الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فليس للولي تزويج الثيب إلا بإذنها، فإن كانت الثيب صغيرة لم تزوَّج حتى تبلغ؛ لأن إذن الصغيرة غير معتبر، فامتنع تزويجها إلى البلوغ، وتزوج الثيب البالغة بصريح الإذن، ولا يكفي سكوتها. بدليل خبر الدارقطني السابق، وخبر «لا تنكحوا الأيامى حتى تستأمروهن» (1) ولأنها عرفت مقصود الزواج، فلا تجبر بخلاف البكر. ودليل صراحة الإذن: حديث: «ليس للولي مع الثيب أمر» (2) ولو أذنت بلفظ التوكيل جاز؛ لأن المعنى فيهما واحد.
والحاصل: أن الفرق بين البكر والثيب هوفي حكم الإذن ونوعه، فالبكر يستحب استئذانها، وإذنها صماتها، والثيب يجب استئذانها، بصريح الإذن.
وأما المجنونة فيزوجها الأب، والجد عند عدمه قبل بلوغها للمصلحة.
أنواع الولاية عند
الحنابلة:
لا يصح نكاح المرأة إلا بولي عند الحنابلة (3) كالشافعية والمالكية، فلو زوَّجت امرأة نفسها، أو زوَّجت غيرَها كبنتها وأختها، أو وكلت امرأة غير وليها في تزويجها ولو بإذن وليها في الصور الثلاث، لم يصح النكاح لعدم وجود شرطه، ولأنها غير مأمونة على البُضْع لنقص عقلها، وسرعة انخداعها، فلم يجز تفويضه إليها، كالمبذر في المال، فلا يصح أن توكل فيه، ولا أن تتوكل فيه، فإن حكم بصحته حاكم أو كان المتولي العقد حاكماً يراه، لم ينقض كسائر الأنكحة الفاسدة، إذا حكم بها من يراها، لم ينقض؛ لأنه يسوغ فيها الاجتهاد، فلم يجز نقض الحكم بها.
(1) رواه الترمذي، وقال: حسن صحيح.
(2)
رواه أبو داود والنسائي (نيل الأوطار: 120/ 6).
(3)
المغني: 456/ 6، كشاف القناع: 46/ 5 وما بعدها.
وولاية الإجبار: تثبت لأب، ووصيه، ثم الحاكم، كما قال المالكية، ولا تثبت للجد وسائر الأولىاء، وذلك عند تزويج الصغيرة فقط.
وولاية الاختيار: تثبت لسائر الأولياء عند تزويج امرأة حرة مكلفة (كبيرة بالغة) ثيباً كانت أو بكراً بإذنها، وإذن البكر: الصمت، وإذن الثيب: الكلام، بدليل حديث أبي هريرة مرفوعاً: «لا تنكح الأيم حتى تستأمر، ولا تنكح البكر حتى تستأذن، قالوا: يا رسول الله، وكيف إذنها؟ قال:
أن تسكت» (1) وحديث «الثيب تعرب عن نفسها، والبكر رضاها صمتها» (2).
ولسائر الأولياء تزويج بنت تسع سنين فأكثر بإذنها، ولهاإذن صحيح معتبر، لحديث عائشة:«إذا بلغت الجارية تسع سنين، فهي امرأة» (3) وروي مرفوعاً عن ابن عمر. ومعناه: في حكم المرأة، ولأنها تصلح بذلك للنكاح وتحتاج إليه، فأشبهت البالغة.
والخلاصة: يزوج الرجل البالغ العاقل نفسه بالاتفاق بالأصالة عن نفسه، ويزوج الولي الصغار والمجانين والمعتوهين بالاتفاق بالولاية عن الشارع.
واختلف الفقهاء في زواج المرأة البالغة العاقلة، فقال الحنفية: لها أن تتزوج بنفسها، وقال الجمهور: يزوجها وليها، لكن عند الحنابلة بإذنها سواء أكانت بكراً أم ثيباً، وعند المالكية والشافعية: بإذنها إذا كانت ثيباً، وبغير إذنها إذا كانت بكراً صغيرة أم كبيرة.
وكل ولي مجبر عند الحنفية، والمجبر عند المالكية والحنابلة: الأب ووصيه والحاكم، والمجبر عند الشافعية: الأب، والجد فقط عند عدم الأب.
(1) متفق عليه.
(2)
رواه الأثرم وابن ماجه.
(3)
رواه أحمد بسنده.