الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اقتاتوا غير القمح فما يعدله شبعاً لا كيلاً، ولا يجزئ الغداء والعشاء إلا أن يتحقق بلوغهما مداً وثلثين.
3 ً - رأي الشافعية والحنابلة: إن قدر الطعام في الكفارات كلها وفي فدية الصوم والفطرة مُدّ من قمح لكل مسكين، أو نصف صاع من تمر أو شعير، لما روى أبو داود بإسناده عن أوس بن الصامت:«أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطاه ـ يعني المظاهر ـ خمسة عشر صاعاً من شعير: إطعامَ ستين مسكيناً» لكنه حديث مرسل عن عطاء عن أوس. أما المد: فهو (675) غم.
كيفية الإطعام:
للفقهاء رأيان:
1 ً - مذهب الحنفية: الضابط عندهم أن ما شرع بلفظ (إطعام وطعام) جاز فيه الإباحة، وما شرع بلفظ (إيتاء وأداء) شرع فيه التمليك. وبناء عليه يكون الإطعام في الكفارات إما بالتمليك، أو بالإباحة غداء وعشاء، أو غداء وقيمة عشاء أو بالعكس بشرط إدام مع خبز شعير وذرة، لا مع خبز قمح، فيجوز الجمع بين الإباحة والتمليك؛ لأنه جمع بين شيئين جائزين على الانفراد، سواء أكلوا قليلاً أو كثيراً. فإن أعطى مسكيناً واحداً ستين يوماً أجزاه، وإن أعطاه في يوم واحد، لم يُجْزه إلا عن يومه.
ويجوز عندهم (1) دفع القيمة في الزكاة، والعُشْر، والخَراج، والفِطْرة، والنَّذْر، والكفارة غير الإعتاق. وتعتبر القيمة يوم الوجوب عند الإمام أبي حنيفة، وقال الصاحبان: يوم الأداء. وفي السوائم: يوم الأداء باتفاقهم، ويقوَّم في البلد الذي فيه المال، أما في المفازة فيقومَّ في أقرب الأمصار إليه.
(1) الكتاب مع اللباب: 147/ 1، 73/ 3.
وسبب جواز دفع القيمة: أن المقصود سد الخلَّة ودفع الحاجة، ويوجد ذلك في القيمة.
2 ً - مذهب الجمهور: الواجب تمليك كل إنسان من المساكين القدر الواجب له من الكفارة، ولا يجزئ الغداء والعشاء بالقدر الواجب أو أقل أو أكثر، إلا أن المالكية قالوا: يجزئ الغداء والعشاء إن تحقق بلوغهما مداً وثلثين، كما تقدم.
ودليلهم أن المنقول عن الصحابة إعطاء المساكين، وقال النبي صلى الله عليه وسلم لكعب في فدية الأذى بالحج:(أطعم ثلاثة آصع من تمر ستة مساكين) ولأنه مال وجب للفقراء شرعاً، فوجب تمليكهم إياه كالزكاة.
ويشترط العدد عند الفقهاء لآية الظهار، فلو أطعم ثلاثين مسكيناً طعام ستين لم يجزه. وقال الشافعية والحنابلة: لو أعطى مسكيناً مدين من كفارتين في يوم واحد أجزأه؛ لأنه دفع القدر الواجب إلى العدد الواجب، فأجزأ، كما لو دفع إليه المدّين في يومين. واشترط الحنفية أن يكون الإعطاء متكرراً، فلو أطعم ستين مسكيناً كل واحد صاعاً من قمح بدفعة واحدة عن ظهارين، صح عن ظهار واحد، فإن كان بدفعات جاز عن الظهارين؛ لأنه في المرة الثانية كمسكين آخر.
ولا تجزئ القيمة عندهم (أي الجمهور) في الكفارة، عملاً بالنصوص الآمرة بالإطعام.
وقد عرفنا أنه لا يجب التتابع في الإطعام عند الحنفية والشافعية والحنابلة، فلو وطئ في أثناء الإطعام، لم تلزمه إعادة ما مضى منه؛ لأنه وطئ في أثناء مالا يشترط التتابع فيه، فلم يوجب الاستئناف كوطء غير المظاهر منها، أو كالوطء في كفارة اليمين، فيختلف الإطعام عن الصيام.