الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
1 ً -
حالة الدخول بالمرأة بعقد فاسد
كالزواج بغير شهود.
2 ً -
وحالة الدخول بالمرأة بناء على شبهة
، كمن زفت إليه امرأة أخرى غير التي عقد عليها، وقيل له: إنها زوجته، فدخل بها، بناء عليه، ثم تبين أنها ليست زوجته التي عقد عليها ولم يكن قد رآها، وهي التي تسمى بالمرأة المزفوفة.
3 ً - وكذلك ألحقوا مع الحنابلة (1) الزنا، ومثله عند الحنفية مقدمات الزنا من تقبيل ومس بشهوة، فقالوا: تثبت حرمة المصاهرة بالزنا والمس والنظر بدون النكاح والملك وشبهته؛ لأن المس والنظر سبب داع إلى الوطء فيقام مقامه احتياطاً، وألحق الحنابلة اللواط بالزنا، فقالوا: الحرام المحض وهو الزنا يثبت به التحريم، ولا فرق بين الزنا في القبل والدبر؛ لأنه يتعلق به التحريم فيما إذا وجد في الزوجة والأمة. وإن تلوط بغلام يتعلق به التحريم أيضاً، فيحرم على اللائط أمُّ الغلام وابنته، وعلى الغلام أم اللائط وابنته؛ لأنه وطء في الفرج، فنشر الحرمة كوطء المرأة، ولأنها بنت من وطئه وأمه، فحرمتا عليه، كما لو كانت الموطوءة أنثى.
ويترتب على هذا الرأي: أنه يحرم على الرجل نكاح بنته من الزنا وأخته، وبنت ابنه وبنت بنته وبنت أخيه وأخته من الزنا، وتحرم أمها وجدتها، فمن زنى بامرأة حرمت عليه بنتها وأمها. ولو زنى الزوج بأم زوجته أو ببنتها، حرمت عليه زوجته على التأييد.
واستدلوا بدليلين:
الأول ـ ما روي أن رجلاً قال: يا رسول الله، إني قد زنيت بامرأة في الجاهلية، أفأنكح ابنتها؟ قال: «لا أرى ذلك، ولا يصلح أن تنكح امرأة تطّلع من
(1) البدائع: 260/ 2، المغني: 577/ 6 ومابعدها، فتح القدير: 365/ 2 وما بعدها.
ابنتها على ما تطلع عليه منها». ولكن هذا الحديث مرسل ومنقطع كما قال ابن الهمام في فتح القدير.
الثاني ـ إن الزنا سبب للولد، فيثبت به التحريم قياساً على غير الزنا، وكون الزنا حراماً لا يؤثر، بدليل أن الدخول بالمرأة بناء على عقد فاسد تثبت به حرمة المصاهرة بالاتفاق، وإن كان الدخول حراماً. ورد عليه بأنه قياس مع الفارق؛ لأن الزنا يجب به الحد ولا يثبت به النسب، بخلاف الوطء في الزواج، لذا قال الشافعي لمحمد بن الحسن:«إن الزواج أمر حمدت عليه، والزنا فعل رجمت عليه، فكيف يشتبهان؟!» .
وقال المالكية على المشهور والشافعية (1): إن الزنا والنظر والمس لا تثبت به حرمةالمصاهرة، فمن زنى بامرأة لم يحرم عليه نكاحها، ولا الزواج بأمها أو ببنتها، ولا تحرم المزني بها على أصول الزاني وفروعه، ولو زنى الرجل بأم زوجته أو ببنتها لا تحرم عليه زوجته. وإن لاط بغلام لم تحرم عليه أمه وابنته، ولكن يكره ذلك كله.
واستدلوا بأدلة أربعة هي:
الأول ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن رجل زنى بامرأة، فأراد أن يتزوجها أو يتزوج ابنتها، فقال:«لا يحرم الحرام الحلال، إنما يحرم ما كان بنكاح» (2) فهذا كما قال الدميري: يدل لمذهب الشافعي أن الزنا لا يثبت حرمة المصاهرة، حتى يجوز للزاني أن ينكح أم المزني بها.
(1) الشرح الصغير: 347/ 2، مغني المحتاج: 175/ 3، 419.
(2)
أخرجه البيهقي عن عائشة وضعفه، وأخرجه ابن ماجه عن ابن عمر.
ويؤيده أحاديث أخرى منها: «الزاني المجلود لا ينكح إلا مثله» (1) وقرأ النبي صلى الله عليه وسلم على رجل يريد أن يتزوج بزانية: {الزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك} (2)[النور:3/ 24].
الثاني ـ المصاهرة نعمة؛ لأنها تلحق الأجانب بالأقارب، وفي الحديث:«المصاهرة لحمة كلحمة النسب» (3)، وأما الزنا فمحظور شرعاً، فلا يكون سبباً للنعمة.
الثالث ـ القصد من إثبات حرمة المصاهرة قطع الأطماع بين الرجل والمرأة، لتحقيق الألفة والمودة، والاجتماع البريء من غير ريبة، أما المزني بها فهي أجنبية عن الرجل ولا تنسب إليه شرعاً، ولا يجري بينهما التوارث، ولا تلزمه نفقتها، ولا سبيل للقاء معها، فهي كسائر الأجانب، فلا وجه لإثبات الحرمة بالزنا.
الرابع ـ قوله تعالى: {وأحل لكم ما وراء ذلكم} [النساء:24/ 4] يفيد صراحة حل ما عدا المذكورات قبلها، وليس المزني بها منهن، فتدخل في عموم الحل.
وبالنظر في أدلة الفريقين، وبمعرفة ضعف أدلة الفريق الأول، يتبين لنا ترجيح رأي الفريق الثاني، تمييزاً بين الحلال المشروع والحرام المحظور.
ونصت المادة (34) من القانون السوري على المحرمات بسبب المصاهرة ونصها: يحرم على الرجل:
(1) رواه أحمد وأبو داود، وقال في الفتح: رجاله ثقات.
(2)
رواه أحمد والطبراني في الكبير والأوسط، قال الهيثمى: ورجال أحمد ثقات. والمرأة يقال لها أم مهزول.
(3)
المعروف حديث البخاري عن ابن عباس: «حَرُم من النسب سبع، ومن الصِّهْر سبع» (جامع الأصول: 144/ 12).