الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المقولة السادسة: فلسفة الإسلام فيما يجري به القضاء والقدر من نعم ومصائب
لدى التأمل فيما يجري به القضاء من نعم ومصائب في الحياة الدنيا نلاحظ أنها أمور أقتضتها حكمة الخالق العظيم في عالم الابتلاء. وعالم الابتلاء هو الطريق الحتمي لعالم الجزاء.
فألوان النعم التي يسميها الناس خيرًا، وألوان المصائب التي يسميها الناس شرًّا مما لا دخل لإرادة الإنسان فيه، لا تغدو أنها مظاهر تكمن فيها حكمة الخالق العظيم، فليس شيء من المصائب الربانية لدى التحقيق بشر لذاته، وإن كان يسمى في مفهوم الناس شرًّا نظرًا إلى صورته الظاهرة فقط، كما يُسمي قصير النظر من المرضى عمل الطبيب الجراح الناصح شرًّا، متى شعر بالألم من عمله، وكما يسمي الطفل وسائل التربية الحازمة التي يربيه بها أبوه العقال العالم الناصح شرًّا، إذا آلمه في شيء، أو حجر على هوى من أهوائه الجانحة عن سبيل الرشاد، وكما يسمي الطالب قصير النظر وفرة ما يقدم له من مغارف متعلقة بمادة مقررة عليه شرًّا، ويسمي صور الامتحان المختلفة التي يمتحنه بها مدرسه الناصح الأمين ليكتشف بها مدى معرفته شرًّا كذلك، وكما يسمي شدة ملاحظة المراقبين له شرًّا، مع العلم بأن هذه الأمور كلها هي في الحقيقة خير وليس شيء منها بشر. ونظيرها المصائب التي يمتحن الله بها عباده، ومكاره كثيرة من مكاره
الحياة التي لا يتم تحقيق الخير العظيم المقصود إلا عن طريقها، هي داخلة في عموم الخير وإن كان الشعور بالألم منها يصورها في النفس على أنها شر.
ولكل من النعم والمصائب الربانية أبواب تتجلى فيها حكمة الخالق العظيم، فمنها ما يكون للابتلاء، ومنها ما يكون للتربية، ومنها ما يكون للجزاء، وقد يحمل القضاء الواحد أكثر من غاية من هذه الغايات الثلاث، فهي إذن ثلاثة أنواع، وفيما يلي بيان لكل منها:
النوع الأول: "وهو ما كان من النعم والمصائب للابتلاء".
في كثير من النعم والمصائب الربانية تتجلى حكمة الابتلاء، قال الله تعالى في سورة "الملك: 67 مصحف/ 77 نزول":
فهذه الآية تدل على أن الحكمة من خلق الله الموت والحياة امتحان الناس فيما وهبهم من إرادة وعقل وقدرة، وفيما وضع تحت سلطتهم من أشياء مسخرة لهم في كونه.
ومن الملاحظ أن الله جلت حكمته قد جعل أساليب الامتحان ومظاهره متنوعة، فقد يمتحن طائفة من الناس بنوع منها في حين أنه يمتحن طائفة أخرى بنوع آخر منها، وطائفة ثالثة بنوع ثالث وهكذا.
ويدل على هذه الحقيقة عدة نصوص من القرآن الكريم:
أ- فمنها قوله تعالى في سورة "الأنبياء: 21 مصحف/ 73 نزول":
أي: ونمتحنكم بالمصائب والنعم امتحانًا، أما المصائب فتغري بالضجر، وأما النعم فتغري بالبطر، وبذلك يظهر معنى الفتنة التي تصاحب الامتحان الإلهي بالمصائب تارة وبالنعم أخرى.
ب- ومنها قوله تعالى في سورة "الأنعام: 6 مصحف/ 55 نزول":
فالحكمة من اختلاف درجات الناس في الحياة الدنيا إنما هو استكمال ظروف الامتحان المقصود.
ج- ومنها قول الله تعالى في سورة "طه: 20 مصحف/ 45 نزول":
فالحكمة من تمييز أصناف الناس بمتع من زهرة الحياة الدنيا إنما هي الفتنة فيها، والفتنة هنا هي الامتحان المقترن بما يغري بالبطر والاستكبار والطغيان.
ولدى التبصر الدقيق نلاحظ أن كل نوع من أنواع الامتحان المختلفة أو المتباينة يؤدي الغاية ذاتها التي يهدف إليها الامتحان المشمول بالعدل الإلهي، والملاحظ فيه استعدادات الفرد التي وهبه الله إياها، مادية كانت أم معنوية، وذلك كله ضمن معادلات رياضية دقيقة، لا تستطيع القدرات الإنسانية -مهما بلغت- متابعة حسابها، وذلك لأن المحاسبة الربانية لا تهمل أي جانب من جوانب الإنسان التي تتأثر بإرادته، سواء كانت فكرية، أم نفسية، أم سلوكية.
ونستطيع أن نقرب ذلك إلى الفهم بملاحظة الأمثلة التالية:
أ- فيمكن أن نقول: إن امتحان درجة الصبر بالفقر أو المرض أو فقد الحبيب بنسبة توافق الاستعداد الفطري الموهوب لإنسان موضوع تحت الامتحان الرباني يساوي امتحان درجة الشكر بالغني أو الصحة أوالسرور بلقاء الأحبة، بنسبة توافق الاستعداد الفطري الموهوب لإنسان آخر موضوع تحت الامتحان الرباني.
وإذا كان من واجب الإنسان أن يعترف بأن الله أكرمه إذا فتح عليه أبواب الرزق والنعمة، فإن عليه أيضًا أن يراقب مع ذلك أن الله تعالى قد أكرمه بها في الدنيا لابتلائه، واختبار شكره، وحسن علمه.
وأما إذا قدر الله عليه رزقه، وضيق عليه مسالك العيش، فليس له أن يقول:"إن ربي أهانن" بل عليه أن يلاحظ دائمًا أن الله ابتلاه بذلك بعد أن وهبه ما وهبه من جلائل المنح التي ميز الإنسان بها، ثم يسعى جهده حتى يبرهن على استحقاقه لهذا الكمال الإنساني، وذلك بالصبر والرضا عن الله تعالى، في قضائه وقدره، وبالاستقامة على الطريقة التي شرعها الله لعباده.
وإلى هذه المعاني نجد الإشارة في قول الله تعالى في سورة "الفجر: 89 مصحف/ 10 نزول":
ب- ويمكن أن نقول: إن امتحان درجة الطاعة بالجهاد في سبيل الله بالنفس والمال، في ميدان الدفاع عن شريعة الرحمن، بنسبة توافق الاستعداد الفطري الموهوب لإنسان موضوع تحت الامتحان الرباني، يساوي امتحان درجة الطاعة بالتزام أحكام الله وضبط النفس عن الطغيان في ميدان الحكم والسلطان، فالجندي في المعركة ممتحن على قدر استعداده بمثل امتحان ذي السلطان على كرسي حكمه، الأول منهما تمتحن إرادته لمقاومة جبن النفس في ساعة الشدة والفزع، والآخر تمتحن إرادته لمقاومة طغيان النفس في ساعة الرخاء والطمع.
يضاف إلى ذلك ما في التفاوت بين الناس من ابتلاء بعضهم ببعض، فتبتلى إرادة الغني في الإحسان والتواضع أمام فقر الفقير، وتبتلى إرادة الفقير في الرضا والقناعة ومجانبة الحسد أمام غنى الغني، وهكذا يبتلى الصحيح بالسقيم والسقيم بالصحيح، والقوي بالضعيف، والضعيف بالقوي، ويبتلى الراعي برعيته، والرعية براعيها، ومن ذلك ابتلاؤه سبحانه المؤمنين بمجاهدة الكافرين، ويشهد لهذا قول الله تعالى في سورة "محمد: 47 مصحف/ 95 نزول":
وقوله تعالى أيضًا في سورة "محمد: 47 مصحف 95 نزول":
وفي الوجود أمثلة كثيرة متنوعة معقدة لأنواع الامتحان الرباني للإنسان، وذلك لأن النفس الإنسانية أعقد ما في الوجود، ولكن عدل الله العليم بكل شيء يتناول كل صغيرة وكبيرة، ويشمل الكليات والجزئيات بالقانون الرباني المبين بقول الله عز وجل في سورة "الزلزلة: 99 مصحف/ 93 نزول":
{فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ، وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} .
وذلك لأن الإنسان قد يفتتن بما يراه ضرًّا وشرًّا، فيتخاذل أو يثبت، وقد يفتتن بما يراه نفعًا وخيرًا فيتخاذل أو يثبت، وفي كل منهما يتم الابتلاء والاختبار، والابتلاء بأي منهما يؤدي إلى الغاية نفسها المبتغاة من امتحان الإنسان.
إلا أن الفتنة بالضراء تغري بالضجر والتذمر، والتطاول على مقام الربوبية، والعناد في رفض الطاعة، لمرارتها على النفس، أما الفتنة بالسراء فتغري بالبطر والجحود، والبغي والطغيان، والتمادي في مخالفة الله، والبعد عن طاعته؛ اغترارًا بحلاوة مذاقها.
وربما كان الابتلاء بالضراء بالنسبة إلى بعض الناس أصلح من الابتلاء بالسراء؛ لأن استعداداتهم للصبر على المصيبة أكثر من استعداداتهم للصبر على ضبط النفس عن التمادي في البغي والإثم، إذا هم انغمسوا في زينة الدنيا، واغتروا بحلاوة إقبالها.
ونجد الإشارة إلى ذلك في قول الله تعالى في سورة "الأعراف: 7 مصحف/ 39 نزول":
{وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} .
وقوله تعالى في سورة "البقرة: 2 مصحف/ 87 نزول":
وقوله تعالى في سورة "الكهف: 18 مصحف/ 69 نزول":
{إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا} .
أليس في هذه الآيات بيان واضح لفكرة الابتلاء الرباني للإنسان بالحسنات وبالسيئات، وبالضراء وبالسراء، وذلك لامتحان درجة صبر الإنسان ودرجة شكره لكل ما يأتيه من قبل الله مهما مر أو حلا؟
ومن أمثلة مصائب الابتلاء التي يتعرض لها أهل الطاعة ليبتلى الله بها صبراهم، فيرفع درجاتهم عنده، ويزيد من حسناتهم، ما تضمنه قول الله تعالى في سورة "التوبة: 90 مصحف/ 113 نزول":
وهكذا تبدو الفلسفة الإسلامية في مجال نعم الدنيا ومصائبها فلسفة مشرفة سامية، شأنها في كل ما عالجته من أمور الكون والإنسان والحياة والوجود كله.
النوع الثاني: "ما كان من النعم والمصائب الربانية للتربية والتأديب".
وفي كثير من النعم والمصائب الربانية نلاحظ آثار الحكمة الإلهية في التربية والتأديب ظاهرة جلية.
فمن الآثار التربوية للنعم الزائدة لدى بعض الناس تربية اليقين بالله في قلوبهم، وتربية خلق الجود والإحسان وحب الخير للناس، وتربية النفس على الطمأنينة والاستقرار والقناعة، في حين أن كثرة النعم لدى آخرين قد تكون وسيلة إفساد لهم، وذلك بحسب استعداداتهم وخصائصهم النفسية.
ومن الآثار التربوية للمصائب تربية النفس على الصبر، وتحمل الشدائد، ومقارعة الخطوب، وإيقاظ القلب من غفلاته التي قد يستغرق فيها مع توالي النعم ومن آثارها إعطاء دروس وعظات في سنن الحياة، وتذكير المؤمن بأن هذه الحياة الدنيا دار ابتلاء، وليست دار استقرار، حتى يتسابق الناس فيها إلى تناول
المتع واللذات، ورد المنحرف عن صراط الله إلى طاعته؛ لأن للمصائب والآلام تأثيرات خاصة في النفس الإنسانية، تشعرها بما هي عليه من ضعف وعجز يلجئانها إلى ذي القوة المطلقة، الذي لديه وحده فيض النعم، وبيده وحده دفع البلاء، ورفع المصائب والخطوب.
وربما كان مكروه النفوس إلى
…
محبوبها سببًا ما مثله سبب
وكثيرًا ما يكون طريق العناية الإلهية بعبده أن يقذفه في غمرات الشدائب ليعرفها، ويذوق بعض آلامها، ثم يخرجه منها سالمًا أو بأذى يسير، ولكن وراء ذلك خيرًا كثيرًا له.
ونستطيع أن نقول: إن اليتم الذي ذاق محمد صلوات الله عليه وسلامه طفولته قد كان له مرحلة تربوية من أجل المراحل في حياته، وعناية ربانية به، ليعده الله لمهام الرسالة التي اختار جل وعلا أن يصطفيه بها.
والتربية الربانية التي اكتسبها أصحاب محمد صلوات الله عليه في نعمة النصر الذي أحرزوه في بدر والأحزاب لون عظيم أفادهم توكلًا على الله وثقة به، وتثبيتًا للإيمان في قلوبهم، وعقيدة راسخة بأن النصر بيد الله يعطيه من يشاء، وأن الله لا محالة ناصر دينه، ومؤيد نبيه والمؤمنين معه.
أما التربية التي اكتسبوها في المصيبة التي مستهم آلامها في أحد، وحنين فذات لون آخر، إذا علمتهم أن للنصر شروطًا وأسبابًا مادية ومعنوية، لا يمكن إحرازها إلا بها، فليست قضية المسلمين مع أعدائهم، قضية معجزات، وخوارق عادات، ولكنها سنن كونية، لا تبديل لها، وإنما يكتب الله النصر والتأييد لأوليائه على أعدائه، إذا فعلوا ما أوجب عليهم، وتقيدوا بالسنن التي أرشدهم إليها.
ويمكن أن نجعل من مصائب التربية المصائب التي يتعرض لها من وهم دون التكليف، فهي من جهة مصائب ابتلاء أو تربية أو جزاء لأوليائهم، وهي من جهة أخرى مصائب تربية لمن هم دون التكليف، وذلك لأن كثيرًا من صفات الكمال في الإنسان لا توجد ولا تنمو إلا في ظروف المصائب.
على أن عدل الله لا بد أن يتحقق فيمن يصيبهم بالمصائب، وهم دون التكليف، فلا بد أن يعوض الله عليهم من فضله ثوابًا على ما أصيبوا به، سواء في الدنيا أم في الآخرة.
ويشير إلى هذا النوع وهو ما كان من النعم والمصائب للتربية والتأديب نصوص كثيرة في القرآن والسنة، ومنها قول الله تعالى في سورة "التوبة: 9 مصحف/ 113 نزول".
ففي الذي أصاب المسلمين يومئذ تربية عظيمة لهم، حتى لا يكرروا الاغترار بأنفسهم، وإن كثر عددهم وعظمت عدتهم، فالاغترار بالنفس من عوامل الهزيمة بما فيه من التهاون والتواكل.
النوع الثالث: "ما كان من النعم والمصائب الربانية للجزاء بالثواب أو بالعقاب".
ولدى التدبر في حكم الله الجليلة نلاحظ في كثير من النعم والمصائب الربانية أنها من الجزاء الإلهي المعجل في الدنيا.
وللجزاء المعجل في الدنيا أثر ظاهر في حفز همم أهل الطاعة للاستزادة من الخير، وفي تذكير أهل المعصية حتى يتوبوا، وينتهوا عن فعل الشر، وفي كل منهما عناية ربانية جليلة.
فالمعجل من الجزاء بالثواب في الدنيا أنواع كثيرة لا تحصى من الرغائب المادية والمعنوية التي يحبوها الله للمحسنين، منها النصر والتأييد والعز والسؤود، ومنها الشعور بالسعادة وطمأنينة القلب، ومنها اللذة بفيض المعرفة والحكم الربانية التي يلقيها الله في قلوبهم، ومنها البركة في الوقت والمال.
والزوج والولد، ومنها التوفيق الذي يدلل الصعاب، ويرافق الأعمال إلى غير ذلك مما لا يحصي.
والمعجل من الجزاء بالعقاب في الدنيا أنواع كثيرة أيضًا مادية ومعنوية، مشتملة على صنوف المذلة والخزي، والعيش الضنك، يجزي الله بها المسيئين، ومنها الفضل والخذلان، ومنها الشعور بالشقاء والقلق، ومنها الألم وضيق الصدر وتبلبل الفكر، واضطراب النفس، ومنها محق البركة والخير من الوقت والمال والزوج والولد، ومنها المصائب والبلايا الكثيرة في النفس والمال والأهل، ومنها مجانبة التوفيق في الأمور، ومنها الإذلال والإهانة، ومنها العذاب الماحق الذي ينزله الله على أهل الكفر والعناد، ومنها تنفيذ العقوبات المقررة في الشريعة الإسلامية على بعض الكبائر، إلى غير ذلك مما لا يحصى.
فمن سنن الله الدائمة تحقيق معجل الجزاء بقسميه الثواب والعقاب، وشواهد ذلك كثير في القرآن الكريم، والسنة النبوية الشريفة، والأحداث التاريخية اليقينية، والوقائع المستمرة، وفيما يلي طائفة من النصوص القرآنية الدالة على ذلك.
أ- قال الله تعالى معلنًا عن معجل الثواب للمحسنين في سورة "النحل: 16 مصحف/ 70 نزول":
فقد قرر الله في هذه الآية أن للذين أحسنوا ثوابًا معجلًا ينالونه في هذه الحياة الدنيا، إلا أن ما ادخره الله لهم إلى الدار الآخرة خير وأفضل.
ب- وقال الله تعالى مبينًا كلا من معجل الثواب والعقاب في سورة "الأعراف: 7 مصحف/ 39 نزول":
وفي هذه الآية أيضًا بيان من الله تعالى أن من سنته في الحياة الدنيا أن يجازي بالثواب الدنيوي المؤمنين المتقين، وذلك بأن يفتح عليهم البركات من السماء والأرض وأن يجازي بالعقاب المكذبين، وذلك بأن يأخذهم بالعذاب بما كانوا يكسبون.
ج- وقال الله تعالى في شأن سيدنا نوح عليه السلام في سورة "القمر: 54 مصحف/ 37 نزول":
{وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ، تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاءً لِمَنْ كَانَ كُفِرَ} .
ففي هذه الآية بيان من الله العظيم أن تأييد الله لرسوله نوح عليه السلام بحمله في السفينة بعد أن كفر به قومه وكذبوه، وإنقاذه مع من آمن به محفوظًا بعناية الله ورعايته، قد كان من الجزاء الدنيوي له، على ما كان من أذى قومه له بالكفر والتكذيب وصبره الطويل.
د- وقال الله تعالى: مبينًا معجل العقاب للمسيئين في سورة "الزمر: 39 مصحف/ 59 نزول":
هـ- وقال الله تعالى في سورة "طه: 20 مصحف/ 45 نزول":
فالمعيشة الضنك في الدنيا تكون جزاء لمن أعرض عن ذكر الله وعظات كتابه بعد معرفته لها، وتبصره بحقيقتها الناصعة.
و وقال الله تعالى في سورة "الرعد: 13 مصحف/ 96 نزول":
وهكذا يتبين لنا من ألوان النعم والمصائب الدنيوية ما يقضي به الله
تعالى لعباده، جزاء معجلًا لهم على أعمالهم الحسنة أو السيئة، فتكون النعم منها جزاء بالثواب، وتكون المصائب منها جزاء بالعقاب.
ومرة ثانية نقول: وهكذا تبدو الفلسفة الإسلامية في مجال النعم والمصائب التي يصيب الله بها عباده فلسفة مشرفة سامية، شأنها في هذا كشأنها في كل ما عالجته من أمور الكون، والإنسان، والحياة، والوجود كله.