الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفَصْلُ السّابع: حقوق الزّواج وواجباته
عرفنا أن الزواج كغيره من العقود ينشئ بين العاقدين الزوجين حقوقاً وواجبات متبادلة، عملاً بمبدأ التوازن والتكافؤ وتساوي أطراف التعاقد الذي يقوم عليه كل عقد. وقد أشار القرآن الكريم لهذا المبدأ وثبوت هذه الحقوق والواجبات، فقال تعالى:{ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف} [البقرة:228/ 2] أي أن للنساء من الحقوق على الرجال مثل ما للرجال على النساء من واجبات، وأساس توزيع تلك الحقوق والواجبات هو العرف والفطرة، ومبدأ: كل حق يقابله واجب.
وفي هذا الفصل مباحث ثلاثة:
الأول ـ حقوق الزوجة.
الثاني ـ حقوق الزوج.
الثالث ـ الحقوق المشتركة بين الزوجين.
المبحث الأول ـ حقوق الزوجة:
للزوجة حقوق مالية وهي المهر والنفقة، وحقوق غير مالية: وهي إحسان العشرة والمعاملة الطيبة، والعدل.
أما المهر: فقد تكلمت عنه تفصيلاً، وعُلم أنه حق خاص للمرأة بالقرآن والسنة، لقوله تعالى:{وآتوا النساء صدُقاتهن نحلة} [النساء:4/ 4]، وثبت في السنة أنه صلى الله عليه وسلم لم يخل زواجاً من مهر.
وأما النفقة: فيخصص لها مبحث خاص بها، وهي أمر مقرر في القرآن والسنة أيضاً، لقوله تعالى:{وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف} [البقرة:233/ 2] وعن معاوية القشيري: «أن النبي صلى الله عليه وسلم سأله رجل: ما حق المرأة على الزوج؟ قال: تُطعمها إذا طعِمت، وتكسوها إذا اكتسيت، ولا تضرب الوجه، ولا تقبِّح، ولا تهجر إلا في البيت» (1) أي لا تقل لامرأتك: قبحها الله، والهجر يكون في المضجع، لا أن يتحول الرجل عن المرأة إلى دار أخرى، أو يحولها إليها.
والمراد من العشرة: ما يكون بين الزوجين من الألفة والاجتماع، ويلزم كل واحد من الزوجين معاشرة الآخر بالمعروف من الصحبة الجميلة، وكف الأذى، وألا يمطله حقه مع قدرته، ولا يظهر الكراهة فيما يبذله له، بل يعامله ببشر وطلاقة، ولا يتبع عمله مِنَّة ولا أذى (2)؛ لأن هذا من المعروف، لقوله تعالى:{وعاشروهن بالمعروف} [النساء:19/ 4] وقوله سبحانه: {ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف} [البقرة:228/ 2] قال أبو زيد: «تتقون الله فيهن كما عليهن أن يتقين الله فيكم» وقال ابن عباس: «إني لأحب أن أتزين للمرأة، كما أحب أن تتزين لي» ؛ لأن الله تعالى يقول: {ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف} [البقرة:228/ 2].
(1) رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه (نيل الأوطار: 211/ 6).
(2)
كشاف القناع: 205/ 5.