الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بن مضاض الجرهمي، وهو تحت طاعة بلقيس صاحبة اليمن. فأمر سليمان البسر أن يبرأ من ملك مكة والكعبة إلى نبت بن قيدار.
وعظم نبت في العرب وأيده سليمان، ورغب إليه أخواله أن يكون الملك له، ويشرفهم بمفتاح البيت وولايته، فدفع لهم ذلك عارية؛ ولهذا قال الحارث بن مضاض الجرهمي في شعره المتقدم:
وكنا ولاة البيت من عند نابت
…
نطوف بذاك الركن والبيت عامر
وذكر البيهقي أن نبتاً قال للبسر الجرهمي الذي كان صاحب الأمر قبله: قد سلبك الله ملكك فلا يسلبك عقلك، اخرج عني من مكة وإلا أخرجت روحك من بدنك؛ فبأي عين تنظرني بعدما أخذت ملكك! وبأي عين أنظرك وأنا أعتقد أنك تطمع في رد ما أخذ منك! فرحل عنه، وولي سدانة البيت غيره من بينهم.
الهميسع بن نبت
ثم مات نبت وترك ابنه الهميسع صغيراً، فلم يقدر على الملك مع أخواله جرهم. وملك سلطنة الحجاز عمرو بن مضاض الذي جرى له الحروب العظيمة مع بني إسرائيل، ثم أخوه الحارث بن مضاض. وكانت جرهم والعمالقة قد أخذوا التابوت من بني إسرائيل، ودفنوه في مزبلة، فنهاهم الهميسع عن ذلك فلم ينتهوا، وأعلمهم الحارث أن ذلك مما لا يبقي الله [على] من فعله، فاستخرجه
الحارث بالليل ودفعه إلى الهميسع، فتوارثوه بنوه بعده، وجاء الحارث الهميسع بمفتاح البيت لما كبر.
ثم إن جرهم والعمالقة أخذهم الوباء فهلكوا وتفانوا، وكبر بنو إسماعيل فأظهرهم الله، وولوا البيت وبقي ضم الملك، فرأى الحارث بن مضاض الذي في نفسه، وأيقن لدولة جرهم بالإبادة، ولدولة بني إسماعيل بالإقبال، فخرج من مكة على وجهه، وكانت غربته المشهورة.
وقد تقدم في دولته من ولي بعد الحارث، وأن أمرهم انقرض عن قرب وتغلب عليهم بنو إسماعيل، ولم يبقوا جرهميا ولا عمليقيا بالحرم، وصارت السدانة والسلطنة للهميسع.
قال البيهقي: وكان اسمه زندا _ بالنون _ فلقبوه الهميسع، وهي السلطان عندهم، كما أن السميدع سلطان العمالقة.
قال: والهميسع أول من قال الشعر من بني إسماعيل، علمه ذلك الحارث بن مضاض، فرويت عنه قصيدة يذكر فيها طغيان جرهم والعمالقة في الحرم، وكيف أبادهم الله، وشتت شملهم، وأولها:
سلوا من بقي عمن مضى فهو مخبر
…
لقد كفروا في بيته وتجبروا
صبرنا فنلنا الملك بعد فنائهم
…
كذلك عقبى من يتوق فيصبر