الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الرابع ـ
حكم أخذ بدل الخلع
، والخلع في مقابل بعض المنافع والحقوق، والفرق بين الخلع والطلاق على مال:
يتبع بحث اشتراط بدل الخلع الكلام في مواضع ثلاثة: حكم أخذ بدل الخلع، والخلع في مقابل منفعة أو حق، والفرق بين الخلع والطلاق على مال.
حكم أخذ بدل الخلع:
بحث الفقهاء مبدأ مشروعية أخذ البدل في مقابل الخلع أو الطلاق على التفصيل التالي (1):
1ً - إن كانت الزوجة كارهة زوجها لقبح منظر أو سوء عشرة، وخافت ألا تؤدي حقه، جاز للزوج مخالعتها وأخذ عوض في نظير طلاقها، لكن يكره عند الحنفية أن يأخذ منها أكثر مما أعطاها، لقصة امرأة ثابت بن قيس المتقدمة:«قال النبي صلى الله عليه وسلم: أتردين إليه حديقته؟ فقالت: نعم وزيادة، فقال صلى الله عليه وسلم: أما الزيادة فلا» (2). وهذا قول عطاء وطاوس والزهري وعمرو بن شعيب.
وأجاز الجمهور أن يأخذ منها أكثر مما أعطاها ما دام النشوز من جهتها، لكن لا يستحب له ذلك، لقوله تعالى: {ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئاً إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله، فإن خفتم ألا يقيما حدود الله، فلا جناح عليهما
(1) البدائع: 150/ 3 وما بعدها، فتح القدير: 203/ 3 وما بعدها، القوانين الفقهية: ص 232، المهذب: 70/ 2 وما بعدها، المغني: 52/ 7 - 55، بداية المجتهد: 68/ 2.
(2)
رواه أبو داود مرسلاً عن عطاء، وأخرجه الدارقطني عن أبي الزبير، وفي رواية ابن ماجه عن ابن عباس:«فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأخذ منها حديقته ولا يزداد» (نصب الراية 244/ 3، نيل الأوطار: 246/ 6).
فيما افتدت به} [البقرة:229/ 2] فإنه تعالى نفى الإثم في أخذ الرجل من الزوجة مقابل طلاقها، قليلاً كان أو كثيراً. والنهي عن الزيادة في حديث ثابت محمول على خلاف الأولى.
ويروى عن ابن عباس وابن عمر أنهما قالا: «لو اختلعت امرأة من زوجها بميراثها وعقاص (1) رأسها، كان ذلك جائزاً» وقالت الرُبيِّع بنت مُعَوِّذ: اختلعت من زوجي بما دون عقاص رأسي، فأجاز ذلك عثمان بن عفان رضي الله عنه (2). ولم يخالفه أحد من الصحابة، واشتهر هذا، فلم ينكر، فيكون إجماعاً، ولم يصح عن علي رضي الله عنه خلافه.
2ً - إن كان النفور والإعراض من جانب الزوج، يكره باتفاق العلماء، لقوله تعالى:{وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج، وآتيتم إحداهن قنطاراً فلا تأخذوا منه شيئاً، أتأخذونه بهتاناً وإثماً مبيناً} [النساء:20/ 4].
ومثل هذا: لو أكره الزوج الزوجة أو اضطرها إلى طلب الخلع، فضيق عليها، وعاشرها معاشرة سيئة ليحملها على الطلاق، فلا يحل له أخذ شيء منها عند الحنفية والحنابلة والشافعية لقوله تعالى:{ولا تمسكوهن ضراراً لتعتدوا} [البقرة:231/ 2] وقوله سبحانه: {ولا تعضُلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن} [النساء:4/ 19] هذا يدل على تحريم المخالعة لغير حاجة، ولأنه إضرار بها، والضرر حرام، لقوله عليه الصلاة والسلام:«لا ضرر ولا ضرار» .
وكذلك قال المالكية: لا يحل له أخذ شيء من الزوجة في حالة الإضرار، ولو أخذ شيئاً وجب عليه أن يرده إليها.
(1) العقاص: هو الخيط الذي تربط به المرأة أطراف شعرها.
(2)
أخرجه ابن سعد.