الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حكم الفيء
عند الجمهور غير الحنفية
(1):
الكلام فيه يشمل أمرين:
الأول ـ مدة الإمهال بلا قاض:
إذا آلى الزوج من زوجته، لم يطالب بشيء من وطء وغيره قبل أربعة أشهر، لقوله عز وجل:{للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر} [البقرة:226/ 2].
وابتداء المدة من حين اليمين؛ لأنها ثبتت بالنص والإجماع، فلم تفتقر إلى تحديد كمدة العنة التي يحددها القاضي.
فإن وطئها فقد أوفاها حقها قبل انتهاء المدة، وخرج من الإيلاء، وإن وطئها بعد المدة قبل مطالبة المرأة أو بعدها، خرج من الإيلاء أيضاً؛ لأنه فعل ما حلف عليه.
وإن لم يطأ، رفعت الزوجة الأمر إلى القاضي إن شاءت، وحينئذ يأمره القاضي بالفيئة إلى الوطء، فإن أبى، طلق القاضي عليه، ويقع الطلاق رجعياً.
أي أن الطلاق الواجب على المولي عند الجمهور رجعي، سواء أوقعه بنفسه أو طلق الحاكم عليه؛ لأنه طلاق لامرأة مدخول بها من غير عوض، ولا استيفاء عدد، فكان رجعياً كالطلاق في غير الإيلاء، بخلاف فرقة العنة فإنها فسخ لعيب، ولأن الأصل أن كل طلاق وقع بالشرع فيحمل على أنه رجعي إلى أن يدل الدليل على أنه بائن.
(1) القوانين الفقهية: ص 241 وما بعدها، بداية المجتهد: 99/ 2 - 103، الشرح الصغير: 629/ 2 - 631، مغني المحتاج: 348/ 3 - 351، المهذب: 108/ 2 - 111، المغني: 318/ 7 - 337.
وأما عند الحنفية فقد تقدم أنه طلاق بائن؛ لأنها فرقة لرفع الضرر، فكان بائناً كفرقة العنة.
والفيئة: الجماع المعروف أو الوطء باتفاق العلماء، وأدنى الوطء تغييب الحشفة في الفرج إن كانت ثيباً، وافتضاض البكارة إن كانت بكراً.
فلو وطئ دون الفرج لم يكن فيئة؛ لأنه ليس بمحلوف على تركه، ولا يزول الضرر على المرأة بفعله. ولا بد من أن يكون الواطئ عالماً عامداً عاقلاً مختاراً، فإن وطئ ناسياً أو مكرهاً أو مجنوناً لم يحنث وبقي الإيلاء، وإن وطئها وطئاً حراماً مثل إن وطئها حائضاً أو نفساء أو محرمة أو صائمة صوم فرض أو كان محرماً أو صائماً أو مظاهراً، حنث وخرج من الإيلاء عند الشافعية والحنابلة، بل حتى لو كان الوطء في الدبر عند الشافعية لحصول المقصود. وقال المالكية والحنفية: إن شرط الوطء الكافي أن يكون حلالاً، فلا يكفي الحرام كما في الحيض والإحرام، ويطالب بالفيئة بعد زوال المانع، وإن حنث بالحرام فيلزمه الكفارة ولا تنحل يمين الإيلاء.
وإذا فاء لزمته الكفارة ـ كفارة اليمين ـ لقوله تعالى: {ولكن يؤاخذكم بما عقَّدتم الأيمان، فكفارته إطعام عشَرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة، فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام
…
} [المائدة:89/ 5] وإن كان الإيلاء بتعليق طلاق، وقع بنفس الوطء؛ لأنه معلق بصفة وقد وجدت. وإن كان على نذر صدقة أو صوم أو صلاة أو حج أو غير ذلك من الطاعات أو المباحات، فيلزمه الوفاء به بالوطء، ويخير عند الشافعية والحنابلة بين الوفاء به وبين كفارة يمين؛ لأنه نذر لجاج وغضب.