الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومن أمر رجلاً أن يزوجه امرأة، فزوجه اثنتين في عقد واحد، لم تلزمه واحدة منهما؛ لأنه لا وجه إلى تنفيذهما للمخالفة، ولا إلى التنفيذ في إحداهما لا على التعيين، للجهالة، ولا إلى تعيين واحدة منهما، لعدم الأولوية، فتعين التفريق.
2 - الوكالة المطلقة:
بأن لم يعين الموكل امرأة معينة ولا وصفاً معيناً ولا مهراً. اختلف أئمة الحنفية فيها:
رأى أبو حنيفة: أن للوكيل أن يزوجه بأية امرأة ولو غير كفء له، وبأي مهر، إلا إذا كان التصرف موضع تهمة؛ لأن القاعدة فيه عنده أن المطلق يجري على إطلاقه، فيرجع إلى إطلاق اللفظ وعدم التهمة، فله أن يزوجه بمقدار مهر المثل أو أكثر، أو يزوجه عمياء أو شلاء أو شوهاء، وإذا كان الموكل هو المرأة فينفذ العقد عليها متى كان الزوج كفئاً (1) سواء أكان الزواج بمهر المثل أم أقل، وسواء أكان الزوج صحيحاً أم مشوهاً، عملاً بالإطلاق، فأبو حنيفة يراعي عبارة الموكل ولفظه.
ورأى الصاحبان وباقي المذاهب: أنه يتقيد الوكيل بالمتعارف استحساناً؛ لأن الإطلاق مقيد عرفاً وعادة بالكفء وبالمهر المألوف، والمعروف عرفاً كالمشروط شرطاً، فإذا زوجه امرأة كفئاً ملائمة له، وهي السليمة من العيوب وبمهر لا غبن فيه، كان الزواج نافذاً على الموكل، وإن زوجه بعمياء أو مقطوعة اليدين أو مفلوجة أو مجنونة أو رتقاء، أو بمهر مصحوب بغبن فاحش، توقف العقد عند الصاحبين والمالكية على إجازة الموكل، لمخالفته المعروف بين الناس في الوكالات. ولم يصح العقد عند الشافعية والحنابلة.
(1) الفرق بين الرجل والمرأة: أن المرأة تعير بغير الكفء، فيتقيد إطلاقها به، بخلاف الرجل فإنه لا يعيره أحد بعدم كفاءتها له: لأنه مستفرش واطئ لا يغيظه دناءة الفراش.
وهذا هو الرأي الراجح، وينبغي أن تكون عليه الفتوى عند الحنفية، وهو المعمول به في محاكم مصر. وبه يتبين أن الصاحبين يحكمان العرف والعادة.
ولكن هناك مسائل اتفق عليها أبو حنيفة مع صاحبيه وهي:
أـ إذا كانت المرأة هي الموكلة فعلى الوكيل أن يزوجها بكفء؛ لأن المرأة لا ترغب عادة إلا في الكفء، لمصلحة نفسها، ولئلا يعترض عليها أولياؤها.
ب ـ إذا وكل رجل غيره أن يزوجه امرأة عمياء، فزوجه مبصرة، فإن العقد ينفذ عليه؛ لأنها مخالفة إلى خير مما عين الموكل.
جـ ـ إذا وكل الرجل آخر أن يزوجه، فزوجه صغيرة لا يجامع مثلها، جاز اتفاقاً. فإن كانت الصغيرة بنتاً له أو بنت أخيه التي في ولايته، لم ينفذ العقد على الموكل لتحقق التهمة المانعة من نفاذ العقد، وهي العمل لمصلحته.
وإن كانت بنتاً له كبيرة برضاها لم ينفذ العقد عند أبي حنيفة لتحقق التهمة، وينفذ عند الصاحبين؛ لأنه ليس له عليها ولاية إجبار.
أما إن زوجه الوكيل أختاً له كبيرة برضاها، نفذ العقد بالاتفاق، لانتفاء التهمة.
د ـ إذا وكله أن يزوجه فلانة أو فلانة، فزوجه إحداهما، نفذ العقد؛ لوجود التخيير في التوكيل.
هـ ـ إذا وكلت امرأة رجلاً في تزويجها، فزوجها من نفسه، لم ينفذ العقد عليها إلا بالإجازة. وكذا إذا وكل الرجل امرأة أن تزوجه فزوجته من نفسها، لم ينفذ العقد عليه إلا بإجازته، لتحقق التهمة في الحالتين. وكذا لا ينفذ العقد عند أبي حنيفة إن زوج الوكيل موكلته من أبيه أو ابنه لتحقق التهمة بسبب البنوة. وينفذ العقد عند الصاحبين؛ لأن البنوة ليست من التهمة عندهما.