المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ أثر حضارة المسلمين في همج الشرق الفاتحين المدمرين: - الحضارة الإسلامية أسسها ووسائلها وصور من تطبيقات المسلمين لها ولمحات من تأثيرها في سائر الأمم

[عبد الرحمن حبنكة الميداني]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمات:

- ‌فاتحة كتاب الحضارة الإسلامية أسسها ووسائلها وصور من تطبيقات المسلمين لها ولمحات من تأثيرها في سائر الأمم:

- ‌مقدمة الطبعة الثانية لكتاب "أسس الحضارة الإسلامية ووسائلها

- ‌فاتحة كتاب؛ "أسس الحضارة الإسلامية ووسائلها

- ‌الفصل الأول: تحليل معنى الحضارة وموقف الإسلام من التقدم الحضاري

- ‌المقولة الأولى: تحليل معنى الحضارة والسبيل إلى تحقيق التقدم الحضاري

- ‌المقولة الثانية: موقف الإسلام من أنواع التقدم الحضاري

- ‌الفصل الثاني: أثر الأسس الفكرية والنفسية في بناء الحضارات

- ‌الباب الأول: البناء الفكري للحضارة الإسلامية

- ‌الفصل الأول: الحق والباطل

- ‌الفصل الثاني: الخير والشر

- ‌المقولة الأولى: تعريفات للخير والشر

- ‌المقولة الثانية: من أسس الحضارة الإسلامية "مبدأ فعل الخير والعمل على نشره، وترك الشر والعمل على قمعه

- ‌المقولة الثالثة: مفاهيم عامة تشتمل عليها حدود الخير والشر

- ‌المقولة الرابعة: الفلسفة الإسلامية بالنسبة إلى الوسائل الكونية

- ‌المقولة الخامسة: فلسفة الإسلام في الوسائل والغايات

- ‌المقولة السادسة: فلسفة الإسلام فيما يجري به القضاء والقدر من نعم ومصائب

- ‌الفصل الثالث: العالمية والشمول في رسالة الحضارة الإسلامية

- ‌المقولة الأولى: مقدمات عامة

- ‌المقولة الثانية: الحضارة الإسلامية منفتحة الحدود

- ‌انفتاح الحدود الفكرية

- ‌ انفتاح الحدود النفسية:

- ‌ انفتاح الحدود المادية:

- ‌الفصل الرابع: المثالية والواقعية

- ‌المقولة الأولى: تعريفات وبيانات عامة للمثالية والواقعية

- ‌المقولة الثانية: شرح المثاليات في أسس الإسلام الحضارية

- ‌المقولة الثالثة: شرح الواقعيات في أسس الإسلام الحضارية

- ‌مدخل

- ‌شرح الأمر الأول: التكليف ضمن حدود الطاقة الإنسانية

- ‌شرح الأمر الثاني: رفع التكليف في أحوال النسيان والخطأ والإكراه التي لا يملك الإنسان دفعها

- ‌شرح الأمر الثالث: مراعاة مطالب الفكر والنفس والجسد الإنسانية

- ‌شرح الأمر الرابع: مراعاة حال واقع المجتمعات الإنسانية

- ‌شرح الأمر الخامس: مراعاة واقع حال الضعف البشري

- ‌جدليات حول المثاليات والواقعيات الإسلامية:

- ‌الباب الثاني: وسائل بناء الحضارة الإسلامية بناء واقعيا

- ‌مقدمات عامة:

- ‌الفصل الأول: التعلم والتعليم

- ‌المقدمة:

- ‌المقولة الأولى: الدفع الإسلامي إلى التعلم والتعليم

- ‌المقولة الثانية: إجمال طرق تحصيل المعارف المختلفة

- ‌المقولة الثالثة: تكريم الإنسان بأدوات التعلم ومسؤوليته بالنسبة إليها

- ‌المقولة الرابعة: مكافحة الإسلام التقليد الأعمى

- ‌المقولة الخامسة: تفصيل طرق اكتساب المعارف والعلوم

- ‌المقولة السادسة: نظرات من خلال النصوص الإسلامية حول اكتساب المعارف والعلوم

- ‌المقولة السابعة: منهج الإسلام في الاعتماد على المستندات الإخبارية

- ‌المقولة الثامنة: البحث العلمي والإيمان

- ‌المقولة التاسعة: مكانة العلماء في الإسلام

- ‌الفصل الثاني: تطبيق العلم بالعمل

- ‌المقدمة:

- ‌المقولة الأولى: موقف الإسلام من تطبيق العلم بالعمل

- ‌المقولة الثانية: قواعد العمل في الإسلام

- ‌المقولة الثالثة: موقف الإسلام من العمل الصناعي والعمراني والاختراع والابتكار

- ‌المقولة الرابعة: دفع شبهات

- ‌الفصل الثالث: التربية

- ‌الفصل الرابع: الجدال بالتي هي أحسن

- ‌المقولة الأولى: تعريف بالجدال بالتي هي أحسن وبيان لطائفة من قواعده العامة

- ‌المقولة الثانية: أمثلة جدالية من القرآن الكريم

- ‌الفصل الخامس: إقامة الحكم الإسلامي

- ‌المقدمة:

- ‌المقولة الأولى: البيعة وواجبات الحاكم والمحكوم

- ‌المقولة الثانية: فلسفة الحكم الإسلامي

- ‌المقولة الثالثة: الموظف المسلم ومسؤولياته

- ‌الفصل السادس: الجهاد في سبيل الله بالقتال

- ‌المقولة الأولى: مقدمات عامة

- ‌المقولة الثانية: الشروط التي يجب توافرها أثناء القتال

- ‌المقولة الثالثة: الروح المعنوية لدى المقاتلين من حملة الرسالة الربانية

- ‌المقولة الرابعة: الجهاد بالقتال في تاريخ بناة الحضارة الإسلامية

- ‌الباب الثالث: صور ونماذج من تطبيقات المسلمين الحضارية في مختلف المجالات العلمية والعملية

- ‌الفصل الأول: تلقي القرآن وتدوينه وتدبره

- ‌المقولة الأولى: تلقي القرآن وتدوينه

- ‌المقولة الثانية: نشأة علم التفسير

- ‌الفصل الثاني: السنة النبوية المطهرة

- ‌المقولة الأولى: السنة في عصر الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌المقولة الثانية: السنة بعد عصر الرسول صلى الله عليه وسلم حتى نهاية القرن الأول الهجري

- ‌المقولة الثالثة: السنة بعد القرن الأول الهجري

- ‌المقولة الرابعة: حركة التصنيف الكبرى للسنة وزواتها

- ‌الفصل الثالث: أثر القرآن والسنة في ابتكار كثير من العلوم الإسلامية

- ‌الفصل الرابع: تأسيس علمي النحو والصرف وتدوين المعجمات العربية

- ‌الفصل الخامس: تأسيس علم الفقه الإسلامي، وعلم أصوله، وتدوينهما

- ‌المقولة الأولى: تأسيس علم الفقه الإسلامي وتدوينه

- ‌المقولة الثانية: تأسيس علم أصول الفقه الإسلامي وتدوينه

- ‌الفصل السادس: نشأة علمي التاريخ والجغرافية والتدوين فيهما

- ‌المقولة الأولى: نشأة علم التاريخ البشري والتدوين فيه لدى المسلمين

- ‌المقولة الثانية: نشأة علم الجغرافية والتدوين فيه لدى المسلمين

- ‌الفصل السابع: اهتمام المسلمين بالعلوم التي تتعلق بآيات الله في الكون وأدواتها العقلية والتجريبية

- ‌المقدمة:

- ‌المقولة الثالثة: الكيمياء

- ‌المقولة الرابعة: الفلاحة والنبات

- ‌المقولة الخامسة: الحيوان

- ‌الفصل الثامن: عناية المسلمين بالعلم والتعليم والتربية على الفضائل الإسلامية خلقا وسلوكا

- ‌النشأة والتأسيس

- ‌ العلم والتعليم والتربية في بلاد الشام:

- ‌ العلم والتعليم والتربية في أيام العباسيين في العراق والأقاليم حوله:

- ‌ العلم والتعليم والتربية في مصر:

- ‌ العلم والتعليم والتربية في أقاليم المغرب من بلدان العالم الإسلامي:

- ‌كلمة موجزة عن أندنوسيا

- ‌ تعرض حضارة المسلمين لقتل علمائها وإبادة مصنفاتها من قبل همج الشرق ونصارى الإسبان:

- ‌الفصل التاسع: نظرات موجزات حول تطبيقات حضاريات مختلفات قام بها المسلمون

- ‌ مقدمة:

- ‌ الواقع الاقتصادي:

- ‌ المالية العامة:

- ‌ التنظيمات الإدارية:

- ‌ القضاء:

- ‌ نظام الحسبة ووظيفة المحتسب:

- ‌ التدبيرات العسكرية:

- ‌ العمران:

- ‌ الخط العربي

- ‌ الصناعات الخزفية:

- ‌ الصناعات الزجاجية:

- ‌ صناعة النسيج:

- ‌الباب الرابع: لمحات من أثر الحضارة الإسلامية في الحضارات الإنسانية الأخرى

- ‌ مقدمة:

- ‌ من أقوال المنصفين:

- ‌تتبعات تاريخية مفصلة جاءت في كتاب "شمس العرب تسطع على الغرب

- ‌ واقع حال أوروبة والغرب كله إبان ازدهار حضارة المسلمين:

- ‌ أثر حضارة المسلمين في همج الشرق الفاتحين المدمرين:

- ‌خاتمة كتاب "أسس الحضارة الإسلامية ووسائلها

- ‌خاتمة كتاب الحضارة الإسلامية أسسها ووسائلها وصور من تطبيقات المسلمين لها ولمحات من تأثيرها في سائر الأمم:

- ‌فهرس الكتاب:

- ‌آثار المؤلف

الفصل: ‌ أثر حضارة المسلمين في همج الشرق الفاتحين المدمرين:

5-

‌ أثر حضارة المسلمين في همج الشرق الفاتحين المدمرين:

قدمت جيوش التتار والمغول من الشرق بوحشية لئيمة قذرة، وهمجية منقطعة النظير، إلى بلدان المسلمين وحواضرهم التي كانت مزدهرة بألوان من الحضارة الراقية، التي فاقت كل الحضارات المعاصرات لها، والحضارات الغابرات.

فسلطت هذه الجيوش الهمجية عليها أدوات القتل والإفساد والتدمير، بنفوس لا تعرف شيئًا عن معاني الإنسانية، فقتلت وفتكت ودمرت بلا عقل ولا تقدير، وأبادت شيئًا كثيرًا من حضارة المسلمين في بلدانهم، وأفنت الشيء الكثير جدًّا من كنوز العلم، التي كانت تشتمل عليها مخطوطات خطتها أيدي ألوف من علماء المسلمين، جمعًا وتصنيفًا، أو ابتكارًا وإبداعًا، أو استنباطًا، أو استنتاجًا، أو استخراجًا، بالاجتهاد الفكري المعرفي، وعملت على استنساخها مئات الألوف من الكتبة والوراقين.

ولما هدأ بركان هذا الجيوش الهمجية الفتاكة المدمرة، وسكن طوفانها، وصحت من سكرها وعربدتها، وبردت حرارة مطامعها وشرهها، نظرت في واقع حال المسلمين المغلوبين، فوجدت أنهم يتمتعون بتفوق فكري، وأصالة حضارية راسخة وشاهقة، لم تبلغ بعد شعوبهم الغازية إلى سفوحها.

ووجدت هذه الجيوش أنها إذ غزتهم ودمرت كثيرًا من حاضراتهم، وحضاراتهم كانت تخوض في أوحال وديان همجية قذرة منتنة، وأن علينا حتى تكون من صنف البشر، أن ترتقي شيئًا فشيئًا، مقتفية ركب المغلوبين من المسلمين، ومقلدة لهم في عقائدهم وأخلاقهم وسلوكهم وعلومهم.

فأسلم بعض قادتهم، وتبعتهم جيوشهم وشعوبهم، وصاروا بمرور الزمن جزءًا من المسلمين، إكبارًا لهم ولحضارتهم العظيمة، وإعجابًا بعناصرها الفكرية والسلوكية، وإعجابًا بآثارها المادية.

وكان من نتيجة ذلك أن أسهم كثير منهم بإنشاء مؤسسات حضارية، تخلد أسماءهم داخل بلدان المسلمين، التي كانوا قد دمروا ما دمروا منها.

لقطات مقتبسات من كتب التاريخ:

1-

أقبل جيش من المغول لفتح مدينة "نسا" الإسلامية، وحاصروها حتى سقطت في أيديهم مستسلمة، فساقوا أهل المدينة إلى فضاء وراء البساتين كقطعان الأغنام، وحشروهم في ذلك الفضاء رجالًا ونساء كبارًا وصغارًا، ثم

ص: 669

أمروهم بأن يكتف بعضهم بعضًا، فأطاعوا من شدة الخوف، ثم أضجعوهم واستأصلوهم قتلًا، وكان عدد القتلى نحو سبعين ألفًا.

2-

وقدم المغول إلى مدينة "مرو" إذ كانت عاصمة إقليمها، وكان أهلها يمتازون بالثراء وسعة العيش؛ إذ كانت مقر سلاطين السلاجفة، وكانت تزخر بالمكتبات والمدارس، وكان فيها عدد وفير من العلماء والأدباء.

ورأى العسكر في "رمو" أن لا طاقة لهم بمقاومة المغول، فطلبوا التسليم، على أن يؤمنهم القائد المغولي "تولوي" على حياتهم، فوافق على ذلك، ثم نقض عهده، ودخل جنوده المدينة، وقتلوا جميع من فيها من السكان، إلا "400" شخص من أرباب الحرف والصنائع، فقد استبقوهم ليستفيدوا منهم في الأعمال وصناعة الأدوات الحربية.

ثم هدم المغول المدينة عن آخرها.

كذلك فعلوا من مدينة "نيسابور" حتى قتلوا كل ذي حياة فيها، وإمعانًا في الجبروت أخذوا يقطعون رءوس القتلى ويبنون منها أهرامات عاليات، بعضها للرجال، وبعضها للنساء، وبعضها للأطفال.

وكذلك فعلوا في مدن إقليم "غزنة".

3-

وكانت بغداد مركزًا عظيمًا للعلوم والآداب والفنون، بالإضافة إلى مركزها السياسي في العالم الإسلامي؛ إذ كانت مقر الخلافة العباسية، وكانت غنية بعلمائها وأدبائها وفلاسفتها.

فلما حلت النكبة فيها على أيدي المغول، قتل فيها الآلاف من العلماء والشعراء، وأحرقت فيها المكتبات، وخربت فيها المدارس والمعاهد، وقُضي فيها على معظم الآثار الإسلامية، وبلغ تقدير عدد القتلى من المسلمين فيها قرابة ثمانمائة ألف قتيل.

وقد كان سقوط بغداد وتدميرها بعد سقوط بخارى ونيسابور والري وغيرها، وتدمير هذه المدن من مدن العلم والأدب والمنجزات الحضارية، جناية عظمى على الحضارة الإنسانية عامة.

ص: 670

ومما يؤسف له أنه لم يكن ينتظر من النصارى في بلاد المسلمين، الذين كانوا يعاملون أحسن معاملة تتلقاها أقليات في كل شعوب الأرض، أن يبتهجوا بسقطو مدن المسلمين وتدميرها بأيدي المغول الوثنيين، وإن يعلنوا فرحتهم وتمجيدهم للقائد المغولي "هولاكو" وزوجته النصرانية، وأن يعتبروا نصر التتار نصرًا للنصاري في المنطقة ضد المسلمين، إلا أن هذا كله قد حصل منهم، فلم يقابلوا الجميل بمثله، ولا بعشرة في المائة منه، بل قابلوه بالجحود والنكران، والانحياز إلى جيش العدو الغازي، طمعًا بأن تكون الكلمة العليا بعد ذلك لهم.

4-

ثم لمع الضوء الإسلامي من ضمن قادة المغول أنفسهم، ومن أفراد شعوبهم، إذا اعتنق الإسلام "بركة خان" ابن عم "هولاكو" وقد كان "بركة خان" حاكمًا في القبجاق، وصار يتوعد "هولاكو" بأن ينتقم منه، بسبب ما اقترفه من مذابح قتل الملايين من المسلمين، ولتجرئه على مقام الخلافة، وقتله خليفة المسلمين.

وصار الإسلام ينتشر في أفراد وأسر الشعب المغولي، حتى ظهر منهم قادة متعددون مسلمون، ومنهم الملك "تغلق" تيمور الذي تأثر بدعوة عالم رباني يقال له "الشيخ جمال الدين" ثم ابن هذا العالم من بعده "الشيخ رشيد الدين" ثم انتشر الإسلام في التتار1.

جاء في كتاب "المغول في التاريخ" تأليف "د. فؤاد عبد المعطي الصياد" قوله: "وإذا كان الغزو المغولي على يد "جينكيز خان" وخلفائه للبلاد الإسلامية في بادئ الأمر عصيبًا عانى فيه المسلمون القتل والتعذيب، والخراب والدمار، فإن هذا العاصفة الهوجاء صارت تهدأ تدريجيًّا، حتى جاء الوقت الذي تأثر فيه المغول بحضارة المغلويين، واعتنقوا دينهم، وشرعوا يصلحون ما أفسد آباؤهم "أي: من ظواهر حضارية مادية" وأقبلوا يساهمون بنصيبهم في إنهاض الحضارة الإسلامية في شتى مظاهرها". ا. هـ. "ص14 مقدمة المؤلف".

1 ذكر قصة إسلام هذا الملك المؤرخ "آرنولد" في كتابه "الدعوة إلى الإسلام" وذكرتها مفصلة المصادر التركية والفارسية. انظر تفصيل هذه القصة في رسالة للعالم الداعية الرباني "الشيخ أبي الحسن علي الحسن الندوي" بعنوان "أوروبا وأمريكا وإسرائيل".

ص: 671