الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وعليه فإن ضابط ما يتميز به الفسخ عن الطلاق عند أبي حنيفة ومحمد: هو أن كل فرقة بسبب من جانب المرأة تكون فسخاً، وكل فرقة من جانب الرجل أو بسبب منه مختص بالزواج فهي طلاق، إلا أن أبا حنيفة خلافاً لمحمد يعتبر الفرقة بسبب ردة الزوج فسخاً؛ لأنه يرى أن الردة كالموت من حيث إن صاحبها مهدر الدم، فتشبه الفرقة بالموت، والفرقة بالموت لا يمكن جعلها طلاقاً. وبه يظهر أن الغالب كون الفرقة طلاقاً.
و
قال المالكية
(1): إما أن تكون الفرقة من زواج صحيح أو زواج فاسد.
أولاً ـ إن كات الفرقة من زواج صحيح: فإنها تكون طلاقاً إلا إذا كانت بسبب أمر طارئ يوجب التحريم المؤبد، سواء من أحد الزوجين أو من القاضي.
ثانياً ـ وإن كانت الفرقة من زواج فاسد:
فإن كان مجمعاً على فساده: فإن الفرقة فيه تكون فسخاً، لا طلاقاً، كالفرقة من زواج المتعة، والزواج بإحدى المحارم، والزواج بالمعتدة، ونحوها.
وإن كان مختلفاً في فساده: وهو ما يكون فاسداً عند المالكية صحيحاً عند غيرهم، كزواج المرأة بدون ولي فهو فاسد عندهم صحيح عند الحنفية، فإن الفرقة فيه تكون طلاقاً لا فسخاً. ومنه زواج السر (وهو الذي يوصي الزوج الشهود بكتمان العقد عن الناس أو عن بعضهم) فهو فاسد عندهم صحيح عند باقي الأئمة.
وعلى هذا تكون الفرقة فسخاً فيما يأتي:
(1) بداية المجتهد: 70/ 2، الشرح الكبير مع الدسوقي: 364/ 2.
1 -
إذا وقع العقد غير صحيح، كالزواج بالأخت أو إحدى المحارم، والزواج بزوجة الغير أو معتدته.
2 -
إذا طرأ على الزواج ما يوجب الحرمة المؤبدة كالاتصال الجنسي بشبهة من أحد الزوجين بأصول الآخر أو فروعه، مما يوجب حرمة المصاهرة.
3 -
الفرقة بسبب اللعان: لأنه تترتب عليه الحرمة المؤبدة، لحديث «المتلاعنان لا يجتمعان أبداً» (1).
4 -
الفرقة بسبب إباء الزوج الإسلام بعد أن أسلمت زوجته، أو إباء الزوجة غير الكتابية الإسلام بعد إسلام زوجها؛ لأن ذلك في معنى طروء مفسد على الزواج.
وتكون الفرقة طلاقاً فيما يأتي:
1ً - إذا استعمل لفظ الطلاق في الزواج الصحيح، أوالمختلف في فساده.
2ً - إذا حدثت الفرقة بالخلع في الزواج أوالمختلف في فساده.
3ً - الفرقة بسبب الإيلاء: وهو أن يحلف الزوج ألا يقرب زوجته أكثر من أربعة أشهر. فإن لم يعد عن يمينه بعد أمر القاضي له عقب ادعاء الزوجة فرّق بينهما، وكانت الفرقة طلاقاً.
4ً - الفرقة لعدم كفاءة الزوج، سواء أكانت من الزوجة أم من وليها.
5ً - الفرقة لعدم الإنفاق أو للغيبة، أو للضرر وسوء العشرة.
6ً - الفرقة بسبب ردة أحد الزوجين عن الإسلام: فإنها طلاق في مشهور
(1) رواه الدارقطني عن ابن عباس، وفي معناه أحاديث كثيرة (نيل الأوطار: 271/ 6).