الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حاتم بن عبد الله بن سعد
ابن الحشرج بن أخزم بن امرئ القيس بن عدي بن ربيعة بن جرول بن ثعل. وثعل من أكبر قبائل طيء، ينتسبون إلى ثعل بن عمرو بن عدي بن طيء، وهم مشهورون بالرماية.
وشهرة حاتم بالجود أجل من أن ينبه عليها، وقد اختصرت ترجمته في الأغاني.
"كان حاتم من شعراء الجاهلية، جواداً يشبه جوده شعره، ويصدق قوله فعله. وكان حيثما نزل عرف منزله، وكان مظفراً، إذا قاتل غلب، وإذا غنم أنهب، وإذا ضرب بالقداح فاز، وإذا سابق سبق، وإذا أسر أطلق. وكان أقسم بالله ألا يقتل واحد أمه؛ وكان إذا أهل رجب - والعرب تعظمه في الجاهلية - نحر في كل يوم عشراً من الإبل، وأطعم الناس، واجتمعوا إليه. وكان ممن يقصده من الشعراء: الحطيئة وبشر بن أبي خازم".
"وكان قد تزوج ماوية بنت عفزر، وكانت تعذله على إتلاف المال وتلومه"، فلا يقبل منها. وكان لها ابن عم يقال له: مالك، فقال له يوماً: ما تصنعين بحاتم؟ فوالله لئن وجد مالا ليتلفنه، ولئن لم يجد ليتكلفن له، ولئن مات ليتركن ولدك عيالا على قومك!
قالت: صدقت، إنه لكذلك - وكان النساء [أو بعضهن] يطلقن الرجال في الجاهلية، وعلامة الطلاق أن تحول بيتها إلى الجهة الأخرى - ووعدها أن يتزوجها وله المال الكثير. فأتى حاتم وقد حولت باب الخباء، فقال لولده: يا عدي، أما ترى أمك عدا عليها فلان! ثم هبطا بطن واد، ونزلا فيه.
وجاء قوم فنزلوا على باب الخباء كما كانوا ينزلون، فاجتمعوا خمسين رجلا؛ فضاقت بهم ماوية ذرعاً، وقالت لجاريتها: اذهبي إلى مالك، فقولي له: إن أضيافا لحاتم قد نزلوا بنا وهم خمسون رجلا، فأرسل إلينا بلحم نقريهم ولبن نسقيهم؛ وقالت لجاريتها: انظري إلى جبينه وفمه، فإن شافهك بالمعروف فاقبلي منه، وإن هز بلحيته على زوره وأدخل يده في رأسه، فأقبلي ودعيه. ففعل ما قدرته فيه من اللؤم، وقال: قولي لها هذا الذي أمرتك أن تطلقي حاتما فيه، وما عندي ما يكفي هؤلاء.
فرجعت وأخبرت سيدتها، فقالت: اذهبي إلى حاتم. فعندما عرفته بمكان الأضياف، قام إلى الإبل فأطلق ثنيتين من عقاليهما، ثم صاح بهما حتى أتيا الخباء، ثم ضرب عراقيبهما، فطفقت ماوية تصيح: هذا الذي طلقتك من أجله، تترك أولادك وليس لهم شيء".
وقيل لماوية: "حدثينا ببعض عجائب حاتم، فقالت: كان كل أمره عجباً: أصابت الناس سنة أذهبت الخف والظلف، فإني وإياه ليلة وقد أسهرنا الجوع، فأخذ عدياً، و [أخذت] بنته سفانة نعللهما حتى ناما، فأقبل علي يحدثني ويعللني حتى أنام، فأمسكت عن كلامه لينام، فقال: نمت؟ فلم أجبه، فسكت. ثم نظر في فتق الخباء فإذا شيء من أقبل، فرفع رأسه فإذا امرأة، فقال لها: من هذا؟ قالت: يا أبا سفانة أتيتك من عند صبية يتعاوون كالذئاب جوعا، فقال: أحضري صبيانك، فوالله لأشبعنهم! قالت: فقمت سريعاً فقلت: بماذا يا حاتم؟ فوالله ما نام صبيانك من الجوع إلا بالتعلل! فقال: والله لأشبعن صبيانك مع صبيانها. ثم قام إلى فرسه فذبحها، ثم قدح ناراً وأججها ثم دفع لها شفرة، وقال لها: اشوي وكلي. ثم قال لي: أيقظي صبيانك، ثم قال: والله إن هذا للؤم، تأكلون وأهل الصرم حالهم مثل حالكم! فجعل يأتي القوم بيتاً بيتاً، فيقول: انهضوا عليكم بالنار. قال: فاجتمعوا حول تلك الفرس، وتقنع بكسائه وجلس ناحية، فما أصبحوا وعلى الأرض منها قليل أو كثير إلا عظم أو حافر، وإنه لأشد جوعاً منهم وما ذاقه".
ومن مشهور شعره قوله:
أماوي إن المال غاد ورائح
…
ويبقى من المال الأحاديث والذكر
وقد علم الأقوام لو أن حاتماً
…
يريد ثراء المال كان له وفر
أماوي إن يصبح صادي بقفرة
…
من الأرض لا مال لدي ولا خمر
تري أن ما أبقيت لم أك ربه
…
وأن يدي مما بخلت به صفر
قال البيهقي: أعجب ما في جود حاتم أنه أطعم أضيافه وهو ميت؛ ولذلك قال أحد شعراء طيء:
ومنا الذي قد جاد حياً بنفسه
…
وجاد على أضيافه وهو في القبر
وذلك أن قوماً من العرب باتوا على قبره، وفيهم رجل يقال له: أبو الخيبري، فجعل يقول: يا حاتم، أضيافك الليلة جياع! فلما ناموا رأى أبو الخيبري في نومه حاتماً
قد قام من قبره بسيفه ونحر ناقته، فقام مذعوراً، فوجد الناقة منحورة لأكلها. فلما أصبحوا جاء عدي بن حاتم بناقة بدلها لأبي الخيبري، وعرف أنه رأى أباه في النوم، وأمره بذلك.
وأنشد أبو تمام لحاتم:
وما أنا بالساعي بفضل زمامها
…
لتشرب ماء الحوض قبل الركائب
وما أنا بالطاوي حقيبة رحلها
…
لأبعثها خفاً وأترك صاحبي
إذا كنت رباً للقلوص فلا تدع
…
رفيقك يمشي خلفها غير راكب
وقوله:
وإني لأستحيي رفيقي أن يرى
…
مكان يدي من جانب الزاد أقرعا
وإنك إن أعطيت بطنك سؤله
…
وفرجك نالا منتهى الذم أجمعا
وقوله:
متى ما يجئ يوماً إلى المال وارثي
…
يجد جمع كف غير ملأى ولا صفر
يجد فرساً ملء العنان وصارماً
…
حساماً إذا ما هز لم يرض بالهبر
وأسمر خطياً كأن كعوبة
…
نوى القسب قد ألقى ذراعاً على عشر
وقوله:
أضاحك ضيفي قبل إنزال رحله
…
ويخصب عندي والمحل جديب