الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثم ملك أخوه:
إسرافيل بن جبلة
ثم ملك أخوه:
عمرو بن جبلة
ثم ملك ابن أخيه:
جبلة بن الحارث
ثم ملك:
جبلة بن الأيهم
ابن جبلة بن الحارث بن مارية. قال: وهو آخر ملوك غسان بالشام، أسلم ثم تنصر".
وهو باني مدينة جبلة على ساحل الشام.
وذكر البيهقي أن طوله كان اثني عشر شبراً. وحكايته طويلة استوفاها ابن عبد ربه في العقد، واختصارها أنه لما أسلم ووفد على عمر بن الخطاب رضي الله عنه، طاف بالبيت، فوطئ فزاري على إزاره، فلطمه جبلة فهشم أنفه، فاستعدى عليه عمر، فقال: إما أن ترضيه وإلا أقدته.
فرغب منه أن يمهله إلى غد ذلك اليوم، فلما كان الليل فر بأصحابه إلى القسطنطينية وتنصر. وقال بعد ذلك:
تنصرت الأشراف من أجل لطمة
…
وما كان فيها لو صبرت لها ضرر
تكنفني فيها لجاج ونخوة
…
وبعت لها لعين الصحيحة بالعور
فيا ليت أمي لم تلدني وليتني
…
رجعت إلى الأمر الذي قاله عمر
ويا ليتني أرعى المخاض بقفرة
…
وكنت أسيراً في ربيعة أو مضر
ولما جاء رسول عمر رضي الله عنه إلى هرقل بالقسطنطينية اجتمع بجبلة - وهو في رفاهية عظيمة كما يكون الملوك، والجواري تغنيه بشعر حسان بن ثابت، وكان مداحا له في الجاهلية - فدعاه ذلك الرسول إلى الإسلام، فقال: إن كنت تضمن لي زواج بنت عمر، والأمر من بعده، رجعت إلى الإسلام. فضمن له التزويج ولم يضمن له الأمر ثم سأله عن حسان الشاعر، فأمر له بكسوة وجمال موقرة براً، وقال: إن وجدته حياً فادفع إليه الهدية، وإن وجدته ميتاً فادفع إلى أهله، وانحر الجمال على قبره.
فلما أخبر عمر بذلك، قال له: هلا ضمنت له الأمر، فإذا أفاء الله به إلى الإسلام قضى عليه بحكمه.
وبعث عمر رضي الله عنه إلى حسان، فأقبل وقد كف بصره، فقال: يا أمير المؤمنين، إني لأجد ريح آل جفنة عندك. قال: نعم، هذا رجل أقبل من عند جبلة. قال: هات ما بعث معك، فقال له: وما علمك بذلك؟ قال: إنه كريم من عصبة كرام، مدحته في الجاهلية فحلف ألا يلقى أحداً يعرفني إلا أهدى إلي شيئاً. فدفع إليه تلك الهدية، وأخبره بما حد له في الجمال، فقال: وددت أنك وجدتني ميتا، فنجرتها على قبري!
ثم عاد الرسول، فأمره عمر أن يضمن له الأمر من بعده، فعندما دخل القسطنطينية وجد الناس منصرفين من جنازته.
ومن عقبه البرجلوني أحد ملوك النصارى بالأندلس.
قال صاحب تواريخ الأمم: "جميع ملوك بني جفنة من غسان اثنان وثلاثون ملكا، وملكهم ستمائة سنة وسنة".
ومن الكمائم: هؤلاء الملوك كانوا لا يستقرون في مدينة يتوارثون فيها الملك مثل بني نصر بالحيرة. نزلوا في أول أمرهم بجلق، وأحيوا رسومها بعدما خرجت.
ودفن جفنة أول ملوكهم بالبريص، وهي قرية عند وادي الشقراء بظاهر دمشق. ولذلك يقول حسان فيهم:
لله در عصابة نادمتهم
…
يوماً بجلق في الزمان الأول
أولاد جفنة حول قبر أبيهم
…
قبر ابن مارية الكريم المفضل
يسقون من ورد البريص عليهم
…
بردى يصفق بالرحيق السلسل
وبردى: نهر دمشق.
قال: وبالبريص كان قصر ملكهم، ثم استحسنت الروم دمشق، فأخذتها منهم، وصارت متنزها لملوكهم. وأخرجتهم إلى عمان مدينة البلقاء، فتولوها، ونزلوا اليرموك من حوران، والجولان، وصيداء، وجبلة، وترددوا في هذه الأماكن إلى أن جاء الإسلام. وكان آخر ملوكهم جبلة، فانقرضت دولتهم، وصار كثير من فرسان غسان إلى بلاد الروم وتنصروا، وورث الأرض من العرب غيرهم، إلى أن استقر بها الآن العرب المعروفون بالأمراء من بني طيء.