الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويراد منها تحقيق المساواة في أمور اجتماعية من أجل توفير استقرار الحياة الزوجية، وتحقيق السعادة بين الزوجين، بحيث لا تعير المرأة أو أولياؤها بالزوج بحسب العرف.
وأما
آراء الفقهاء في اشتراط الكفاءة
، فلهم رأيان (1):
الرأي الأولي ـ رأى بعضهم كالثوري، والحسن البصري، والكرخي من الحنفية:
أن الكفاءة ليست شرطاً أصلاً، لا شرط صحة للزواج ولا شرط لزوم، فيصح الزواج ويلزم سواء أكان الزوج كفئاً للزوجة أم غير كفء، واستدلوا بما يأتي:
1ً - قوله صلى الله عليه وسلم: «الناس سواسية كأسنان المشط، لا فضل لعربي على عجمي، إنما الفضل بالتقوى» (2) فهو يدل على المساواة المطلقة، وعلى عدم اشتراط الكفاءة، ويدل له قوله تعالى:{إن أكرمكم عند الله أتقاكم} [الحجرات:13/ 49] وقوله تعالى: {وهو الذي خلق من الماء بشراً} [الفرقان:54/ 25] وحديث: «ليس لعربي على عجمي فضل إلا بالتقوى» (3).
ورد عليه بأن معناه أن الناس متساوون في الحقوق والواجبات، وأنهم لا يتفاضلون إلا بالتقوى، أما فيما عداها من الاعتبارات الشخصية التي تقوم على أعراف الناس وعاداتهم، فلا شك في أن الناس يتفاوتون فيها، فهناك تفاضل في الرزق والثروة:{والله فضل بعضكم على بعض في الرزق} [النحل:71/ 16] وهناك تفاضل في
(1) فتح القدير: 417/ 2 وما بعدها، البدائع: 317/ 2، تبيين الحقائق: 128/ 2، الدسوقي مع الشرح الكبير: 248/ 2 وما بعدها، مغني المحتاج: 164/ 3، المهذب: 38/ 2، كشاف القناع: 71/ 5 وما بعدها، المغني: 480/ 6 وما بعدها.
(2)
أخرجه ابن لال بلفظ قريب عن سهل بن سعد «الناس كأسنان المشط، لا فضل لأحد على أحد إلا بالتقوى» (سبل السلام: 129/ 3).
(3)
رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح عن أبي نضرة (مجمع الزوائد: 266/ 3).
العلم يقتضي التكريم: {يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات} [المجادلة:11/ 58] وما يزال الناس يتفاوتون في منازلهم الاجتماعية ومراكزهم الأدبية، وهو مقتضى الفطرة الإنسانية، والشريعة لا تصادم الفطرة والأعراف والعادات التي لا تخالف أصول الدين ومبادئه.
2ً - الحديث المتقدم: وهو أن بلالاً رضي الله عنه خطب إلى قوم من الأنصار، فأبوا أن يزوجوه، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:«قل لهم: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمركم أن تزوجوني» أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بالتزويج عند عدم الكفاءة، ولو كانت معتبرة لما أمر؛ لأن التزويج من غير كفء غير مأمور به.
ويؤكده أن سالم مولى امرأة من الأنصار زوجه أبو حذيفة من ابنة أخيه: هند بنت الوليد بن عتبة بن ربيعة (1). وكذلك أمر النبي صلى الله عليه وسلم امرأة قرشية هي فاطمة أخت الضحاك بن قيس، وهي من المهاجرات الأول أن تتزوج أسامة قائلاً لها:«انكحي أسامة» (2)، وروى الدارقطني أن أخت عبد الرحمن بن عوف كانت تحت بلال.
ويدل له: «أن أبا هند حجم النبي صلى الله عليه وسلم في اليافوخ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: يا بني بياضة، أنكحوا أبا هند، وانكحوا إليه» (3). ورد على الأحاديث بمعارضتها بأحاديث أخرى تتطلب الكفاءة فتكون محمولة على الندب والأفضل، وبأن التسوية بين العرب وغيرهم إنما هو في أحكام الآخرة، أما في الدنيا فقد ظهر فضل العربي على العجمي في كثير من أحكام الدنيا.
(1) رواه البخاري والنسائي وأبو داود عن عائشة (نيل الأوطار: 128/ 6).
(2)
رواه مسلم عن فاطمة بنت قيس (سبل السلام: 129/ 3).
(3)
رواه أبو داود عن أبي هريرة (نيل الأوطار: 128/ 6).