الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأخذ القانون المغربي بمذهب المالكية، والقانون الأردني بمذهب الحنفية، فصرح أنه يجري على هدايا الخطبة حكم الهبة. وسكوت القانون السوري يتضمن العمل برأي الحنفية، إذ نص في المادة (305) على أن «كل ما لم يرد عليه نص في هذا القانون، يرجع فيه إلى القول الأرجح في المذهب الحنفي» . وجاء في (م/4ف3): تجري على الهدايا أحكام الهبة.
والراجح لدي أن المرأة تستحق جميع ما قدم لها قبل العقد من هدايا، بدليل ما رواه الخمسة إلا الترمذي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أيما امرأة نكحت على صداق أو حِبَاء (عطاء) أو عِدَة قبل عصمة النكاح، فهو لها، وما كان بعد عصمة النكاح فهو لمن أعطيه» (1) وذهب إلى هذا عمر بن عبد العزيز والثوري وأبو عبيد ومالك، والهادوية من الزيدية.
التعويض عن الضرر:
أما التعويض عن الأضرار المادية أو المعنويةالتي تترتب على فسخ الخطبة، كشراء بعض الأمتعة والألبسة، أو ترك وظيفة أو تفويت خاطب آخر، أو الإساءة لسمعتها بمجرد العدول عن خطبة طال أمدها كأربع سنوات مثلاً، فلم ينص عليه فقهاؤنا القدامى.
ويمكن إقراره في الفقه الحديث عملاً بقواعد الشريعة العامة، كقاعدة تحريم التغرير وإيجابه الضمان، وقاعدة (لا ضرر ولا ضرار) وما يترتب عليها من تطبيق نظرية التعسف في استعمال الحق التي أخذ بها المالكية والحنابلة، وراعاها أبو حنيفة في حقوق العلو والجوار.
كما يمكن تأصيل التعويض عن ضرر العدول بمبدأ الالتزام في الفقه المالكي في مشهور الأقوال: وهو أنه في الوعد بشيء يقضى بتنفيذ الوعد إن كان مبنياً على سبب ودخل الموعود بالسبب، أي فيجب الوفاء بالوعد المعلق على سبب، وباشر
(1) نيل الأوطار: 174/ 6.
الموعود السبب ونفذه. مثل: اشتر سلعة أو تزوج امرأة، وأنا أسلفك، فإذا تزوج فعلاً وجب عليه إقراضه. أما مجرد الوعد فلا يلزم الوفاء به، بل الوفاء به من مكارم الأخلاق.
والذي استقر عليه القضاء المصري الآن: ما قررته محكمة النقض سنة (1939م) وهو ما يلي:
1 -
الخطبة ليست بعقد ملزم.
2 -
مجرد العدول عن الخطبة لا يكون سبباً موجباً للتعويض.
3 -
إذا اقترن بالعدول عن الخطبة أفعال أخرى، ألحقت ضرراً بأحد الخطيبين، جاز الحكم بالتعويض على أساس المسؤولية التقصيرية، أي الخطأ الذي سبب ضرراً بالغير.
وهذا يتفق مع قواعد الشريعة الإسلامية، وعلى هذا يفرق بين حالتين:
الأولى ـ إذا كان للعادل دخل في الضرر الذي لحق الآخر بسبب عدوله، كأن يطلب الخاطب إعداد جهاز خاص، أو يطلب من المخطوبة ترك وظيفتها، فتتركها بناء على رغبته، أو تطلب المخطوبة إعداد الخاطب مسكناً خاصاً، فيجوز الحكم بالتعويض عن الضرر لعدوله عن الخطبة، لتسبب العادل في الضرر وتغريره الطرف الآخر.
الثانية ـ ألا يكون للعادل دخل في الضرر الذي لحق الطرف الآخر بسبب العدول، فلا يحكم بالتعويض على العادل، إذ لم يوجد منه سبب الضمان من ضرر أو تغرير.