الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عند رفاعة، فطلقني، فبتَّ طلاقي، فتزوجت بعده عبد الرحمن بن الزبير، وإنما معه مثل هَدْبة الثوب (1)، فقال: أتريدين أن ترجعي إلفاعة، لا، حتى تذوقي عسيلته، ويذوق عسيلتك (2) فيه دليل على أن وطء الزوج الثاني لا يكون محللاً ارتجاع الزوج الأول للمرأة، إلا أن كان حال وطئه منتشراً، فلو لم يكن كذلك، أوكان عنيناً أو طفلاً، لم يكف في الأصح من قولي أهل العلم.
شروط حل المطلقة ثلاثاً لزوجها الأول:
يشترط لحل المطلقة ثلاثاً للزوج الأول ثلاثة شروط (3):
أحدها: أن تنكح زوجاً غيره، لقوله تعالى:{حتى تنكح زوجاً غيره} [البقرة:230/ 2].
الثاني ـ أن يكون النكاح صحيحاً: فإن كان فاسداً لم يحلها الوطء فيه، باتفاق المذاهب الأربعة، لقوله تعالى:{حتى تنكح زوجاً غيره} [البقرة:230/ 2] وإطلاق النكاح يقتضي الصحيح.
الثالث ـ أن يطأها في الفرج: فلو وطئها دونه أو في الدبر، لم يحلها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم علق الحل ـ في الحديث المتقدم ـ على ذوق العسيلة منهما، ولا يحصل ذلك إلا بالوطء في الفرج. وأدناه تغييب الحشفة في الفرج؛ لأن أحكام الوطء تتعلق به. ولو أولج الحشفة من غير انتشار، لم تحل له؛ لأن الحكم يتعلق بذوق
(1) أي طرف الثوب الذي لم ينسج، وأرادت أن ذكره يشبه الهدبة في الاسترخاء وعدم الانتشار.
(2)
رواه الجماعة عن عائشة (نيل الأوطار: 253/ 6) وتصغير العسيلة إشارة إلى أن القدر القليل كاف في تحصيل المطلوب، بأن يقع تغييب الحشفة في الفرج.
(3)
المغني: 275/ 7 وما بعدها.
العسيلة، ولا تحصل من غير انتشار. ويجزئ قدر الحشفة من مقطوع الذكر، وتحل بوطء الخصي؛ لأنه يطأ كالفحل، ولم يفقد إلا الإنزال، وهوغير معتبر في الإحلال. وذكر الحنفية أنها لو تزوجت بمجبوب (مقطوع الذكر كله) فإنها لا تحل حتى تحبل لوجود الدخول حكماً، حتى إنه يثبتُ النسب من الثاني.
واشترط الحنابلة والمالكية شرطاً رابعاً: وهو أن يكون الوطء حلالاً، فإن وطئها في حيض أو نفاس أو إحرام من أحدهما أو منهما، أو وأحدهما صائم فرضاً، لم تحل؛ لأنه وطء حرام لحق الله تعالى، لم يحصل به الإحلال، كوطء المرتدة، لا يحلها سواء وطئها في حال ردتهما، أو ردتها.
ولم يشترط الحنفية والشافعية هذا الشرط، قال ابن قدامة الحنبلي: وهذا أصح إن شاء الله تعالى، لظاهر قوله تعالى:{حتى تنكح زوجاً غيره} [البقرة:230/ 2] وهذه قد نكحت زوجاً غيره، وأيضاً قوله عليه الصلاة والسلام:«حتى تذوقي عسيلته، ويذوق عسيلتك» وهذا قد وجد، ولأنه وطء في نكاح صحيح في محل الوطء على سبيل التمام، فأحلها كالوطء الحلال، وكما لو وطئها وقد ضاق وقت الصلاة، أو وطئها مريضة يضرها الوطء.
وهل نكاح التحليل المؤقت (1) يحل المطلقة ثلاثاً: قال الحنفية والشافعية (2): تحل المطلقة ثلاثاً لزوجها الأول بنكاح التحليل، لكن يكره عند الحنفية تحريماً التزوج الثاني إن كان بشرط التحليل، مثل: تزوجتك
(1) نكاح المحلل ـ كما ذكر الحنابلة ـ هو أن يتزوج الرجل المطلقة ثلاثاً على أنه إذا أحلها طلقها، أو فلا نكاح بينهما، أو ينويه الزوج، أو يتفقا عليه قبله (غاية المنتهى: 40/ 3).
(2)
الدر المختار: 738/ 2 - 749، المهذب: 46/ 2، تكملة المجموع: 405/ 15 - 411.
على أن أحلك. لحديث: «لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المحلِّل والمحلَّل له» (1)، ويصح الزواج، ويبطل الشرط، فلا يجبر الثاني على الطلاق. فإن أضمر الزوج الأول والثاني التحليل، أو كان الثاني مأجوراً لقصد الإصلاح، لا مجرد قضاء الشهوة ونحوها، لا يكره.
وذكر الشافعية أن نكاح المحلل باطل إن نكحها على أنها إذا وطئها فلا نكاح بينهما، أو أن يتزوجها على أن يحلل للزوج الأول، لما روى هزيل عن عبد الله قال:«لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الواصلة والموصولة، والواشمة والموشومة، والمحلِّل والمحلَّل له، وآكل الربا ومطعمه» (2) ولأنه نكاح شرط انقطاعه، دون غايته، فأشبه نكاح المتعة. وأما إن تزوجها واعتقد أنه يطلقها إذا وطئها، فيكره ذلك، لما روى الحاكم والطبراني في الأوسط عن عمر: أنه جاء إليه رجل، فسأله عن رجل طلق امرأته ثلاثاً، فتزوجها أخ له عن غير مؤامرة ليحلها لأخيه، هل تحل للأول؟ قال: لا، إلا بنكاح رغبة وروى أبو مرزوق التجيبي مثله عن عثمان، أي إن تزوج على نية التحليل بدون شرط صح النكاح؛ لأن العقد إنما يبطل بما شرط، لا بما قصد.
والخلاصة: إن زواج المحلل بلا شرط، أي بدون شرط صريح في العقد على التطليق، وإنما بالنية والقصد الباطن صحيح مكروه عند الشافعية؛ لأن العقد استوفى أركانه وشروطه في الظاهر، ولا يتأثر العقد بالباعث الداخلي أي أنهم لا يقولون بمبدأ سد الذرائع بالقصد الداخلي.
وقال المالكية والحنابلة (3): إن نكاح المحلل أونكاح التيس المستعار ولو بلا
(1) رواه أحمد والنسائي والترمذي وصححه عن ابن مسعود، ورواه الخمسة إلا النسائي من حديث علي مثله (نيل الأوطار: 138/ 6).
(2)
أخرجه النسائي والترمذي وصححه.
(3)
القوانين الفقهية: ص 209، غاية المنتهى: 40/ 3.