يَلْزَمُ ذَلِكَ فَلَمْ يَسْتَلْزِمُ تَبْدِيلُ مَحَلِّ الْجِنَايَةِ تَبْدِيلَ ذَاتِ الْفِعْلِ فِي الْأَوَّلِ وَاسْتَلْزَمَ تَبْدِيلُهُ تَبْدِيلَ ذَاتِ الْفِعْلِ فِي الثَّانِي (وَإِنْ) احْتَمَلَ كَوْنَ الْفَاعِلِ آلَةً لِلْحَامِلِ فِي الْفِعْلِ الْمُكْرَهِ عَلَيْهِ (لَمْ تَلْزَمْ) آلِيَّتُهُ تَبَدَّلَ مَحَلُّ الْجِنَايَةِ (كَعَلَى إتْلَافِ الْمَالِ وَالنَّفْسِ فَفِي الْمُلْجِئِ نَسَبً) الْفِعْلِ (إلَى الْحَامِلِ ابْتِدَاءً) لَا نَقْلًا مِنْ الْفَاعِلِ إلَيْهِ كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ بَعْضُ الْمَشَايِخِ.
(فَلَزِمَهُ) أَيْ الْحَامِلُ (ضَمَانَ الْمَالِ) فِي إكْرَاهِهِ الْغَيْرَ عَلَى إتْلَافِ الْمَالِ وَالْقِصَاصِ فِي إكْرَاهِهِ الْغَيْرَ عَلَى الْقَتْلِ الْعَمْدِ الْعَدُوَّانِ كَمَا هُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَقَالَ زُفَرُ الْقِصَاصَ عَلَى الْفَاعِلِ؛ لِأَنَّهُ قَتْلَهُ لِإِحْيَاءِ نَفْسِهِ عَمْدًا وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لَا قِصَاصَ عَلَى أَحَدٍ بَلْ الْوَاجِبُ الدِّيَةُ عَلَى الْحَامِلِ فِي مَالِهِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ؛ لِأَنَّ الْقِصَاصَ إنَّمَا هُوَ بِمُبَاشَرَةِ جِنَايَةٍ تَامَّةٍ وَعُدِمَتْ فِي حَقِّ كُلٍّ مِنْ الْفَاعِلِ وَالْحَامِلِ لِبَقَاءِ الْإِثْمِ فِي الْآخِرَةِ وَلَهُمَا أَنَّ الْإِنْسَانَ مَجْبُولٌ عَلَى حُبِّ الْحَيَاةِ فَيَقْدُمُ عَلَى مَا يَتَوَصَّلُ بِهِ إلَى إبْقَاءِ الْحَيَاةِ بِقَضِيَّةِ الطَّبْعِ بِمَنْزِلَةِ آلَةٍ لَا اخْتِيَارَ لَهَا كَالسَّيْفِ فِي يَدِ الْقَاتِلِ فَيُضَافُ الْفِعْلُ إلَى الْحَامِلِ (وَ) يَلْزَمُهُ (الْكَفَّارَةُ وَالدِّيَةُ فِي إكْرَاهِهِ) غَيْرَهُ (عَلَى رَمْيِ صَيْدٍ فَأَصَابَ إنْسَانًا عَلَى عَاقِلَةِ الْحَامِلِ) وَإِنَّمَا كَانَ الْفَاعِلُ آلَةً لِلْحَامِلِ فِي هَذِهِ (لِأَنَّهُ عَارَضَ اخْتِيَارَهُ) أَيْ الْفَاعِلِ (اخْتِيَارٌ صَحِيحٌ) وَهُوَ اخْتِيَارُ الْحَامِلِ فَوَجَبَ تَرْجِيحُهُ بِإِضَافَةِ الْحُكْمِ إلَيْهِ فَصَارَ الْمَرْجُوحُ فِي مُقَابَلَتِهِ كَالْعَدَمِ وَالْتُحِقَ بِالْآلَةِ الَّتِي لَا اخْتِيَارَ لَهَا فَلَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ يَلْزَمُ الْفَاعِلُ لَا الْآلَةَ (وَكَذَا حِرْمَانُ الْإِرْثِ) يُنْسَبُ إلَى الْحَامِلِ؛ لِأَنَّ الْفَاعِلَ مِمَّا يَصْلُحُ كَوْنُهُ آلَةً فِيهِ لِلْحَامِلِ بِاعْتِبَارِ تَفْوِيتِ الْمَحَلِّ (أَمَّا الْإِثْمُ) فَالْفَاعِلُ لَا يَصْلُحُ آلَتَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ لِأَحَدٍ أَنْ يَجْنِيَ عَلَى دَيْنِ غَيْرِهِ وَيَكْتَسِبَ الْإِثْمَ لِغَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ قَصْدُ الْقَلْبِ وَلَا يُتَصَوَّرُ الْقَصْدُ بِقَلْبِ الْغَيْرِ كَمَا لَا يُتَصَوَّرُ التَّكَلُّمُ بِلِسَانِ الْغَيْرِ وَلَوْ فَرَضْنَاهُ آلَةً يَلْزَمُ تَبَدُّلُ مَحَلِّ الْجِنَايَةِ إذْ الْجِنَايَةُ حِينَئِذٍ تَكُونُ عَلَى دَيْنِ الْحَامِلِ وَهُوَ لَمْ يَأْمُرْ الْفَاعِلَ بِذَلِكَ فَيَنْتَفِي الْإِكْرَاهُ وَإِذَا لَمْ يُمْكِنْ جَعْلُهُ آلَةً (فَعَلَيْهَا) أَيْ الْجَاعِلِ وَالْفَاعِلِ الْإِثْمُ الْحَامِلُ (لِحَمْلِهِ) الْفَاعِلِ عَلَى الْقَتْلِ فَقَدْ قَصَدَ بِهِ قَتْلَ نَفْسٍ مُحَرَّمَةٍ (وَإِيثَارُ الْآخَرِ) وَهُوَ الْفَاعِلِ (حَيَاتَهُ) عَلَى مَنْ هُوَ مِثْلُهُ فِي الْحُرِّيَّةِ وَتَحْقِيقُهُ مَوْتَهُ بِمَا فِي وُسْعِهِ مِنْ الْجُرْحِ الصَّالِحِ لِزَهُوقِ الرُّوحِ طَاعَةً لِلْمَخْلُوقِ فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ؛ لِأَنَّهُ تَعَالَى نَهَاهُ عَنْ الْإِقْدَامِ عَلَيْهِ هَذَا (فِي الْعَمْدِ وَفِي الْخَطَأِ لِعَدَمِ تَثَبُّتِهِمَا) أَيْ الْحَامِلِ وَالْفَاعِلِ.
(وَفِي غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ الْإِكْرَاهِ الْمُلْجِئِ (اقْتَصَرَ) حُكْمُ الْفِعْلِ (عَلَى الْفَاعِلِ) ؛ لِأَنَّ إسْنَادَ الْفِعْلِ إلَى الْحَامِلِ إنَّمَا كَانَ لِفَسَادِ اخْتِيَارِ الْفَاعِلِ وَذَلِكَ لَا يَتَحَقَّقُ إلَّا بِالْمُلْجِئِ (فَيَضْمَنُ) مَا أَتْلَفَهُ مِنْ مَالِ غَيْرِهِ (وَيُقْتَصُّ) مِنْهُ بِقَتْلِ غَيْرِهِ عَمْدًا عُدْوَانًا (وَكُلُّ الْأَقْوَالِ لَا تَحْتَمِلُ آلِيَّةَ قَائِلِهَا) لِلْحَامِلِ عَلَيْهَا (لِعَدَمِ قُدْرَةِ الْحَامِلِ عَلَى تَطْلِيقِ زَوْجَةِ غَيْرِهِ وَإِعْتَاقِ عَبْدِهِ) أَيْ غَيْرِهِ قَالُوا لِامْتِنَاعِ التَّكَلُّمِ بِلِسَانِ غَيْرِهِ وَأَمَّا مَا يُقَالُ مِنْ أَنَّ كَلَامَ الرَّسُولِ كَلَامُ الْمُرْسَلِ فَمَجَازٌ إذْ الْعِبْرَةُ بِالتَّبْلِيغِ وَهُوَ قَدْ يَكُونُ مُشَافَهَةً وَقَدْ يَكُونُ بِوَاسِطَةٍ وَفِي الطَّرِيقَةِ الْبَرْغَوِيَّةِ لَا نَظَرَ إلَى التَّكَلُّمِ
بِلِسَانِ الْغَيْرِ؛ لِأَنَّهُ مُمْتَنِعٌ غَيْرُ مُتَصَوَّرٍ وَإِنَّمَا النَّظَرُ إلَى الْمَقْصُودِ مِنْ الْكَلَامِ وَإِلَى الْحُكْمِ فَمَتَى كَانَ فِي وُسْعِهِ تَحْصِيلُ ذَلِكَ الْحُكْمِ بِنَفْسِهِ يَجْعَلُ غَيْرَهُ آلَةً لَهُ وَمَتَى لَمْ يَكُنْ فِي وُسْعِهِ ذَلِكَ لَمْ يَجْعَلْ غَيْرَهُ آلَتَهُ فَالرَّجُلُ قَادِرٌ عَلَى تَطْلِيقِ امْرَأَتِهِ وَإِعْتَاقِ عَبْدِهِ فَإِذَا وَكَّلَ غَيْرَهُ يُجْعَلُ فَاعِلًا تَقْدِيرًا وَاعْتِبَارًا بِخِلَافِ الْحَامِلِ فَإِنَّهُ لَا يَقْدِرُ بِنَفْسِهِ عَلَى تَطْلِيقِ امْرَأَةِ الْغَيْرِ وَإِعْتَاقِ عَبْدِ الْغَيْرِ فَلَا يَصْلُحُ أَنْ يَجْعَلَ الْفَاعِلَ آلَتَهُ (بِخِلَافِ الْأَفْعَالِ) فَإِنَّ مِنْهَا مَا لَا يَحْتَمِلُ وَمِنْهَا مَا يَحْتَمِلُ كَمَا سَلَفَ (هَذَا تَقْسِيمُ الْمُكْرَهِ عَلَيْهِ بِاعْتِبَارِ نِسْبَتِهِ) . أَيْ الْمُكْرَهِ عَلَيْهِ (إلَى الْحَامِلِ وَالْمَحْمُولِ وَأَمَّا) تَقْسِيمُهُ (بِاعْتِبَارِ حِلِّ إقْدَامِ الْمُكْرَهِ) أَيْ الْفَاعِلِ (وَعَدَمِهِ) أَيْ حِلِّ إقْدَامِهِ
(فَالْحُرُمَاتُ إمَّا بِحَيْثُ لَا تَسْقُطُ وَلَا يُرَخَّصُ فِيهَا كَالْقَتْلِ وَجُرْحِ الْغَيْرِ) ؛ لِأَنَّ ثُبُوتَ دَلِيلِ الرُّخْصَةِ خَوْفَ تَلَفِ النَّفْسِ أَوْ الْعُضْوِ أَوْ الْمُكْرَهِ وَالْمُكْرَهِ عَلَيْهِ فِي اسْتِحْقَاقِ الصِّيَانَةِ عَنْهُمَا سَوَاءٌ فَلَا يَجُوزُ لِلْمُكْرَهِ أَنْ يُتْلِفَ نَفْسَ غَيْرِهِ وَإِنْ كَانَ عَبْدُهُ لِصِيَانَةِ نَفْسِهِ فَصَارَ الْإِكْرَاهُ فِي حُكْمِ الْعَدَمِ فِي حَقِّ إبَاحَةِ قَتْلِ الْمُكْرَهِ عَلَيْهِ لِتَعَارُضِ الْحُرْمَتَيْنِ إذْ التَّرَخُّصُ لَوْ ثَبَتَ بِالْإِكْرَاهِ لِصِيَانَةِ حُرْمَةِ نَفْسِ الْمُكْرَهِ مَنَعَ ثُبُوتُهُ وُجُوبَ صِيَانَةِ حُرْمَةِ نَفْسِ الْمُكْرَهِ عَلَيْهِ فَلَا يَثْبُتُ لِلتَّعَارُضِ وَحُرْمَةُ طَرَفِ غَيْرِهِ مِثْلُ حُرْمَةِ نَفْسِ ذَلِكَ الْغَيْرِ فَلَا يُرَخَّصُ بِالْجُرْحِ وَإِتْلَافِ طَرَفِ غَيْرِهِ لِحِمَايَةِ نَفْسِهِ عِنْدَ الْإِكْرَاهِ.
أَلَا تَرَى أَنَّ الْمُضْطَرَّ لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَقْطَعَ طَرَفَ الْغَيْرِ لِيَأْكُلَهُ كَمَا لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَقْتُلَهُ مَا إذَا أَكْرَهَ عَلَى قَطْعِ طَرَفِ نَفْسِهِ بِالْقَتْلِ بِأَنْ قِيلَ لَهُ لَنَقْتُلَنَّكَ أَوْ تَقْطَعُ أَنْتَ يَدَك حُلَّ لَهُ قَطْعُ يَدِهِ؛ لِأَنَّ حُرْمَةَ نَفْسِهِ فَوْقَ حُرْمَةِ يَدِهِ عِنْدَ التَّعَارُضِ؛ لِأَنَّ أَطْرَافَهُ وِقَايَةُ نَفْسِهِ كَأَمْوَالِهِ فَجَازَ أَنْ يَخْتَارَ أَدْنَى الضَّرَرَيْنِ لِدَفْعِ الْأَعْلَى كَمَا لَهُ أَنْ يَبْذُلَ مَالَهُ لِصِيَانَةِ نَفْسِهِ وَلِأَنَّ فِي بَذْلِ طَرَفِهِ صِيَانَةَ نَفْسِهِ إذْ فِي فَوَاتِ النَّفْسِ فَوَاتُ الْيَدِ وَلَا عَكْسَ، فَإِنْ قِيلَ يَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ لَهُ قَطْعُ طَرَفِ الْغَيْرِ إذَا أُكْرِهَ عَلَيْهِ بِالْقَتْلِ صِيَانَةً لِنَفْسِهِ لِإِلْحَاقِ الطَّرَفِ بِالْمَالِ أُجِيبَ بِأَنَّ إلْحَاقَهُ فِي حَقِّ صَاحِبِهِ فَإِنَّ النَّاسَ يَبْذُلُونَ الْمَالَ صِيَانَةً لِنَفْسِ الْغَيْرِ لَا الطَّرَفِ وَيَبْذُلُ الْإِنْسَانُ كُلًّا مِنْهُمَا لِصِيَانَةِ نَفْسِهِ (وَزِنَا الرَّجُلِ؛ لِأَنَّهُ) أَيْ زِنَاهُ (قَتْلٌ مَعْنًى) لِوَلَدِهِ إمَّا لِانْقِطَاعِ نَسَبِهِ عَنْهُ إذْ مَنْ لَا نَسَبَ لَهُ كَالْمَيِّتِ وَإِمَّا؛ لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ نَفَقَتُهُ عَلَيْهِ لِعَدَمِ النَّسَبِ وَلَا عَلَى الْمَرْأَةِ لِعَجْزِهَا فَيَهْلِكَ فَإِنْ قِيلَ يَتِمُّ هَذَا فِي غَيْرِ الْمُزَوَّجَةِ أَمَّا فِيهَا فَلَا لِنِسْبَتِهِ إلَى صَاحِبِ الْفِرَاشِ وَوُجُوبُ نَفَقَتِهِ عَلَيْهِ أُجِيبَ بِأَنَّ حِكْمَةَ الْحُكْمِ تُرَاعَى فِي الْجِنْسِ لَا فِي كُلِّ فَرْدٍ عَلَى أَنْ صَاحِبَ الْفِرَاشِ قَدْ يَنْفِيهِ عَنْ نَفْسِهِ لِتُهْمَةِ الزِّنَا وَيُلَاعِنُ امْرَأَتَهُ وَيَنْقَطِعُ نَسَبُهُ مِنْهُ فَيَكُونُ هَالِكًا وَعَلَى هَذَا فَيَتَلَخَّصُ أَنَّ الزِّنَا إهْلَاكٌ فِي صُورَةٍ مُطْلَقًا وَفِي أُخْرَى قَدْ وَقَدْ فَكَانَ مَعْنَى الْإِهْلَاكِ غَالِبًا فَاعْتُبِرَ إهْلَاكًا مُطْلَقًا اعْتِبَارًا لِلْغَالِبِ وَدَفْعًا لِلْمُفْسِدَةِ وَأَوْرَدَ حُصُولَ الْوَلَدِ غَيْرَ مَعْلُومٍ وَعَلَى تَقْدِيرِهِ فَالْهَلَاكُ مَوْهُومٌ لِقُدْرَةِ الْأُمِّ عَلَى كَسْبٍ يُنَاسِبُهَا وَهَلَاكُ الْمُكْرَهِ مُتَيَقَّنٌ فَلَا يُعَارِضُهُ.
وَدُفِعَ بِأَنَّ الِاعْتِبَارَ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْمَوَاضِعِ لِلْأَسْبَابِ الظَّاهِرَةِ لَا الْمُتَحَقِّقَةِ وَكَوْنُ كُلٍّ مِنْ الْوَطْءِ سَبَبًا لِلْعُلُوقِ وَمِنْ كَوْنِهَا عَاجِزَةً عَنْ الْإِنْفَاقِ وَمِنْ كَوْنِهِ هَالِكًا عِنْدَ عَدَمِ الْإِنْفَاقِ ظَاهِرَةٌ وَبَعْضُهَا أَظْهَرُ مِنْ بَعْضٍ فَبُنِيَ الْحُكْمُ عَلَى هَذِهِ الظَّوَاهِرِ عَلَى أَنَّ هَلَاكَ الْمُكْرَهِ غَيْرُ مُتَيَقَّنٍ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْهُ الْمُكْرَهُ إذْ لَيْسَ كُلُّ مَا يُخَوَّفُ بِهِ وَاقِعًا خُصُوصًا لِقَتْلِ الَّذِي يَنْفِرُ الطَّبْعُ مِنْهُ (فَلَا يُحِلُّهَا) أَيْ الْحُرُمَاتِ الَّتِي بِحَيْثُ لَا تَسْقُطُ كَقَتْلِ الْغَيْرِ وَجُرْحِهِ وَزِنَا الرَّجُلِ (الْإِكْرَاهُ الْمُلْجِئُ أَوْ) بِحَيْثُ (تَسْقُطُ كَحُرْمَةِ الْمَيْتَةِ وَالْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ فَيُبِيحُهَا) أَيْ الْإِكْرَاهُ الْمُلْجِئُ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ (لِلِاسْتِثْنَاءِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ تَعَالَى اسْتَثْنَى عَنْ تَحْرِيمِ الْمَيْتَةِ وَنَحْوِهَا حَالَةَ الِاضْطِرَارِ بِمَعْنَى أَنَّ الْحُرْمَةَ لَا تَثْبُتُ فِيهَا حَالَتَئِذٍ فَتَبْقَى الْإِبَاحَةُ الْأَصْلِيَّةُ ضَرُورَةً (وَالْمُلْجِئُ نَوْعٌ مِنْ الِاضْطِرَارِ أَوْ تَثْبُتُ) الْإِبَاحَةُ فِي الْإِكْرَاهِ الْمُلْجِئِ (بِدَلَالَتِهِ) أَيْ الِاضْطِرَارِ لِمَا فِيهِ مِنْ خَوْفِ فَوَاتِ النَّفْسِ أَوْ الْعُضْوِ
(إنْ اخْتَصَّ) الِاضْطِرَارُ (بِالْمَخْمَصَةِ فَيَأْثَمُ) الْمُكْرَهُ (لَوْ أَوْقَعَ) الْقَتْلَ أَوْ قَطْعَ الْعُضْوِ (بِهِ لِامْتِنَاعِهِ) مِنْ تَنَاوُلِ ذَلِكَ (إنْ) كَانَ (عَالِمًا بِسُقُوطِهَا) أَيْ الْحُرْمَةِ كَمَا لَوْ امْتَنَعَ عَنْ أَكْلِ لَحْمِ الشَّاةِ وَشُرْبِ الْمَاءِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ فَيُرْجَى أَنْ لَا يَكُونَ آثِمًا؛ لِأَنَّهُ قَصَدَ إقَامَةَ الشَّرْعِ فِي التَّحَرُّزِ عَنْ ارْتِكَابِ الْمُحَرَّمِ فِي زَعْمِهِ؛ لِأَنَّ دَلِيلَ زَوَالِ الْحُرْمَةِ عِنْدَ الضَّرُورَةِ خَفِيَ
فَعُذِرَ بِالْجَهْلِ كَمَا فِي الْخِطَابِ قَبْلَ الشُّهْرَةِ كَالصَّلَاةِ فِي حَقِّ مَنْ أَسْلَمَ فِي دَارِ الْحَرْبِ، وَلَمْ يَعْلَمْ بِوُجُوبِهَا ذَكَرَهُ فِي الْمَبْسُوطِ.
(وَلَا يُبِيحُهَا) أَيْ الْحُرُمَاتِ الَّتِي بِحَيْثُ تَسْقُطُ كَالْمَيْتَةِ وَالْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ الْإِكْرَاهُ (غَيْرُ الْمُلْجِئِ بَلْ يُوَرِّثُ) غَيْرُ الْمُلْجِئِ (شُبْهَةً فَلَا حَدَّ بِالشُّرْبِ مَعَهُ) اسْتِحْسَانًا وَالْقِيَاسُ الْحَدُّ؛ لِأَنَّهُ لَا تَأْثِيرَ بِالْإِكْرَاهِ بِالْحَبْسِ وَنَحْوِهِ فِي الْأَفْعَالِ فَوُجُودُهُ كَعَدَمِهِ، وَوَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ الْإِكْرَاهَ لَوْ كَانَ مُلْجِئًا أَوْجَبَ الْحِلَّ فَإِذَا وُجِدَ جُزْءٌ مِنْهُ يَصِيرُ شُبْهَةً كَالْمِلْكِ فِي الْجُزْءِ مِنْ الْجَارِيَةِ الْمُشْتَرَكَةِ يَصِيرُ شُبْهَةً فِي إسْقَاطِ الْحَدِّ عَنْ الشَّرِيكِ بِوَطْئِهَا (أَوْ) بِحَيْثُ (لَا تَسْقُطُ) أَيْ لَا يَحِلُّ مُتَعَلِّقُهَا قَطُّ (لَكِنْ رُخِّصَتْ) مَعَ بَقَاءِ الْحُرْمَةِ وَحِينَئِذٍ (فَإِمَّا مُتَعَلِّقَةٌ بِحَقِّهِ تَعَالَى الَّذِي لَا يَحْتَمِلُ السُّقُوطَ) بِحَالٍ (كَحُرْمَةِ التَّكَلُّمِ بِكُفْرٍ) ؛ لِأَنَّ الْكُفْرَ حَرَامٌ صُورَةً وَمَعْنًى حُرْمَةً مُؤَبَّدَةً وَإِجْرَاءُ كَلِمَةِ الْكُفْرِ صُورَةً كُفْرٌ إذْ الْأَحْكَامُ مُتَعَلِّقَةٌ بِالظَّاهِرِ فَيَكُونُ حَرَامًا إلَّا أَنَّ الشَّارِعَ رَخَّصَ فِيهِ بِشَرْطِ اطْمِئْنَانِ الْقَلْبِ بِالْإِيمَانِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِلا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ} [النحل: 106] (أَوْ الَّذِي يَحْتَمِلُهُ) أَيْ السُّقُوطَ (كَتَرْكِ الصَّلَاةِ وَأَخَوَاتِهَا) مِنْ الصِّيَامِ وَالزَّكَاةِ وَالْحَجِّ فَإِنَّ حُرْمَةَ تَرْكِهَا مِمَّنْ هُوَ أَهْلٌ لِلْوُجُوبِ مُؤَبَّدَةٌ لَا تَسْقُطُ بِحَالٍ لَكِنَّ هَذِهِ الْعِبَادَاتِ حَقٌّ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى مُحْتَمِلٌ لِلسُّقُوطِ فِي الْجُمْلَةِ بِالْأَعْذَارِ (فَيُرَخَّصُ) تَرْكُهَا (بِالْمُلْجِئِ) ؛ لِأَنَّ حَقَّهُ فِي نَفْسِهِ يَفُوتُ أَصْلًا وَحَقُّ صَاحِبِ الشَّرْعِ يَفُوتُ إلَى خَلَفٍ.
(فَلَوْ صَبَرَ) ، وَلَمْ يَفْعَلْ مَا أُكْرِهَ عَلَيْهِ حَتَّى قُتِلَ (فَهُوَ شَهِيدٌ) ؛ لِأَنَّ حَقَّهُ تَعَالَى لَمْ يَسْقُطْ بِالْإِكْرَاهِ وَفِيمَا فَعَلَ إظْهَارُ الصَّلَابَةِ فِي الدِّينِ وَبَذْلُ نَفْسِهِ فِي طَاعَةِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (وَمِنْهُ) أَيْ هَذَا الْقَسَمِ (زِنَاهَا) أَيْ إذَا أُكْرِهَتْ عَلَى الزِّنَا فَتَمْكِينُهَا مِنْ الزِّنَا حَرَامٌ (لَا تَسْقُطُ حُرْمَتُهُ الَّتِي هِيَ حَقُّهُ تَعَالَى الْمُحْتَمِلُ لِلرُّخْصَةِ) لَهَا مَعَ بَقَاءِ الْحُرْمَةِ فِي الْإِكْرَاهِ الْمُلْجِئِ.
(لِعَدَمِ الْقَطْعِ) لِنَسَبِ وَلَدِهَا مِنْ الزِّنَا عَنْهَا بِحَالٍ فَلَمْ يَكُنْ فِيهِ مَعْنَى الْقَتْلِ الَّذِي هُوَ الْمَانِعُ مِنْ التَّرَخُّصِ فِي جَانِبِ الرَّجُلِ وَأَوْرَدَ الْمَرْأَةَ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا زَوْجٌ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ تَرْبِيَةِ الْوَلَدِ وَإِنْ كَانَ فَقَدْ يَنْفِيهِ فَيُفْضِي إلَى الْهَلَاكِ أَيْضًا وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْهَلَاكَ يُضَافُ إلَى الرَّجُلِ بِإِلْقَاءِ بَذْرَةٍ فِي غَيْرِ مِلْكِهِ لَا إلَى فِعْلِهَا؛ لِأَنَّهَا مَحَلٌّ وَالْفِعْلُ يُضَافُ إلَى الْفَاعِلِ دُونَ الْمَحَلِّ (بِخِلَافِ) الْإِكْرَاهِ (غَيْرِ الْمُلْجِئِ فِيهِ) أَيْ فِي زِنَاهَا فَإِنَّهُ غَيْرُ مُرَخَّصٍ لَهَا فِي ذَلِكَ (لَكِنْ لَا تُحَدُّ الْمَرْأَةُ) بِالتَّمْكِينِ فِيهِ (وَيُحَدُّ هُوَ) أَيْ الرَّجُلُ (مَعَهُ) أَيْ الْإِكْرَاهِ غَيْرِ الْمُلْجِئِ؛ لِأَنَّ الْمُلْجِئَ لَيْسَ رُخْصَةً فِي حَقِّهِ كَمَا فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ حَتَّى يَكُونَ غَيْرُ الْمُلْجِئِ شُبْهَةَ رُخْصَةٍ (لَا مَعَ الْمُلْجِئِ) اسْتِحْسَانًا كَمَا رَجَعَ إلَيْهِ أَبُو حَنِيفَةَ وَقَالَا بِهِ.
وَإِلَّا فَالْقِيَاسُ أَنَّهُ يُحَدُّ مَعَ الْمُلْجِئِ أَيْضًا كَمَا قَالَ بِهِ أَبُو حَنِيفَةَ أَوَّلًا وَزُفَرُ؛ لِأَنَّ الزِّنَا لَا يُتَصَوَّرُ مِنْ الرَّجُلِ إلَّا بِانْتِشَارِ آلَتِهِ وَهُوَ دَلِيلُ الطَّوَاعِيَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْصُلُ مَعَ الْخَوْفِ بِخِلَافِ الْمَرْأَةِ فَإِنَّ تَمْكِينَهَا يَتَحَقَّقُ مَعَ خَوْفِهَا وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ (لِأَنَّهُ) أَيْ زِنَاهُ مَعَ الْمُلْجِئِ (مَعَ قَطْعِ الْعُضْوِ) أَوْ تَلَفِ الْعُضْوِ (لَا لِلشَّهْوَةِ) لِيُزْجَرَ بِالْحَدِّ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مُنْزَجِرًا إلَى أَنْ تَحَقَّقَ الْإِكْرَاهُ فَكَانَ شُبْهَةً فِي إسْقَاطِهِ وَانْتِشَارُ الْآلَةِ لَا يَدُلُّ عَلَى الطَّوَاعِيَةِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ طَبْعًا بِالْفُحُولِيَّةِ الْمُرَكَّبَةِ فِي الرِّجَالِ أَلَا تَرَى أَنَّ النَّائِمَ قَدْ تَنْتَشِرُ آلَتُهُ طَبْعًا مِنْ غَيْرِ اخْتِيَارٍ لَهُ وَلَا قَصْدٍ فَلَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْخَوْفِ (وَإِمَّا) مُتَعَلِّقَةٌ (بِحُقُوقِ الْعِبَادِ كَحُرْمَةِ إتْلَافِ مَالِ الْمُسْلِمِ) فَإِتْلَافُ مَالِ الْمُسْلِمِ حَرَامٌ حُرْمَةً هِيَ فِي حُقُوقِ الْعِبَادِ؛ لِأَنَّ عِصْمَةَ الْمَالِ وَوُجُوبَ عَدَمِ إتْلَافِهِ حَقٌّ لِلْعَبْدِ وَالْحُرْمَةُ مُتَعَلِّقَةٌ بِتَرْكِ الْعِصْمَةِ ثُمَّ حُرْمَةُ مَالِ الْمُسْلِمِ (لَا تَسْقُطُ) بِحَالٍ (لِأَنَّهَا) أَيْ حُرْمَةُ مَالِهِ (حَقُّهُ) أَيْ الْعَبْدِ وَإِتْلَافُ مَالِهِ ظُلْمٌ وَحُرْمَةُ الظُّلْمِ مُؤَبَّدَةٌ لَكِنَّهَا حَقُّهُ (الْمُحْتَمِلُ لِلرُّخْصَةِ بِالْمُلْجِئِ) حَتَّى لَوْ أَكْرَهَهُ عَلَى إتْلَافِهِ إكْرَاهًا مُلْجِئًا رُخِّصَ لَهُ فِيهِ (لِأَنَّ حُرْمَةَ النَّفْسِ فَوْقَ حُرْمَةِ الْمَالِ) ؛ لِأَنَّهُ مُهَانٌ مُبْتَذَلٌ رُبَّمَا يَجْعَلُهُ صَاحِبُهُ صِيَانَةً لِنَفْسِ الْغَيْرِ أَوْ طَرَفِهِ (وَلَا تَزُولُ الْعِصْمَةُ) لِلْمَالِ فِي حَقِّ صَاحِبِهِ بِالْإِكْرَاهِ (لِأَنَّهَا) أَيْ عِصْمَتَهُ (لِحَاجَةِ مَالِكِهِ) إلَيْهِ (وَلَا تَزُولُ) الْحَاجَةُ (بِإِكْرَاهِ الْآخَرِ) فَيَكُونُ إتْلَافُهُ وَإِنْ رُخِّصَ فِيهِ بَاقِيًا عَلَى الْحُرْمَةِ.
(وَلَوْ صَبَرَ عَلَى الْقَتْلِ كَانَ شَهِيدًا) ؛ لِأَنَّهُ بَذَلَ نَفْسَهُ لِدَفْعِ الظُّلْمِ كَمَا إذَا امْتَنَعَ عَنْ تَرْكِ الْفَرَائِضِ حَتَّى قُتِلَ إلَّا أَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ فِي مَعْنَى الْعِبَادَاتِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الِامْتِنَاعَ عَنْ التَّرْكِ فِيهَا مِنْ بَابِ إعْزَازِ الدِّينِ قَيَّدُوا الْحُكْمَ