الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المقدمات:
فاتحة كتاب الحضارة الإسلامية أسسها ووسائلها وصور من تطبيقات المسلمين لها ولمحات من تأثيرها في سائر الأمم:
الحمد لله الرحمن الرحيم، ذي السلطان العظيم، والمن القديم، والوجه الكريم، والكلمات التامات، والدعوات المستجابات، والمشيئات النافذات، الذي لا يتم شيء من ذوي الإرادات إلا بإذنه وتيسيره، وإمداده بالحول والقوة، فإنه لا حول ولا قوة إلا به.
والصلاة والسلام على خاتم أنبياء الله ورسله محمد بن عبد الله الذي ختم به وبما أنزل عليه رسالاته للناس، وعلى سائر الأنبياء الطاهرين الأبرار، والمرسلين المصطفين الأخيار الذين بلغوا رسالات ربهم، فأدوا الأمانة، وجاهدوا في الله حق جهاده، وكانوا بناه مخلصين صادقين في صرح الحضارة المجيدة التي اصطفاها الله للناس أجمعين، وكان كل لاحق منهم عاملًا في إكمال بنائه النظري الفكري والتدريب على بنائه العملي، حتى ختم الله ذلك بمحمد بن عبد الله العربي الهاشمي الأمين، الذي أنزل عليه القرآن المبين، ومثله معه من وحي وتبيين.
وبعد:
فقد مضى قرابة "28" سنة على إخراجي لكتاب "أسس الحضارة الإسلامية ووسائلها" الذي كنت قد وعدت فيه بأن أُتِم -إن شاء الله- الخطة العامة لكتاب "الحضارة الإسلامية" بكتاب لاحق يشتمل على البابين الثالث والرابع من الخطة
- صورة من تطبيقات المسلمين للحضارة الإسلامية النظرية.
- لمحات من تأثير الحضارة الإسلامية وتطبيقاتها في سائر الأمم التي لم تدن بالإسلام، ولكنها التقت بالمسلمين لقاء مودة أو لقاء خصام.
وخلال هذه المدة الطويلة قضى الله جل جلاله بأن تشغلني عن إكمال الكتاب بهذين البابين اجتهادات في إخراج مؤلفات كثيرات زادت على "28" مؤلفًا، في موضوعات مختلفات، وبعد طبعتين من كتاب "أسس الحضارة ووسائلها" توقفت دار القلم بدمشق التي تنشر كتبي عن تجديد طباعته؛ لانشغالها بطباعة المؤلفات الأخرى.
وقبيل أواخر سنة "1417هـ" اتصل بي صاحب دار القلم وطلب مني أن أوافق على إعادة طبعه، فألهمني الله جل جلاله أن أطلب منه التريث، لعل الله جلت قدرته يقضي لي بإكمال ما سبق أن وعدت به، فوجهت العزيمة والمهمة، وسألت الله العون والتوفيق والإمداد بالحول والقوة، وشرعت في إعادة النظر في الكتاب، وفي كتابة البابين الذين كنت وعدت بأن أوافي القراء بهما إن شاء الله تبارك وتعالى.
وقد شاء الله بفضله ومنه وكرمه بعد نحو "28" عامًا بأن أحقق ذلك؛ إذ كان وعدي معلقًا على مشيئته جل جلاله كما أمرنا في كتابه بقوله: {وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا، إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَدًا} [الكهف: 23، 24] .
واخترت أن أجعل الأصل واللاحق في كتاب واحد بعنوان "الحضارة الإسلامية" أسسها ووسائلها وصور من تطبيقات المسلمين لها، ولمحات من تأثيرها في سائر الأمم.
فالحمد لله على ما يسر ووفق وقضى، وأسأله أن يعينني على ذكره وشكره وحسن عبادته.
والآن أدفع الكتاب للنشر، بعد أن تمت العناصر التي كانت مرسومة في خطته.
والله أسأل أن ينفع به علمًا للجاهلين، وتنبيهًا للغافلين، وإقناعًا للشاكين، وتبصيرًا للمتأثرين بزيوف الضالين المضلين.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
الطائف في صباح يوم السبت 13 من ربيع الآخر 1418هـ الموافق لـ"16" من شهر آب "أغسطس" 1997م.
عبد الرحمن حسن حنبكة الميداني