الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولما مات ولي مكانه ابنه:
النعمان بن امرئ القيس
وهو ابن الشقيقة؛ قال الطبري: "هي شقيقة بنت أبي ربيعة بن ذهل بن شيبان، وهو فارس حليمة، وصاحب الخورنق.
وكان سبب بناء الخورنق أن يزدجرد الأثيم بن بهرام كان لا يبقى له ولد، فسأل عن منزل بريء صحيح من الأدواء والأسقام، فدل على ظهر الحيرة، فدفع ابنه بهرام جور إلى النعمان هذا، وأمره ببناء الخورنق مسكناً له، وأنزله إياه. وكان بانيه سنمار، فلما فرغ منه تعجبوا من بنائه وإتقان عمله، فقال: لو علمت أنكم توفوني أجري، وتصنعون بي ما أنا أهله [لبنيته] بناء يدور مع الشمس حيث دارت! فقالوا: فانك لتقدر على أن تبني ما هو أفضل منه ثم لم تبنه! فأمر به النعمان، فطرح من رأس الخورنق، فهلك. وفي ذلك قال أبو الطمحان القيني:
جزاء سنمار جزاها وربها
…
[وباللات والعزى جزاء المكفر]
قال الطبري: "وكان النعمان هذا قد غزا الشام مراراً، وأكثر المصائب في أهلها، وسبى وغنم؛ وكان من أشد الملوك نكاية في عدوه، وأبعدهم مغاراً فيهم. وكان ملك الفرس قد جعل معه كتيبتين يقال لإحداهما: دوسر، وهي لتنوخ؛ وللأخرى: الشهباء، وهي لفارس، فكان يغزو بهما بلاد الشام، ومن لم يدن له من العرب".
وذكروا "أنه جلس يوماً في مجلسه من الخورنق، فأشرف على النجف وما يليه من البساتين والنخل والجنان والأنهار مما يلي المغرب، وعلى الفرات مما يلي المشرق، وهو على متن النجف في يوم من أيام الربيع، فأعجبه ما رأى، فقال لوزيره: هل رأيت مثل هذا المنظر! فقال: لا، لو كان يدوم! قال: فما الذي يدوم؟ قال: ما عند الله في الآخرة! قال: فبم ينال ذلك؟ قال: بترك الدنيا وعبادة الله. فترك مكله من ليلته، ولبس المسوح، وخرج مستخفياً هارباً لا يعلم به، وأصبح الناس لا يعلمون بحاله إلى أن علموه. وفي ذلك يقول عدي بن زيد العبادي:
وتبين رب الخورنق إذ أش
…
رف يوماً وللهدى تبصير
سره حاله وكثرة ما يم
…
لك والبحر معرض والسدير