الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
8 - طلقة قبل طلقة أو بعدها طلقة:
يرى الشافعية (1): أنه لو قال: (طلقة قبل طلقة) أو (بعدها طلقة) أو (طلقة بعد طلقة) أو (قبلها طلقة) فتقع طلقتان في المدخول بها، وطلقة في غير المدخول بها، إذ مقتضاه في المدخول بها إيقاع طلقتين: إحداهما في الحال، وتعقبها الأخرى، أما في غير المدخول بها فتبين في الطلقة الأولى، فلم تصادف الثانية محلاً وهوالنكاح.
ولو قال: (طلقة في طلقة) وأراد (مع) فيقع طلقتان كما في قوله تعالى: {ادخلوا في أمم} [الأعراف:38/ 7]، وإن أراد الظرف أو الحساب، أو أطلق، فتقع طلقة واحدة في الجميع، إذ مقتضى الظرف والحساب واحدة.
ولو قال: (أنت طالق نصف طلقة) فتقع طلقة بكل حال من إرادة المعية أو الظروف أو الحساب أو عدم إرادة شيء؛ لأن الطلاق لا يتجزأ.
ولو قال: (أنت طالق طلقة في طلقتين) وقصد بـ (في) معية، فتقع ثلاث، وإن قصد ظرفاً فواحدة، أو حساباً وعرفه، فثنتان. وإن جهله وقصد معناه فطلقة.
ويتفق الحنابلة (2) مع الشافعية في قول الرجل: (أنت طالق طلقة قبلها طلقة) ونحوه، يقع طلقتان في المدخول بها، وطلقة في غير المدخول بها. وإن قالت:(أنت طالق طلقة بعدها طلقة) وقال: أردت أني أوقع بعضها طلقة، يصدق ديانة، وهل يصدق قضاءً؟ خلاف، الصحيح أنه إن وجد له طلاق في نكاح آخر، أو من زوج قبله، صدق، وإن لم يوجد لا يقبل قوله؛ لأنه لا يحتمل ما قاله.
(1) مغني المحتاج: 297/ 3 وما بعدها، المهذب: 86/ 2.
(2)
المغني: 231/ 7 وما بعدها.
ووافق الحنفية (1) الشافعية أيضاً في قول الرجل: (أنت طالق واحدة قبلهاواحدة) أو قال: (واحدة بعد واحدة) أو (مع واحدة أو معها واحدة) تقع طلقتان؛ لأن في المثال الأول الملفوظ به أولاً موقع آخراً؛ لأنه أوقع واحدة، وأخبر أن قبلها واحدة سابقة، فوقعتا معاً؛ لأن الإيقاع في الماضي إيقاع في الحال. وفي المثال الثاني أوقع في الحالة الأولى طلقة واحدة وأخبر أنها بعد واحدة سابقة، وأما في الحالتين الأخيرتين؛ فلأن (مع) للمقارنة، فكأنه قرن بينهما، فوقعتا.
أما لو قال: (أنت طالق واحدة قبل واحدة) فتقع واحدة؛ لأن الملفوظ به أولاً موقع أولاً، فتقع الأولى لا غير؛ لأنه أوقع واحدة، وأخبر أنها قبل أخرى ستقع، وقد بانت بهذه، فلغت الثانية. وكذا إن قال:(واحدة بعدها واحدة) وقعت واحدة أيضاً؛ لأن الملفوظ به أولاً موقع أولاً، فتقع الأولى لا غير، لأنه أوقع واحدة، وأخبر أن بعدها أخرى ستقع.
وإن قال لها: (إن دخلت الدار فأنت طالق واحدة وواحدة) أو (فواحدة) فدخلت الدار، وقعت عليها واحدة عند أبي حنيفة؛ لأن المعلق بالدخول كالمنجز، في حالة تقديم الشرط. فإن أخر الشرط يقع ثنتان؛ لأن الشرط إذا تأخر بغير صدر الكلام، فيتوقف عليه، فيقعن جملة، أما إن تقدم الشرط فتقع طلقة واحدة، لتعلقها بالشرط دفعة واحدة.
وإذا قال لها: أنت طالق بمكة، فهي طالق في الحال في كل البلاد، وكذلك إن قال: أنت طالق في الدار، تطلق في الحال؛ لأن الطلاق لا يتخصص بمكان دون مكان، كما أبان الحنفية. وإن عنى به (إذا أتيت مكة) يصدق ديانة لا قضاء؛ لأنه نوى الإضمار، وهو خلاف الظاهر.
(1) اللباب مع الكتاب: 49/ 3 وما بعدها، الدرالمختار: 628/ 2.