الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عنده، فقلنا: يا رسول الله علام نبايعك؟ قال: "تُبَايِعُونِي عَلَى السَّمْعِ والطَّاعَة في النَّشاط والكَسَلِ، وعلى النفقة في اليُسر والعُسر، وعلى الأمرِ بالمَعْروف والنَّهيِ عن المنكَرِ، وعلى أن تقُولُوا فِي الله لا تأخُذُكُم لَوْمَة لائِم وعلى أن تنصروني إذا قدمتُ عَلَيْكُم يَثْرِب، تمنعُوني مما تمنعُون منهُ أنْفُسَكُم وأزواجَكُم وأبناءَكُم ولَكُم الجَنَّة" فقمنا نبايعه، وأخذ بيده أسعد بن زرارة وهو أصغر السَّبعين رجلًا إلا أنا، فقال: رويدًا يا أهلَ يَثرِب إنا لم نضرب إليه أكباد المَطِيِّ إلا ونحن نعلم أنه رسول الله، إن إخراجه اليوم مفارقةُ العرب كافة، وقتل خياركم، وأن تَعَضَّكُمُ السُّيوفُ، فإما أنتم قومٌ تصبرونَ على عض السيوف إذا مسَّتكم، وعلى قتل خياركم، وعلى مفارقة العرب كافة، فخذوه وآجركم الله عليه، وإما أنتم تخافون من أنفسكم جَنَفَةً، فَذَروه، فهو أعذر لكم عند الله عز وجل، فقلنا: أمِط يَدَك يا أسعد بن زرارة، فوالله لا نذر هذه البيعة، ولا نستقيلها، فقمنا إليه نبايعه رجلًا رجلًا يأخذ علينا شرطه، ويُعطينا على ذاك الجنة. أخرجه البيهقي (1).
الإِسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم
-
55 -
عن شداد بن أوس قال: قلنا: يا رسول الله كيف أُسرِيَ بِك؟ قال: صلَّيتُ لأصحابي صلاة العَتَمَةِ بمكَّةَ مُعتِمًا، فأتاني جِبْريلُ بدابَّةٍ بيضاءَ فَوْقَ الحمارِ ودُونَ الْبَغْلِ، فقال: اركبْ فاسْتَصْعَبْت علَيَّ، فَرَازَها (2) بأُذُنِها. ثمَّ حملني عَلَيْها، فانطَلَقْت تَهْوِي بِنا يَقَعُ حافِرُها حَيثُ أدرَكَ طَرْفُها، حتى
(1) 2/ 181 و 182 في "دلائل النبوة"، باب ذكر العقبة الثانية وإسناده حسن.
(2)
في الأصل و"دلائل النبوة": "فدارها" وهو تحريف، والتصويب من تفسير ابن كثير، وفي "النهاية": ومنه حديث البراق: "فاستصعب، فرازه جبريل عليه السلام بأذنه" أي: اختبره.
بَلَغْنا أرضًا ذاتَ نَخْلٍ، فأنْزَلَنِي، فقال: صَلِّ، فصَلَّيتُ ثمَّ ركِبْنا، فقالَ: أتَدْرِي أيْنَ صَلَّيتَ؟ قُلتُ: الله أعلم، قال: صَلَّيتَ بِيَثرِب، صَلَّيتَ بِطَيْبَةَ، فانطَلَقَتْ تهوي بِنا يَقَعُ حافِرُها حَيْثُ أدرَكَ طَرْفُها، ثمَّ بلَغنا أرضًا فقال: انزِلْ، فَنَزَلْتُ ثمَّ قال: صلِّ، فصَلَّيتُ، ثُمَّ ركِبنا، فقال: أتَدرِي أين صَلَّيت؟ قلت: الله أعْلَمُ، قال صلَّيتَ بِمَدْيَن، صَلَّيتَ عِندَ شَجَرَةِ مُوسَى عليه السلام، ثمَّ انطَلَقَتْ تهوي بنا يَقَعُ حَافِرُها حَيْثُ أدرَكَ طَرفُها، ثمَّ بَلَغْنا أرضًا بَدَتْ لَنا قُصُورُ الشَّام، فَقَالَ: انزِلْ، فَنَزَلْتُ، فقالَ: صلِّ، فصَلَّيتُ، فقالَ: أتَدْري أينَ صَلَّيتَ؟ قُلْتُ الله أعْلَمُ، قال: صَلَّيتَ بِبَيْتِ لَحْمٍ حَيْثُ وُلِدَ عيسى عليه السلام المسيح بن مريِم، ثم انطَلَقَ بِي حَتَّى دَخَلنَا المَدِينَةَ مِن بابِها اليَمَانِيِّ، فأتَى قِبْلَةَ إلمَسْجِدِ فَرَبَطَ فيهِ دابَّتَه ودَخَلنا المسجِد من بَابٍ فيهِ تَميْلُ الشَّمسُ والقَمَرُ، فصَلَّيتُ مِن المسجد حيثُ شاء الله، وَأخَذَني (1) مِن العَطَشِ أشَدُّ ما يكونُ أخَذَنِي، فأتِيتُ بإنَاءَين، فِي أحَدِهِما لَبَنٌ، وفي الآخَرِ عَسَلٌ، أُرْسِلَ إِلَيَّ بِهما جَميعًا، فَعَدَلْتُ بَيْنَهُما، ثمَّ هداني الله عز وجل، فأخَذتُ الَّلبَنَ فَشَرِبْتُ حتَّى قَرَعْتُ به جَبيني، وبين يَدَيَّ شَيخٌ متَّكيء على مَثْراةٍ (2) له، فقال: أخَذَ صَاحبُك الفِطرةَ، إنه لَيُهدي، ثُمَّ انطَلَقَ بي حَتَّى أتَينا الوادي الَّذي في المدينة، فإذا جهنَّم تَنْكَشِفُ عن مِثْلِ الروابي (3) قُلْتُ: يا رسول الله كيف وَجَدتَهَا؟ قال: مِثلَ الحَمَّةِ السُّخْنَةِ، ثم انْصَرَفَ بي فَمَرَرنا ببَعِيرٍ لِقُرَيشٍ بمكان كذا وكذا قد أضلُّوا بَعِيرًا لهُم قد جَمَعَهُ فُلانٌ، فسَلَّمتُ عليهِمْ، فقالَ بَعْضُهُم: هَذا صوْتُ محمَّدٍ، ثُمَّ أتَيْتُ أصْحابي قَبْلَ الصُّبح بِمَكَّةَ، وأتانِي أبُو بَكرٍ، فقال: يا رسولَ
(1) في الأصل: وأجد بي، وهو تصحيف.
(2)
كذا في الأصل: مثراة بالراء، وفي تفسير ابن كثير: مثواة، بالواو، وفي "الخصائص الكبرى" للسيوطي: على منبر.
(3)
في الأصل: الزرابي، والتصحيح من "دلائل النبوة".
الله أين كُنْتَ الَّلَيلَةَ؟ فقد التَمَسْتُكَ في مَكانِكَ، فقالَ: أَعَلِمتَ أنِّي أتَيْتُ بيتَ المقْدِسِ الَّليلةَ؟ فقال: يا رسول الله إنَّه مسِيرَةُ شَهْرٍ فَصِفْهُ لِي، فَفُتِحَ لِي صِراطٌ كأنِّي أنظُرُ إِلَيهِ، يسألُني عن شيءٍ إلا أنْبَأتُهُ عَنْهُ. قال أبو بكر: أشهَدُ أنَّك رسُول الله، فقال المُشْرِكُون: انْظُروا إلى ابن أبي كَبْشَةَ يَزْعُمُ أنَّهُ أتى بَيْتَ المقدسِ من الَّليلة، قال: فقال: إنَّ مِن آيَةِ ما أقُولُ لَكُم، أنِّي مَرَرتُ بِعِيرِكُم بمكانِ كذا وكذا قد أضَلُّوا بَعِيرًا لهُم فَجَمَعَهُ فُلانٌ، وإِنَّ مسيْرَهُم يَنْزِلُونَ بِكَذا ثمَّ كذا، ويأتُوْنَكُم يومَ كَذَا وكَذَا يَقْدُمُهُم جَمَلٌ آدمٌ عليه أسْوَدُ وغِرَارَتَانِ سَودَاوانِ، فَلمَّا كانَ ذلِكَ اليومُ أشْرَفَ النَّاسُ يَنظُرونَ حتَّى كانَ قَرِيبٌ من نِصْفِ النَّهارِ، حتَّى أقْبَلَتِ العِيرُ يَقْدُمُهم ذَلكَ الجَمَلُ الَّذي وَصَفَهُ رسُول الله صلى الله عليه وسلم. أخرجه البيهقي بإسناد، وقال: هذا إسناد صحيح (1).
56 -
وقال عن ابن شهاب: أنه أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بيت المقدس
(1) 2/ 108 و 109 في "دلائل النبوة" باب الإِسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم من حديث أبي إسماعيل محمد بن إسماعيل الترمذي عن إسحاق بن إبراهيم الزبيدي، عن عمرو بن الحارث، عن عبد الله بن سلام الأشعري، عن محمد بن الوليد بن عامر، عن الوليد بن عبد الرحمن بن جبير، عن شداد بن أوس. وإسحاق بن إبراهيم ضعيف، وعمرو بن الحارث، قال الذهبي: هو غير معروف العدالة. وذكره ابن كثير في "تفسيره" 3/ 14 عن أبي إسماعيل محمد بن إسماعيل الترمذي وقال: هكذا رواه البخاري من طريقين عن أبي إسماعيل الترمذي به. ثم قال بعد تمامه: هذا إسناد صحيح، وروى ذلك مفرقًا من أحاديث غيره، ونحن نذكر من ذلك إن شاء الله ما حضرنا، ثم ساق أحاديث كثيرة في الإِسراء كالشاهد لهذا الحديث، قال ابن كثير: وقد روى هذا الحديث عن شداد بن أوس بطوله الإِمام أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم في تفسيره عن أبيه عن إسحاق بن إبراهيم بن العلاء الزبيدي، به ولا شك، أن هذا الحديث أعني الحديث المروي عن شداد بن أوس مشتمل على أشياء منها ما هو صحيح كما ذكره البيهقي، ومنها ما هو منكر كالصلاة في بيت لحم، وسؤال الصديق عن نعت بيت المقدس وغير ذلك، والله أعلم.