الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثالث ـ الوكالة في الزواج:
يستمد الوكيل سلطته من الموكل، فينفذ تصرفه عليه، فتكون الوكالة نوعاً من الولاية، لنفاذ تصرف الوكيل على الموكل كنفاذ تصرف الولي على المولى عليه. وأبحث هنا الأمور التالية: حكم التوكيل بالزواج، مدى صلاحية الوكيل، حقوق العقد في الوكالة بالزواج، انعقاد الزواج بعاقد واحد (1).
أولاً ـ حكم التوكيل بالزواج:
يرى الحنفية: أنه يصح التوكيل بعقد الزواج من الرجل والمرأة إذا كان كل منهما كامل الأهلية أي بالغاً عاقلاً حراً؛ لأن للمرأة عندهم أن تزوج نفسها، فلها أن توكل غيرها في العقد؛ عملاً بالقاعدة الفقهية القائلة: كل ما جاز للإنسان أن يباشره من التصرفات بنفسه، جاز له أن يوكل غيره فيه، إذا كان التصرف يقبل النيابة.
ويصح التوكيل بالعبارة أو الكتابة، ولا يشترط بالاتفاق الإشهاد عند صدور التوكيل، وإن كان يستحسن للوكيل أن يشهد على التوكيل، للاحتياط خوفاً من الإنكار عند النزاع.
ويرى الجمهور غيرالحنفية: أنه لا يصح للمرأة توكيل غير وليها في الزواج؛ لأنها لا تملك إبرام العقد بنفسها، فلا تملك توكيل غيرها فيه. لكن يجوز لولي المرأة المجبر التوكيل في التزويج بغير إذنها، كما يزوجها بغير إذنها. ولا يشترط
(1) فتح القدير: 427/ 2 - 433، تبيين الحقائق: 132/ 2 - 135، الشرح الصغير: 372/ 2، الشرح الكبير: 231/ 2 - 232، مغني المحتاج: 157/ 3 وما بعدها، المغني: 462/ 6 وما بعدها، المهذب: 38/ 2.
تعيين الزوج، فيجوز التوكيل مطلقاً ومقيداً، فالمقيد: التوكيل في تزويج رجل بعينه. والمطلق: التوكيل في تزويج من يرضاه أو من يشاء.
ويوكل الولي مثله في الذكورة والبلوغ والحرية والإسلام وعدم الإحرام بحج أو عمرة، وعدم العَتَه (ضعف العقل).
وأباح المالكية للزوج أن يوكل من قام به مانع من موانع الولاية غير مانع الإحرام بحج أو عمرة، والعَتَه (ضعف العقل) فيجوز له أن يوكل نصرانياً أو عبداً أو امرأة أوصبياً مميزاً على عقد نكاحه.
وأما الولي غير المجبر: فلا يجوز له التوكيل عند الشافعية إلا بإذن المرأة، فإن قالت له: وكِّلُ وكَّلَ، وإن نهته فلا يوكل. وإن قالت له: زوجني، فله التوكيل في الأصح؛ لأنه بالإذن متصرف بالولاية، فأشبه الوصي والقيم، وهما يتمكنان من التوكيل بغير إذن. ولو وكل الولي غير المجبر قبل استئذان المرأة في النكاح، لم يصح في الصحيح، لأنه لا يملك التزويج بنفسه حينئذ، فكيف يوكل غيره؟
وقال الحنابلة: لا يعتبر في صحة الوكالة إذن المرأة في التوكيل، ولا حضور شاهدين، سواء أكان الموكل أباً أم غيره؛ لأنه إذن من الولي في التزويج، فلم يفتقر إلى إذن المرأة، ولا إلى إشهاد، كإذن الحاكم، لكن يثبت للوكيل ما يثبت للموكل، فإن كان الولي مجبراً لم يحتج لاستئذان المرأة، وإن كان غير مجبر احتاج إلى إذنها ومراجعتها؛ لأنه نائب.
وعبارة وكيل الولي في عقد الزواج كما أوضح الشافعية: هي أن يقول: زوجتُك بنت فلان. ويقول الولي لوكيل الزوج: زوجت بنتي فلاناً، فيقول وكيله: قبلت نكاحها له.