الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بينهما ولاتحل له أبداً، بدليل ما روى مالك عن سعيد بن المسيب وسليمان بن يسار: أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه فرق بين طليحة الأسدية وبين زوجها راشد الثقفي لما تزوَّجها في العدة من زوج ثان، وقال: أيما امرأة نكحت في عدتها، فإن كان زوجها الذي تزوجها لم يدخل بها، فرق بينهما ثم اعتدت بقية عدتها من الأول، ثم كان الآخر خاطباً من الخطاب، وإن كان دخل بها فرق بينهما، ثم اعتدت بقية عدتها من الأول، ثم اعتدت من الآخر، ثم لا يجتمعان أبداً. قال ابن المسيب: ولها مهرها بما استحل منها. وهذا هو مانع العدة عند المالكية من أربعة عشر مانعاً.
3 ً) -
المرأة الحامل من الزنا عند الحنفية، ومانع الزنا عند المالكية
(1):
يحل بالاتفاق للزاني أن يتزوج بالزانية التي زنى بها، فإن جاءت بولد بعد مضي ستة أشهر من وقت العقد عليها، ثبت نسبه منه، وإن جاءت به لأقل من ستة أشهر من وقت العقد لا يثبت نسبه منه، إلا إذا قال: إن الولد منه، ولم يصرح بأنه من الزنا. إن هذا الإقرار بالولد يثبت به نسبه منه لاحتمال عقد سابق أو دخول بشبهة، حملاً لحال المسلم على الصلاح وستراً على الأعراض.
أما زواج غير الزاني بالمزني بها، فقال قوم كالحسن البصري: إن الزنا يفسخ النكاح. وقال الجمهور: يجوز الزواج بالمزني بها. ومنشأ الخلاف آية: {والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك، وحرِّم ذلك على المؤمنين} [النور:3/ 24] الفريق الأول يأخذ بظاهر الآية، والكلام خرج مخرج التحريم. والفريق الثاني (الجمهور) حملوا الآية على الذم، لا على التحريم، لما روى أبوداود والنسائي عن ابن عباس قال: «جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: إن امرأتي لا تمنع يد لامس ـ
(1) بداية المجتهد: 39/ 2 وما بعدها، البدائع: 269/ 2، المهذب: 43/ 2، المغني: 601/ 6 - 604.
كناية عن عدم العفة عن الزنا ـ قال: غرِّبها ـ أي أبعدها ـ قال: أخاف أن تتبعها نفسي، قال: فاستمتع بها» (1) ولما أخرجه ابن ماجه عن ابن عمر والبيهقي عن عائشة: «لا يحرم الحرام الحلال» .
ثم اختلف الجمهور في التفصيل، فقال الحنفية: إذا كانت المزني بها غير حامل، صح العقد عليها من غير الزاني، وكذلك إن كانت حاملاً يجوز الزواج بها عند أبي حنيفة ومحمد، ولكن لا يطؤها، أي لا يدخل بها حتى تضع الحمل، للأدلة الآتية:
أولاً ـ لم تذكر المزني بها في المحرمات، فتكون مباحة، لقوله تعالى:{وأحل لكم ما وراء ذلكم} [النساء:24/ 4].
ثانياً ـ لا حرمة لماء الزنا، بدليل أنه لا يثبت به النسب، للحديث السابق:«الولد للفراش، وللعاهر الحجر» (2)، وإذا لم يكن للزنا حرمة، فلا يكون مانعاً من جواز النكاح.
وإنما امتنع الدخول بالحامل من الزنا حتى تضع الحمل، فلقوله صلى الله عليه وسلم:«من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فلا يسقين ماءه زرع غيره» (3) يعني وطء الحوامل من غيره،
وقال أبو يوسف وزفر: لا يجوز العقد على الحامل من الزنا؛ لأن هذا الحمل يمنع الوطء، فيمنع العقد أيضاً، كما يمنع الحمل الثابت النسب، أي كما لا يصح العقد على الحامل من غير الزنا، لا يصح العقد على الحامل من الزنا.
(1) نيل الأوطار: 145/ 6، وإسناده صحيح، قال المنذري: ورجال إسناده يحتج بهم في الصحيحين.
(2)
رواه الجماعة إلا أبا داود عن أبي هريرة (نيل الأوطار: 279/ 6).
(3)
رواه الترمذي عن رويفع، وهو حسن، ولكن بلفظ:«ولد غيره» بدل: «زرع غيره» ورواه أبو داود أيضاً بلفظ: «زرع غيره» .