الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
4 - النسب:
وسماه الحنابلة: المنصب.
المراد بالنسب: صلة الإنسان بأصوله من الآباء والأجداد. أما الحسب: فهو الصفات الحميدة التي يتصف بها الأصول أو مفاخر الآباء، كالعلم والشجاعة والجود والتقوى. ووجود النسب لا يستلزم الحسب، ولكن وجود الحسب يستلزم النسب. والمقصود من النسب أن يكون الولد معلوم الأب، لا لقيطاً أو مولى إذ لا نسب له معلوم. ولم يعتبر المالكية الكفاءة في النسب، أما الجمهور (الحنفية والشافعية والحنابلة وبعض الزيدية) فقد اعتبروا النسب في الكفاءة، لكن خصص الحنفية النسب في الزواج من العرب؛ لأنهم الذين عنوا بحفظ أنسابهم، وتفاخروا بها، وحدث التعيير بينهم فيها.
أما العجم فلم يعنوا بأنسابهم ولم يفتخروا بها، ولذا اعتبر فيهم الحرية والإسلام. والأصح عند الحنفية أن العجمي لا يكون كفئاً للعربية ولو كان عالماً أو سلطاناً.
وبناء على هذا الرأي: لا يكون العجمي كفئاً للعربية، لقول عمر:«لأمنعن أن تزوج ذات الأحساب إلا من الأكفاء» (1)، ولأن الله اصطفى العرب على غيرهم، ولأن العرب فضلت الأمم برسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقريش عند الحنفية وفي رواية عن أحمد بعضهم أكفاء بعض، وبقية العرب بعضهم أكفاء بعض، واستثنى بعضهم بني باهلة لخستهم. ودليلهم قول ابن عباس: قريش بعضهم أكفاء بعض.
ويرى الشافعية وفي رواية أخرى عن أحمد: أن غير الهاشمي والمطلبي ليس
(1) رواه الخلال والدارقطني.
كفئاً لباقي قريش كبني عبد شمس ونوفل، وإن كانا أخوين لهاشم، لخبر:«إن الله اصطفى من العرب كنانة، واصطفى من كنانة قريشاً، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم» (1).
ويتفق الجمهور على أن قريشاً وهم أولاد النضر بن كنانة أفضل نسباً من سائر العرب، فالقرشية لا يكافئها إلا قرشي مثلها، والقرشي كفء لكل عربية. وأن المرأة العربية غير القرشية يكافئها أي عربي من أي قبيلة كانت، ولكن لا يكافئها غير العربي أي العجمي.
ودليل الجمهور حديث: «العرب بعضهم أكفاء لبعض، قبيلة بقبيلة، ورجل برجل، والموالي بعضهم أكفاء لبعض، قبيلة بقبيلة، ورجل برجل، إلا حائك أو حجام» (2).
والحق أن اعتبار النسب في الكفاءة ليس صحيحاً، والصحيح قول المالكية؛ لأن مزية الإسلام الجوهرية هي الدعوة إلى المساواة، ومحاربة التمييز العرقي أو العنصري، ودعوات الجاهلية القبلية والنسبية، ولأن انتشار الإسلام بين الناس غير العرب إنما كان أساساً لهذه المزية، وإعلان حجة الوداع واضح وهو أن الناس جميعاً أبناء آدم، وليس لعربي على عجمي فضل إلا بالتقوى.
أما الحديث الذي اعتمد عليه الجمهور فهو ضعيف، لذا فإن تفضيل قريش على سائر العرب، ثم تفضيل العرب على العجم، لم يدل عليه شيء من السنة، بل ورد في السنة خلافه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم زوج ابنتيه عثمان، وزوج أبا العاص بن
(1) رواه الترمذي عن واثلة، وهو صحيح.
(2)
رواه الحاكم والبيهقي عن عبد الله بن عمر، ولكنه حديث منقطع (نصب الراية: 197/ 3، سبل السلام: 128/ 3).