الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عليها؛ لأن البالغة العاقلة عند أبي حنيفة وزفر لا تزوج إلا برضاها، بكراً كانت أو ثيباً، لكن الولاية عليها في رأي الحنفية هي ولاية ندب واستحباب.
ويخالف الشافعية والحنابلة في صفة الولاية فيجعلون الولاية عليها ولاية جبر.
3ً - البكر البالغة التي أقامت مع الزوج سنة، ثم تأيمت وهي بكر: لأن إقامة المرأة في بيت الزوج سنة تنزل منزلة الثيوبة في تكميل المهر، فتنزل كذلك في الرضا بالزواج. والحنفية مع المالكية في هذا كالحالة السابقة، ويخالفهم الشافعية والحنابلة، فيجعلون الولاية عليها ولاية جبر.
4ً - اليتيمة (1) الصغيرة التي خيف عليها، إما لفساد يلحقها في دينها، بأن كان يتردد عليها أهل الفسوق، أو كانت تتردد هي عليهم، أو لفساد في دنياها كضياع مالها، أو فقرها وقلة الإنفاق عليها، فللولي غير الأب ووصيه أن يزوجها إذا بلغت عشر سنين، بعد مشاورة القاضي، ليثبت عنده سنها، ويتأكد أنها خلية من زوج وعدة وغيرهما من الموانع الشرعية، ورضاها بالزوج، وأنه كفئها في الدين والحرية والحال، وأن المهر مهر مثلها، فيأذن لوليها في العقد، ولا يتولى العقد بنفسه مع وجود غيره من الأولياء.
سابعاً ـ كيفية إذن المرأة بالزواج:
اتفق الفقهاء على كيفية صدور الإذن والرضا من المرأة بالزواج بحسب حالها بكراً أو ثيباً (2)، عملاً بالأحاديث الكثيرة، منها: «الثيب تعرب عن نفسها، والبكر
(1) غير المجبرة متى كانت صغيرة كانت يتيمة، إذ لو كان لها أب، لكان مجبراً لها.
(2)
البدائع: 242/ 2، الدر المختار: 411/ 2 - 414، الشرح الصغير: 366/ 2 وما بعدها، مغني المحتاج: 150/ 3، كشاف القناع: 47/ 5 - 48.
رضاها صمتها» (1)، ومنها «الثيب أحق بنفسها من وليها، والبكر تستأذن في نفسها، وإذنها صماتها» (2) وفي رواية لهذا الحديث لأبي داود والنسائي: «ليس للولي مع الثيب أمر، واليتيمة تستأمر، وصمتها إقرارها» سواء أكان الإذن واجباً بالنسبة للولي غير المجبر أم مستحباً بالنسبة للولي المجبر.
وبناء عليه، إذا كانت المرأة بكراً: فرضاها يكون بالسكوت (3)؛ لأن البكر تستحي عادة من إظهار الرضا بالزواج صراحة، فيكتفى منها بالسكوت، محافظة على حيائها. ويندب عند المالكية إعلامها بأن سكوتها رضا وإذن منها، فلا تزوج إن منعت، بأن قالت: لا أرضى أو لا أتزوج، أو ما في معناه.
ومثل السكوت: كل مايدل على الرضا كالضحك بغير استهزاء، والتبسم، والبكاء بلا صوت أو صياح أو ضرب خد، فإن كان التبسم أو الضحك للاستهزاء، وكان البكاء بصياح أو ضرب خد، لم يكف ولم يعد إذناً ولا رداً؛ لأنه يشعر بعدم الرضا، فلو رضيت صراحة بعده، انعقد العقد.
أما إن كانت المرأة ثيباً: فرضاها لا يكون إلا بالقول الصريح، للحديث السابق:«الثيب تعرب عن نفسها» أي تفصح عن رأيها وعما في ضميرها من رضا أو منع، ولا يكتفى منها بالصمت؛ لأن الأصل ألا ينسب إلى ساكت قول، وألا يكون السكوت رضا، لكونه محتملاً في نفسه، وإنما اكتفي به في البكر للضرورة؛ لأنها تستحي عادة من التصريح عن رغبتها في الزواج، والثابت بالضرورة يتقدر
(1) رواه الأثرم وابن ماجه.
(2)
رواه الجماعة إلا البخاري عن ابن عباس (نيل الأوطار: 120/ 6).
(3)
قال الحنفية: إن زنت المرأة مرة ولم يتكرر زناها، ولم تحد به، فهي بكر حكماً أي يكتفى بسكوتها كيلا تتعطل مصالحها عليها، وقد ندب الشارع إلى ستر الزنا، فكانت بكراً شرعاً. بخلاف ما إذا اشتهر زناها.
بقدرها، ولاضرورة في حق الثيب؛ لاعتيادها معاشرة الرجال، فلا تستحي عادة من إعلان رضاها أو رفضها، فلا يكتفى بسكوتها عند الاستئذان.
وقال المالكية: يشارك الثيب أبكار ستة، لا يكتفى منهن بالصمت، بل لا بد من الإذن بالقول الصريح كالثيب وهن:
1ً - البكر التي رشدها أبوها أو وصيه: بأن أطلق الحجر عنها في التصرف المالي، وهي بالغ، فلا بد من إذنها بالقول، وقد تقدم أنه لا جبر لأبيها عليها.
2ً - البكر التي عُضِلت: أي منعها وليها من الزواج بدون مسوغ، ورفعت أمرها إلى القاضي، فتولى تزويجها، فلا بد من إذنها بالقول.
3ً - البكر المُهْمَلة التي لا أب لها ولا وصي: إذا زوجت بشيء من العروض (الأمتعة)، وهي من قوم لا يزوجون بالعروض، سواء أكان كل الصداق أم بعضه، أو يتزوج قومها بعَرَض معين، فزوجها وليها بغيره، فلا بد من نطقها بأن تقول: رضيت بذلك المهر العرض.
4ً - البكر ولو كانت مُجْبَرة إذا زوجت برقيق، فلا بد من إذنها بالقول؛ لأن العبد ليس بكفء للحرة.
5ً - البكر، ولو كانت مجبَرة إذا زوجت برجل فيه عيب يوجب لها الخيار كجذام وبرص وجنون وخصاء، فلا بد من نطقها بأن تقول: رضيت به.
6ً - البكر غيرالمجبرة التي افتات (1)(تعدى) عليها وليها غير المجبر، فعقد
(1) يصح الافتيات (عدم الاستئذان) على المرأة مطلقاً بكراً أو ثيباً، وعلى الزوج أيضاً بشروط ستة:
الأول ـ أن يقرب الرضا من العقد: كأن يكون العقد بالمسجد أو بالسوق مثلاً، ويبلغها الخبر من وقته، قبل مضي اليوم.
الثالث ـ ألا يرد الزواج قبل الرضا ممن افتيت عليه منهما، فإن رده الزوج فلا يصح منه الرضا بعدئذ. وإذا وقع من المرأة رد قبل الرضا، فلا عبرة برضاها بعده.
الرابع ـ أن يكون من افتيت عليها بالبلد حال الافتيات والرضا، فإن كان في بلد آخر، لم يصح.
الخامس ـ ألا يقر الولي بالافتيات حال العقد: بأن سكت أو ادعى أنه مأذون، فإن أقرّ به لم يصح.
السادس ـ ألا يكون الافتيات على الزوجين معاً: فإن كان عليهما معاً لم يصح، ولا بد من فسخه (الشرح الصغير: 368/ 2 وما بعدها، الدسوقي: 228/ 2).