الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولما استخدم رواد الحضارة الغربية اللاحقة، هذا المنهج التجريبي الذي أخذوه عن المسلمين، استطاعوا أن ينشئوا الحضارة المادية التي تشاهد في عصرنا آثارها ومنجزاتها المدهشة، والتي بها استطاع الإنسان الانتفاع من كثير من طاقات الكون الكامنة، التي سخرها الله له، بشرط أن يتوصل إلى إدراك ومعرفة مفاتيحها، ووسائلها، وأسبابها، وطرق الانتفاع منها، وقد كانت هذه الطاقات الهائلات من الأسرار الخفية وراء الظواهر الكونية المشهودة.
وبهذه الطاقات العظيمات التي استطاع الإنسان أن ينتفع بها ومنها، ويسخرها لمطالبه في الكون والحياة، ركب المراكب العظيمة في البر والبحر والجو، ووصل إلى القمر فالمريخ، وعرف الذرة وخصائصها، وأطلق طاقاتها مع التحكم بتوجيهها، وعرف الإلكترونات وحركاتها وتأثيراتها، وكيفية الانتفاع منها وبها، وعرف خصائص كثير من الأشعة الكونية التي كانت في عالم الغيب بالنسبة إلى الناس، إلى غير ذلك من مكتشفات مذهلات.
2-
من أقوال المنصفين:
1-
قال "عباس محمود العقاد" في معرض رده على صنف الجائرين الجاحدين المتعصبين1:
"وقد أصاب "أبانيز" حين قال: إن عصر النهضة مدين للحضارة الأندلسية قبل الحضارة الإيطالية التي أعقبتها؛ لأن عصر النهضة لم يكن عصر تجديد للفنون الإغريقية القديمة ولا مزيد على ذلك من عنده، ولكنه كان عصر تجديد في الحياة العملية والمرافق الصناعية والتجارية، وفهم مستحدث للعقيدة وللعالم، وللعلاقات بين الحاكمين والمحكومين، أو كان عصر معيشة جديدة تناولت بالتبديل والتعديل طبقات الشعوب من العلية إلى السواد، وذلك أولى أن يأتي من القدوة الشعبية في جميع الشئون العملية بعد اتصال المعاشرة بين حضارة العرب "أي: المسلمين" وأبناء أوروبة الغربية عدة قرون.
1 في كتابه "أثر العرب في الحضارة الأوروبية" ص122-123.
وفي وسع الأرقام والألفاظ أن تُحصي لنا آثار العرب "أي: المسلمين" في بعض العلوم أو بعض الصناعات، ولكن آثار العرب "أي: المسلمين" في الحضارة العامة لا تستقصيها الأرقام ولا الألفاظ، ولا هي موقوفة على استقصاء أرقام وألفاظ لأن زعم الزاعم أنها قد مضت بغير أثر كبير يناقض العقل البشري كما ينقاض المشاهد والمحسوس، وإسناد هذا الأثر إلى غيرها بلا مشاركة منها على الأقل تعسف لا يؤخذ به في سياق التاريخ.
وقد جاءت النهضة بعد عهد الحضارة الأندلسية، وجاء الإصلاح الديني بعد النهضة، وجاءت الحرية السياسية بعد الإصلاح، فليس في وسع المتعصبين منهم أن يقطعوا الصلة بين الحركة الأولى وما تلاها، مع هذا التلازم في الزمان والأسباب". ا. هـ.
2-
ويقول العلامة "دريبر" في معرض الدفاع عن حضارة العرب "أي: المسلمين" وتسفيه الطريقة التي انتهجها زملاؤه من كتاب أوروبا للتعمية على أفضال المسلمين على الحضارة1:
"ينبغي عليًَّ أن أنعى على الطريقة الرتيبة التي تحايل بها الأدب الأوروبي ليخفي عن الأنظار مآثر المسلمين العلمية علينا. أما هذه المآثر فإنها على اليقين لن تظل كثيرًا بعد الآن مخفية عن الأنظار. إن الجور المبني على الحقد الديني والغرور الوطني لا يمكن أن يستمر إلى الأبد". ا. هـ.
3-
ويقول "سارتون"2:
"حقق المسلمون عباقرة الشرق أعظم المآثر في القرون الوسطى، فكتبت أعظم المؤلفات قيمة، وأكثرها أصالة، وأغزرها مادة باللغة العربية. وكانت من منتصف القرن الثامن حتى نهاية القرن الحادي عشر لغة العلم الارتقائية للجنس البشري، حتى لقد كان ينبغي لأي كان إذا أراد أن يلم بثقافة عصره، وبأحدث صورها أن يتعلم اللغة العربية. ولقد فعل ذلك كثيرون من غير المتكلمين بها". ا. هـ.
1، 2 نقلًا من كتاب "أثر العرب في الحضارة الأوروبية" تأليف "جلال مظهر" ص170.
4-
ويقول "نيكلسون"1:
"إن أعمال العرب "أي: المسلمين" العلمية اتصفت بالدقة وسعة الأفق. وقد استمد منها العلم الحديث -بكل ما تحمل هذه العبارة من معان- مقوماته بصورة أكثر فعالية مما نفترض". ا. هـ.
5-
ويقول "سيديو"2:
"تكونت فيما بين القرن التاسع والقرن الخامس عشر مجموعة من أكبر المعارف الثقافية في التاريخ، وظهرت منتوجات ومصنوعات متعددة، واختراعات ثمينة تشهد بالنشاط الذهبي المدهش في هذا العصر. وجميع ذلك تأثرت به أوروبا، بحيث يؤكد القول إن العرب "أي: المسلمين" كانوا أساتذتها في جميع فروع المعرفة، لقد حاولنا أن نقلل من شأن العرب "أي: المسلمين" ولكن الحقيقة ناصعة يشع نورها من جميع الأرجاء. وليس من مفر أمامنا إلا أن نرد لهم ما يستحقون من عدل إن عاجلًا أو آجلًا". ا. هـ.
6-
ويقول "جوستاف لوبون"3:
"كان تأثير العرب "أي: المسلمين" في الغرب عظيمًا للغاية، فأوروبا مدينة للعرب "أي: المسلمين" بحضارتها. ونحن لا نستطيع أن ندرك تأثير العرب "أي: المسلمين" في الغرب إلا إذا تصورنا حالة أوروبا عندما أدخل العرب "أي: المسلمون" الحضارة إليها". ا. هـ.
1، 2، 3 نقلًا من "أثر العرب في الحضارة الأوروبية".