الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المقولة الثالثة: الروح المعنوية لدى المقاتلين من حملة الرسالة الربانية
…
المقولة الثالثة: الروح المعنوية لذي المقاتلين من حملة الرسالة الربانية
عند المقارنة بين الجيوش المقاتلة في العالم، الغابرة منها والحاضرة، يلاحظ الناظرون إلى قيم الروح المعنوية فيها أن جيوش حملة رسالة الحضارة الإسلامية الصادقين تتمتع بأعلى نسبة منها.
وذلك لأن حملة رسالة الحضارة الإسلامية حينما تلجئهم الضرورة أن يقفوا موقف المقاتلين من مواجهة أعداء رسالتهم المجيدة، لا بد أن يلتمسوا في أنفسهم أن الباعث لهم على قتال أعدائهم أنبل غاية تقصد، وهي إعلاء كلمة الله، وابتغاء رضوانه والطمع بالأجر عنده، وصيانة حركة البناء الحضاري المجيد من شرور أعدائها المجرمين.
وعند ذلك لا بد أن يجدوا أنفسهم مسوقين إلى التقيد بشروط القتال التي حددها الله لهم، وأمرهم بالتزامها، وهي كما سبق: وحدة الغاية، ووحدة الصف، والاعتماد على الله في تحقيق النصر، وعدم الاغترار بالنفس، وشدة البأس في القتال، والثبات والمصابرة وعدم تولية الأدبار، مع الاعتصام بالإكثار من ذكر الله، وطاعة القيادة، وعدم التنازع في الأمر.
ومتى استجمعوا كل ذلك مع سبق إعداد المستطاع من القوة المادية المرهبة بتفوقها، كانوا كتلة رهيبة جدًّا من القوة والبأس والشجاعة والإقدام.
فما من جيش استجمع كل ذلك إلا نزع الجبن من قلوب أفراده، فلم يخشوا الموت، وأقبلوا على القتال وهم شديدوا البأس، ثابتوا الإقدام، مستوقون إلى بلوغ إحدى الحسنيين:
- النصر وإعلاء كلمة الله.
- أو الشهادة عند الله وبلوغ رضوانه وجنته.
ما توافرت في جيش من الجيوش كل هذه الشروط التي حددها الإسلام
وأرشد إليها إلا وجد معونة الله المعنوية والمادية مصاحبة له، مهما كر أو فر في مساجلات القتال.
ومن المستعبد جدًّا أن يصاب في وقت من أوقاته بالضعف أو التخاذل والوهن، وذلك لأنه يعلم بأن وعد الله بالنصر للصادقين معه، والمخلصين له، لا بد محقق، فهو شديد الثقة بذلك؛ لأنه فيما يقوم به إنما يقاتل عدو الله وعدو دينه، وعدو رسالة الخير التي أمر بها عباده، وعدو بناة صرح الحضارة المجيدة، وهو يعتقد أنه يقاتل بإذن الله وأمره، مؤيدًا بعون الله وقهره، موعودًا بأجر الله ونصره.
ومن أجل كل ذلك ترتفع قوة المقاتلين في سبيل الله بنسبة ما في قلوبهم من إيمان وصبره، وصدق مع الله، حتى يكون الواحد منهم كفئًا للعشرة من العدو في الحد الأعلى، ولاثنين من العدو في الحد الأدنى.
ويدل على ذلك قول الله تعالى في سورة "الأنفال: 8 مصحف/ 88 نول نزول":
وكذلك تكون قوة المؤمنين الصابرين، بخلاف الذين يخرجون بطرًا ورئاء الناس، ويقاتلون حمية وعصبية أو للشجاعة، أو بغية الوصول إلى مال، أو مجد دنيوي، أو سلطان في الأرض، أو يقاتلون في سبيل فرد أو جماعة من الناس، أو غير ذلك من أمور لا تعادل غايتها بذل الروح في سبيلها، فإنهم إن يخرجوا إلى القتال فما أسرع ما يدب الذعر إلى قلوبهم، ويصيبهم الخوف والهلع، ثم إنهم في أغلب الأحوال متى وجدوا لأنفسهم منفذًا للفرار من المعركة أخذوا سبيلهم إليه، إلا أن يغلب على ظنهم أنهم بقوتهم منتصرون، وأن عدوهم ضعيف أو جبان، أو أن يقوم في أنفسهم أنهم قد أمسوا ملزمين بالقتال، وإلا قتلوا وأبيدوا، فهم يحاولون أن يقاتلوا ليدفعوا الموت عن أنفسهم بما استطاعوا من قوة وحيلة، ومن أجل ذلك نلاحظ أن الجيوش التي لا تحمل رسالة جهاد مقدس تعاني أكبر ما تعاني مما يسمى عند العسكريين بفقد الروح المعنوية، وتحاول قيادتها رفع هذه القوة بوسائل مختلفة دعائية ونفسية ومادية، ومن الوسائل المادية ما يتم به سلب الشعور العاقل عند الجندي المقاتل، عن طريق المسكرات، ولكن كل وسائلهم لا تحقق بعض النتائج التي يحققها الإيمان.