الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفي كلام التيجان ما يدل على أنه رفض تاج الملك في طلب الهوى. قال: ثم تعرض لها في مكة بالمكان الذي يقال له: الدار، فقال:
فإن لم يكن وصل فلفظ مكانه
…
وإلا فإن الموت لاشك داره
وبهذا سمي ذلك المكان الدار. فقالت له: والله لا ألقاك أبداً! فقال: وأنا لا أشرب بعدها ماء أبداً! وصار إلى الموضع المعروف بالموت - وهو مدفن ملوك بني جرهم - وبقي هنالك يعالج سكرات الموت والعطش إلى أن مات.
وذكر صاحب التيجان أن صديقين له أدركاه وهو يجود بنفسه، فعللاه، ونظر إليهما فقال:
خليلي هذا موطن الموت فاندبا
…
مضاض بن عمرو حين شط مزاره
سلا صاحب الخيمات عن قبر هالك
…
لدى جرعات الموت قر قراره
ويروى: لدى دوحة الزيتون.
ابنة عمه مي بنت مهلهل الجرهمية
ذكر صاحب الكمائم والتيجان أنها من بنات سلاطينهم، وأن جمالها كان يضرب به المثل في وقتها. وعشقها ابن عمها مضاض بن عمرو المتقدم الذكر، فبينما هما يطوفان
بالبيت إذ كانت هنالك رقية بنت البهلول الجرهمية، وكان لها قدره جمال مشهور، فعطشت من شدة الحر وهي تطوف، فنادت: يا مضاض بن عمرو، بدالة الشباب والقرابة اسقني، فاني أخشى الموت! فاحتال لها في ماء وسقاها، فلما بصرت به مي جعلت ترعد غيرة، ورجعت إلى أبيها وقالت له: الموت لا يكتم، وإليك شكواي لأنك عمادي، وقد انصدع قلبي انصداعاً لا يلتئم أبداً! وأخبرته بما جرى، وأقسمت لا تقيم بموضع يكون فيه مضاض أبداً، ورحلت إلى أخوالها من قضاعة، وقالت شعراً منه:
مضاض غدرت العهد والحب صادق
…
وللحب سلطان يعز اقتداره
غدرتم ولم أغدر وللحر موثق
…
وليس فتى من لا يقر قراره
ثم إن أبا قبيس أتاها وأنشدها أشعاراً صنعها على لسان مضاض في رقية، فألهب قلبها عليه، وصنع أيضاً جواباً على لسان رقية؛ فكان ذلك سبب طلب مضاض أبا قبيس ليقتله حتى فر أمامه. وآل الأمر بمضاض إلى أنه آلى ألا يشرب ماء؛ لأنه كان سبب التهاجر بينه وبين ابنة عمه، فمات عطشاً.
وبلغ ذلك ميا، فقالت:
أيا موطن الموت الذي فيه قبره
…
سقتك الغوادي الساريات الهوامع
ويا ساكناً بالدوحتين مغيباً
…
لئن طرت عن إلف فالفك تابع