الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مشروعيته:
الطلاق مشروع بالكتاب والسنة والإجماع:
أما الكتاب: فقول الله تعالى: {الطلاق مرتان، فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان} [البقرة:229/ 2] وقوله تعالى: {يا أيها النبي إذا طلَّقتم النساء، فطلقوهن لعدتهن} [الطَّلاق:1/ 65].
وأما السنة: فقوله صلى الله عليه وسلم: «إنما الطلاق لمن أخذ بالساق» (1) وقوله عليه الصلاة والسلام: «أبغض الحلال إلى الله: الطلاق» (2). وقال عمر: «طلق النبي صلى الله عليه وسلم حفصة، ثم راجعها» (3).
وأجمع الناس على جواز الطلاق، والمعقول يؤيده، فإنه ربما فسدت الحال بين الزوجين، فيصير بقاء الزواج مفسدة محضة، وضرراً مجرداً، بإلزام الزوج والنفقة والسكنى، وحبس المرأة مع سوء العشرة، والخصومة الدائمة من غير فائدة، فاقتضى ذلك شرع ما يزيل الزواج، لتزول المفسدة الحاصلة منه.
حكمة تشريع الطلاق:
تظهر حكمة تشريع الطلاق من المعقول السابق، وهو الحاجة إلى الخلاص من تباين الأخلاق، وطروء البغضاء الموجبة عدم إقامة حدود الله تعالى، فكان تشريعه رحمة منه سبحانه وتعالى (4). أي أن الطلاق علاج حاسم، وحل نهائي أخيراً لما استعصى حله على الزوجين وأهل الخير والحكمين، بسبب تباين الأخلاق، وتنافر الطباع، وتعقد مسيرة الحياة المشتركة بين
(1) رواه ابن ماجه والدارقطني عن ابن عباس (نيل الأوطار: 238/ 6).
(2)
رواه أبو داود وابن ماجه بإسناد صحيح، والحاكم وصححه، عن ابن عمر (المرجع السابق: ص 220).
(3)
رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه عن عمر رضي الله عنه، وهو لأحمد من حديث عاصم بن عمر (المرجع السابق: ص 219).
(4)
فتح القدير: 21/ 3.
الزوجين، أو بسبب الإصابة بمرض لا يحتمل، أو عُقْم لا علاج له، مما يؤدي إلى ذهاب المحبة والمودة، وتوليد الكراهية والبغضاء، فيكون الطلاق منفذاً متعيناً للخلاص من المفاسد والشرور الحادثة.
الطلاق إذن ضرورة لحل مشكلات الأسرة، ومشروع للحاجة ويكره عند عدم الحاجة، للحديث السابق:«ليس شيء من الحلال أبغض إلى الله من الطلاق» وحديث: «أيما امرأة سألت زوجها الطلاق في غير ما بأس، فحرام عليها رائحة الجنة» (1). ومن أسبابه المبيحة له طاعة الوالدين فيه، قال ابن عمر:«كانت تحتي امرأة أحبها، وكان أبي يكرهها، فأمرني أن أطلِّقها فأبيتُ، فذُكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا عبد الله بن عمر: طلِّق امرأتك» (2) وصرح الحنابلة (3): أنه لا يجب على الرجل طاعة أبويه ولو عدلين في طلاق أو منع من تزويج.
وما قد يترتب على الطلاق من أضرار، وبخاصة الأولاد، يحتمل في سبيل دفع ضرر أشد وأكبر، عملاً بالقاعدة:«يختار أهون الشرين» .
لكن رغب الشرع الأزواج في الصبر وتحمل خلق الزوجة، فقال تعالى:{وعاشروهن بالمعروف، فإن كرهتموهن، فعسى أن تكرهوا شيئاً، ويجعل الله فيه خيراً كثيرا} [النساء:19/ 4] وقوله صلى الله عليه وسلم: «لا يفرَكْ مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلُقاً، رضي منها آخر» (4).
وشرع الشرع طرقاً ودية لحل ما يثور من نزاع بين الزوجين، من وعظ
(1) رواه الخمسة إلا النسائي عن ثوبان (المرجع السابق: ص 220).
(2)
رواه الخمسة (أحمد وأصحاب السنن) إلا النسائي، وصححه الترمذي (المرجع السابق: ص 220).
(3)
غاية المنتهى: 112/ 3.
(4)
رواه مسلم عن أبي هريرة.