الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقدر الإمام أبو حنيفة مدة الرضاع بسنتين ونصف، ليتدرج الطفل في نصف العام على تحويل غذائه من اللبن إلى غيره.
2 - أن يرضع الطفل خمس رضعات متفرقات
بحسب العادة، بحيث يترك الثدي باختياره من غير عارض كتنفس أو استراحة يسيرة أو شيء يلهيه عن الرضاع فجأة ولا يشترط كونها مشبعات. وهذا مذهب الشافعية والحنابلة في الراجح عندهم.
آراء العلماء في رضاع الكبير والصغير:
ورد عن السيدة عائشة قالت: جاءت سهلة بنت سهيل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله إن سالماً مولى أبي حذيفة معنا في بيتنا وقد بلغ ما يبلغ الرجال «فقال: أرضعيه تحرمي عليه» . رواه مسلم (1).
وفي سنن أبي داود «فأرضعيه خمس رضعات» فكان بمنزلة ولدها من الرضاعة وهو معارض لذلك.
وهو يدل على أن رضاع الكبير يحرم مع أنه ليس داخلاً تحت الرضاعة من المجاعة، وبيان القصة أن أبا حذيفة كان قد تبنى سالماً وزوجه، وكان سالم مولى لامرأة من الأنصار فلما أنزل الله {ادعوهم لآبائهم} [الأحزاب:5/ 33] الآية. كان من له أب معروف نسب إلى أبيه، ومن لا أب له معروفاً، كان مولى وأخاً في الدين، فعند ذلك جاءت سهلة تذكر ما نصه الحديث.
(1) رواه مسلم في الرضاع، باب: رضاع البالغ، رقم (1453).
وقد اختلف السلف في هذا الحكم:
1 -
ذهبت السيدة عائشة رضي الله عنها، وروي هذا عن علي وعروة وداود الظاهري: إلى ثبوت حكم التحريم وإن كان الراضع بالغاً عاقلاً بل لقد ورد أن السيدة عائشة كانت تأمر أختها أم كلثوم وبنات أخيها يرضعن من أحبت أن يدخل عليها من الرجال ـ رواه مالك.
وأما حجتهم فهي:
أـ حديث سهلة هذا وهو حديث صحيح لا شك فيه.
ب ـ قوله تعالى: {وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة} [النساء:23/ 4] فإنه مطلق غير مقيد بوقت.
2 -
وقال الجمهور من الصحابة والتابعين والفقهاء: لا يحرم من الرضاع إلا ما كان في الصغر مع اختلافهم في تحديد الصغر.
1ً - الجمهور قالوا: مهما كان في الحولين فإن رضاعه يحرم، ولا يحرم ما كان بعدهما، مستدلين بقوله تعالى:{حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة} [البقرة:233/ 2].
2ً - وحديث «إنما الرضاعة من المجاعة» ولا يصدق ذلك إلا على من يشبعه اللبن، ويكون غذاءه لا غير، فلا يدخل الكبير لاسيما وقد ورد بصيغة الحصر.
3 -
قال جماعة: الرضاع المحرم ما كان قبل الفطام ولم يقدروه بزمان.
4 -
وقال الأوزاعي: إن فطم وله عام واحد واستمر فطامه ثم رضع في الحولين، لم يحرم هذا الرضاع شيئاً وإن تمادى رضاعه ولم يفطم فما يرضع وهو في الحولين حرّم، وما كان بعدهما لا يحرم وإن تمادى إرضاعه.
5 -
وهناك أقوال أخرى عارية عن الاستدلال.
وأجاب الجمهور عن حديث سالم بأنه خاص بقصة سهلة كما يدل له قول أم سلمة للسيدة عائشة: «لا نرى هذا إلا خاصاً بسالم» . ولا ندري لعله رخصه لسالم أو أنه منسوخ.
ـ وأجاب القائلون بتحريم رضاع الكبير بأن الآية وحديث «إنما الرضاعة من المجاعة» واردان لبيان الرضاعة الموجبة لنفقة المرضعة، والتي يجبر عليها الأبوان كما يرشد إلى ذلك آخر الآية:{وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف} [البقرة:233/ 2].
وعائشة هي الراوية لحديث «إنما الرضاعة من المجاعة» وهي التي قالت برضاع الكبير وأنه يحرم، فدل على أنها فهمت ما ذكرناه في معنى الآية والحديث. قالوا: ولو كان حديث سالم خاصاً به لذكر ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم كما بين اختصاص أبي بردة بالتضحية بالجذعة من المعز.
وأما القول بأنه منسوخ فيدفعه أن قصة سهلة متأخرة عن نزول آية الحولين فإن سهلة قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف أرضعه وهو رجل كبير؟ فإن هذا السؤال منها استنكار لرضاع الكبير دال على أن التحليل بعد اعتقاد التحريم. وقد دفع ابن تيمية التعارض فقال: