الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خطبة المعتدة:
من حالات التحريم المؤقت: أن تكون معتدة، أي في أثناء العدة من زواج سابق (1): فإنه يحرم باتفاق الفقهاء الخطبة الصريحة أوالمواعدة للمعتدة مطلقاً، سواء أكانت بسبب عدة الوفاة، أم عدة الطلاق الرجعي أم البائن، لمفهوم قوله تعالى:{ولا جناح عليكم فيما عرَّضتم به من خطبة النساء، أوأكننتم في أنفسكم، علم الله أنكم ستذكرونهن، ولكن لا تواعدوهن سراً، إلا أن تقولوا قولاً معروفاً} [البقرة:235/ 2].
والتصريح: ما يقطع بالرغبة في الزواج، مثل: أريد أن أتزوجك، وإذا انقضت عدتك تزوجتك.
وسبب تحريم الخطبة بطريق التصريح: أنه ربما تكذب في انقضاء العدة، ولأن في خطبتها اعتداء على حق المُطلِّق، والاعتداء على حق الغير حرام شرعاً، لقوله تعالى:{ولا تعتدوا، إن الله لا يحب المعتدين} [البقرة:190/ 2].
وأما الخطبة بطريق التعريض: وهو القول المفهم للمقصود وليس بنص فيه، ومنه الهدية، أو هو ما يحتمل الرغبة في الزواج وعدمها، كقوله لها: أنت جميلة، ورب راغب فيك، ومن يجد مثلك، ولست بمرغوب عنك، أو عسى أن ييسر الله لي أمرأة صالحة، أو نحو ذلك:
أـ فإن كان سبب العدة وفاة الزوج، جازت الخطبة باتفاق الفقهاء؛ لانتهاء الزوجية بالوفاة، فلا يكون في خطبتها اعتداء على حق الزوج ولا إضرار به.
ب ـ وإن كان سبب العدة هو الطلاق:
(1) الدر المختار: 380/ 2، 738، أحكام القرآن للجصاص: 422/ 1 وما بعدها، البدائع: 268/ 2 وما بعدها، مختصر الطحاوي: ص 178، الشرح الصغير: 343/ 2 وما بعدها، القوانين الفقهية: ص 205، المهذب: 47/ 2، مغني المحتاج: 135/ 3 وما بعدها، كشاف القناع: 17/ 5.
فإن كان الطلاق رجعياً، حرمت الخطبة باتفاق الفقهاء؛ لأن لمن طلَّقها الحق في مراجعتها أثناء العدة، فتكون خطبتها اعتداء على حقه، فهي زوجة أو في معنى الزوجة.
وإن كان الطلاق بائناً بينونة صغرى أو كبرى، ففي خطبة المعتدة ممن طلّقها بالتعريض رأيان:
رأي الحنفية: تحريم الخطبة؛ لأن لمُطلِّقها في حالة البينونة الصغرى أن يعقد عليها مرة أخرى قبل انقضاء العدة، كما بعدها، فلو أبيحت خطبتها، لكان في ذلك اعتداء على حقوقه، ومع له من العودة إلى زوجته مرة أخرى، كالمطلقة الرجعية. وأما في حالة البينونة الكبرى فتمنع الخطبة في العدة بطريق التعريض، كيلا تكذب المرأة في الإخبار بانتهاء عدتها، ولئلا يظن أن هذا الخاطب كان سبباً في تصدع العلاقة الزوجية السابقة. وأما آية {ولا جناح عليكم} [البقرة:235/ 2] فهي خاصة بالمعتدات للوفاة بدليل الآية التي قبلها: {والذين يتوفون} [البقرة:234/ 2].
رأي الجمهور: جواز الخطبة، لعموم الآية السابقة: {ولا جناح عليكم فيما عرَّضتم به
…
} [البقرة:235/ 2] وقوله: {إلا أن تقولوا قولاً معروفاً} [البقرة:235/ 2] أي لا تواعدوهن إلا بالتعريض دون التصريح، ولانقطاع سلطنة الزوج عن البائن، فالطلاق البائن بنوعيه يقطع رابطة الزوجية، فلا يكون في خطبتها تعريضاً اعتداء على حق المُطلِّق، فتشبه المعتدة بسبب الوفاة.
وأرجح مذهب الجمهور في البينونة الكبرى إذ لا ضغينة في نفس الزوج وقد أكمل الطلاق، وأرجح مذهب الحنفية في البينونة الصغرى.