الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وجاز المهر على عدد معلوم كعشرة من إبل وغنم، ويقع على الوسط، ويعتبر الوسط في السن وفي الجودة والرداءة.
ولا يجوز المهر على منفعة لا يستحق في مقابلها المال، فلا تصح مهراً، كأن يتزوجها ويجعل مهرها طلاق ضَرتها، أوألا يتزوج عليها، أو ألا يخرجها من بلدها، فإن كل منفعة من هذه المنافع لا تصلح أن تكون مهراً؛ لأنها لا تقابل بمال، ولا يجوز في المشهور عندهم كالحنفية النكاح على الإجارة كالخدمة وتعليم القرآن، وقيل: يجوز وفاقاً للشافعي وابن حنبل.
ضابط ما يصلح مهراً عند الشافعية والحنابلة
(1):
قالوا: كل ما صح مبيعاً صح صداقاً، أو كل ما صح ثمناً أو أجرة، صح مهراً وإن قل، وهو كل متمول سواء أكان عيناً أم ديناً، معجلاً ومؤجلاً، عملاً ومنفعة معلومة، كرعاية غنمها مدة معلومة، وخياطة ثوبها، ورد آبقها من موضع معين، وخدمة مدة معينة، وتعليم القرآن أو شيء من الشعر المباح أو الأدب، أو تعليم كتابة أو صنعة وغيرها من المنافع المباحة، لقوله تعالى حكاية عن شعيب مع موسى عليهما السلام:{إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين، على أن تأجرني ثماني حِجَج} [القصص:27/ 28] ولأن الزواج عقد على المنفعة فجاز بما ذكر كالإجارة، ولأن منفعة الحر يجوز أخذ العوض عنها في الإجارة، فجازت صداقاً، وللحديث المتقدم:«قد زوجتكها بما معك من القرآن» .
فإن طلقها قبل الدخول وقبل استيفاء المنفعة، فعليه نصف أجرة النفع الذي جعله صداقاً لها.
(1) مغني المحتاج: 220/ 3، 225، المهذب: 56/ 2، كشاف القناع: 143/ 5 - 147، المغني: 687/ 6، 694 - 698.
والحاصل: أن المهر على أن يخدم الرجل المرأة بنفسه في البيت أو غيره لا يجوز عند الحنفية، ويجوز عند الشافعية، ويجوز عند الحنابلة لمدة معينة. ويصح أن يتزوج الرجل امرأة على عمل معلوم، كخياطة ثوب معين منه ومن غيره، فإن تلف الثوب قبل خياطته، فعليه أجرة المثل.
ولا يجوز أن يكون المهر شيئاً محرَّماً والزوجان مسلمان أو المرأة كتابية، مثل الخمر والخنزير والمغصوب، وتعليم التوراة أو الإنجيل أو شيء منهما، فإن تزوج الرجل بمحرَّم، صح النكاح ووجب مهر المثل لفساد التسمية، بانتفاء كون الخمر والخنزير مالاً، وانتفاء كون المغصوب ملكاً للزوج، ولأن المذكور من التوراة أو الإنجيل منسوخ مبدل محرم، فهو كما لو أصدقها محرماً.
ولا يصح كون المهر فيه غرر كالمعدوم والمجهول، ولا ما لا يتم تملكه له كالمبيع قبل القبض، ولا ما لا يقدر على تسليمه كالعبد الآبق والبعير الشارد والطير الطائر؛ لأنه عوض في عقد، فلا يجوز به كالعوض في البيع والإجارة. فإن تزوج على شيء منه لم يبطل النكاح؛ لأن فساده ليس بأكثر من عدمه أي عدم المهر، فإذا صح النكاح مع عدمه صح مع فساده، ويجب مهر المثل؛ لأنها لم ترض من غير بدل، ولم يسلم لها البدل، وتعذر رد المعوض، فوجب رد بدله، كما لو باع سلعة بمحرم وتلفت في يد المشتري.
وتضر الجهالة الفاحشة بأن كانت هناك جهالة في الجنس أو النوع أو المقدار أو الصفة، فإن أصدقها داراً غير معينة، أو دابة مبهمة، أو شيئاً لم يعينه ولم يصفه، أو أصدقها مجهولاً كمتاع بيته، وما يحكم به أحد الزوجين أو ما يحكم به زيد، أو ما يثمر شجره ونحوه، لم يصح. وإن أصدقها ما لا منفعة فيه كالحشرات، أو أصدقها ما لا يقدر على تسليمه كالطير في الهواء والسمك في الماء، أو ما لا يتمول