الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المقصود بمريض الموت:
كل من غالب حاله الهلاك بمرض أو غيهر له حكم مرض الموت، ويسمى طلاقه طلاق الفارّ أو الفرار، لفراره من إرث زوجته، فيرد عليه قصده إلى تمام عدتها عند الحنفية، ولو بعد انقضاء العدة عند المالكية، وما لم تتزوج في المشهور عند الحنابلة.
ومريض الموت كما قال الحنفية: هو من أضناه مرض عجز به عن إقامة مصالحه المعتادة خارج البيت، كعجز العالم الفقيه عن الإتيان إلى المسجد وعجز التاجر عن الإتيان إلى دكانه. وأما المرأة المريضة: فهي التي عجزت عن مصالحها المعتادة داخل البيت كطبخ ونحوه. واستمر المرض في حدود السنة دون تزايد، وأعقبه الموت، فالمراد من مرض الموت: هو الذي يتحقق فيه أمران:
الأول ـ أن يكون الغالب فيه الهلاك عادة، الثاني ـ أن يتصل به الموت. ويلحق به من يترقب الموت كالمحكوم عليه بالإعدام، والمشرف على الغرق في سفينة.
حكمه:
له أحكام، منها: أنه لا يصح تبرعه إلا من ثلث التركة، ومنها نفاذ طلاقه وإرث امرأته منه إذا مات وهي في العدة عند الحنفية، وتفصيل حكم طلاقه ما يأتي:
اتفق الفقهاء على أن الرجل المريض إذا طلق امرأته، فطلاقه نافذ كالصحيح، فإن مات من ذلك المرض ورثته المطلقة ما دامت في العدة من طلاق رجعي، كما ترثه فيها في طلاقها في حال الصحة؛ لأن الرجعية زوجة يلحقها طلاق الزوج وظهاره وإيلاؤه، ويملك إمساكها بالرجعة ولو بغير رضاها، ولا ولي ولا شهود ولاصداق جديد.
أما إن طلقها في حال الصحة طلاقاً بائناً أو رجعياً، فبانت منه بانقضاء عدتها، فلم يتوارثا إجماعاً.
واتفق الفقهاء أيضاً على أن الرجل إذا طلق امرأته في مرض الموت ثم ماتت، لم يرثها وإن ماتت في العدة.
واختلفوا في إرث الزوجة المطلقة طلاقاً بائناً إذا مات الزوج في أثناء العدة من هذا الطلاق. وهذا محل البحث هنا، وهو حكم طلاق الفرار.
فقال الجمهور (الحنفية والمالكية والحنابلة والإمامية): إنها ترثه، وقال الشافعي في الجديد: لا ترثه. وقال الظاهرية: طلاق المريض كطلاق الصحيح ولا فرق، فإذا مات أو ماتت فلا توارث بينهما بعد الطلاق الثلاث، ولا بعد تمام العدة في الطلاق الرجعي.
الأدلة:
استدل الشافعي على أن المرأة المطلقة في عدة طلاق بائن لا ترث من زوجها الذي طلقها: بانقطاع آثار الزوجية بالطلاق البائن، والميراث لا يثبت بعد زوال سببه، بخلاف المطلقة في عدة طلاق رجعي، فإنها ترث بالاتفاق لبقاء آثار الزوجية، كلحوق الطلاق لها والإيلاء منها ونحوهما.
واستدل الجمهور بالأثر والمعقول:
أما الأثر: فإن عثمان رضي الله عنه ورَّث تماضر بنت الأصبغ الكلبية من عبد الرحمن بن عوف، الذي كان قد طلقها في مرضه، فبتَّها، وكان ذلك بمحضر من الصحابة، فلم ينكر عليه أحد، فكان إجماعاً منهم.
وأما المعقول: فهو أن تطليقها ضرار محض، وهو يدل على قصده حرمانها من الإرث، فيعاقب بنقيض قصده، كما يرد قصد القاتل إذا قتل مورثه بحرمانه من الإرث، فترث المرأة حينئذ بسبب الزوجية دفعاً للضرر عنها.