الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإنما جعل الطلاق بائناً فلرفع الضرر عن المرأة، إذ لو جاز للزوج مراجعتها قبل انقضاء العدة، عاد الضرر ثانياً.
وقال الشافعية والحنابلة: الفرقة بالعيب فسخ لا طلاق، والفسخ لا ينقص عدد الطلاق، وللزوج إعادة الزوجة بنكاح جديد بولي وشاهدي عدل ومهر؛ لأنها فرقة من جهة الزوجة إما بطلبها التفريق أو بسبب عيب فيها، والفرقة إذا كانت من جهة الزوجة تكون فسخاً لا طلاقاً.
أثر التفريق بالعيب على المهر:
عرفنا أن الحنفية لا يجيزون التفريق إلا بالعيوب التناسلية في الرجل، فإن كان التفريق قبل الدخول والخلوة، فللزوجة نصف المهر؛ لأن الفرقة بسبب الزوج، وإن كان التفريق بعد الدخول أو بعد الخلوة، فتجب العدة على المرأة إذا أقر الزوج أنه لم يصل إليها، ويجب لها المهر كله إن دخل بها أو خلا بها خلوة صحيحة؛ لأن خلوة العنين صحيحة تجب بها
العدة (1). وإن تزوجها بعدئذ أو تزوجته وهي تعلم أنه عنين فلا خيار لها. وإن كان عنيناً، وهي رتقاء لم يكن لها خيار كما تقدم في شروط التفريق.
وقال المالكية: إن كانت التفريق قبل الدخول ولو وقع بلفظ طلاق، فلا شيء للمرأة من المهر؛ لأن العيب إن كان بالرجل، فقد اختارت فراقه قبل قضاء مأربها، وكانت راضية بسقوط حقها في المهر، وإن كان العيب بالمرأة فتكون غارّة للرجل مدلسة عليه.
وإن كان التفريق بعد الدخول، استحقت المهر المسمى كله، إن كان العيب في
(1) وقال الصاحبان: لها نصف المهر في حال الخلوة كأنه لم يخل بها.
الزوج؛ لأنه يكون غارّاً للزوجة ومدلساً عليها، ثم إنه قد دخل بها، والدخول بالمرأة يوجب المهر كله. وإن كان العيب في الزوجة استحقت المهر كله بسبب الدخول، لكن يرجع الزوج بالمهر على وليها كأب وأخ وابن لتدليسه بالكتمان إن كان قريباً لا يخفى عليه حالها، وكان العيب ظاهراً كالجذام والبرص. أما إن كان الولي بعيداً كالعم والقاضي، أو كان العيب خفياً، فيرجع الزوج على الزوجة لا على الولي؛ لأن التغرير والتدليس منها وحدها.
وقال الشافعية: الفسخ بالعيب قبل الدخول يسقط المهر، وإن كان بعد الدخول، وكان العيب مقارناً للعقد أو حادثاً بين العقد والوطء، وجهله الواطئ، فلها في الأصح مهر المثل. وإن حدث العيب بعد العقد والوطء، فلها في الأصح المهر المسمى كله.
ولا يرجع الزوج بالمهر الذي غرمه على من غره من ولي أو زوجة بالعيب المقارن في المذهب الجديد (1)، لاستيفائه منفعة البضع المتقوم عليه بالعقد. أما العيب الحادث بعد العقد إذا فسخ به، فلا يرجع بالمهر جزماً لانتفاء التدليس.
وقال الحنابلة: إن حدث الفسخ قبل الدخول فلا مهر للمرأة على الرجل، سواء أكان من جهة الزوج أم من جهة الزوجة، كما قال الشافعية وغيرهم.
وإن حدث الفسخ بعد الدخول وجهل العيب، فلها المهر المسمى، لوجوبه بالعقد واستقراره بالدخول، ثم يرجع بالمهر على من غرَّه من امرأة عاقلة وولي ووكيل. لقول عمر رضي الله عنه:«أيما رجل تزوج بامرأة بها جنون أو جذام أو برص، فلها صداقها، وذلك لزوجها غرم على وليها» ولأنه غرَّه في النكاح بما يثبت به الخيار فكان المهر عليه، كما لو غره بحرية أمة.
(1) وهو رأي أبي حنيفة رحمه الله أيضاً.