الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فاتحة كتاب؛ "أسس الحضارة الإسلامية ووسائلها
":
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسله منشئي الحضارات الإنسانية الراقية، وفاتحي سبل التقدم والرقي الإنسانيين، وأتم الصلاة والتسليم على من كملت ببعثته الأسس الحضارية محمد النبي العربي الذي اصطفاه الله لتبليغ رسالته للناس جميعًا، فأدى الأمانة، وأخلص النصيحة، ووضع الإنسانية بتعاليمه وتربيته في طريق المجد الصاعد إلى قمم الحضارة المثلى الفكرية والروحية والنفسية والمادية، الفردية والاجتماعية، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان من الذين أسهموا في بناء حضارة المسلمين، مستهدين بهدي كتاب الله، وسنة رسوله، وبعد فقد كلفت تدريس مادة "الحضارة الإسلامية" في كلية الشريعة والدراسات الإسلامية بمكة المكرمة، بدءًا من العام الدارسي 1389-1390 للهجرة النبوية، فأمعنت النظر في هذه الحضارة المجيدة، فوجدت أن البحث فيها لا بد أن يتناول عدة جوانب تقع في مخطط كلي عام ذي أربع شعب:
الشعبة الأولى: البناء الفكري لهذه الحضارة، وهو يشمل الأسس الفكرية، والكليات الكبرى التي تقوم عليها هذه الحضارة.
الشعبة الثانية: وسائل بناء هذه الحضارة بناءً واقعيًّا.
الشعبة الثالثة: أثر البناء الفكري للحضارة الإسلامية، وأثر وسائلها في المسلمين، ونماذج وأمثلة مما أنجزه المسلمون من أعمال حضارية، دفعتهم إليها أسس الحضارة الإسلامية.
الشعبة الرابعة: أثر الحضارة الإسلامية في الأمم الأخرى التي احتكت بالمسلمين، غالبة أو مغلوبة.
ومن أجل ذلك قسمت البحث في هذه المادة العلمية إلى أربعة أبواب، فجعلت لكل شعبة من الشعب الآنفة الذكر بابًا خاصًّا بها، التزامًا بمتطلبات التقسيم المنطقي السليم، وتسلسلًا مع ما تمليه طبيعة البحث العلمي المتدرج من أسس موضوع البحث إلى فروعه، فثمراته، فكل مظاهر زينته.
وبعد البحث المقرون بشيء من الأناة والتبصر كان هذا الكتاب الذي أقدمه إلى طلاب المعرفة، عسى أن يستنير به المستبصرون، وينتبه به الغافلون، ويصحو به المفتونون، ويفرح به المؤمنون.
وكلي أمل ورجاء أن يعود المسلمون إلى رشدهم، ويأخذوا بأسباب الحضارة الإسلامية المجيدة، حتى يعود لهم مجدهم الغابر، ومجد جديد يبنونه عليه في ارتقاء وتقدم تتطلبهما حاجات التطلع الإنساني إلى الكمال.
والله أسأل أن يهيئ للمسلمين وسائل النصر والتأييد، والرجوع إلى مركز القيادة الذي كانوا يحتلونه من قبل يوم كان الإسلام فيهم عقيدة وعملًا، ولقد تصادف أيها القارئ الكريم كثرة في الاستشهادات القرآنية بالنسبة إلى بعض البحوث، والداعي إلى ذلك أن البحوث أبكار، ومما تختلف فيه وجهات الأنظار، وقد أردت أن تشاركني ما استبان لي منها بالتأمل، فرأيت أن أضع بين يديك الشواهد القرآنية، وما تتضمنه من دلالات واضحات. وعلى الله قصد السبيل، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
مكة المكرمة في 1/ 6/ 1390هـ
عبد الرحمن حسن حنبكة الميداني