الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن، فما لكم عليهن من عدة تعتدونها} [الأحزاب:49/ 33] ويكون الطلاق بائناً. ويرى الحنفية (1): أنه لا يلحقها طلاق آخر، فلو قال الرجل لزوجته التي لم يدخل ولم يختل بها:«أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق» لا تقع إلا طلقة واحدة؛ لأنها بالطلاق الأول، صارت بائنة من زوجها، وأصبحت أجنبية، فلا يلحقها آخر. وهذا رأي الشافعية أيضاً، فإنهم قالوا: إذا قال ذلك لغير المدخول بها فتقع طلقة واحدة بكل حال؛ لأنها تبين بالأولى فلا يقع ما بعدها (2).
وقال المالكية والحنابلة (3): يقع بهذه الألفاظ المتتابعة ثلاث طلقات؛ لأنه نسق أي غير مفترق؛ لأن الواو تقتضي الجمع ولا ترتيب فيها، فيكون الرجل موقعاً للثلاث جميعاً، فيقعن عليها، كقوله: أنت طالق ثلاثاً، أو طلقة معها طلقتان، إلا أنه إذا قصد بالثانية والثالثة تأكيد ما قبلها، فيصدق عند المالكية قضاءً بيمين، وديانةً بغير يمين.
إضافة الطلاق إلى بعض أجزاء المرأة أو جزء الطلقة:
إذا أضاف الرجل الطلاق للزوجة بأن قال: أنت طالق، أو طلقتك، وقع الطلاق اتفاقاً.
ويقع الطلاق أيضاً في الجملة إذا أضاف الطلاق إلى بعض أجزاء المرأة على التفصيل التالي:
(1) الدر المختار: 624/ 2 وما بعدها، 645.
(2)
مغني المحتاج: 297/ 3.
(3)
المغني: 233/ 7، القوانين الفقهية: ص 229.
قال الحنفية (1): يقع الطلاق أيضاً إذا أضافه الرجل إلى ما يعبر به عن كل المرأة أو ذاتها، كالرقبة والعنق والروح والبدن والجسد، والأطراف جميعاً (وهي اليدان والرجلان) والفرج (القُبُل) والوجه والرأس والأست (العجز)، أو أضافه إلى جزء شائع من المرأة كنصفها وثلثها إلى عشرها؛ لأن الطلاق لا يتجزأ.
ولا يقع الطلاق إذا أضافه إلى البُضْع (الفرج) والدبر، إذ لا يعبر بهما عن الكل، بخلاف الأست والفرج، فإنه يعبر بهما عن الكل.
ولا يقع لو أضافه إلى اليد إلا بنية المجاز، أي إطلاق البعض على الكل إذا لم يكن مشتهراً، فلو اشتهر لا حاجة إلى نية المجاز، وكاليد: الرجل والشعر والأنف والساق والفخذ والظهر والبطن واللسان والأذن والفم والصدر والذقن والسن والريق والعرق والثدي والدم؛ لأنه لا يعبر به عن الجملة. فلا يقع الطلاق لو قال: يدك طالق أو رجلك طالق، ونحوهما.
ويقع الطلاق بإضافته إلى جزء الطلقة كالسدس والربع والنصف، ولو من ألف جزء، بأن يقول: أنت طالق جزءاً من ألف طلقة؛ لأن الطلاق لا يتجزأ.
ومذهب المالكية (2): لو أضاف الطلاق إلى نصف المرأة أو سدسها، أو ثلثها، أو عضو من أعضائها، نفذ، ولو قال: نصف طلقة أو ربع طلقة كملت عليه، فهم كالحنفية. واختلف المالكية على رأيين في إضافته إلى شعر المرأة وكلامها وروحها وحياتها، والراجح أنه يلزم الطلاق إذا أضيف لما يعد من محاسن المرأة، مثل شعرك أو كلامك أو ريقك طالق، ولا يلزم بما لا يعد من المحاسن، نحو بُصاق ودمع وسعال.
(1) الدر المختار وابن عابدين: 598/ 2 - 601، فتح القدير: 52/ 3 وما بعدها.
(2)
القوانين الفقهية: ص 228، الشرح الصغير: 572/ 2.
ورأى الشافعية (1) أنه يقع الطلاق إن طلق جزءاً من المرأة، كقوله: يدك أو رجلك طالق أو نحو ذلك من أعضائها المتصلة بها، ولو من غير نية المجاز خلافاً للحنفية، وكقوله: ربعُك أو بعضُك أو جزؤك أو شعرك أو ظفرك طالق، وكذا دمُك على المذهب؛ لأن الطلاق لا يتبعض، ولا يقع إن أضافه إلى فضلة كريق وعَرَق وبول، وكذا لا يقع إن أضافه إلى مني ولبن في الأصح؛ لأنها غير متصلة بها اتصال خلقة.
ولو قال لمقطوعة يمين: يمينك طالق، لم يقع على المذهب، لفقدان الذي يسري منه الطلاق إلى الباقي. ولو قال: أنت طالق بعض طلقة، وقعت طلقة؛ لأن الطلاق لا يتبعض.
وأضاف الشافعية أن الرجل في خطاب المرأة لو حذف المفعول كأن قال: «طلقت» أو حذف المبتدأ: «أنتِ» أو حذف حرف النداء «يا» فلم يقل: «يا طالق» لم يقع الطلاق، كما هو ظاهر كلامهم.
والحنابلة قالوا (2): تطلق إن أضاف الطلاق إلى جزء من المرأة مثل قوله: يدك أو دمك أو أصبعك أو رأسك طالق؛ لأنه أضافه إلى جزء ثابت استباحه بعقد النكاح، فأشبه الإضافة إلى الجزء الشائع مثل نصفك وثلثك. أما لو قال: لعديمة الإصبع أو اليد: أصبعك طالق، أو يدك طالق، لم تطلق.
ولا تطلق لو قال لها: شعرك أو ظفرك أو سنك أو لبنك أو منيك طالق؛ لأن تلك الأجزاء تنفصل عنها مع السلامة، فلا تطلق بإضافة الطلاق إليها كالحمل، فهم خالفوا الشافعية في غير اللبن والمني.
(1) مغني المحتاج: 280/ 3، 291، المهذب: 80/ 2 - 85.
(2)
كشاف القناع: 298/ 5 - 301، المغني: 242/ 7 - 246.