الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولو لم يقصد حل العصمة بدليل صحة طلاق الهازل. ومحل: أي عصمة مملوكة، ولفظ صريح أو كناية. وعدها ابن جزي ثلاثة: هي المطلِّق، والمطلَّقة، والصيغة: وهي اللفظ وما في معناه.
وأما الشافعية والحنابلة فقالوا: أركان الطلاق خمسة: مطلِّق، وصيغة، ومحل، وولاية، وقصد، فلا طلاق لفقيه يكرره، وحاكٍ ولو عن نفسه. ويلاحظ أن الولاية أدخلها المالكية في الركن الأول وهو الأهلية. وزاد الشافعية والحنابلة على المالكية ركن المحل.
حكم الطلاق:
ذهب الحنفية على المذهب (1): إلى أن إيقاع الطلاق مباح لإطلاق الآيات، مثل قوله تعالى:{فطلقوهن لعدتهن} [الطلاق:1/ 65]{لا جناح عليكم إن طلقتم النساء} [البقرة:236/ 2] ولأنه صلى الله عليه وسلم طلق حفصة، لا لريبة (أي ظن الفاحشة) ولا كبر، وكذا فعله الصحابة، والحسن بن علي رضي الله عنهما استكثر النكاح والطلاق. وأما حديث «أبغض الحلال إلى الله الطلاق» فالمراد بالحلال: ما ليس فعله بلازم، ويشمل المباح والمندوب والواجب والمكروه، وقال ابن عابدين: إن كونه مبغوضاً لا ينافي كونه حلالاً، فإن الحلال بهذا المعنى يشمل المكروه، وهو مبغوض.
وقال الكمال بن الهمام: الأصح حظر الطلاق أي منعه، إلا لحاجة كريبة وكبر. ورجح ابن عابدين هذا الرأي، وليست الحاجة مختصة بالكبر والريبة، بل هي أعم.
وذكر الجمهور (المالكية والشافعية والحنابلة)(2): أن الطلاق من حيث هو
(1) الدر المختار وحاشية ابن عابدين: 571/ 2 - 572، فتح القدير: 21/ 3 - 22.
(2)
الشرح الكبير مع الدسوقي: 361/ 2، الشرح الصغير: 533/ 2 وما بعدها، المهذب: 78/ 2، كشاف القناع: 261/ 5، المغني: 97/ 7 وما بعدها.
جائز، والأولى عدم ارتكابه، لما فيه من قطع الأ لُفة إلا لعارض، وتعتريه الأحكام الأربعة من حرمة، وكراهة، ووجوب، وندب، والأصل أنه خلاف الأولى.
فيكون حراماً: كما لو علم أنه إن طلق زوجته وقع في الزنا لتعلقه بها، أو لعدم قدرته على زواج غيرها، ويحرم الطلاق البدعي وهو الواقع في الحيض ونحوه كالنفاس وطهر وطئ فيه.
ويكون مكروهاً: كما لو كان له رغبة في الزواج، أو يرجو به نسلاً ولم يقطعه بقاء الزوجة عن عبادة واجبة، ولم يخش زناً إذا فارقها. ويكره الطلاق من غير حاجة إليه، للحديث السابق عن ابن عمر:«أبغض الحلال إلى الله تعالى الطلاق» .
ويكون واجباً: كما لو علم أن بقاء الزوجة يوقعه في محرم من نفقة أو غيرها. ويجب طلاق المولي (حالف يمين الإيلاء) بعد انتظار أربعة أشهر من حلفه إذا لم يفئ، أي يطأ.
ويكون مندوباً أو مستحباً: إذا كانت المرأة بذيِّة اللسان يخاف منها الوقوع في الحرام لو استمرت عنده. ويستحب الطلاق في الجملة لتفريط الزوجة في حقوق الله الواجبة، مثل الصلاة ونحوها، ولا يمكنه إجبارها على تلك الحقوق، ويستحب الطلاق أيضاً في حال مخالفة المرأة من شقاق وغيره ليزيل الضرر، أوإذا كانت غير عفيفة، فلا ينبغي له إمساكها؛ لأن فيه نقصاً لدينه، ولا يأمن إفسادها فراشه، وإلحاقها به ولداً من غيره.
ويستحب الطلاق أيضاً لتضرر الزوجة ببقاء النكاح لبغض أو غيره، ويستحب كون الطلاق طلقة واحدة؛ لأنه يمكنه تلافيها، وإن أراد الطلاق الثلاث، فَّرق الطلقات في كل طهر طلقة ليخرج من الخلاف، فإن عند أبي حنيفة لا يجوز جمعها، ولأنه يسلم من الندم.