الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثالث: التربية
لا غرو أن التربية من وسائل بناء الحضارة الإسلامية بناء واقعيًّا على أسسها الفكرية الراسخة.
والتربية العامة تكون بالدعوة إلى سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة، واستمالة الأنفس بالترغيب بمحابها الخيرة، وبالترهيب مما تكره من شر أو ضر أو أذى.
الشرح:
لو أن الإنسان كائن عديم الفكر والإرادة والدوافع والميول الذاتية ومطالب الأنفس، لكان من الممكن تسخيره وتوجيهه بالقوى المكافئة لقواه الجسدية، دون أن يقف فيه شيء موقف العناد والمعارضة، أو موقف الطلب وإملاء الشروط، لكنه كائن عجيب التركيب.
ففيه الفكر المؤهل لمعرفة الحقائق واستنباط غوامض الأمور.
وفيه الإرادة ذات النزعات المتضادة، كالاستجابة والرفض، والموافقة والمعارضة، والإقبال والإدبار.
وفيه الدوافع والميول التي تحرضه على أنواع خاصة من السلوك لتحقيق مجموعة من المطالب النفسية المادية والمعنوية.
ومن أجل ذلك كان انتظامه في سلك بناة الحضارة المجيدة انتظامًا طوعيًّا يتطلب شحن فكره وإرادته ودوافعه وأنواع ميوله الذاتية بقوى معنوية تجعله يستجيب لهذا الانتظام استجابة ذاتية، ويُسهم بنصيب من العمل في بناء صرح
الحضارة المجيدة، لا مسخرًا تسخيرًا فاقد الإرادة، بقوة خارجة عنه أو داخلة فيه.
أما شحن فكره وإرادته ودوافعه وأنواع ميوله الذاتية بالقوى المعنوية التي تجعله يستجيب للانتظام في سلك بناة صرح الحضارة المجيدة استجابة ذاتية فأمر من أمور التربية العليا، ذات المسالك المختلفة، التي يجب أن تلاحظ فيها النصائح والوصايا التربوية المستندة إلى حصائل الدراسات النفسية المختلفة، وقد أرشد الإسلام إليها، منبهًا على كلياتها الكبرى وهي:
أولًا: الدعوة بالحكمة.
ثانيًا: الدعوة بالموعظة الحسنة.
ثالثًا: استمالة الأنفس بالترغيب بمحابها الخيرة، وبالترهيب مما تكره من شر أو ضر أو أذى.
ولنعالج هذه الكليات الثلاث بشيء من التفصيل، مستهدين بما جاء في مصادر الحضارة الإسلامية.
الدعوة بالحكمة:
أما الدعوة بالحكمة فهي التربية التي تعتمد على وسائل الإقناع الفكري المنطقي الحكيم، بالحجج والبراهين المثبتة للحقائق، وتكون الحكمة باتخاذ الأساليب الملائمة للحالة الفكرية والنفسية التي عليها الذين توجه لهم التربية.
وللمربين في هذا المجال أصول وقواعد استخلصوها من تجارب الحياة، ومن الدراسات النفسية والنظرية والتطبيقية، ونلاحظ أن الإسلام يدعو إليها بشكل عام، ويعرض طائفة من جزئياتها، كما أنه لم يفته أن يقدم لنا من أمثلتها نماذج رفيعة قام بها النخبة الممتازة من الدعاة إلى الله، وهم الرسل عليهم الصلاة والسلام، ونماذج أخرى قام بها بعض المربين الذين تخرجوا في مدارس الدعوة التي أسسها الرسل، كالنموذج التربوي الذي قصه لنا القرآن عن الحكيم لقمان في موعظته لابنه، قال الله تعالى في سورة "لقمان: 31 مصحف/ 57 نزول":
فمن حكمة لقمان في موعظته لابنه أنه حينما نهاه عن الشرك بالله قرن له ذلك بالدليل المقنع المؤكد، فقال له:{إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيم} . ومن بدهيات العقول أن الظلم قبيح، وعاقبته وخيمة، ومن أدرك هذه الحقيقة اكتسب قناعة كافية، تجعله يخشى خشية كبيرة من الشرك بالله.
الدعوة بالموعظة الحسنة:
وأما الدعوة بالموعظة الحسنة فهي التربية التي تعتمد على وسائل التأثير الخطابي، المقرونة بالأساليب البيانية المختلفة، ذات الخصائص التي تمكن المربي من القبض على نواصي الأنفس، وتحريك العواطف والانفعالات الإنسانية، وتوجيهها إلى طريق الحق والخير والجمال.
ومن الأساليب البيانية فنون القصة، وروائع التصوير الفني، وطرق الكناية والاستعارة والتشبيه والمجاز، وضرب الأمثلة، إلى غير ذلك مما يعرفه مهرة البلغاء والبيانيين من أدباء وشعراء وباحثين.
ونصوص الدعوة الإسلامية في كتاب الله المجيد وسنة رسوله الكريم ذاخرة بروائع الأساليب البيانية المختلفة، التي تملك مشاعر المتدبرين، وتلين القلوب القاسية بقوة تأثيرها، فتجعلها طيعة للاستجابة إلى الحق، وتصرف عنها كثيرًا من عقد العناد والكبر والحسد وسائر انحرافات النفس والفكر، وذلك لأن الأنفس إذا استحسنت أو استعذبت شيئًا من الأشياء مالت إليه، وانجذبت نحوه، وانفعلت به انفعال مسرة، ومع الميل والمسرة يتولد الحب، وبالحب تنحل معظم العقد، وأهمها العقد التي تنشأ عن النفور والكراهية وعدم الإلف، ومتى انحلت العقد النفسية عاد الإنسان إلى فطرته الصافية التي تقبل الحق وتستجيب له، بل ربما استطاع المضللون صرف الإنسان عن الحق الصريح الذي يستمسك
به بهذه الوسيلة نفسها، فكيف بدعاة الحق، وحملة مصابيح الهدى، إذا أحسنوا استخدام هذه الوسيلة في مجال الحق والخير والفضيلة.
استمالة الأنفس:
وأما استمالة الأنفس بالترغيب بمحابها الخيرة، وبالترهيب مما تكره من شر أو ضر أو أذى، فهي التربية التي تعتمد على وسائل تتجاوز حدود القول إلى مختلف الطرق العملية الترغيبية والترهيبية.
ومن أهمها التآخي والمواساة، وبذل المال والجاه والخدمة، وعرض نتائج طرق الخير وطرق الشر بمشاهد واقعية تملأ الإنسان قناعة وإذعانًا، إلى غير ذلك.
ويدخل في هذا ما شرعه الإسلام من إعطاء المؤلفة قلوبهم نصيبًا من الزكاة لتأليف قلوبهم على الإسلام، ومنه ما كان يفعله الرسول صلوات الله عليه من العطاءات التي تهدف إلى تأليف القلوب، وفي الحديث الصحيح يقول الرسول صلوات الله عليه:"إني لأعطي الرجل وأدع الرجل، والذي أدع أحب إليَّ من الذي أعطي، ولكني إنما أعطي أقوامًا لما أرى في قلوبهم من الجزع والهلع وأَكِلُ أقوامًا إلى ما جعل الله في قلوبهم من الغنى والخير". رواه البخاري.
ولهذا العنصر من قوة التأثير في حل كثير من العقد النفسية مثل ما للعنصر السابق، بل ربما كان أشد منه لدى بعض النفوس التي يأسرها الإحسان المادي، أكثر مما تأسرها الأساليب البيانية الرفيعة، فكم من عطاء أبلغ من بيان، وكم من إحسان أعظم أثرًا من برهان، وذلك إنما يعود إلى حالة كل إنسان توجه له التربية، ليكون جنديًّا في جيش بناة الحضارة الإسلامية المجيدة.
شروط التربية:
وللتربية بهذه الطرق شروط إسلامية متعددة نذكر منها فيما يلي سبعة شروط:
الشرط الأول:
صحة ما يدعو إليه المربي الإسلامي والتزامه به، فإذا كان ما يدعو إليه باطلًا لم تكن رسالته رسالة بناة الحضارة الإسلامية المجيدة، مهما استطاع أن يجد لباطله أنصارًا ومؤيدين.
الشرط الثاني:
تقيد المربي الإسلامي في دعوته بالأصول المنطقية الفكرية السليمة، وذلك ليصون دعوته عن الخطأ والانحراف، وليسلح من يقوم على تربيتهم بالحجج والبراهين المنطقية التي تثبت الحق في نفوسهم، وتعطيهم القدة على بثه، ونشره، وغرسه في قلوب الجاهلين.
ومن تقيده بالأمور المنطقية تدرجه من المعلومات إلى المجهولات، على مقدار حال الذين يقوم على تربيتهم ودعوتهم إلى سبيل الله.
الشرط الثالث:
تجرد المربي الإسلامي الذي يحمل رسالة الدعوة إلى بناء الحضارة الإسلامية المجيدة من الغرض الشخصي، وإعلانه هذا التجرد، فعنصر التجرد عن الغرض الشخصي في الدعوة إلى الإصلاح من أهم العناصر المؤثرة التي تجعل المنصفين يستجيبون للدعوة، ويتأثرون بإرشاد الداعي ونصحه وتوجيهه.
ولذلك كان الرسل عليهم الصلاة والسلام يعلنون تجردهم عن الغرض الشخصي بأن يقولوا لأقوامهم: "لا نسألكم عليه أجرًا""لا نسألكم عليه مالًا" ونحو ذلك.
وقد أمر الله رسوله محمدًا عليه السلاة والسلام بأن يقتدي بهدي الرسل السابقين فيقول لقومه: {لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا} قال الله تعالى في سورة "الأنعام: 6 مصحف/ 55 نزول":
الشرط الرابع:
ألا يحابي المربي الإسلامي أحدًا فيما يصدع به، فمن أهم وسائل تربية الجماهير الإنسانية عدم المحاباة في الصدع بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وفي استخدام وسائل التربية المختلفة، ووضع الناس كلهم على قدم المساواة بين يدي الدعوة، وبين يدي المسالك التربوية.
وكذلك كان رسل الله عليهم الصلاة والسلام، لا يفرقون في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وفي تطبيق وسائل التربية بين قريب وبعيد، بل كانوا يبدءون بالأقربين يأمرونهم وينهونهم وينذرونهم، ويشهد لهذا قول الله لرسوله في سورة "الشعراء: 26 مصحف/ 47 نزول":
{وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} .
الشرط الخامس:
القدوة الحسنة، فمن أهم شروط التربية المؤثرة أيضًا كون المربي في ذاته وأخلاقه وأعماله قدوة حسنة، وذلك بأن يكون ملتزمًا جميع ما يأمرهم به، ومتجنبًا جميع ما ينهاهم عنه، وإلا كان القوم في شك من دعوته وأوامره ونواهيه، ولم يكن لدعوته أثر فعال في نفوسهم، ولا أثر تطبيقي في سلوكهم، ومن أجل ذلك قال النبي شعيب عليه السلام، فيما حكاه الله عنه في سورة "هود: 11 مصحف/ 52 نزول":
الشرط السادس:
اتخاذ وسائل الرفق واللين في الدعوة، وتنزيل الناس منازلهم، وقد علم الله موسى ذلك حينما أمره بأن يذهب هو وأخوه هارون إلى فرعون، قال الله تعالى في سورة "طه: 20 مصحف/ 54 نزول" حكاية لما خاطب به موسى عليه السلام:
ولا تنيا: أي: ولا تضعفا ولا تفترا.
وقد علمه الله صيغة القول اللين كما أخبرنا في سورة "النازعات: 79 مصحف/ 81 نزول":
ففي قوله له: {فَقُلْ هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى} عرض متراخ مملوء باللين والرفق وإعطاء فرعون منزلته في قومه، وذلك من أساليب الحكمة في الدعوة التي يجب الالتزام بها.
وسائل الدعوة:
وللدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة وسائل مختلفة، ومنها الوسائل التالية:
الوسيلة الأولى:
اللسان، ويقتدي الداعي الحكيم بطرق وفنون الدعوة التي قام بها الرسل عليهم الصلاة والسلام بصفة عامة، وبطرق وفنون الدعوة التي قام بها محمد صلى الله عليه وسلم بصفة خاصة، ثم بالطرق الناجحة التي سلكها النخبة الممتازة من أصحابه رضوان الله عليهم، والتي سلكها تابعوهم بإحسان.
والدعوة الحكيمة باللسان تتضمن الإقناع الهادي بالحديث الخاص، والإقناع بالخطابة العامة، غير الموجهة لشخص بعينه، وباستمالة القلوب بكل قول لين كريم، وأدبي رفيع، وبياني مؤثر، وعرض الحقائق التي يراد الإرشاد إليها بطريقة غير مباشرة، كأن تكون قصة، أو على طريقة ضرب مثل، وكأن يضرب بها مثل لغيرها على اعتبار أنها من الأمور البدهية المسلم بها، مع تصيد المناسبات الملائمات، واستغلال الظروف النفسية التي تكون النفس معها مهيأة
للاستجابة والإصغاء، والداعي الحكيم يعمل على تهيئة الجو النفسي الملائم، ثم يحسن الاستفادة منه لدعوته الخيرة، ولعلماء النفس في هذا الباب نظرات يمكن الاستفادة منها بشكل واسع، وقد سبقهم في ذلك علماء المسلمين الذين اطلعوا بمهمات التربية الإسلامية العملية، والدارس لأحوالهم يجد أن لديهم أساليب كلامية محاطة بأجواء ملائمة تتغشى على الأنفس بالسكينة والطمأنينة، فتجعلها في ذروة الاستعداد للتأثر بما يملي عليها.
الوسيلة الثانية:
الكتابة نشرًا وشعرًا وما بينهما، ويكون ذلك عن طريق المؤلفات، والمقالات، وسائر المنشورات المكتوبة، التي تدخل إلى النفوس عن طريق الإقناع الفكري، أو عن طريق التأثير الوجداني.
ولهذه الوسيلة أثرها الفعال عند كثير من الناس، ومنهم المصابون بعقدة الاستعلاء والاغترار بالنفس والإعجاب بالرأي، والمصابون بعقدة الكبر والعناد، فهؤلاء يصعب عليهم تلقي أية نصيحة مهما رق أسلوبها، وعذب لفظها، وتأخذهم العزة النفسية المقرونة بالإثم، متى وجه لهم ناصح أية موعظة مهما كانت حسنة لكنهم إذا قرءوا ذلك في كتاب أو في مقالة أو في شعر أمكن أن يدخل إلى نفوسهم دون أن يصطدم بما لديهم من عقد صماء.
الوسيلة الثالثة:
التربية والتعليم، وينبغي أن تهتم هذه الوسيلة بالمراحل الأولى لحياة الإنسان اهتمامًا كبيرًا، لما لها في هذه المراحل من آثار عظيمة، فهي في هذه المراحل أنفذ إلى أعماق النفوس، وأكثر تأثيرًا وأبقى مع الزمن، ثم تهتم بالمراحل الثانية التي تضم المراهقة والشباب، ثم تهتم بما وراء ذلك من مراحل في حياة الإنسان، وتغطي كل مرحلة ما يناسبها من الأصول والقواعد التربوية الحكيمة.
وتتحقق هذه الوسيلة بتأسيس المدارس والمعاهد والجماعات الإسلامية، التي تتآزر فيها الخطط والمناهج والتطبيقات لتحقيق غاية بناء الحضارة الإسلامية المجيدة.
والشرط الأساسي لهذه الوسيلة أن تكون موجهة لما يخدم الرسالة الإسلامية بشكل عام، عقيدة وشريعة وسلوكًا وبناء حضاريًّا رفيعًا.
الوسيلة الرابعة:
نشر الوعي الثقافي الإسلامي عن طريق المربين والمعلمين والوعاظ والمرشدين الذين يحملون رسالة الدعوة الشاملة، في المجامع العامة والخاصة، وينبئون في معظم المجتمعات والحلقات والأسر، ضمن وحدة توجيهية وثقافية منسقة، تهدف إلى إقامة مجتمع صالح مؤهل لبناء الحضارة الإسلامية بناء صحيحًا، على أسسها الفكرية الراسخة.
ويمكن أن تتحقق هذه الوسيلة باستخدام المساجد والجوامع لنشر الوعي الثقافي، وبتأسيس الأندية الثقافية الإسلامية، وجعلها تحت إشراف مخلصين أكفياء، وبالتنادي إلى المحاضرات المركزة تركيزًا إسلاميًّا يزود الجماهير بالمفاهيم الصحيحة عن أسس الحضارة الإسلامية وفروعها، وتطبيقها العملية، وباستخدام الإذاعة والتلفزيون وسائر الوسائل الإعلامية ليدخل الوعي الإسلامي الصحيح كل بيت، ويطرق كل سمع، ويهز كل قلب.
الوسيلة الخامسة:
تأسيس الجمعيات والأندية الخيرية والرياضية وغير ذلك، واتخاذها حقولًا غير مباشرة من حقول الدعوة.
ولا يخفى تأثير الحقول غير المباشرة على النفوس الإنسانية، من أجل تحقيق أهداف أية دعوة من الدعوات، وجدير بالدعوات الخيرة ألا تهمل هذا الأمر، في تخطيطها وفي أعمالها.
أيها الداعي إلى الله، إن من اليسير جدًّا أن تدعو فتى من الفتيان للانتظام مثلًا في ناد رياضي، يرضي فيه كثيرًا من غرائزه وميولاته الطبيعية التي لا شر فيها ولا إثم، ثم من السهل جدًّا بعد ذلك أن توجهه إلى طريق الخير بتشى الوسائل، ومنها أن تجعل الأهداف العامة التي ينتهي إليها كل مشروع رياضي هي أهداف الدعوة الخيرة التي تسعى لنشرها، وغرسها في قلوب الناس، إنه من
الممكن جدًّا أن تملأ قلوب المنتظمين في النادي الرياضي الذي أسسته أنت وأحكمت قيادته وتوجيهة بمعاني البطولة والرجولة والرغبة بالكفاح والنضال من أجل بناء الحضارة الإسلامية المجيدة بناء قويًّا متينًا، وذلك بدفعهم إلى التساؤل عن أسس لهذه الحضارة، وتطبيقاتها الفردية والجماعية، ووسائلها، والتساؤل هو المنطلق الصحيح إلى المعرفة، ومن ثم نلاحظ أن المعرفة قد أخذت تولد فيهم الرغبة بالتجند للعمل الفعال في البناء المطلوب.
الوسيلة السادسة:
القيام برحلات إسلامية جماعية تنور المشركين فيها بأنواع التقدم المادي والمعنوي، التي يجب أن تقوم بها الأجيال الإسلامية، كما تشكف لهم صور التخلف القبيحة، التي يجب عليها أن تجتنيها أو تتخلص منها.
وفي الرحلات الإسلامية الجماعية المحاطة بالوقاية الكافية، والمشدودة بالقيادة الحكيمة تكتسب جملة من الأخلاق العملية المطلوبة في بناء الجماعة المسلمة، وتسنح الفرص الكثيرة التي تكون فيها أنفس المشتركين على أتم الاستعداد لتلقي المبادئ والاقتناع بها، والاستجابة لها.
وعلى الداعي الإسلامي أن لا يهمل هذه الوسيلة، إذا تيسر له تحقيقها، والاستفادة منها لأهدافه الكبرى.
خاتمة حول مهمة المرأة المسلمة:
وبعد التنبيه على هذه الوسائل لا بد أن ألفت النظر إلى أن المرأة عنصر ذو شأن عظيم من عناصر المجتمع الإسلامي، المسئول عن بناء الحضارة الإسلامية بناء واقعيًّا، على أسسها الفكرية الراسخة، ولهذا يجب على حملة رسالة الإصلاح العناية بها عناية كبرى، وإعداد المجتمع النسائي المسلم الذي يحمل نصيبه من العمل لإقامة البناء الحضاري المطلوب بهمة وصدق وإخلاص.