الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
18 -
عن ابن عباس أنه لما توفي عبدُ المطلب قَبَضَ أبو طالب رسول الله صلى الله عليه وسلم[إليه] فكان يكون معه، وكان أبو طالب لا مالَ له، وكان يُحِبُّه حبًّا شديدًا لا يحبُّه ولده، وكان لا ينام إلا إلى جنبه، ويخرج فيخرج معه، وكان يخصُّه بالطعام، وكان إذا أكل عِيال أبي طالب جميعًا أو فرادى لم يشبعوا، فإذا أكل معهم رسول الله صلى الله عليه وسلم شبعوا. وكان الصبيانُ يُصبحُونَ رُمْصًا (1) شُعثًا، ويصبح رسول الله دَهيْنًا كحيلًا، أخرجه ابن سعد (2).
حفظ الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم من نقائص الجاهلية في نشوئه
19 -
قال الشيخ النواوي: عن علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما عَبَدْتُ صَنَمًا، ولا شَرِبْتُ خَمْرًا، وما زِلْتُ أَعْرِفُ أنَّ الَّذي هُمْ عَلَيْهِ كُفْر (3).
وكان يُعرَف في قومه بالأمين لما شاهدوه من أمانته وصدقه وطهارته، فلما بلغ ثنتي عشرة سنة خرج مع عمِّه أبي طالب إلى الشام حتى بلغ بصرى، فرآه بَحِيْرى الراهب، فعرفه بصفته، وجاء فأخذ بيده، وقال: هذا سَيِّدُ العالمين، هذا رسول ربِّ العالمين، هذا يبعَثُه الله حجَّةً للعالمين. قالوا: فَمِن أين عَرَفْتَ هَذا؟ قال إنَّكم حين أقبلتُم من العقبة لم تبق صخرة ولا حجر إلا
(1) الرمص: وسخ أبيض يجتمع في الموق، ورمصت عينه: من باب فرح، والنعت أرمص.
(2)
1/ 119 في "الطبقات" باب ذكر أبي طالب وضمه رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه وخروجه معه إلى الشام في المرة الأولى.
(3)
ذكره النووي في "تهذيب الأسماء واللغات" 1/ 24 بدون سند.
خرَّ ساجدًا، ولا يسجد إلا لنبيّ، وإنا نجده في كُتبنا، وسأل أبا طالب أن يردَّهُ خوفًا من اليهود (1).
ثم خرج صلى الله عليه وسلم ثانيًا إلى الشام مع ميْسَرَة غلام خديجة في تجارة لها قبل أن يتزوجها حتى بلغ سوق بصرى، فلما بلغ خمسًا وعشرين سنة تزوج خديجة.
20 -
عن ابن عباس رضي الله عنهما عن أبيه أنه كان ينقل الحجارة إلى البيت حين بنت قريش البيت، قال: وأفردت قريشُ رجلين رجلين: الرجال ينقلون الحجارة، والنساء تنقل الشِّيْد قال: وكنت أنا وابن أخي، وكنا نحمل على رِقابِنا وأزُرُنا تحت الحجارة، فإذا غَشِينا النّاسُ، اتَّزرْنا، فبينا أنا أمشي ومحمد صلى الله عليه وسلم أمامي، قال: فخرَّ وانبطح على وجهه، قال فجئتُ أسعى، وأَلْقَيتُ حجرى وهو ينظر إلى السماء، فقلت: ما شأنُك؟ فقام فأخذ إزاره، وقال:"نُهِيتُ أن أمْشِي عُرْيانًا" فكنت أكتمها الناس مخافة أن يقولوا: مجنون. أخرجه البيهقي (2).
(1) أخرجه الترمذى في "سننه"(3624) في المناقب: باب ما جاء في بدء نبوة النَّبي صلى الله عليه وسلم؛ والحاكم 2/ 615، 616، وأبو نعيم في "دلائل النبوة" 129، 131، والبيهقي في "دلائل النبوة" 1/ 370، 372، وذكره الحافظ في "الإصابة" 1/ 183، وقال: وقد وردت هذه القصة بإسناد رجاله ثقات من حديث أبي موسى الأشعري أخرجه الترمذي وغيره، ولم يسم فيها الراهب، وزاد فيها لفظة منكرة وهي قوله:"وأتبعه أبو بكر بلالًا" وسبب نكارتها أن أبا بكر لم يكن حينئذٍ متأهِّلًا، ولا اشترى يومئذٍ بلالًا فهي وهم من أحد رواته.
(2)
رواه البيهقي في "دلائل النبوة" 1/ 315 من حديث عمرو بن أبي قيس عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس، قال الحافظ في "الفتح": ومن طريقه رواه أيضًا الطبَراني، ورواه الطَّبَري في "التهذيب" من طريق هارون بن المغيرة، وأبو نعيم في "المعرفة" من طريق قيس بن الربيع، وفي "الدلائل" من طريق شعيب بن خالد، كلهم عن سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس، وقد رواه البخارى في كتاب "الصلاة" باب كراهية التعري في الصلاة وغيرها، ومسلم في كتاب الحيض: باب الاعتناء بحفظ العورة من حديث جابر بن عبد الله رضي =
21 -
عن زيد بن حارثة قال: كان صنمٌ من نحاس يقال له: إساف أو نائلة يتمسَّح به المشركون إذا طافوا، فطاف رسول الله صلى الله عليه وسلم، وطفت معه، فلما مررت مسحتُ به، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تَمُسَّهُ، قال زيد فطفنا، فقلت في نفسي: لأمسنَّه حتى أنظر ما يقولُ، فمسحتُه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألم تُنْهَ؟ ! قال زيد: فوالَّذي هو أكرمه وأنزل عليه الكتاب، ما استلم صنمًا حتى أكرمه الله بالذي أكرمه وأنزل عليه. أخرجه البيهقي (1).
22 -
عن جابر بن عبد الله قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يَشْهَدُ مع المشركين مشَاهِدَهُم، قال فسمع ملكين خلفه وأحدهما يقول لصاحبه: اذهب بنا حتى نقومَ خَلْفَ رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: كيف نقومُ خلْفَه وإنما عهدُه باستلام الأصنام قريب (2) قال: فلم يعد بعد ذلك أن يشهد مع المشركين مشاهدهم. أخرجه البيهقي (3)، وقال: قال أبو القاسم الطبراني: تفسير قول جابر: "وإنما
= الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ينقل الحجارة معهم للكعبة وعليه إزار، فقال العباس عمه: يا ابن أخى لو حللت إزارك فجعَلتهُ على منكبيك دون الحجارة؟ قال: فحلَّه فجعله على منكبه، فسقط مغشيًا عليه فما رؤي بعد ذلك اليوم عريانًا.
(1)
1/ 316 من حديث الحسن بن علي بن عفان العامري عن أبي أسامة عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة ويحيى بن عبد الرحمن بن حاطب عن أسامة بن زيد عن زيد بن حارثة.
(2)
في دلائل النبوة "قبيلُ".
(3)
1/ 317 من حديث عثمان بن أبي شيبة، عن جرير، عن سفيان الثوري، عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن جابر، وعبد الله بن محمد بن عقيل قال الحافظ في "التقريب": صدوق في حديثه لين، وروى العقيلي في "الضعفاء" 293 - 294 عن عبد الله بن أحمد أنه حدث أباه بهذا الحديث وبأحاديث أُخَر نقل نصوصها، فأنكرها جدًا، وقال: هذه أحاديث موضوعة، أو كأنها موضوعة، نسأل الله السَّلامة فِي الدِّين والدُّنيا، اللهم سلِّم سلِّم، وقد نقل الحديث ابن كثير في "البداية والنهاية" 2/ 288، وقال: أنكره غير واحد من الأئمة على عثمان.