الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أحوال الظهار في العادة:
يصح الظهار بالاتفاق منجزاً، كقوله: أنت علي كظهر أمي، ويكون الظهار عند أكثر الفقهاء من الزوج لا من الزوجة (1)، فلو ظاهرت المرأة من زوجها كان ظهارها عند الحنفية لغواً، فلا حرمة عليها ولا كفارة. وكذلك قال بقية المذاهب: ليس ذلك بظهار، لقوله تعالى:{والذين يظاهرون منكم من نسائهم} [المجادلة:2/ 58] فخص الأزواج بالظهار، ولأنه قول يوجب تحريماً على الزوجة يملك الزوج رفعه، فاختص به الرجل كالطلاق، ولأن حل الاستمتاع بالمرأة حق للرجل، فلم تملك المرأة إزالته كسائر حقوقه.
لكن أوجب عليها الإمام أحمد في رواية راجحة عنه كفارة الظهار؛ لأنها قد أتت بالمنكر من القول والزور، وفي رواية عنه: عليها كفارة اليمين، قال ابن قدامة: وهذا أقيس على مذهب أحمد وأشبه بأصوله؛ لأنه ليس بظهار، ومجرد القول من المنكر والزور لا يوجب كفارة الظهار بدليل سائر الكذب. وفي رواية ثالثة: ليس عليها كفارة، وهو قول بقية الأئمة، لأنه قول منكر وزور، وليس بظهار، فلم يوجب كفارة كالسب والقذف.
الظهار المعلق:
أجاز الحنفية (2) إضافة الظهار إلى ملك أو سبب الملك، مثال الأول: أن يقول لأجنبية: إن صرت زوجة لي فأنت علي كظهر أمي.
ومثال الثاني: إن تزوجتك فأنت علي كظهر أمي، وأجازوا إضافته إلى وقت مثل: أنت علي كظهر أمي في رأس شهر كذا، لقيام الملك، وتعليقه أثناء الزواج مثل: إن دخلت الدار أو إن كلمت فلاناً، فأنت علي كظهر أمي لوجود الملك وقت اليمين. لكن تعليق الظهار بمشيئة الله تبطله.
(1) الدر المختار: 791/ 2، المغني: 384/ 7 وما بعدها، بداية المجتهد: 108/ 2.
(2)
الدر المختار ورد المحتار: 791/ 2، البدائع: 232/ 3.
وكذلك أجاز الحنابلة (1) تعليق الظهار على الزواج أو الظهار من الأجنبية، سواء قال ذلك لامرأة بعينها أو قال: كل النساء علي كظهر أمي، وسواء أوقعه مطلقاً أم علقه على التزويج، فقال: كل امرأة أتزوجها، فهي علي كظهر أمي، ومتى تزوج التي ظاهر منها، لم يطأها حتى يكفِّر. وأجازوا أيضاً تعليق الظهار بشرط، مثل إن دخلت الدار، فأنت علي كظهر أمي، أو إن شاء زيدّ فأنت علي كظهر أمي، فمتى دخلت الدار أو متى شاء زيد، صار مظاهراً، وإلا فلا.
ودليلهم ما روى الإمام أحمد عن عمر بن الخطاب: أنه قال في رجل قال: إن تزوجت فلانة، فهي علي كظهر أمي، فتزوجها، قال:«عليه كفارة الظهار» ولأنها يمين مكفرة، فصح انعقادها قبل النكاح، كاليمين بالله تعالى.
وقد بان سابقاً أن المالكية (2) أجازوا تعليق الظهار، نحو: إن دخلت الدار فأنت علي كظهر أمي، وإن تزوجتك فأنت علي كظهر أمي، أو قال: كل امرأة أتزوجها فهي مني كظهر أمي.
وأجاز الشافعية (3) أيضاً تعليق الظهار بشرط وبمشيئة زيد مثلاً؛ لأنه يتعلق به التحريم كالطلاق والكفارة، وكل منهما يجوز تعليقه. وتعليق الظهار مثل: إذا جاء زيد، أو إذا طلعت الشمس فأنت علي كظهر أمي. فإذا وجد الشرط صار مظاهراً لوجود المعلق عليه. ومن أمثلته أن يقول:«إن ظاهرت من زوجتي الأخرى، فأنت علي كظهر أمي» وهما في عصمته، فظاهر من الأخرى، صار مظاهراً منهما، عملاً بموجب التنجيز والتعليق.
(1) المغني: 350/ 7، 354.
(2)
الشرح الصغير: 635/ 2، بداية المجتهد: 107/ 2.
(3)
مغني المحتاج: 354/ 3.