الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثانياً ـ صيغة الفعل:
قد تكون صيغة الإيجاب والقبول بلفظ الماضي أو بلفظ المضارع أو بلفظ الأمر، واتفق الفقهاء على انعقاد الزواج بصيغة الماضي، واختلفوا في المضارع والأمر (1).
أـ ينعقد الزواج بصيغة الفعل الماضي: كأن يقول ولي المرأة للرجل: زوجتك ابنتي فلانة على مهر كذا، فقال الزوج: قبلت أورضيت؛ لأن المقصود بهذه الصيغة إنشاء العقد في الحال، فينعقد بها العقد من غير توقف على نية أو قرينة.
ب ـ وأما العقد بصيغة المضارع: مثل أن يقول الرجل للمرأة في مجلس العقد: أتزوجك على مهر قدره كذا، فقالت: أقبل أو أرضى، صح العقد عند الحنفية والمالكية إذا كانت هناك قرينة تدل على إرادة إنشاء العقد في الحال، لا للوعد في المستقبل، كأن يكون المجلس مهيئاً لإجراء عقد الزواج، فوجود هذه الهيئة ينفي إرادة الوعد أو المساومة، ويدل على إرادة التنجيز؛ لأن الزواج بعكس البيع يكون مسبوقاً بالخطبة.
فإن لم يكن المجلس مهيئاً لإنجاز العقد، ولم توجد قرينة دالة على قصد إنشاء الزواج في الحال، فلا ينعقد العقد.
ولا ينعقد الزواج عند الشافعية والحنابلة بصيغة المضارع، وإنما لا بد عندهم من لفظ بصيغة الماضي مشتق من النكاح أوالزواج، بأن يقول الزوج: تزوجت أو نكحت أو قبلت نكاحها أو تزويجها، ولا يصح بكناية: كأحللتك ابنتي، إذ لا
(1) البدائع: 231/ 2، الدر المختار ورد المحتار: 378/ 2 وما بعدها، الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي: 220/ 2 وما بعدها، مغني المحتاج: 139/ 3 - 141، كشاف القناع: 37/ 5، المغني: 532/ 6 - 534.
اطلاع للشهود على النية. ولو قال ولي المرأة: زوجتك، فقال الزوج: قبلت، لم ينعقد الزواج لدى الشافعية على المذهب، وينعقد عند الجمهور غير الشافعية.
جـ ـ ويصح العقد عند الحنفية والمالكية بصيغة الأمر: كأن يقول الرجل لامرأة: زوجيني نفسك، وقصد بذلك إنشاء الزواج، لا الخطوبة، فقالت المرأة: زوجتك نفسي، تم الزواج بينهما.
وتوجيه ذلك عند الحنفية (1): أن قول الرجل يتضمن توكيل المرأة في أن تزوجه بنفسها، فقولها: زوجتك نفسي، قام مقام الإيجاب والقبول. والتوجيه عند المالكية أن صيغة الأمر تعتبر إيجاباً للعقد عرفاً، ولا تعتبر توكيلاً ضمنياً. وهذا القول أوجه. وعبارة المالكية: ينعقد النكاح بالإيجاب والاستيجاب، أي طلب الإيجاب.
د ـ أما انعقاد الزواج بلفظ الاستفهام مثل قول رجل لآخر: زوجتني ابنتك؟ فقال الآخر: زوجت، أو قال: نعم، فلا يكون عند الحنفية زواجاً، ما لم يقل الموجب بعدئذ: قبلت؛ لأن قوله: زوجتني؟ استفهام أو استخبار، وليس بعقد، بخلاف صيغة الأمر: زوجني، فإنه توكيل ضمني، كما عرفنا.
والخلاصة: لا ينعقد الزواج عند الشافعية إلا بصيغة الماضي، ومن مادة الزواج والنكاح، وينعقد عند المالكية والحنفية بالماضي والمضارع والأمر، إذا دلت القرينة أو دلالة الحال على أنه للإيجاب، لا للوعد.
ولا يشترط عند الجمهور غيرالحنابلة تقديم الإيجاب على القبول، بل يندب،
(1) وهذا مقتضى الاستحسان عندهم الذي تركوا به القياس لما روي «أن بلالاً رضي الله عنه خطب إلى قوم من الأنصار، فأبوا أن يزوجوه، فقال: لولا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرني أن أخطب إليكم، لما خطبت، فقالوا له: ملكت» ولم ينقل أن بلالاً أعاد القول: ولو فعل لنقل.