الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وتجهزه بما يحتاج إليه، وإن الزوج إنما يدفع المهر لهذا الغرض. ويلزمها أن تتجهز بالمهر على العادة من حضر أو بدو، ولا يلزمها أن تتجهز بأزيد منه إلا لشرط أو عرف.
وخالفهم
الحنفية
(1): فرأوا أن الجهاز واجب على الزوج، كما يجب عليه النفقة وكسوة المرأة، والمهر المدفوع ليس في مقابلة الجهاز، وإنما هو عطاء ونحلة كما سماه الله في كتابه، أو هو في مقابلة حل التمتع بها، فهو حق على الزوج لزوجته.
لكن إن دفع الزوج مقداراً من المال في مقابلة الجهاز:
فإن كان المال زائداً على المهر مستقلاً عنه، فتلزم الزوجة بإعداد الجهاز لأنه كالهبة بشرط العوض.
وأما إن كان المال غير مستقل عن المهر، بأن سمى مهراً زائداً على مهر المثل، فالصحيح كما قال ابن عابدين أن الزوجة لا يلزمها شيء من الجهاز؛ لأن الزيادة متى جعلت من ضمن المهر، التحقت به، وصار كله حقاً خالصاً للزوجة، فلا تطالب بإنفاق شيء منه في الجهاز جبراً عنها.
وأما الاختلاف في الجهاز أو متاع البيت: وهو المفروشات والأواني وغيرها، فالمقرر فيه لدى المالكية (2):
إذا اختلف الزوجان في متاع البيت، فادعى كل واحد منهما أنه له، ولا بينة لهما ولا لأحدهما، فما كان من متاع النساء كالحلي والغزل وثياب النساء
(1) حاشية ابن عابدين: 505/ 2 ومابعدها، و 889.
(2)
القوانين الفقهية: ص 213، الشرح الصغير: 496/ 2 - 498.
وخمرهن، حكم به للمرأة مع يمينها. وما كان من متاع الرجال كالسلاح والكتب وثياب الرجال، حكم به للرجل مع يمينه، وما كان يصلح لهما جميعاً كالدنانير والدراهم، فهو للرجل مع يمينه. وقال سحنون: مايعرف لأحدهما فهوله بغير يمين.
ووافق أبو حنيفة ومحمد (1) المالكية فقالا: ما كان يصلح للرجال كالعمامة والقلنسوة والسلاح وغيرها، فالقول فيه قول الزوج مع يمينه؛ لأن الظاهر شاهد له؛ وما يصلح للنساء مثل الخمار والملحفة والمغزل ونحوها، فالقول فيه قول الزوجة مع يمينها؛ لأن الظاهر شاهد لها. وما يصلح لهما جميعاً كالدراهم والدنانير والعروض والبسط والحبوب ونحوها، فالقول فيه قول الزوج مع يمينه؛ لأن يد الزوج على ما في البيت أقوى من يد المرأة؛ لأن يده يد تصرف في المتاع، وأما يد المرأة فهي للحفظ فقط، ويد التصرف أقوى من يد الحفظ.
وقال أبو يوسف: يكون القول قول الزوجة مع يمينها في مقدار ما يجهز به مثلها عادة، والقول قول الزوج في الباقي؛ لأن الغالب ألا تزف الزوجة إلى زوجها إلا بجهاز يليق بمثلها، فيكون الظاهر شاهداً للمرأة في مقدار جهاز مثلها، فيكون القول قولها في هذا المقدار، وما زاد عنه، يكون القول فيه للزوج مع يمينه؛ لأن الظاهر يشهد له فيه.
وهذا الرأي يتفق مع عرف البلاد التي تجهز فيه الزوجة بيت الزوجية.
ونقل الكاساني عن مالك والشافعي: أن كل المتاع بين الزوجين نصفان.
وإذا مات الزوجان، فاختلف ورثتهما، فالحكم حينئذ كالحكم عند اختلاف الزوجين، ففي قول أبي حنيفة ومحمد: القول قول ورثة الزوج. وفي قول
(1) البدائع: 308/ 2 وما بعدها، الدر المختار ورد المحتار: 504/ 2.