الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ورجعت بقاياهم التي كانت في الشواهق إلى مواطنهم بعد أن دوخ بختنصر بلادهم، وخرب المعمور، واستأصل أهل حضور".
قال البيهقي: ثم إن معداً رده الله في حق بني إسماعيل، فدانت له، وملكته عليها.
قال: وحفظ عنه من الكلمات المفيدة أن أحد أعزاء العرب طلب منه أن يميل معه في الحكم وقال له: كن معي! فقال: لا أكون إلا مع من ردني إلى أن أحكم عليك وعلى غيرك بغير طاقة ولا مقدرة! فأقر ذلك الرجل، وعلم أنه مع الحق، واعترف لخصمه.
ولما حضرته الوفاة قيل له: من تقدم من ولدك على الناس، فقد جرت العادة بذلك؟ فقال: أما أنا فأريد أن أقدم قنصاً، والله يريد أن يقدم نزاراً! قم قضى نحبه.
قال صاحب التيجان: ثم ولي أمر مكة بعد موت معد ابنه
قنص بن معد بن عدنان
.
قنص بن معد بن عدنان
ذكر صاحب الكمائم أن أخاه نزاراً كان أولى بالسلطنة منه، ولكن غلب حب قنص على قلب أبيه فولاه، وكان أيضاً أكبر ولده.
وعندما ولي أراد إخراج أخيه من الحرم، فوعظه واستعطفه فلم يفعل، فقال له: علام تخرجني وأنت أخي؟ فقال: الملك ليس معه إخوة، وإن لم أخرجك تخرجني، بذلك يحدثني خاطري؛ فقال: إذ عزمت على هذا فأمهلني قليلاً حتى أرحل بمن معي؛ فقال: ما أجد في خاطري أن في مهلتك ما يعود علي بخير، [ومع] ذلك فقد أمهلتك! فمضى نزار، واشتغل بنقله أهله وماله عن الحرم، فلما أبصره أهل مكة على تلك الحال قالوا: كنا نخاف على بني إسماعيل من غيرهم، وأما وقد بدأ هذا الظالم بأن يسلط بعضهم على بعض، ويفتح عليهم باب النفي والخلاف لا نتركه لذلك. قال: فما تصنعون؟ قالوا: نجعلك تقيم على رغمه. فقال: إذاً أذوق مرارة العيش من ملك من لا يريدني، ومجاورة من يقدر علي ولا أقدر عليه. فقالوا: فإن كان لك قلب يصبر على إخراجه أخرجناه؛ قال: لم يكن لي قلب يصبر على ذلك، ولكن قد قساه عليه وسهل عليه ما يصعب عقوقه. واتفق رأيهم على إخراجه، فرجعوا إليه وأنذروه بالخروج وإلا قتلوه! قال: قد كنت أعلم ذلك من إمهال نزار، وأنا خارج عنكم! فخرج بأهله وماله إلى أرياف العراق، ونزلوا بجهات الحيرة، وصادفوا وقت غلبة الإسكندر على سلطنة الفرس وتفرقها على ملوك الطوائف، فعاثوا هنالك وكثروا، واجتمعت إليهم أخلاط العرب، إلى أن كبر سابور [ذو] الأكتاف، فوضع فيهم السيف وأفناهم، فكان من بقاياهم على