الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحارث بن ظالم المري
الذي يضرب به المثل في الفتك، فيقال:"أفتك من الحارث بن ظالم" كما يقال: "أمنع من الحارث بن ظالم". وقد لخصت ترجمته من الأغاني والكمائم وواجب الأدب.
قال له رجل: ما الفتك؟ قال: أن تستنجز ولا تستأسن، قال: أريد أبين من هذا؛ فاخترط سيفه وقتله، وقال: هذا أبين من ذلك! فعوتب فقال: "سبق السيف العذل".
واجتمع مع خالد بن جعفر بن كلاب عند النعمان بن المنذر في أكل تمر، فألقى خالد نوى ما أكل بين يدي الحارث. فلما فرغا قال: انظروا ما أكل الحارث! فقال الحارث: أما أنا فألقيت النوى، وأما أنت فأكلته! فغضب خالد _ وكان لا ينازع _ وقال له: تنازعني وقد تركتك يتيماً؟ فقال الحارث: ذاك يوم لم أشهده، وأنا اليوم مغن مكاني؛ فقال خالد: أفلا تشكر قتلى زهير بن جذيمة وجعلك سيد غطفان؟ فقال له: سأشكرك!
ثم جاءه ليلا، ففتك به وكان عنده عمرو بن الاطنابة ملك الحجاز، فلما قتل الحارث خالداً غضب وقال: لو لقيه يقظان ما نظر إليه، ولو لقيني لعرف قدره، ثم قال:
عللاني وعللا صاحبيا
…
واسقياني من المدامة ريا
إن فينا القيان يعزفن بالد
…
ف لفتياننا وعيشاً رخيا
أبلغا الحارث بن ظالم المو
…
عد والناذر النذور عليا
أنما تقتل النيام ولا تقتل
…
من كان ذا سلاح كميا
فغضب الحارث للشعر، وقال:
عللاني بلذتي قينتيا
…
قبل أن تبكر الهموم عليا
من سلاف كأنها دم ظبي
…
في زجاج تخاله رازقيا
لا أبالي إذا اصطحبت ثلاثاً
…
أرشيداً دعوتني أم غويا
أبلغا عمراً أنني سوف ألقا
…
هـ وإن كان ذا سلاح كميا
ثم أتى ديار الخزرج ليلا، ودنا من قبة عمرو فنادى: أيها الملك، أغشني وخذ سلاحك! فلما برز له عطف عليه الحارث وقال: أنا أبو ليلى! فخشي عمرو أن يقتله، فألقى رمحه، وقال: سقط رمحي، فدعني آخذه؛ قال: خذه؛ قال: أخشى أن تعدجلني عنه؟ قال: وذمة ظالم لا أعجلتك عنه! قال عمرو: وذمة الإطنابة لا آخذه حتى تنصرف! فانصرف الحارث.
ولما قتل خالداً طلبه النعمان بن المنذر وأخوه الأسود بن المنذر، ثم أغار الأسود على جارات له وسباهن، فعظم ذلك على الحارث، فعمد إلى شرحبيل بن الأسود، وكان مرضعاً عند سنان بن حارثة، والمتكفلة به سلمى أخت الحارث بن ظالم، فقال لها: ادفعيه لي لآتي به الأسود شفيعاً؛ فلما دفعته له قتله، فأخذ الأسود سناناً حتى أدى فيه دية الملوك ألف بعير.
وضاقت على الحارث الأرض إلى أن استجار بمعبد بن زرارة فأجاره، فجر جواره يوم رحرحان ويوم جبلة، ووجد الأسود نعل ابنه شرحبيل في محارب، فقال: إني لأحذيكم شر نعال! فأمشاهم على الصفا المحمى، فتساقط لحم أقدامهم؛ فلذلك يقول أحد الشعراء اليمانية:
على عهد كسرى أنعلتكم ملوكنا
…
صفا من أضاخ حامياً يتلهب
ثم إن الحارث حصل بعد ذلك في يد النعمان على تأمين، فغدر به، فقال له أتغدر بي بعدما أمنتني؟ فقال: إن غدرت بك مرة فقد غدرت مراراً فقتله.
وقيل غير ذلك، قالوا: لما تشاءمت غطفان بالحارث وطردته، انتفى منها، وانتسب إلى قريش إذ كان يقال: إن مرة بن عوف بن سعد بن ذبيان هو مرة بن عوف بن غالب، وفي ذلك يقول:
رفعت السيف إذ قالوا قريش
…
وبينت الشمائل والقبابا
فما قومي بثعلبة بن سعد
…
ولا بفزارة الشعر الرقابا
وقال عبد الملك بن مروان لجلسائه: هل تعرفون أهل بيت قيل فيهم بيت شعر ودوا لو أنهم افتدوا منه بأموالهم؟ فقال سبأ بن خارجة الفزاري: نحن يا أمير المؤمنين، قال: وما ذاك؟ قال: قول الحارث: فما قومي000000 (البيت) والله يا أمير المؤمنين، إني لألبس العمامة الصفيقة، فيخيل إلي أن شعر قفاي يظهر من تحتها.